ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 26/07/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

 

 

   ـ دراسات    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

في التطويروالتنوير

 

جســور

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


حقوق الإنسان الاقتصادية

والحق في التنمية في الدول العربية

إعداد : حسين عبد المطلب الأسرج*

مشكلة البحث :

مع تحول العولمة لتصبح بمثابة "روح العصر" بما تتضمنه من حرية التجارة وحركة رؤوس الأموال والاستثمارات، تم الاتجاه لتهميش بعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لصالح حقوق أخرى وخاصة أن هناك من يعتبر أن الحقوق المدنية والسياسية كحريات للفرد في مواجهة تدخل الدولة تعني مفهوماً عكسياً للحقوق  الاقتصادية والاجتماعية التي تعني وجوب تدخل الدولة، وأن الطائفة الأولى من الحقوق هي الحقوق الإنسانية الأساسية، وأنه لا يمكن إعمال الحقوق الأخرى إلا بتحقيق هذه الحقوق وذلك على الرغم من أن الممارسة تشير إلى أن انتهاكات حقوق الإنسان "الأساسية" - في علاقتها بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية-  ترجع إلى سياسات حكومية اقتصادية واجتماعية معينة   أو الفشل في تقديم الدعم والمساندة للمتضررين.

وعلى الرغم من المحاولات الجادة والمستمرة لتعزيز وتحقيق حماية حقوق الإنسان وترسيخ قيمها ونشر الوعى بها والإسهام فى ضمان ممارستها،الا أن المجتمع العربى يعانى وبصورة ملحوظة من ضعف حالة حقوق الانسان وبخاصة الاقتصادية منها،فيلاحظ تزايد معدلات البطالة والفقر فى الدول العربية، وتتراكم انعكاساتها السلبية على المجتمع المتمثلة في انتشار الجرائم الاجتماعية، وارتفاع نسبة الإعالة وتأخر سن الزواج، فضلاً عن الآثار الأمنية والنفسية. .الأمر الذى يؤكد على أن المجتمع العربى ما زال أمامه العديد من التحديات الرئيسية التي ينبغي مواجهتها بصورة سريعة‏ فى مجال اعمال الحقوق الاقتصادية للمواطنين. ويهدف هذا البحث الى القاء الضوء على حالة الحقوق الاقتصادية فىالدول العربية بهدف التوصية بأهم السياسات التى تساعد فى مزيد من تمتع المواطن العربى بحقوقه الاقتصادية.

 

المبحث الأول

الارتباط بين التنمية وحقوق الإنسان

يعكس مفهوم التنمية فكرة التكامل بين حقوق الإنسان فالتنمية (الشاملة) هي كما قرر إعلان الحق في التنمية الذي  اعتمدته الجمعية العامة بموجب قرارها 41/128 الصادر في 4 ديسمبر 1986عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية شاملة تستهدف التحسين المستمر لرفاهية السكان بأسرهم والأفراد جميعهم، ورأى هذا الإعلان أن جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية متلاحمة ومترابطة، وأن تعزيز التنمية يقتضي إيلاء الاهتمام على قدم المساواة لإعمال وتعزيز وحماية الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

أولا:حقوق الإنسان (المفهوم- -الفئات):

1-مفهوم حقوق الإنسان [1]

عادة ما يعرف الباحثون حقوق الإنسان بأنها مجموعة الحقوق التي يتمتع بها الإنسان بوصفه إنسانا. هذا التعريف يجد سنده فيما نصت عليه المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بقولها "يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم البعض بروح الإخاء". وهذه الحقوق هي بذاتها مصدر الشرعية ولا تستمد شرعيتها من أي نظام قانوني وضعي. فإذا أصدرت الدولة الوطنية تشريعا ينتهك حقوق الإنسان لمواطنيها بأن يحرمهم من حرياتهم الطبيعية مثلا أو يميز بينهم بسبب الدين أو الأصل أو اللغة أو العرق كان هذا القانون عاريا من الشرعية القانونية وكانت الدولة التي أصدرته عارية من الشرعية السياسية.  وحقوق الإنسان في عصرنا هذا لم تعد مجرد مبادئ فاضلة تحض عليها الأخلاق القويمة أو تعاليم تحض عليها الأديان ولكنها تحولت إلى التزامات قانونية يتعرض من يخالفها لجزاءات على المستويات الدولية والإقليمية والوطنية[2].

فمصطلح حقوق الإنسان إذن يشير إلى مجموعة الحقوق اللصيقة بالشخصية الإنسانية التي نصت عليها المواثيق الدولية والتي يتمتع بها الإنسان ولا يجوز تجريده منها لأي سبب كان بصرف النظر عن كل مظاهر التمييز مثل الدين واللغة واللون والأصل والعرق والجنس وغير ذلك. فحقوق الإنسان حقوق عالمية مترابطة فيما بينها وغير قابلة للتجزئة أو الانتقاص أو التقسيم وسواء كانت حقوقاً مدنية و سياسية أو اقتصادية واجتماعية فإنها حقوق متساوية ولا تقبل إعطاء أولوية أو أفضلية لإحداها على الآخر بل إنها تترابط بعضها مع بعض بما يجعل ثمة نوعا من التفاعل والتضامن والتضام بينها باعتبار الكرامة الإنسانية هي الجوهر والمبدأ الناظم لكافة الحقوق،  وحماية هذه الكرامة هي الهدف النهائي من إقرارها.

2- فئات الحقوق: يمكن تصنيف حقوق الانسان إلى ثلاث فئات:

1. الحقوق المدنية والسياسية (وتسمى أيضاً "الجيل الأول من الحقوق")، وهي مرتبطة بالحريات، وتشمل الحقوق التالية: الحق في الحياة والحرية والأمن؛ وعدم التعرض للتعذيب والتحرر من العبودية؛ المشاركة السياسية وحرية الرأي والتعبير والتفكير والضمير والدين؛ وحرية الاشتراك في الجمعيات والتجمع.

2. الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (وتسمى أيضاً "الجيل الثاني من الحقوق")، وهي مرتبطة بالأمن وتشمل: العمل والتعليم والمستوى اللائق للمعيشة؛ والمأكل والمأوى والرعاية الصحية.

3. الحقوق البيئية والثقافية والتنموية (وتسمى أيضاً "الجيل الثالث من الحقوق")، وتشمل حق العيش في بيئة نظيفة ومصونة من التدمير؛ والحق في التنمية الثقافية والسياسية والاقتصادية.

ثانيا: حقوق الانسان وتطور الفكر التنموى:

تطورت مفاهيم التنمية الاقتصادية فى الفكر الاقتصادى المعاصر[3]،ففى معظم خمسينيات وبداية ستينيات القرن العشرين كانت فكرة التنمية مرادفة لاجمالى النمو المحقق،وكانت تعبر عن عملية تراكم لرأس المال المادي والبشرى بهدف زيادة الدخل القومى.ومع منتصف الستينيات أصبحت فكرة التنمية أكثر التصاقا بعملية التغير الاقتصادى والاجتماعي.وفى السبعينيات،قام البعض بوضع استراتيجيات من أجل النمو مع إعادة التوزيع.وحدثت تطورات بعد ذلك أدت الى خلع الناتج القومى عن عرشه،وبرز اتجاه القضاء على الفقر باعتباره الهدف الحقيقى للتنمية.ومنذ تسعينيات القرن العشرين تم الربط بين القضاء على الفقر وبين النمو بحيث لم يعد يعتبر خصما له.ويعد تقرير التنمية فى العالم الصادر عن البنك الدولى لعام1990 نقطة تحول رئيسية فى هذا المجال ،حيث عرف التنمية على أنها عملية توسيع الخيارات للشعوب[4].

