تحية
رمضانية (14)
حين
يفسد الناس
حين يفسد الناس لا
يكون الاعتبار فيهم إلا بالمال،
إذ تنزل قيمتهم الإنسانية ويبقى
المال وحده هو الصالح الذي لا
تتغير قيمته. فإذا صلحوا كان
الاعتبار فيهم بأخلاقهم
ونفوسهم، إذ تنحط قيمة المال في
الاعتبار، فلا يغلب على الأخلاق
ولا يسخرها. وإلى هذا أشار النبي
صلى الله عليه وسم في قوله لطالب
الزواج: (التمس ولو خاتماً من
حديد)، يريد بذلك نفي المادية عن
الزواج، وإحياء الروحية فيه،
وإقراره في معانيه الاجتماعية
الدقيقة، وكأنما يقول: إن كفاية
الرجل في أشياء إن يكن منها
المال فهو أقلها وآخرها. حتى إن
الأخس الأقل فيه ليجزء منه
كخاتم الحديد، إذ الرجل هو
الرجولة بعظمتها وجلالها
وقوتها وطباعها، ولم يجزء منه
الأقل ولا الأخس مع المال، وإن
ملء الأرض ذهباً لا يكمل للمرأة
رجلاً ناقصاً، وهل تتم الأسنان
الذهبية اللامعة، يحملها الهرم
في فمه شيئاً مما ذهب منه؟ وما
عسى أن تصنع قواطع الذهب الخالص
وطواحنه لهذا المسكين بعد أن
نطق تحات أسنانه العظمية
وتناثرها أنه رجل حل البِلى في
عظامه..؟
عن كتاب وحي القلم
للرافعي
|