لدمشق
وبيروت :
هل
ولّى زمانُ السيادة ؟?
جيم
هوغلاند
ما كشف النقاب عنه
في الآونة الاخيرة، حول
دكتاتورية البعث في سوريا،
يعتبر بمثابة قارب نجاة للثلاثي
كوفي أنان وجورج بوش وجاك شيراك.
ويواجه الثلاثي وضعا يحتاج منه
التجديف معاً وصولاً الى تحقيق
مهمة محاسبة سوريا، وفي نفس
الوقت مواجهة الأمواج
المتلاطمة في الجبهات الاخرى.
هذه الفرصة
المشتركة جاءت عقب ظهور التهم
المفصلة في تحقيق ديتليف ميليس
حول تورط البعض في القيادة
السورية في تنفيذ اغتيال رفيق
الحريري.
وربما يكون توحد
الموقف إزاء سوريا من جانب كوفي
أنان، والرئيسين الاميركي
والفرنسي مؤخرا، نابعا من
الدروس التي تعلموها من
خلافاتهم المريرة ازاء العراق
عام 2003 ، إذ يبدو ان التاريخ منح
هذه الأطراف فرصة ثانية، رغم ان
ذلك لا يحدث كثيرا.
والى ذلك فقد علمت
الهزيمة في مواجهة اسرائيل في
حربين سابقتين، الأسد الأب،
الحرص على اللقاء، كما علمته
ايضا الاهتمام بالتفاصيل، وعدم
ترك الأشياء للصدف، فضلا عن انه
كان يتجنب استعداء الآخرين ما
أمكن ذلك. وفيما كان صدام حسين
يقتل خصومه لكي يظل في السلطة،
فإن الاسد كان يقتل خصومه بعد
فشل جهود شرائهم وتقريبهم أو
تخويفهم، وكان نظامه يتسم بصورة
عامة بالقسوة.
ويبدو لي أن بشار
الأسد لم يرث او يتعلم الكثير من
والده. كان شيراك على استعداد
لاحتضان بشار الأسد عندما جاء
الى السلطة عام 2000 ، بيد ان تلك
المشاعر من جانب شيراك تحولت
الى خيبة أمل مع تخبط الحكومة
الجديدة في دمشق، كما ان أنان
ايضا اصيب بالصدمة ازاء افتقار
سوريا للخبرة والشفافية.
الأمر يتعلق بمبادئ
اكبر بالنسبة لشيراك، ولأنان
الذي قدم دعما غير مسبوق
للتحقيق حول اغتيال الحريري،
كما ان المحقق ميليس كان واضحا
ومباشرا في التقرير الذي رفعه.
ما يحدث الآن تكرار
للموقف المبدئي الذي اتخذه كوفي
أنان قبل ست سنوات، عندما قال
أمام الجمعية العامة إنه لم يعد
بوسع الدول التخفي وراء
السيادة، لكي تعذب وتقتل وتنتهك
حقوق مواطنيها، وهو الموقف الذي
وجد معارضة من انظمة شمولية،
وعلى وجه الخصوص من الصين التي
تقود الآن حملة لوقف اتخاذ أي
إجراء ضد سوريا حاليا، فيما
يمكن لاتخاذ موقف صارم من سوريا
ان يساعد على جعل مفهوم «واجب
الحماية» جزءا من مساهمات أنان،
الذي تبقت له سنة في فترته
الثانية التي شوهتها فضيحة
النفط مقابل الغذاء.
يعمل شيراك وبوش
بفعالية الآن، فالجانب الفرنسي
يسعى لإدانة سوريا وفرض عقوبات
عليها على مراحل عبر مجلس
الأمن، فيما يسعى الجانب
الاميركي الى تذكير سوريا بأن
لديها قوة عسكرية على مقربة من
حدودها الشرقية. وحتى في نظر
الدول العربية يبدو ان الجانب
السوري ذهب بعيدا بقابلية تورطه
في هذه القضية، فبشار الأسد لم
يحصل عند زيارته للقاهرة في 25
سبتمبر الماضي على أية تعاطف او
مساعدة من الرئيس حسني مبارك.
وأخيرا، فليس هناك
مجال لمعرفة ما اذا كان من
الممكن تفادي الخلاف الذي نشب
حول العراق عام 2003 ، أو ما اذا
كان هناك نوع من التعاون بين
الأطراف التي دب بينها هذا
الخلاف. ولكن يبدو ان هناك
تصميما في الامم المتحدة
والعواصم العربية وواشنطن
لمحاولة التوصل الى سبيل أفضل
للتعامل مع نظام يأمل في إخفاء
جرائمه وراء ستار السيادة.
*
مجموعة «كتاب واشنطن بوست»
خاص
بـ«الشرق الأوسط» 28/10/2005
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|