يقرر الفكر الحديث حول التنمية الاقتصادية،أنها تعنى التخفيف من حدة الفقر،وتقليل التفاوت فى توزيع الدخل، وتخفيض معدل البطالة،ويمكن تحقيق هذه الأهداف باستخدام مجموعة من أدوات السياسة الاقتصادية المختارة بعناية كبيرة.أما موضوع التركيز على متوسط الدخل الفردي كهدف للتنمية،فقد أصبح يحتل المرتبة الثانية فى الأهمية.وحتى تحقق هذه الأدوات أهدافها يؤكد أصحاب هذا الفكر على ضرورة القضاء على جمود الهيكل الاقتصادى فى الدول النامية.ويمكن تحقيق ذلك من خلال استخدام أدوات مثل:الإصلاح الزراعى،وتحسين أساليب العمل الزراعى،وتحسين مركز المزارعين والحرفيين والتجار فى مجال التسويق والتسهيلات الائتمانية فى القطاع المتقدم فى هذه الدول.يضاف الى ذلك ضرورة أحداث تغييرات فى التوجهات ومعتقدات الأفراد والجماعات لتعبر هذه الجماعات عن قيمتها الخاصة بالنسبة لموضوعات الفقر والتعطل.ولا يقتصر الفكر الحديث على الإجراءات المحلية بل يتجاوز الحدود الإقليمية،ويطالب بضرورة الطرح العالمى لمشكلة الفقر وتفاوت توزيع الدخل والثروة.ويهدف هذا الإصلاح الى تحسين وضع الدول النامية فى أسواق سلع ورأس المال للدول الصناعية من أجل تحقيق تحويل قدر أكبر من الدخل والمعرفة الفنية من الدول المتقدمة الغنية الى الدول الفقيرة.

وبصدور تقرير التنمية فى العالم لعام 2001/2002  تم التأكيد على أهمية التنمية فى معالجة أبعاد الفقر المتعددة الجوانب[5].كما أن الجهود الرامية لزيادة تكامل مختلف أوجه الفكر التنموي،مضت شوطا أبعد من ذلك -فى السنوات الأخيرة- بحيث بدأت تتعلق بالعدالة والانصاف وحقوق الإنسان وهو ما تجلى فى  تقرير التنمية فى العالم لعام 2006 .

المبحث الثانى

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فى الدول العربية

 "للفرد وبالفرد" شعار التنمية الاقتصادية في أي دولة في العالم، حيث الفرد هو "الهدف" و"الوسيلة"، وإذا لم تنعكس السياسات الاقتصادية للحكومات وبرامج الإصلاح الاقتصادي بالإيجاب على مستوى معيشته ونوعية حياته تكون هذه السياسة وهذه البرامج سياسات وبرامج عقيمة.أيضا فإنّ التمتّع الكامل بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيّة يتطلّب شيئا من الوقت[6]، وبالتالي علينا أن "نقيس" التطوّر عبر الزمان حتى نتثبّت من نسق التدرّج في التمتّع بالحقوق". وهنا يصبح الإشكال كالتالي: في حالة ما يسجّل تقدّما، هل نعتبر هذا التقدّم كاف؟ بعبارة أخرى هل يعد نسق التدرّج في إعمال الحقوق كاف؟ وماذا يعني مستوى كاف؟ وكيف نقيس ذلك؟ في الإجابة على هذا اقترح برنامج الأمم المتّحدة للتنمية في تقريره سنة 2000 حول التنمية البشريّة منهجيّة مفيدة تمكّن من الاهتداء إلى تحديد معقول للمستوى الكافي في التقدّم وذلك بالاعتماد على ما يمكن تسميته بأهداف معياريّة  أو مرجعيّة مثلا: الهدف: ضمان إنهاء الصبيان والبنات حلقة تعليميّة كاملة في المدارس الابتدائية فى حدود سنة 2015.

أولا: استئصال الفقر والجوع ، الحق في مستوى معيشي كاف وفي تحسين متواصل للظروف المعيشيّة .

يستوجب ضمان مستوى معيشي كاف وفي تحسّن متواصل بلا شكّ معاينة متوسّط الدخل (نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي) ونسق نموّه عبر الزمان.

يحتل معدل الدخل في العالم العربي (2341 دولاراً سنة 2001) موقعا وسيطا بين معدّل البلدان النامية ككل والمعدّل العالمي حيث إنّه يقارب ضعف الأوّل ويمثّل أقلّ من نصف الثاني. ولكن هذا يخفي التفاوت الكبير بين البلدان العربيّة حيث إنّ متوسّط الدخل يتراوح بين 366 دولاراً أمريكي بموريتانيا و16048 دولاراً بالكويت أي بضارب 44 تقريبا! بحيث لو اعتمدنا على سلم معياري(2) متّفق عليه بإيلاء درجات قياس تتراوح بين 0و100 وتتكوّن من 5 أصناف (0– 20، 20 – 40، 40 – 60، 60 – 80، 80 – 100) وذلك حسب متوسّط الدخل (نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالدولار وبمقارنـة القدرة الشرائيّة). ولو اعتمدنا على هذا السلم ، نجد أنّ في 7 بلدان عربيّة نسبة الإنجاز وبالتالي نسبة التمتّع بالحق في مستوى معيشي كاف ضعيفة جدّا (حيث إنّ متوسّط مستوى الدخل متدنّ جدّا) وهي السودان وموريتانيا وجزر القمر واليمن وسوريا والصومال .ثمّ هناك 5 بلدان تشهد نسبة إنجاز ضعيفة غير كافية (بين20 و40) وهي كلّ من الأردن والمغرب ومصر والعراق.

أما في ليبيا وتونس والجزائر، فنسبة التمتّع بالحق في مستوى معيشي فهي + كافية (بين 40 و60) في حين أنّ في كلّ من الكويت والإمارات والبحرين والسعوديّة وعمان وقطر وبالنظر إلى متوسّط الدخل يمكن في أوّل الأمر استنتاج نسبة إعمال هذا الحق في كافية ومرضيّة.

للظروف المعيشيّة، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار نسق ارتفاع متوسّط الدخل عبـر الزمان وبالتالي نصل إلى استنتاجات مغايرة إلى حدّ ما، حيث نرى باستثناء البحرين وإلى حد ما عمان، تراجعا في نسق معدّل النمو (معدّل سلبي) في كلّ من الإمارات 3.7-% والسعوديّة 1.1-% والكويت 1-%(3). بحيث ما يمكن تثبيته أن إعمال الحق في مستوى معيشي كاف وفي تحسين متواصل في الظروف المعيشيّة لم يحصل إلاّ في البحرين وإلى حدّ ما في عمان.

ويلاحظ أن نسبة الفقر المطلق أو المدقع (نسبة السكان الذين يعيشون تحت عتبة الفقر المقدّرة بدولار في اليوم) ضعيفة2.1% بالمقارنة بما نجده في مستوى العالم ككلّ 20.2%. هذا ويجب التأكيد أنّ هذه النسب وإن كانت متدنّية في كلّ من الأردن والجزائر والمغرب وحتى في مصر وفقا للمراجع الإحصائيّة الدوليّة، فهي مرتفعة في اليمن (15.7%) وفي موريتانيا 28.6%. وإذا رفعنا عتبة الفقر إلى دولارين في اليوم فسنجد أنّ نسبة الفقراء يصل في هذه المجموعة إلى 30.1%. في غياب معطيات حول السودان وفلسطين والعراق، علينا أن نتوخّى الحذر والتحفّظ إزاء المقولات الفاقدة للشموليّة والتي تقرّ بأنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قد تتمتّع بأقلّ مستوى للفقر شيوعا وعمقا من مجموعات الدول النامية. ويمكن القول إنّ ظاهرة الفقر لازالت شائعة في أغلب الأرياف العربيّة وفي بلدان كاليمن وموريتانيا والسودان والعراق وفلسطين والصومال. ونظرا لفقدان المعلومات حول تطوّر نسبة الفقر على مدى السنوات الأخيرة، لا يمكن القول إن هذه البلدان حقّقت تقدّما في هذا المجال. لكن بالاعتماد على المعطيات الواردة في برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي، فإنّ ما توصّلت إليه كلّ من الأردن وتونس والجزائر والمغرب وإلى حدّ ما مصر، يوحي بإحراز تقدّم كاف في استئصال الفقر.

