ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 11/06/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

 

 

   ـ دراسات    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

في التطويروالتنوير

 

جســور

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


السلوك الايراني تجاه العقوبات الدولية

إعداد/ خالد عبد الحميد*

أصدر مجلس الأمن الدولي في الرابع والعشرين من مارس 2007 قرارا جديدا بإجماع أعضائه يفرض عقوبات إضافية على إيران لرفضها التخلي عن تخصيب اليورانيوم، وحمل القرار الجديد - الذي صاغته فرنسا وبريطانيا وألمانيا - الرقم 1747، وهو يشدد ويوسع نطاق العقوبات التي سبق فرضها على إيران استنادا إلى القرار السابق 1737 الصادر يوم 23 ديسمبر2006.

*مزيد من العقوبات الدولية علي ايران:

ويعتبر القرار الجديد بمنزلة "خطوة أخري في طريق تشديد العقوبات علي ايران".. فمجلس الأمن الذي "جسّ النبض" الإيراني من خلال العقوبات التي أصدرها في ديسمبر 2006، استهدف عبر قراره الجديد توجيه رسالة واضحة لطهران بأنه سيستمر في زيادة الضغط، فالقرار هذه المرة قد تقدم خطوة عن سابقه إذ فرض حظراً علي بيع وشراء الأسلحة من ايران مما قد يعني فرض حصاراً علي التسلح الايراني سواء في جانب الاستيراد أو في جانب التصدير، كذلك جاء التوسع في العقوبات المفروضة علي بعض المسؤولين الايرانيين المرتبطين بالملف النووي[1].

من جهة أخري أخري فإن القرار 1747 – وكما يري بعض المراقبين- لا يمكن النظر إليه فقط من زاوية أن سقف هذه العقوبات ما زال تحت الحد الذي يجبر صناع القرار الايراني على الرضوخ لإرادة مجلس الأمن.. إذ إن الدلالة الرمزية والقانونية للقرار تفوق في أهميتها تأثيراته في الاقتصاد السياسي، فهو يأتي تتويجاً للقرار 1737 الذي فرض عقوبات اقتصادية متدنية على طهران نهاية السنة الماضية. والقرار الأخير ألغى وجاهة الحجج القانونية لإيران وغيّر مسار المناقشات حول الملف النووي الإيراني ومستوياتها الحقوقية والسياسية، بحيث نقلها من مستوى الحق في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية إلى مستوى السبل الواجب اتباعها لإجبار إيران على إيقاف تخصيب اليورانيوم. ورمزية القرار 1747، الذي يفرض عقوبات على شخصيات ومؤسسات محسوبة على الحرس الثوري الإيراني، تفوق في أهميتها المعنى المباشر الذي يستدل عليه من منطوق القرار من حيث هي عقوبات مصرفية وتجارية؛ إذ إن روحية القرار تعبير عن رغبة «المجتمع الدولي» في منع إيران من امتلاك دورة الوقود النووي. ومجلس الأمن هو قمة مؤسسات الأمم المتحدة التي تجسد «الشرعية الدولية» منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.[2]

والي جانب ذلك فإن القرار من شأنه أن يحقق مجموعة من الأهداف المهمة بالنسبة للولايات المتحدة من أهمها ما يلي[3] :

أولها: توجيه رسالة شديد الوضوح لطهران بأنها إذا كانت مصرة على مواصلة عمليات تخصيب اليورانيوم ضاربة بالقرارات الدولية عرض الحائط، فإنها بذلك تجازف بمواجهة عزلة دولية شديدة، وليس أدل على ذلك من أن القرار الجديد صدر بموافقة الدول الـ15 في مجلس الأمن، وفي مدة أقل بكثير مما استغرقته قرارات أخرى

ثانيها: أنه يمنع إيران من تصدير السلاح إلى سوريا وحزب الله وحركة حماس، وهذا الهدف بالتحديد كان محور اهتمام واشنطن، التي أكدت على لسان نيكولاس بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية، أن "حظر السلاح هو أهم ما في القرار؛ لأنه يحظر نقل الأسلحة الإيرانية إلى مقاتلي حزب الله في لبنان وحركة حماس الفلسطينية وإلى سوريا أو إلى أي دولة أو منظمة إرهابية أخرى".

