التسوية
الدائمة :
أربعة
كانتونات فلسطينية مفككة
بقلم:
داني روبنشتاين
تتناقض عملية اول من أمس في
بئر السبع مع تصريحات المتحدثين
الفلسطينيين المتكررة بوجوب الحفاظ على
وقف اطلاق النار. لا يرغب أحد في
إفساد
احتفالات
تحرير غزة البهيجة التي يخطط
لها الفلسطينيون وتشويش عمليات التحضير
للانتخابات التشريعية
الفلسطينية التي ستجري بعد خمسة
اشهر.
توقعات
الفلسطينيين لما سيحدث عما قريب
في غزة تصل عنان السماء.
الاشاعات التي ترددت في اوساط
الصحافيين الفلسطينيين في
نهاية الاسبوع الماضي تحدثت
عن أن
رئيس الاستخبارات المصرية، عمر
سليمان، الذي جاء الى غزة سيقوم بدراسة
قيام الرئيس المصري حسني مبارك
بزيارة القطاع من اللحظة التي
سيعلن فيها عن الاستقلال الفلسطيني.
كان هناك ايضا من قالوا إن
الرئيس محمود
عباس قد
تحادث، الاسبوع الماضي، في
القاهرة مع حسني مبارك عن
امكانية عقد القمة العربية في غزة.
المتحدثون الرسميون نفوا ذلك،
إلا أن شائعات من هذا
النوع
تدلل على الأجواء السائدة في
الشارع الفلسطيني استعدادا
لاستكمال الانسحاب
الاسرائيلي من القطاع.
حتى
نشطاء "حماس" في غزة يدركون
أن من الواجب في الظروف الحالية
التقليل من التحدث عن الانتفاضة ضد
اسرائيل ووجوب التحذير من
انتفاضة ضد المسؤولين
الفلسطينيين
اذا لم يكفوا عن السير في طريق
الفساد. "ستكون هناك انتفاضة شعبية هائلة اذا لم تحرص
السلطة الفلسطينية على تلبية
احتياجات الشعب
كله"،
قال فتحي حماد، أحد نشطاء
"حماس" من مخيم جباليا.
الأمل
بأن يسود الهدوء في غزة مشوب
بالمخاوف الفلسطينية من أن يكون
الثمن الذي سيدفعونه في نهاية
المطاف جراء هذا الانسحاب
باهظا.
كان
من الممكن ملاحظة هذه المخاوف في
منشورات وتقارير وسائل الاعلام
الفلسطينية التي غطت
نبأ نقل
المسؤولية عن حاجز ايريز من
وزارة الدفاع الاسرائيلية الى
وزارة الداخلية. أي ان معبر ايريز
سيتحول الى نقطة حدودية دولية
يتم فيها فحص
جوازات
السفر. الرعايا الاجانب،
اسرائيليين وفلسطينيين، من
الذين سيمرون عبر
الحاجز سيواجهون اجراءات
حدودية دولية.
لماذا
يثير هذا الامر انفعال
الفلسطينيين؟ لأن الخوف
الفلسطيني منذ سنوات يتمحور حول تفتت عرى الوحدة
الفلسطينية من خلال تقسيم
المناطق الفلسطينية
الى
كانتونات منفصلة ومشرذمة. هذا
ليس مجرد خوف عدمي لا أساس له.
أحد اسباب
النكبة الفلسطينية في العام 1948
كان انعدام التكافل القومي
الواسع في صفوف
عرب البلاد. ارتباطهم العميق
بمنازلهم واراضيهم أدى في نهاية المطاف
الى موافقة الكثيرين منهم على
التحول الى مواطنين في الدولة اليهودية
بحيث أصبح أكثر من مليون عربي
اليوم غير مشاركين في المعركة القومية
الفلسطينية.
هناك
من يعتقدون أن شرقي القدس يشهد
نفس التغيير الذي حدث مع عرب 1948.
في جهاز
الدفاع يقولون ان هناك درجة
قليلة من الأعمال
"التخريبية" المعادية بالمقارنة مع المستوى
الموجود في ضواحي نابلس وجنين
وطولكرم وقلقيلية لدى
ربع
المليون فلسطيني في القدس.
خطة
التقسيم الاسرائيلية تتخذ الآن
صورتها النهائية من وجهة
النظرالفلسطينية مع بدء البناء
اليهودي الذي سيربط القدس
بمعاليه ادوميم التي ستحاط
بالجدران والأسوار الفاصلة.
بذلك سيستكمل تقسيم الضفة الى
جيبين منفصلين، واحد في
"يهودا" والآخر في
"السامرة".
كيان
أربعة ملايين ونصف فلسطيني في
البلاد سيقسم، اذاً، الى اربعة
كيانات منفصلة:
الاول
في الضفة الغربية المقسمة بين
رام الله ونابلس والخليل وخاضع
لمزيج من الحكم الذاتي
الفلسطيني الضعيف مع
"ارهاب" العصابات المحلية ومليشيات المستوطنين
والاجتياحات العسكرية
الاسرائيلية.
أما
الجيب الثاني في غزة فسيكون تحت
السيادة الفلسطينية مع محاولات
لانشاء نظام سليم
المعايير.
الجيب
الثالث - عرب القدس من حملة
بطاقات الهوية الاسرائيلية.
الجيب
الرابع والأخير هو "عرب
اسرائيل".
هذه
ليست خطة للمستقبل ولكنها
التسوية
القائمة الآن. القلق الفلسطيني
يتمحور من أن تكون عملية
الانسحاب من غزة خطوة على طريق بلورة
هذه التسوية نهائيا.
هآرتس
ـ31/8/2005
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|