ثانيا: الحق في التمتع بالصحة والرعاية الصحية:

كفلت المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية الحق في التمتع بالصحة والرعاية الصحية.

ونلاحظ  أنّ نسبة البلدان العربيّة ككل في التمتّع بتجهيزات صحيّة مرتفعة بالمقارنة بالمعدّلات في البلدان النامية وعلى المستوى العالمي ككلّ، وفيما عدى السودان حيث أنّ النسبة البالغة 87% مستقرّة والمغرب 86% مع انخفاض طفيف بين 1990 و2000، فغالبا تتراوح نسبة التمتّع بهذا الحق بين 90% و100% في البلدان العربيّة الأخرى التي توفّرت فيها المعطيات.

الا أنّ ظاهرة سوء التغذية عند الأطفال منتشرة جدّا في كلّ من موريتانيا وعمان وجزر القمر والصومال واليمن حيث تصل النسبة إلى 46% عند هذا الأخير. أمّا في سوريا والإمارات والسعوديّة والعراق والسودان وجيبوتي فتتراوح النسب بين 13% (سوريا) إلى 18% في جيبوتي. أمّا في باقي البلدان العربيّة فتصل النسبة دون 10% وهي مرضيّة بالمقارنة (لبنان وتونس ومصر وحتي فلسطين قبل الانتفاضة). أيضا برغم تمتّع  البلدان النفطيّة بمتوسط دخل مرتفع نسبيّا، فإنّ مؤشّر سوء تغذية الأطفال بالمقارنة مرتفع وهـذا يعني أنّ هنـاك إخلالاً بإعمال هذا الحقّ للجميع رغم وجود الإمكانيات.

ثالثا: الحق فى التعليم

يمثل رأس المال البشرى عاملا مهما للنمو الاقتصادى وخلق فرص العمل والمشاركة فى العولمة-سواء كان مقيسا بالعمر المتوقع أو بسنوات الدراسة أو بالخبرة المكتسبة فى سوق العمل أو بمعدلات الإلمام بالقراءة والكتابة أو بمعدلات الالتحاق بالمدارس أو بدرجات الطلاب فى الاختبارات.ومن المعروف منذ وقت طويل أن توافر رأس المال المادى والبشرى وبخاصة العمالة هو عامل مهم فى تحديد موقع النشاط الاقتصادى.ويصدق هذا على وجه الخصوص فى اقتصاد تتزايد فيه العولمة وتكثر فيه تنقلات رؤوس الأموال.ورغم أن رؤوس الأموال الاستثمارية تحتاج الى القوى العاملة الماهرة والمتعلمة كما تحتاج الى القوى العاملة الرخيصة وغير الماهرة،فمن المسلم به عموما أن النمو وبالتأكيد ارتفاع مستوى المعيشة ،يكون استمرارهما أرجح فى وجود قوى عاملة متعلمة تستطيع تطويع مهارتها وتنفيذ الأفكار الجديدة.وتفيد الأبحاث الحديثة بأن الدول التى تبدأ بإنتاجيه منخفضة وبقوى عاملة أكثر تعلما تستطيع تضييق فجوة الدخل الفردى بينها وبين الدول الأكثر ثراء بسرعة من الدول ذات القوى العاملة الأقل تعلما.وقد تبين أيضا أن إسهام الاستثمار الأجنبى المباشر فى النمو يزداد كلما كانت القوى العاملة أكثر تعلما[7].

ويعتبر التعليم قضية محورية تمس الأمن القومي، وهو الذي يرسم صورة المستقبل لأي دولة باعتباره استثمارا في المستقبل له عائد ومردود أعلى بكثير من أي استثمار آخر.ولأهمية التعليم كفلته المواثيق والعهود الدولية، المادة (26) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1948، والمادتان (13، و14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وعند النظر الى تحقيق شموليّة التعليم الابتدائي :أى ضمان إنهاء جميع الصبيان والبنات مقرّرا تعليميّا كاملا في المدارس الابتدائية الحق في التربية والتعليم ،(جعل التعليم الابتدائي إلزاميا وإتاحته مجّانا للجميع ) إنّ ما أنجز عموما على مستوى العالم العربي ككلّ أقلّ ممّا تحقق في نطاق البلدان النامية أو العالم. زد على ذلك أنّ كثيرا من البلدان العربيّة شهدت تراجعا في هذا الميدان وهي كلّ من الإمارات والبحرين والعراق واليمن وبدرجة أقل السعوديّة. وبالتالي فإنّ المسافة الفاصلة لتحقيق الهدف (أى شموليّة التعليم الابتدائي) لازالت طويلة بالنسبة لكثير من البلدان العربيّة. فبالمقارنة بالمستوى العالمي، نجد أنه بالاعتماد على ما أنجز بين سنتي 1990-1991 و2000-2001 فقد يصعب جدّا أو يستحيل إلى حدّ ما تحقيق هذا الهدف لكلّ من جيبوتي والسودان والسعوديّة واليمن والكويت وعمان وحتى لبنان والمغرب.أما بالنسبة للإمارات والعراق والبحرين وسوريا، ولو أنّ نسبة الالتحاق سنة2001 تعدّ كافية غير أنّ التراجع الحاصل بين 1990-1991و2000-2001 يجعلنا نستنتج أنّ هناك احتمالا كبيرا في حالة ما استمرّت الأوضاع على حالها من عدم التوفّق إلى إنجاز الالتزام الوارد في الألفيّة.وبالتالي فالبلدان العربيّة التي حقّقت نسبة من الإنجاز كافية (في التمتّع بالحق في شموليّة التعليم الابتدائي) هيّ: تونس والجزائر وفلسطين وقطر والأردن ومصر.

رابعا: الحق في العمل وتطوير مجالات عمل لائقة ومنتجة للشباب :

تكفل المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان الحق في العمل، ومن بينها المادة (23) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكفلت المادتان 13 و14 من الدستور المصري الحق في العمل، ومما لا شك فيه أن تطبيق مصر لما نص عليه الدستور والمواثيق الدولية التي تكفل حق العمل كاف لتحقيق الضمانات الفعلية اللازمة لحماية حقوق العمال من أي انتهاكات.ومن الضروري إحداث توازن بين مصالح أصحاب الأعمال ومصالح العمال دون سيطرة أي منهما على الآخر، مع مراعاة تحقيق تقدم واستقرار اجتماعي واقتصادي ينعكس إيجابيًا على مستويات دخل ومعيشة المواطنين.

وهناك ارتباط وثيق بين النمو الاقتصادى وخلق فرص العمل،حيث يمثلان معا حلقة مهمة فى أية استراتيجية تستهدف الحد من مشكلة البطالة المستمرة[8].

ولابدّ أن نسلط الأضواء على ظاهرة البطالة (الحرمان من الحق في العمل) بوصفها ظاهرة تشمل كل الناشطين وكل الفئات العمريّة ذكورا وإناثا.