ثالثها: أنه يفرض ضغوطا جديدة على الجناح الأصولي المتشدد من التيار المحافظ الذي يحكم في إيران حاليا، والذي يواجه في الأساس انتقادات داخلية على خلفية سياسته المتشددة إزاء أزمة الملف النووي، وقد ساهمت سيطرة هذا الجناح على مؤسستي الرئاسة والبرلمان في تصعيد لهجة التحدي الإيرانية الرافضة للضغوط والعقوبات الدولية.

وبالرغم مما سبق فإن القرار قد عاني من بعض نقاط الضعف التي شجعت طلهران علي عدم الانصياع له ومن بين هذه النقاط ما يلي:-

1- أن معظم القيود – لا سيما التجارية- التي فرضها برغم أنها تمثل ضغطا علي ايران، فإنها قليلة التأثير، باعتبار أن العقوبات المفروضة بموجب قرار مجلس الأمن "اختيارية"، وغير ملزمة للدول بالالتزام بتطبيقها، أي أن الدول غير مجبرة على تطبيقها في تعاملها مع إيران، وهو ما يفتح الباب أمام الأخيرة لاختراق أي حصار تجاري تحاول الولايات المتحدة فرضه عليها[4].

2- بالرغم من صيغة الاجماع الذي صدر بها القرار فإن هذا الإجماع ما زال عند حدوده الدنيا، أي لم يصل بعد إلى درجة الاتفاق الكامل بين الدول الخمس الكبرى على ضرورة فرض عزلة دولية وعقوبات صارمة على إيران لوقف عمليات تخصيب اليورانيوم، وهمو ما يسمح لايران بالتكيف مع العقوبات المفروضة عليه ومحاولة تلاشي آثارها.

3- ان القرار لا يستند الي آلية تجبر ايران علي الانصياع له فقد جاء القرار طبقاً للمادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة التي تتيح فرض عقوبات اقتصادية وتجارية دون أن تسمح باستخدام القوة، وقد جاء الاستناد لهذه المادة كحل وسط بين واشنطن من ناحية وكل من موسكو وبكين من ناحية أخري حيث ترفض الأخيرتان أي استخدام للقوة في معالجة الملف النووي الايراني، وهو ما يعد استمراراً لما حدث بخصوص القرار 1737 وهو النهج الذي اتبعته روسيا والصين في الملف الكوري الشمالي. 

 **السلوك الايراني:-

في مقابل هذه الخطوة الأممية الجديدة جاء السلوك الايراني جامعاً بين التشدد من ناحية والمرونة من ناحية أخري، وكعادة الدبلوماسية الايرانية التي احترفت واتقنت سياسة حافة الهاوية أبدت طهران مواقف متصلبة أتبعتها بمواقف تتسم بالمرونة اذ جددت الجمهورية الاسلامية رفضها القاطع وقف تخصيب اليورانيوم كشرط مسبق، وحرصت في المقابل علي ابقاء القنوات الدبلوماسية مفتوحة لتوجه من خلالها رسائل مدروسة في أوقات محسوبة.

في هذا الاطار اعتبر الرئيس الايراني أحمدي نجاد أن القرار الدولي غير شرعي، وبصفة عامة فقد اتخذت طهران مجمعة من الخطوات في مواجهة القرار1747 وذلك علي النحو التالي:-

 1- اعلان الحد من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة استنادا إلى قرار سابق للبرلمان فيما يتعلق بمستوى التعاون مع الوكالة وتعليق أجزاء من أنشطتها، وأوضح المتحدث باسم الحكومة الايرانية غلام حسن الهام (25/3/2007) أن هذه الخطوة ستؤثر على تعاون إيران مع الوكالة في إطار ما يسمى "الترتيبات التكميلية"، وأشار إلى أنه بعد تعليق التعاون في تنفيذ هذا الاتفاق لن تبلغ إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلا قبل ستة أشهر من نقل مواد نووية إلى أي منشأة جديدة [5].

