تحية
رمضانية (9)
رسالة
عطائية
(1)
مما كتب ابن عطاء الله إلى بعض
إخوانه:
إن كانت عين القلب تنظر إلى أن
الله واحد في منته، فالشريعة
تقتضي أنه لا بد من شكر خليقته.
وإن الناس في ذلك على ثلاثة
أقسام:
ـ غافل منهمك في غفلته، قويت
دائرة حسه، وانطمست حضرة قدسه،
فنظر الإحسان من المخلوقين، ولم
يشهده من رب العالمين؛ إما
اعتقاداً فشركه جلي، وإما
استناداً فشركه خفي.
ـ وصاحب حقيقة غاب عن الخلق بشهود
الملك الحق، وفني عن الأسباب
بشهود مسبب الأسباب، فهو عبد
مواجَه بالحقيقة، ظاهر عليه
سناها، سالك للطريقة، قد استولى
على مداها، غير أنه غريق
الأنوار، مطموس الآثار، قد غلب
سُكره على صحوه، وجمعه على
فَرْقِه، وفناؤه على بقائه،
وغيبته على حضوره.
ـ وأكمل منه عبد شرب فازداد
صحواً، وغاب فازداد حضوراً،
فلا جَمْعُه يحجبه عن فَرْقِه،
ولا فَرْقِه يحجبه عن جَمْعِه،
ولا فناؤه يصرفه عن بقائه، ولا
بقاؤه يصده عن فنائه، يعطي كل ذي
قسط قسطه، ويوفي كل ذي حق حقه.
|