وقد أظهر آخـر تقريـر لمنظّمة العمل الدوليـّة الصادر في يناير 2004 "الاتجاهات العالميّة للشغل" أنّ نسبة البطالة في ما يسمى بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مرتفعة جدّا وفي صعود مطرّد بين 2001-2002-2003 وهي أعلى نسبة بالمقارنة بمناطق العالم الأخرى وتمثّل تقريبا ضعف المعدّل العالمي كما هو وارد في الجدول التالي:

 

المجموع

إناث

ذكور

العالم - 2001

6.1

6.3

6.0

الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

12.0

16.3

10.5

العالم - 2002

6.3

6.5

6.2

الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

11.9

16.2

10.4

العالم - 2003

6.2

6.4

6.1

الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

12.2

16.5

10.6

المصدر : منظمة العمل الدولية(2004)

وعموما، فإنّ نسبة البطالة عند النساء أعلى بعدّة درجات مقارنة بتلك التي تتعلّق بالرجال. ومن جهة أخرى وبالاستناد إلى نفس المرجع، نجد أنّ نسبة البطالة لدى الشباب تمثّل ضعف تلك التي تخص مجموع الناشطين وهي تقدر بـ 25.6% سنة 2003 في حين أنّ المعدّل الإجمالي للبطالة يساوي 12.2% في نفس السنة.

و فيما بين عامي 1997 و2003، لم يحدث سوى تحسن طفيف حيث إنّ معدّل البطالة من 26% عام 1997  إلى 25.6% عام 2006 فقط مما يعني الصعوبة أو الإخفاق في الإنجاز المتصل بحق الشباب في العمل.

خامسا: الحق فى الحقوق التأمينية والتقاعدية :

   تعتبر الحقوق التأمينية من أهم الحقوق الاقتصادية الاجتماعية، ويقاس مدى التقدم الاجتماعي بمدى اتساع هذه الحقوق حجما وتغطية. وتلعب صناديق التأمين والضمان الاجتماعي دوراً هاماً في إعمال هذه الحقوق.و بالاعتماد على آخر المعطيات المتوفّرة دوليا من طرف إدارة الضمان الاجتماعي والتي مقرّها في واشنطن (Social Security Administration)، يمكن ضبط بعض ملامح الحماية الاجتماعية الموجودة في 13 دولة عربيّة وهي الأردن والبحرين والجزائر والسودان والعراق والكويت والمغرب واليمن وتونس وسوريا وعمّان ولبنان وليبيا ومصر. تصنّف إدارة الضمان الاجتماعي المذكورة أعلاه فروع الضمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية إلى خمسة أصناف:

1- الشيخوخة والعجز والوفاة (استحقاقات الباقين على قيد الحياة).

2- المرض والأمومة (التعويضات النقديّة في حالة المرض واستحقاقات الأمومة).

3- حوادث الشغل والأمراض المهنيّة (التعويضات عند الإصابات وأمراض الشغل).

4- منحة البطالة.

5- المنح أو المخصّصات العائليّة.

ويلاحظ في عديد من البلدان العربية أن الحماية الاجتماعية تقتصر على الشيخوخة والعجز والوفاة من جهة، وضدّ أخطار إصابات الشغل من جهة أخرى. وهذا هو شأن الأردن، والبحرين، والسودان، والكويت، وسوريا وعمان. ولا تغطّي الحماية الاجتماعية الأصناف الستة كلّها إلاّ في كلّ من الجزائر وتونس.

وغالبا لا توجد برامج للتأمين ضدّ خطر البطالة تغطي ولا مخصّصات أو منح عائليّة. حسب المعلومات المتوفّرة. وتخصّ الحماية الاجتماعية بالأساس العاملين بالقطاع الحكومي والمشتغلين في القطاع الخاص المهيكل. في كثير من الحالات وفي غالبية البلدان العربيّة، هناك استثناءات كثيرة حيث إنّ العاملين في القطاع غير المهيكل، في القطاع العائلي، في القطاع الزراعي، الصيد البحري وكذلك العمّال غير القارين والوقتيين والأجانب (في حالة عدم وجود اتّفاقيات متبادلة)، محرومون غالبا من حقوقهم في الضمان الاجتماعي وبالتالي فنسبة التغطية ضعيفة غالبا باستثناء تونس وإلى حدّ ما الجزائر. أمّا فيما يخصّ منظومة الحدّ الأدنى من الأجور، فهي غير متوفّرة غالبا باستثناء تونس والجزائر والمغرب والأردن وذلك حسب المعطيات المتوفّرة لدينا. هذا ويجب الإشارة إلى أنّ الأجر الأدنى لا يمكّن غالبا من ضمان نسبة من العيش الكافية ويعتبر المتحصل على الأجر الأدنى في معايير منظّمة العمل الدوليّة عاملا فقيرا لأنّ دخل كلّ فرد مع أسرته أقلّ من عتبة الفقر المعتمد عليها.

المبحث الثالث

محاور تعظيم تمتع المواطن العربى بحقوقه الاقتصادية:

هناك عديد من المحاور لتعظيم تمتع المواطن العربى بحقوقه الاقتصادية ويتم هنا الاشارة الى عدد من هذه المحاور:-

أولا:تحسين مناخ الاستثمار:

ينصرف تعبير مناخ الاستثمار الى مجمل الأوضاع والظروف المكونة للمحيط الذى تتم فيه العملية الاستثمارية،وتأثير تلك الأوضاع والظروف سلبا وايجابا على فرص نجاح المشروعات الاستثمارية،وبالتالى على حركة واتجاهات الاستثمارات،وهى تشمل الأوضاع والظروف السياسة والاقتصادية والاجتماعية والأمنية،كما تشمل الأوضاع القانونية والتنظيمات الادارية.

ويساهم تحسين مناخ الاستثمار بدور رئيسي فى تحسين مستوى المعيشة وتمتع المواطنين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية من خلال دفع عجلة التنمية من ناحية،وتحسين حياة الناس بصورة مباشرة[9].

أ- دفع عجلة التنمية:

مع تزايد أعداد السكان فان التنمية الاقتصادية هى الطريق لتحسين مستويات المعيشة،ويؤدى مناخ الاستثمار الملائم لدفع عجلة التنمية عن طريق زيادة الاستثمارات وتحسين مستويات الإنتاجية.فمناخ الاستثمار الجيد يخفض التكاليف غير المبررة ويقلل من المخاطر ويقضى على العقبات التى تعوق المنافسة.فقد أكد تقرير التنمية فى العام الصادر عن البنك الدولي لعام 2005 أن إجراءات تحسين مناخ الاستثمار أدت الى تضاعف نسبة استثمار القطاع الخاص الى الناتج المحلى الاجمالى فى الصين والهند.كما أشار التقرير أيضا الى أن زيادة وضوح ومعلومية السياسات يمكن أن ترفع من احتمالية قيام الشركات باستثمارات جديدة بنسبة تزيد على 30%. أيضا يشجع مناخ الاستثمار الجيد على تحسين الإنتاجية،عن طريق إتاحة الفرص والحوافز للشركات لكي تقوم بتطوير أنشطتها والتوسع فيها واستخدام أساليب أفضل لتنظيم عمليات الإنتاج.كما يساعدها على الدخول والخروج من الأسواق بما يساهم فى زيادة الإنتاجية ودفع عجلة التنمية.وقد أشار تقرير التنمية لعام 2005 بأن احتمال قيام الشركات التى تتعرض للمنافسة القوية بالابتكار أكثر بنسبة لا تقل عن 50% من احتمال قيام الشركات التى لم تتعرض لضغوط المنافسة.

ب-تحسين حياة الناس:

يساهم مناخ الاستثمار الجيد فى تحسين حياة الناس فى العديد من أوجه نشاطهم بصورة مباشرة،وذلك كما يلى:-

·بصفتهم عاملين:من شأن تحسين مناخ الاستثمار إتاحة الفرص أمام الأفراد للحصول على عمل سواء من خلال العمل الحر أو من خلال الحصول على عمل بأجر.فمن شأن تحسين فرص العمل حفز الأفراد على استثمار معارفهم ومهاراتهم،مما يكمل الجهود لتحسين التنمية البشرية.أيضا تستطيع الشركات الأكثر إنتاجية التى تنشأ من خلال مناخ استثمار جيد،أن تدفع أجورا أفضل وأن تخصص مزيدا من الاستثمارات لبرامج التدريب.