2- الايحاء بأن ايران قادرة علي مواجهة العقوبات التجارية.. اذ قال الرئيس نجاد أن بلاده يمكنها الرد على العقوبات المفروضة على البنوك الإيرانية في الخارج من جانب مجلس الأمن، وقال دون أن يذكر مزيدا من التفاصيل "إذا أرادوا خلق مصادر إزعاج لأجزاء من اقتصادنا مثل البنوك فسنرد هناك أو في أماكن أخرى"[6].

1- اعلان الرئيس نجاد في كلمة ألقاها (8/4/2004) خلال احتفال أقيم بمنشأة نتانز النووية بمناسبة يوم الطاقة النووية الإيرانية انتقال إيران إلى مرحلة تخصيب اليورانيوم على المستوى الصناعي ودخولها النادي النووي وبدء إنتاج أجهزة طرد مركزي بكميات كبيرة للتخصيب، وهو ما اعتبر تحدياً كبيراً لقرار مجلس الأمن الدولي خاصة وأن كبير المفاوضين عن البرنامج النووي الإيراني علي لاريجاني قد هدد, بأن طهران ستضطر إلى الخروج من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية إذا فرضت عليها ضغوط إضافية بشأن برنامجها النووي.

2- الاصرار علي المضي في تركيب المزيد من أجهزة الطرد المركزي في مصنع ناتنز حتي تصل مستوي خمسين الف جهاز ومطالبة العالم «بتقبل الواقع الجديد» كون ايران دولة نووية، رافضة اية اقتراحات بوقف تخصيب اليورانيوم، وقد جاءت التصريحات الايرانية في وقت شككت جهات عدة في مصداقية طهران، خاصة انها لم تترافق بصور أو وثائق تثبت انتقالها الى نادي الدول النووية، ورأي محللون غربيون ان ايران استخدمت مثل تلك الاعلانات عن التقدم النووي في الماضي لتقوية موقفها التفاوضي مع الغرب، ولكنهم يقولون ان طهران تغطي اعطالا فنية تشير الى أن أمامها عدة سنوات لامتلاك القدرة على صنع قنبلة نووية[7].

3- التلويح باستخدام سلاح النفط في المواجهة مع الغرب إذ قال وزير النفط الايراني كاظم وزيري همانة ان ايران لم تستبعد استخدام وقف شحنات النفط كسلاح في حال تعرضت لهجوم او وضعت تحت ضغوط كبيرة بسبب برنامجها النووي[8].

ويمكن القول أن التشدد الإيراني في هذه المرحلة انما يرجع الي شعورها بأن هذا الوقت هو الوقت الأفضل بالنسبة لها.. فهي في وضع أقوى مما كانت عليه عندما وافقت بطروحات المجموعة الأوروبية في السابق، فإيران الآن تمتلك أوراقاً اقليمية مهمة في العراق ولبنان وفلسطين بل وفي السودان أيضاً[9]، فضلاً عن ذلك فقد جاء هذا النهج عقب استعراض إيراني كثيف لمظاهر القوة بالتوازي مع التصعيد في مجلس الأمن، بدءاً من تسريب صواريخ مضادة للمروحيات إلى العراق (أسقطت إثرها سبع مروحيات أميركية خلال أيام)، إلى مناورات بحرية جديدة في الخليج من ضمنها تدشين غواصة، وصولاً إلى اعتقال 15 جندياً بريطانياً بعد المناورات العسكرية  التي أجرتها في مياه الخليج حتي أنه يمكن القول أن طهران  استطاعت إلى حد كبير أن ترسل رسالة إلى الجانب الأميركي واضحة الدلالات.[10]

في هذا السياق كتبت صحيفة الجارديان تقول أن " هناك رسالتان مهمتان في تصريحات أحمدي نجاد الخاصة بانتقال بلاده الي المستوي الصناعي لتخصيب اليورانيوم الأولى أن إيران تملك في نفس الوقت إرادة سياسية و ليس فقط تكنولوجيا يمكن أن تنتج الوقود النووي لأغراض نووية، أما الرسالة الثانية فهي أن سقف مساومات إيران مع الغرب سوف يرتفع " [11].

