تحية
رمضانية (17)
فروق
بين الرجل والمرأة
(2)
ودراسة المخ
ومقارنة مخ المرأة بمخ الرجل،
لها علاقة كبرى بتقرير حقيقة
المرأة، لأنه هو المركز الأصلي
للعقلية الإنسانية، بل هو
المحطة الرئيسية لشعور ونفسية
الإنسان.
فمقارنة المخ عند
المرأة والرجل، تساعد كثيراً
على فهم عظمة الجهازين الخاصين
بكل حركة وعاطفة وشعور وإحساس
وتمييز عند
المرأة والرجل، وعلى تقدير
تفوق كل منهما على الآخر.
ويرى بورت ومور:
وجود فروق دقيقة في صورة المخ
عند الرجل البالغ وعند المرأة
البالغة، فبينما تكون قشرة
المحيط الخارجي للمخ عند الرجل
البالغ أوضح في تكوينها، نجد
السرير الصعبي الذي هو في أسفل
جذع المخ عند المرأة البالغة
أوضح في تكوينه منه في الرجل،
وبما أن القشرة المخية من بعض
وظائفها أمور التمييز الحسي
بخلاف جذع المخ الذي هو أدنى من
أن يكون متصلاً ببعض وظائف
الشعور الحسي والانفعالات، فمن
المحتمل كثيراً أن عقلية المرأة
أدنى إلى أن تكون متأثرة
بالانفعالات بخلاف عقلية الرجل
التي هي أدنى إلى أن تكون متأثرة
بالتفكير.
وإن مخ المرأة ما
بين سن العشرين والستين، يقل عن
مخ الرجل في نفس هذه السن بمقدار
يختلف ما بين 126 غراماً إلى 164
غراماً. وإن مخ المرأة ما بين
الستين والتسعين يقل عن مخ
الرجل في نفس هذه السن بمقدار
يختلف ما بين 123 غراماً إلى 158
غراماً.
وقد جرت هذه
الدراسات في المرأة والرجل
اللذين من نوع الإنسان الراقي،
فإذا قورنت أوزان مخ المرأة
الراقية بالأوزان التي حصل
عليها بعض العلماء في نوع
الإنسان المنحط عقلاً وحضارياً
وطبعاً، لوجد أن متوسط وزن مخ
النساء في أرقى الشعوب يعادل
متوسط وزن مخ الرجل المنحط، لأن
متوسط مخ الرجل من هذا النوع
يختلف ما بين 119 غراماً إلى 260
غراماً.
وإذا رجع الباحث
إلى المباحث والدراسات التي
أجريت على الأطفال والأجنة
الذكور والإناث، لعلم أن مخ
الإناث يقل عن مخ الذكور من أول
لحظة يبدأ فيها الجنين بالنمو.
ذكر ريدنجر وصفاً
لمخ الأطفال فقال: إن روبرت بويد
وجد فرقاً كبيراً بين مخ الطفل
ومخ الطفلة بعد الولادة، ولاحظ
أن مخ الطفلة ينقص في وزنه عن مخ
الطفل بمقدار 46 غراماً.
ولاحظ ريدنجر أيضاً
أن مخ الطفلة لا يختلف في ميزاته
فقط عن مخ الطفل بل إن التعاريج
التي على سطح مخ الطفلة قليلة
وأن هذه التعاريج والارتفاعات
والانخفاضات التي على سطح مخ
الطفلة متعددة وأكثر جداً مما
هي عند الطفلة.
وقيل: إن هذه
التعاريج علامة مميزة لأنواع
المخ الراقي، فكلما كثرت
وتعددت، كلما كان نوع المخ أرقى.
وقال الدكتور أحمد
عيسى: وأما النظام العصبي
للمرأة فإنه لا يختلف في الشكل
اختلافاً جوهرياً عنه في الرجل
لا في الدماغ ولا في النخاع
الشوكي ولا في الأعصاب
الدائرية، وإنما يختلف عنه في
وزن المخ، فوزن مخ الرجل يزيد
عنه في المرأة بنحو 149 غراماً،
ومخ الرجل يفوق في أسطحته وفي
أطواله مخ المرأة ونمو الفصين
الجبهي والجداري، أسبق في الرجل
منه في المرأة والفص الجبهي في
مخ الرجل أكبر وزناً وحجماً عن
مثله في مخ المرأة، ويبلغ متوسط
وزنه عند الرجل 471 غراماً، وعند
المرأة 408.5، والفص المؤخري أكبر
في مخ الرجل عنه في مخ المرأة
أيضاً، ومتوسط وزنه عند الرجل 110
غرامات وفي المرأة 95، وأما الفص
الجداري فهو أكبر في مخ المرأة
منه في مخ الرجل، ولكن هذا
جميعه لا يتخذ حجة على انحطاط
المرأة وتأخرها عن الرجل في
الذكاء والقوى العقلية، فإن هذه
الفروق لم تكن مطلقة، فإذا
قارنا وزن أعضاء المرأة بوزن
أعضاء الرجل نجد أن المرأة تقرب
من الرجل كثيراً بوزن المخ أكثر
من سواه، وأن الفرق بين المخين
يسير بالنسبة لصغر جسم المرأة
وقلة وزنها العمومي، وأن النسيج
الدهني فيها وشعورها هي في
الحقيقة وزن مفقود، وإذا
قارنا النسبة بين مخ المرأة
وجسمها بالنسبة بين مخ الرجل
وجسمه نجد أن مخ المرأة أثقل
بالنسبة من مخ الرجل، وكذلك فإن
هذه الزيادة في النسبة لا تثبت
سمو مدارك المرأة على الرجل،
ولكن بالأحرى احتمال تساوي
القوتين فيهما.
ولما كان المخ هو
مركز الوظائف النفسانية
والحواس المدركة والحركات
الإرادية، فقد أراد بعضهم أن
يستنتج من ذلك حجة دامغة على
انحطاط المرأة عن الرجل، ولكن
قال بعض المشرحين بنقض تلك
الدعوى وأثبت أن الفرق بين
المجموعتين العصبيتين في
المرأة والرجل يكاد لا يذكر.
ولا يغرب عن البال
أن الاختلافات والفوارق
الشخصية من حيث الدماغ في كل جنس
تغاير الجنس الآخر، فوزن دماغ
النساء في بعضهم يختلف بين 1000
غرام و1500 غرام، وفي بعض الرجال
يختلف دماغهم بين 1150 غراماً و1700
غرام.
وقال غوستاف لوبون:
فمستوى العقل يكاد يكون واحداً
عند جميع أفراد الأمم الدنيا
ذكوراً وإناثاً، وتشابههم في
ذلك يعطي مجموعهم قسمة المساواة
التي يحلم بها الاشتراكيون في
هذا الزمان، وأما عند الأمم
الراقية فالقاعدة هي اختلاف
الأفراد وكذا النوع اختلافاً
كبيراً.
وينبغي أن نشير إلى
أن الفرق الذي تحدثه المدنية
بين الأفراد مشاهد أيضاً بين
الجنسين، فالرجل والمرأة
متساويان على التقريب من جهة
العقل عند الأمم المنحطة وفي
الطبقات الدنيا من الأمم
الراقية، ويظهر ذلك الفرق وينمو
كلما ارتقت الأمة في المدنية.
وقال فورل: والظاهر
من اختلاف العلماء أنه لم تقم
حتى الآن أدلة كافية على تقرير
منزلة المرأة من حيث نسبة قواها
العقلية إلى قوى الرجل العقلية.
يتبع
|