·  بصفتهم أصحاب عمل حر: يساعد مناخ الاستثمار الجيد على تشجيع المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر وأصحاب الأعمال الحرة للدخول فى الاقتصاد الرسمى،حيث يعمل أكثر من نصف سكان الدول النامية فى الاقتصاد غير الرسمى.فهذه المشروعات تواجه نفس المشكلات التى تواجهها الشركات الأخرى،بما فى ذلك الفساد،وعدم وضوح السياسات،وحفظ حقوق الملكية،ومحدودية القدرة على الحصول على التمويل والخدمات العامة.ويؤدى تخفيف هذه العوائق الى زيادة دخل أصحاب المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر وأصحاب الأعمال الحرة،وتمكينهم من توسيع أعمالهم.

·بصفتهم مستهلكين: يساعد مناخ الاستثمار الجيد على إتاحة السلع والخدمات وتنوعها من ناحية وتخفيض أسعارها من ناحية أخرى بما فى ذلك السلع التى يستعملها محدودي الدخل وغير القادرين.

·  بصفتهم مستخدمي للبنية الأساسية والموارد التمويلية والممتلكات: يمكن أن ينتج عن تهيئة البنية الأساسية وتحسين شروط الحصول على الموارد التمويلية،وحماية حقوق الملكية،العديد من المزايا التى تستفيد منها كافة فئات المجتمع.فمثلا ساهم بناء الطرق فى المغرب فى زيادة معدلات الالتحاق بالمدارس الابتدائية من 28% الى 68%.أيضا يؤدى التوسع فى القدرة على الحصول على الموارد المالية الى مساعدة الشركات على تطوير أعمالها.فضلا عن مساعدة محدودي الدخل على لدفع مصاريف تعليم أبنائهم،وتحمل نفقات الطوارىء التى تتعرض لها أسرهم.أيضا يساعد تسهيل تملك الأراضى وتخفيض أسعارها على تشجيع الاستثمار وبناء المصانع وتسهيل الحصول على التمويل اللازم.

·  بصفتهم متلقين لخدمات تمولها الضرائب أو التحويلات: تعتبر أنشطة الشركات المصدر الرئيسى لإيرادات الضرائب بالنسبة للحكومات.لذا يساهم مناخ الاستثمار الجيد فى توسيع المصادر المتاحة لدى الحكومات للعثور على التمويل للخدمات العامة،بما فى ذلك خدمات قطاعي الصحة والتعليم،التحويلات النقدية المخصصة للطبقات الفقيرة والمحتاجة فى المجتمع.تؤدى بعض التحسينات التى تجرى على مناخ الاستثمار إلى العديد من المنافع لكافة قطاعات المجتمع،كتحسين استقرار الاقتصاد الكلى،والتقليل من تفشى الفساد،وبعض الإصلاحات الأخرى فى قطاعات أو أنشطة بعينها،مما يتيح الفرص للحكومات للتأثير فى توزيع هذه المنافع.ويمكن للحكومات أن تضع خطط لهذه الإصلاحات بحيث تزيد التركيز على صالح محدودي الدخل من خلال التركيز على القيود المفروضة على أماكن معيشتهم وعلى الأنشطة التى يستفيدون منها،بما فى ذلك مختلف مجالاتهم كعاملين،وأصحاب أعمال حرة ،ومستهلكين،ومستخدمي للبنية الأساسية والموارد التمويلية والممتلكات.

ولذا فانه من الضرورى التأكيد على أن بيئة الاستثمار النموذجية لا تقتصر على مجرد منح الاعفاءات الضريبية وتسهيل اجراءات التسجيل والترخيص،بل تتعداه لتشمل حزمة متكتملة من العناصر الضرورية التى لابد من توافرها مجتمعة منها:-

           أ‌-      استقرار السياسات الاقتصادية الكلية

   ب‌-  وجود منظومة قوانين وأنظمة اقتصادية فعالة وكفؤة مما يتطلب مراجعة القوانين بها وتحديثها لتنسجم مع التوجه العام لتنشيط حركة الاستثمار وسن قوانين جديدة تتلاءم مع المستجدات على الساحتين المحلية والدولية.

   ت‌-  تبسيط الاجراءات الادارية فى جميع المؤسسات المرتبطة بالنشاط الاستثمارى وألا يقتصر فقط على فترة الترخيص والتسجيل،بل يتضمن أيضا تشخيص العوائق والمشاكل التى تواجه المستثمر على جميع المستويات وايجاد الحلول لها.

         ث‌-    تكثيف الجانب الرقابى لتعزيز الثقة فى البيئة الاستثمارية وضرورة محاربة الفساد وسوء الادارة.

ثانيا: العدالة  وتكافؤ الفرص:

تؤكد الدراسات الحديثة على أهمية العدالة وتكافؤ الفرص لدفع عجلة التنمية ورفع مستويات المعيشة،فتقرير "التنمية في العالم" لعام 2006 الصادر عن للبنك الدولي تحت عنوان: "الإنصاف يعزز قوة النمو من أجل تخفيض أعداد الفقراء"[10]،يؤكد على أن العدالة[11]لابد أن تكون جزءاً لا يتجزأ من أية إستراتيجية ناجحة لتخفيض أعداد الفقراء في أي مكان من العالم النامي.

ويمكن القول بأن هذا التحول فى الفكر الرأسمالى قد بدأ فى تسعينيات القرن العشرين،فنظريات التنمية الأولى افترضت أنه على الرغم من أن عدم المساواة غير مرغوب فيه كغاية فى حد ذاته،الا أنه وسيلة لتحقيق النمو فى الأجل الطويل حيث أن الميل الحدى للادخار مرتفع عند الأغنياء فهم عادة ما يدخرون ويستثمرون جزء كبيرا من دخولهم (يزيد الاستهلاك مع زيادة الدخل ولكن بنسبة أقل من زيادة الدخل ).وفى سبعينيات القرن العشرين ظهر اتجاه يدعوا الى وضع استراتيجيات من أجل النمو مع اعادة التوزيع،واتخاذ اجراءات تدخلية قصيرة الأجل (غير ديناميكية) مثل معدلات الضرائب المرتفعة،أو نزع ملكية الأصول لتحقيق عدالة التوزيع وتحقيق المساواة فى الدخل والثروة ،وهو ما يعنى توترا بين النمو والعدالة،بسبب ما يمكن أن تحدثه من ضعف حوافز العمل والاستثمار والابتكار لدى الأفراد والفاعلين فى الاقتصاد،ولذلك تمثل التحدى فى تحقيق معدلات نمو مرتفعة ثم بعد ذلك يتم اعادة التوزيع.

   فالعدالة،ليست غاية بحد ذاتها فحسب، ولكنها وسيلة لزيادة الاستثمارات وجعلها أكثر إنتاجية، الأمر الذي يُفضي إلى تسريع عجلة النمو.فالهُوَّة الشاسعة في عدم المساواة في الثروات والفرص، داخل البلدان وفيما بينها تتسبب في استمرار الفقر المُدقع لشريحة كبيرة من السكان، وهو ما يؤدي إلى هدر الإمكانيات البشرية، ومن شأنه في كثير من الحالات إبطاء وتيرة تحقيق النمو الاقتصادي القابل للاستمرار. ومن شأن السياسات الهادفة الى تحقيق مزيد من العدالة وتكافؤ الفرص أن تسد هذه الهُوَّة.