الي جانب هذا التصلب أبدت طهران قدراً ملموساً من المرونة وهو ما بدا واضحاً في اللقاء الذي جمع بين كبير المفاوضين النوويين الايرانيين علي لاريجاني ومفوض الساسية الخارجية الأوروبية خافيير سولانا في أنقرة حتي أن الأخير- الذي كان قد أعلن عدم تفاؤله باللقاء - خرج ليحض الولايات المتحدة على فتح خط اتصالات مباشر مع الحكومة الايرانية، مضيفاً أنه بات مقتنعا بعد محادثاته مع لاريجاني ان الايرانيين علي كافة المستويات بمن فيهم المرشد الأعلي الإيراني آية الله علي خامنئي يريدون جديا الحوار مع واشنطن.

ويمكن القول أن ايران قد تمكنت من توصيل رسالة مهمة الي الولايات المتحدة عبر سولانا مفادها أن طهران مستعدة للحوار والجلوس الي طاولة المفاوضات، وفي هذا الصدد أيضاً جاءت استجابة الدبلوماسية الايرانية لمطلب واشنطن بالمشاركة في مؤتمر شرم الشيخ الخاص بالعراق ليؤكد علي مروتة طهران في التعامل مع الولايات المتحدة ورغبتها في الحوار لا سيما وان الجمهورية الاسلامية كانت قد تحفظت علي هذه المشاركة بدعوي ضرورة الافراج عن الايرانيين المحتجزين من قبل القوات الأمريكية في العراق.

ويبدو أن النهج الايراني قد أثمر بدرجة أو بأخري اذ ما لبثت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس أن أعلنت عن امكانية اجراء حوار مع الايرانيين بخصوص العراق في مؤتمر شرم الشيخ وهو ما يكشف عن خطوة أمريكية متقدمة تجاه ايران بعدأن كانت واشنطن ترفض أي حوار أو لقاء مع طهران.

وليس من المتصور أن يقتصر الحديث بين الأمريكيين والايرانيين علي العراق فقط اذ تصر ايران علي ضرورة أن يكون الحوار بين الطرفين شاملاً كافة القضايا بما فيها الملف النووي، الذي يعتبر ولاشك أساس التحركات الايرانية في السنوات الأخيرة، ولا شك أن رغبة واشنطن في حضور طهران لمؤتمر شرم الشيخ انما يشير بدرجة ما الي أن الادارة الأمريكية باتت في وارد الاستماع الي ايران والحوار معها حول كافة القضايا خاصة وان واشنطن قد أدركت أن الجمهورة الاسلامية بيدها مفاتيح الاستقرار في العراق.

*باحث سياسي مصري


[1] مجلس الأمن يشدد العقوبات على إيران ، برنامج السلطة الرابعة ،قناة العربية الفضائية http://www.alarabiya.net/Articles/2007/03/27/32938.htm#1

[2] مصطفي اللباد :سخونة في الملف النووي بعد أخطاء في الحسابات ، الحياة 29/3/2007

[3] محمد عباس ناجي: القرار 1747.. ضربة للجناح المحافظ في إيران،    http://www.islamonline.net28  /3/ 2007

[4] خالد أبو بكر: "إيران تدير أزمتها النووية "بتكتيك غربي، //www.islamonline.ne،25/3/2007

 

[5] موقع قناة الجزيرة الفضائية.www.aljazeera.net  26/3/2007

[6] موقع قناة الجزيرة الفضائية.www.aljazeera.net  4/4/2007

[7] الشرق الأوسط 11/4/2007

[8] الشرق الاوسط» 19/4/2007

[9] دلالات إعلان إيران إنجازها النووي ، برنامج ما وراء الخبر ، قناة الجزيرة الفضائية ،12/4/2007  www.aljazeera.net .

[10] مصطفي اللباد ، مرجع سابق.

[11]  صحيفة ميل جازيت التركية نقلاً عن الجارديان البريطانية http://www.milligazete.com.tr/ar/index.php

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