   ولا شك فى أهمية تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص،فالاقتصاد ينمو ويتطور عندما يكون لدى السواد الأعظم من السكان الأدوات اللازمة للمشاركة فى المنافع الناتجة عن النمو الاقتصادى،ولهذا ينبغى أن تستهدف استراتيجيات التنمية تخفيض حدة عدم المساواة ومن ثم تحقيق المساواة فى الفرص وتحسين كل من الكفاءة والعدالة.وعلى سبيل المثال يؤدى ضمان القدرة على الحصول على الخدمات التعليمية والرعاية الصحية الى تحسن انتاجية الفقراء،مما يعطى دفعة لنوعية حياتهم وأيضا لديناميكية وحيوية المجتمع عموما.كما أن القدرة على الحصول على فرص العمل تؤدى الى تخفيض احتمال لجوء الناس الى الجريمة.وبما أن القوة الاقتصادية غالبا ما تترجم الى قوة سياسية،فانه اذا جرى تنفيذ اجراءات تحقيق المساواة فى الفرص أمام الناس تنفيذا جيدا فانهم يحيون حياة منتجة،مما يؤدى الى الاتفاق فى الرأى والعدالة الاجتماعية والاستقرار السياسى وزيادة الانتاجية[12].

وتجدر الاشارة هنا الى قضية فى غاية الخطورة وهى ما يسمى " فخ عدم المساواة " وتعنى أن عدم المساواة يستمر بين الأفراد والمجموعات مع مرور الوقت من جيل إلى آخر وداخل كل جيل. وهذا الفخ يتسم بارتفاع في معدلات وفيات الأطفال، وانخفاض في معدلات إتمام الدراسة، والبطالة وانخفاض الدخول، وهو أمر يتكرّر مع مرور الوقت وعبر الأجيال. فالفرص، كبرت أم صغرت، تنتقل من الآباء إلى الأبناء ومن الأمهات إلى البنات. ويؤدي ذلك إلى تقليل الحوافز أمام الاستثمار والابتكار الفردي، فضلاً عن إضعاف عملية التنمية. وحالة عدم المساواة تستمر من خلال تشابك الآليات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية معاً، كما هو الحال بالنسبة للمواقف والممارسات التمييزية المتعلقة بالعرق، والانتماء الاثني، والنوع، والطبقة الاجتماعية[13].

    ولزيادة العدالة لا بد من وضع سياسات تعمل على تصحيح أشكال استمرار عدم تكافؤ الفرص، وذلك من خلال تحقيق المساواة في الفرص أمام الجميع في المجالين الاقتصادي والسياسي. وسيؤدي الكثير من هذه السياسات إلى زيادة الكفاءة الاقتصادية وتصحيح إخفاقات الأسواق وزيادة المساهمة الاقتصادية للفقراء في مجتمعاتهم، ومن ثم تخفيض حدة فقرهم. وتشمل هذه السياسات ما يلي:

·  الاستثمار في الناس من خلال توسيع نطاق القدرة على الحصول على خدمات جيدة النوعية في مجالي الرعاية الصحية والتعليم، وإتاحة شبكات الأمان للفئات الضعيفة.

·  توسيع نطاق الوصول إلى العدالة، والحصول على الأراضي وخدمات البنية الأساسية الاقتصادية، كالطرق والكهرباء، والمياه، والصرف الصحي، والاتصالات السلكية واللاسلكية.

·  تشجيع الإنصاف في الأسواق المالية وأسواق العمل وأسواق المنتجات، وذلك لتسهيل قدرة الفقراء في الحصول على الائتمانات وفرص العمل، ولضمان عدم التمييز ضدهم في الأسواق.  

ثالثا: التركيز على المشروعات الصغيرة كركيزة لبرامج التنمية:‏ تشجيع المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر،فهذه المشروعات تتميز بقدرتها العالية على توفير فرص العمل من حيث انخفاض تكلفة فرصة العمل المتولدة فى هذه المشروعات،كما أنها وسيلة جيدة لتحفيز التشغيل الذاتى والعمل الخاص،فضلا عن أنها تحتاج الى تكلفة رأسمالية منخفضة نسبيا لبدء النشاط مما يشجع الكثيرين على بدء النشاط بالاستثمار فيها.من جانب آخر فان هذه المشروعات تتميز بقدرتها على توظيف العمالة نصف الماهرة وغير الماهرة وذلك لانخفاض نسبة المخاطرة من ناحية ،ووجود فرصة أفضل للتدريب أثناء العمل لرفع القدرات والمهارات من ناحية أخرى.ويمكن أن تحسن هذه المشروعات فرص قيام النساء بأعمال لحسابهن الخاص من خلال توفير الائتمان والقروض وتوفير التدريب اللازم لهن.كما أنها تتلاءم مع رغبة كثير من النساء فى عدم العمل فى أماكن بعيدة عن مساكنهم[14]. وقد أثبتت الدراسات أن التمويل الأصغر‏,‏ خاصة القروض متناهية الصغر وزيادة دخل الأسرة يلعب دورا مهما في الالتحاق بالتعليم بجميع مراحله‏،أيضا يساعد الحصول على مزيد من الدخول من خلال هذه المشروعات على تحسين المستوى الصحى وتوفير الحياة الكريمة للعاملين بها[15].

 

رابعا: ضرورة أن تكون شبكات الأمان الاجتماعي:[16] تعد شبكات الأمان الاجتماعي أدوات أكثر كفاءة لتخفيض أعداد الفقراء والتنمية البشرية. ويلاحظ أن أجزاء شبكة الأمان التي تتسم بالفعالية تفتقر إلى الكفاءة، أما الأجزاء التي تتسم بالكفاءة نسبيًا فإﻧﻬا تفتقر إلى الفعالية. فعلى سبيل المثال، يصل دعم السلع الغذائية والطاقة إلى عددٍ كببر من الأشخاص وهي، في إطار هذا المعنى، تتسم بالفعالية من حيث وصولها أيضًا إلى الفقراء. بيد أن هذا الدعم يفتقر إلى الكفاءة، حيث  أنه ينطوي على تسرب  قدر كبير من الموارد إلى غير الفقراء. فتحويلات المنافع من الدعم المُوَجَّهَ إلى الطاقة، على وجه الخصوص، تميل بشدة لصالح غير الفقراء: إذ تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 93 في المائة من دعم البنرين في مصر تذهب إلى أغنى 20 فى المائة من المستهلكين. وفي الوقت ذاته، يتم توجيه التحويلات النقدية،بشكل أفضل نسبيًا، إلى الفقراء والفئات اُلمعرضة للمعاناة، ولكنها تعاني من تدني مستويات تمويلها،مما يجعلها غير مؤّثرة بالمرة في تحسين الأحوال المعيشية للفقراء. وبينما شهدت في السابق بعض التحسّن في مستوى الكفاءة فيما يتعلق بتصميم دعم السلع الغذائية، فقد ضاعت عليها، إلى حد كبير،فرص إحداث تغيير كبير من خلال إصلاح الدعم المُوَجَّهَ إلى الطاقة، الذى ينطوي على عائد أكبر بكثير للمالية العامة.

لهذا فانه من الضرورى أن تكون شبكات الأمان الاجتماعي أدوات أكثر أهمية في إستراتيجيات تخفيض الفقر في المستقبل من خلال التركيز على الأهداف المتعلقة بتحقيق الكفاءة والتأمين. في حين مازالت الإجراءات التي تستهدف زيادة معدلات النمو وتعزيز قدرة الفقراء على الحصول على خدمات الرعاية الصحية والتعليم تشكل الركيزتين الرئيسيتين لإستراتيجية تخفيض الفقر ، فمن الضروري أيضًا إيلاء الاهتمام إلى الركيزة الثالثة، ألا وهي شبكات الأمان الاجتماعي. وينبغي إصلاح هذه الركائز من خلال مراعاة هدفين اثنين: زيادة مستوى الكفاءة بحيث يتم توجيه الموارد المحدودة إلى احتياجات الفقراء واُلمعرضين للمخاطر، وتحسين قدراﺗﻬم على التكيّف مع صدمات الدخل غير المواتية التي قد تحدث فى ظل آليات السوق والتوجه نحو القطاع الخاص، وتحرير التجارة، والاندماج فى السوق العالمية. وسيكون لتحسين مستوى الكفاءة أثر أكبر على تخفيض أعداد الفقراء عند أي مستوى من معدلات نمو الاقتصاد وحجم موارد المالية العامة المخصصة لهذه المهمة؛ كما يمكن أن يتيح ذلك أيضا قدرا من الموارد لا يكفي فقط لمساعدة أولئك الذين يحتاجون مساعدات شبكة الأمان، ولكن أيضًا لزيادة الإنفاق الذي يراعي مصالح الفقراء في مجالات أخرى،كخدمات الرعاية الصحية العامة، وتحسين إمدادات المياه، وتحسين البنية الأساسية في المناطق الريفية.

ورفع كفاءة شبكات الأمان عرضة لقيود تفرضها في الوقت الحالي أوجه النقص في القدرة على الوصول إلى البيانات، ونوعية تلك البيانات، بالإضافة إلى بعض الاعتبارات الفنية.ويمكن جعل شبكات الأمان أكثر كفاءة من خلال إعادة تصميمها لتركيز الجزء الأكبر من الموارد المتاحة على الفقراء واُلمعرضين للمخاطر، وذلك من خلال تحسين استهدافها. ولذلك بُعدان، سياسي وفني. يتصل البُعد السياسي بحقيقة أن اعتماد توجيه الموارد على نحو يراعي مصالح الفقراء كهدف يتعلق بالسياسة المعنية يمكن أن يثير قلاقل ويلقى مقاومة من الفئات الأيسر حالا، وهي أعلى صوتًا وأكثر قوًة من الناحية السياسية، نظرًا لأﻧﻬا في وضعية تؤهلها للتعرض للخسارة بسبب هذا الإجراء. ويتصل البُعد الفني بأمور التصميم والتنفيذ، فضلا عن مدى توافر البيانات الملائمة واستخدامها. حيث يتطلب حُسن الاستهداف توافر بيانات جيدة لتحديد الفقراء وأماكنهم، وإجراء تحليل جيد لتصحيح الصلة بين السياسات والنتائج المتعلقة بتخفيض الفقر، ووضع ترتيبات تنظيمية كافية للتعّلم من الخبرة العملية.

ويمكن أيضًا تدعيم شبكات الأمان من خلال اعتماد تدابير تساعد على توفير التأمين ضد مخاطر فقدان العمل والدخل. فعلى سبيل المثال، يمكن لبرامج التأمين ضد البطالة، المموّلة من الاشتراكات التي تؤديها الشركات والعاملون، المساعدة في تخفيف ما يلاقيه العامل عند الانتقال من وظيفة إلى أخرى ، ولذا ينبغي توخي العناية في جعلها متسقة مع الاستدامة المالية، والعدالة، والحوافز الخاصة بالعاملين، وذلك لتشجيعهم على الخروج من دائرة البطالة. كما يمكن لبرامج العمالة المؤقتة المساعدة في هذا الصدد.، ومن اُلممكن استخدامها لجعل تلك البرامج أكثر فعالية من خلال التركيز على كثافة العمالة في المشروعات، وجعلها أكثر كفاءة من خلال التأكيد على استهدافها للفقراء عن طريق تحديد ملائم للأجور.


[1] محمد نور فرحات،القانون الدولي لحقوق الإنسان والحقوق المترابطة، الدليل العربي (  حقوق الإنسان والتنمية)،متاح بموقع المنظمة العربية لحقوق الانسان على الانترنيت www.aohr.net

[2] أرسى ميثاق الأمم المتحدة ( 1945 ) حجر الأساس لتمتع الأفراد بمجموعة من الحقوق بعد أن بدت لواضعيه الصلة التى تربط بين السلم والأمن الدوليين من جهة ، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز من جهة أخرى ، ولم تكتف الأمم المتحدة بتضمين ميثاقها عدداً من النصوص الخاصة بحقوق الإنسان ، بل راحت تستكمل هذه النصوص باعتماد العديد من الصكوك والاتفاقيات الدولية التى تشمل مختلف حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ويأتى فى مقدمة هذه النصوص ما يطلق عليه " الشرعة الدولية لحقوق الإنسان " والتى تشمل : الإعلان العالمى لحقوق الإنسان عام 1948 ، والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان لعام (1966) العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، والعهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، والبروتوكول الاختيارى الأول الملحق بالعهد الدولى الذى تعترف بموجبه الدولة الطرف فى العهد والتى تصبح طرفاً فى البروتوكول باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان المنشأة بموجب العهد فى تسلم ونظر الرسائل المقدمة من الأفراد الداخلين فى ولاية تلك الدولة ، والذين يدعون أنهم ضحايا أى انتهاك من جانبها لأى حق من الحقوق المقررة فى العهد .

[3] تطورت مفاهيم التنمية الاقتصادية فى الفكر الاقتصادى المعاصر،فهناك من يرى أن التنمية هى عملية تفاعلية يزداد فيها الدخل القومى الحقيقي للدول خلال فترة زمنية محددة،وهناك من أكد على ضرورة أن ينعكس ذلك فى ارتفاع متوسط الدخل الفردي.ورأى آخرون أن التنمية هى التوسع فى الاقتصاد القومى لدرجة يسمح بموجبها امتصاص لمزيد من القوى العاملة كل سنة.كذلك رأى البعض أن التنمية هى خلق احتياطي نقدي فى يد الدولة يسمح بالقيام بمختلف البرامج الاجتماعية والصحية ورعاية العجزة والأطفال،وتحقيق مستويات عالية من التعليم المجاني للشعب. وتعرف التنمية أيضا على أنها الزيادة التى تطرأ على الناتج القومى من سلع وخدمات فى فترة معينة اتفق عليها لسنة،مع وجوب توافر تغيرات تكنولوجية وفنية وتنظيمية،بمعنى أنها تتضمن التحسن المستمر فى طرق الإنتاج بحيث تتفق مع العصر الحاضر،أى استخدام التكنولوجيا الحديثة التى تعمل على تحين الكفاية الإنتاجية داخل مختلف الوحدات الإنتاجية وبالنسبة لجميع قطاعات الاقتصاد القومى.راجع:صلاح الدين نامق،"اقتصاديات السكان فى ظل التضخم السكاني"،دار المعارف،القاهرة،1980،ص ص 142-143

وجدير بالإشارة الى أن هناك من الاقتصاديين من يفرق بين مصطلح التنمية الاقتصاديةEconomic Development  وبين مصطلح النمو الاقتصادى Economic Growth حيث يرون أن النمو الاقتصادى هو عبارة عن تطور اقتصادي يحدث تلقائيا دون توجيه أو مجهودات مقصودة،بينما التنمية الاقتصادية يقصد بها التغيرات الاقتصادية التى تحدث فى المجتمع بفعل توجيه مقصود مستهدف.ويترتب على كل من النمو الاقتصادى والتنمية الاقتصادية زيادات فى الدخل القومى الحقيقي ونصيب الفرد منه عبر الزمن،وذلك نتيجة للتطور التلقائي فى الأول والتطور المقصود أو المخطط فى الثانى.ويقترن أكثر من ذلك الاصطلاح الثانى بتغيرات هيكلية فى البنيان الاقتصادى والاجتماعي للمجتمع.وخلص البعض الى أن التنمية الاقتصادية هى تغيير كمي ونوعى يتمثل فى إحداث تغييرات فى الهيكل الاقتصادى والاجتماعي والسياسي للمجتمع بحيث يحقق رفع مستوى معيشة عامة أفراد المجتمع.راجع:حسن عبد العزيز حسن،"التنمية الاقتصادية"،الطبعة الثانية،بدون ناشر،1993،ص ص 129-131

[4] أكد البرنامج الانمائى للأمم المتحدة من خلال تقاريره التى توالى صدورها مع مطلع التسعينيات حول الاهتمام بالعنصر البشرى،وأن مضمون التنمية يجب أن يكون تنمية البشر ومن صنعهم ومن أجلهم.وتنمية البشر،تكون بالاستثمار فيهم سواء فى التعليم أو الصحة أو تنمية المهارات،حتى يعملون بنحو منتج ويكون بوسعهم أداء دورهم الكامل فى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.وتنمية من صنع البشر،بمعنى اتاحة الفرص لهم جميعا للمشاركة الايجابية فى وضع خطط التنمية ومتابعتها وتنفيذها وكذلك المشاركة فى صنع القرارات،بحيث يحقق الناس رفاهيتهم بجهدهم ووفقا لتفضيلاتهم.وتنمية من أجل البشر،بمعنى كفالة توزيع ثمار التنمية على نطاق واسع وعادل بما يلبى جميع حاجات المجتمع.

[5] فى العقود الماضية كان تعريف الفقر فضفاضا أكثر من اللازم،فقد كان يوصف بأنه مستوى منخفض تماما من الدخل أو الاستهلاك. أما فى السنوات الأخيرة فقد أصبح الفقر المطلق هو عبارة عن عدم القدرة على تحقيق المعايير القياسية فيما يتعلق بكل من التغذية والصحة والتعليم والبيئة والصوت المسموح فى عملية اتخاذ القرارات التى تؤثر فى حياة الفقراء.

[6] راجع عزام محجوب، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في العالـم العربـي،الدليل العربى لحقوق الانسان متاح فى : http://www.aohr.net/arabic/Data/Dalil/

[7] جورج توفيق العبد،حميد رضا داودى،"تحديات النمو والعولمة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"،مرجع سابق ،ص 22.

[8] بطبيعة الحال،لا يعتمد نمو توظيف العمالة على نمو الناتج فحسب،بل أيضا على مرونة التوظف بالنسبة الى الناتج،أى كثافة توظيف العمال المتولد عن هذا النمو،وبافتراض درجة مرونة مرتفعة نسبيا (حوالى 0.7) يصبح معدل التوظف المطلوب مرتهنا بتحقيق نمو سنوى مستمر فى الناتج الحقيقى بواقع 6% تقريبا.راجع:جورج توفيق العبد،حميد رضا داودى،"تحديات النمو والعولمة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"،صندوق النقد الدولى،واشنطن،2003،ص 7.

[9] World Bank, World Development Report 2005,Opcit,PP2-4

[10] هذا التقرير متاح على موقع البنك الدولي على شبكة الإنترنت الموقع التالي: http://econ.worldbank.org/wdr/wdr2006/

[11] يُقصد بالعدالة، تكافؤ في الفرص بين الناس.فهناك فرق بين المساواة والعدالة. فالعدالة، لا يقصد بها المساواة ، كالمساواة في الدخول، أو الحالة الصحية، أو أية نتائج أخرى محددة. بل إنه سعي للوصول إلى وضع تتساوى فيه الفرص أمام الجميع، بمعنى عندما تكون فيه الجهود والتفضيلات وروح المبادرة الشخصية ـ وليست الخلفية العائلية أو الطبقة الاجتماعية أو العرق أو النوع ـ هي الفيصل في التمييز بين المنجزات الاقتصادية للناس. فالمقصود هنا ليس المساواة في الأجور، بل زيادة قدرة الفقراء على الحصول على خدمات الرعاية الصحية، والتعليم، وفرص العمل، ورأس المال، وحقوق الملكية الآمنة في الأراضي. ويقتضي تحقيق العدالة، زيادة المساواة في الحصول على الحريات السياسية والنفوذ السياسي. ويعني ذلك أيضاً كسر القوالب النمطية والتمييز، وتحسين القدرة على الوصول إلى أنظمة العدالة والحصول على خدمات البنية الأساسية.

[12] جيمس د.وولفنسون،فرانسوا بورغينون،"التنمية وتخفيض أعداد الفقراء :النظر الى ما فات،والتطلع لما هو آت"،مرجع السابق،ص8

[13] لمساعدة المجتمعات على الإفلات من فخ عدم المساواة ، يؤكد تقريرالتنمية في العالم" لعام 2006 الصادر عن للبنك الدولي على أهمية تدعيم مشاركة وتمكين الفقراء والفئات المهمشة، أي قدرتهم على الإصرار على تمتعهم بآليات أكثر قوة للتعبير عن آرائهم، ولإخضاع السياسيين للمساءلة. ويمكن للفقراء والفئات المهمشة التي تشمل النساء كفئة من فئات المجتمع، من خلال الإصرار على زيادة الضوابط والتوازنات فيما يتعلق بإساءة استخدام النفوذ الاقتصادي والسياسي من قبل النُخب، إقامة التحالفات مع الطبقات المتوسطة دعماً للإستراتيجيات المؤيدة للتغيير المُنصف. وستعمل هذه الإستراتيجيات على تقويض هيمنة حكومة الأقلية وتحقيق المساواة أمام الجميع على الساحة السياسية، وذلك دون اللجوء إلى نوع السياسات الشعبية غير القابلة للاستمرار التي ثبُت فشلها في الماضي.

[14]للتفاصيل راجع: حسين عبد المطلب الأسرج،"مستقبل المشروعات الصغيرة فى مصر"،كتاب الأهرام الاقتصادى ،العدد 229،اكتوبر 2006   .

[15] تؤدي إمكانية الحصول على التمويل، في كثير من الأحيان، إلى تعزيز القدرة على مواجهة الصدمات غير المتوقعة. وحيث إن البنوك التجارية نادرًا ما تقوم بإقراض أصحاب مشروعات العمل الحر المحتملين من الفقراء أو القريبين من خط الفقر، فإن قطاع التمويل متناهى الصغر يُعتبر أكثر المصادر ملائمة لهم. وتُظهر دراسات حديثة العهد أن هناك حوالي 3 ملايين من أصحاب مشروعات العمل الحر الفقراء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يفتقرون إلى القدرة على الحصول حتى على مبالغ مالية صغيرة يمكن أن تساعدهم في تشغيل مشروعات صغرى. ورغم ذلك، هناك بوادر تشير إلى تحقيق بعض التقدّم. فقد شهدت درجة النفاذ إلى الأسواق أو عدد الأشخاص الذين وصل إليهم التمويل متناهى الصغر بالنسبة إلى عدد العملاء المحتملين (ويتم تعريفهم على أﻬم الأشخاص الذين يعيشون عند نسبة 120 في المائة من خط الفقر أو أدنى منها)، نموًا مطردًا في العقد الماضي من السنين، وتُقدر الآن بحوالي 19 في المائة. وتقدر معظم حكومات بلدان المنطقة القِيمَة المحتملة من التمويل متناهى الصغر ، وتعمل بصورة متزايدة على تخفيض العوائق أمام نموه.للتفاصيل راجع:

Farrukh Iqbal, Sustaining Gains in Poverty Reduction and Human Development in the Middle East and

North Africa , The World Bank , Washington , DC ., 2006

[16].للتفاصيل راجع:

Farrukh Iqbal, Sustaining Gains in Poverty Reduction and Human Development in the Middle East and

North Africa , The World Bank , Washington , DC ., 2006

--------------------------

* مدير ادارة برامج الدعم التنظيمى والمؤسسى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بوزارة التجارة والصناعة المصرية

hossien159@yahoo.com

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