ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 28/04/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

 

 

   ـ دراسات    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

في التطويروالتنوير

 

جســور

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


إضاءة

الإسلام وشعوبه

الكرد

زهير سالم*

هذه الإضاءة

إضاءة على الالتحام الحيوي بين الإسلام وشعوبه عربا وتركا وكردا.. تاريخا وواقعا . وتوضيح لخلفيات التباين في الرؤى الوطنية والسياسية ؛ للتأكيد على أن الثنائية القومية ليست تفسيرا صالحا دائما لكل تباين أو خلاف. وأن التباين في الانتماء القومي يغطي مجالاته اللصيقة به  فقط .

الإسلام والكرد

يشكل الإسلام الماهية الوجودية  للشعوب المنتمية إليه. وً يبلور الوجود الفردي والجمعي ، ويعطيه صورته وحقيقته ومغزاه. يخطئ الكثيرون حين ينظرون إلى الإسلام على أنه وجود إضافي .  ويخطئ هؤلاء أكثر حين يتصورون أن مكوناً آخر، عرقيا أو ثقافيا، يمكن أن يتقدم على الإسلام. الإسلام في شخصية المسلم وجود عصي على الذوبان، عصي على التلاشي، عصي على الانحلال. قليلون هم الذين ينسلون من الإسلام ، وكثيرمنهم يعود إليه بعد حين.

تجربة الإسلام  مع شعوب الاتحاد السوفييتي، بعد ما يقرب من ثمانين عاماً من عمليات الصهر والتذويب والتشويه  شاهد. وحال الإسلام  في تركية الكمالية شاهد آخر. وتقدم الإسلام في دول المغرب العربي والشمال الأفريقي، بعد قرن من ( الفرنسة ) شاهد ثالث.

نعتقد أن المقام لا يتسع لشرح أبعاد هذه التجارب ومنحنياتها ، كما لا يتسع للحديث عن سياسات تجفيف المنابع، أو مسخ الهوية التي اتبعت في دول الاستبداد العربي؛ الاستبداد السياسي والاستبداد الثقافي طوال قرن من الزمان ، لسلخ الشعوب عن الإسلام . تجربة حزب البعث بكل صرامتها في سورية والعراق باءت بالإخفاق حتى على الصعيد الحزبي .

الشعب الكردي شعب أصيل في دوحة الإسلام العظيم ، اتحد معه ،وانصهر في بوتقته ، وكان بعض النسيج الحي الذي شكل مجتمعه ، وصاغ حضارته ، وشاركه في سرائه وضرائه.الحالة الإسلامية الكردية حالة في السياق الإسلامي العام ، ولكن هذه الحالة لن تخرج عن مثيلاتها العربية، أو التركية أو الإيرانية أو القوقازية أو..

ربما يكون من الخطل بمكان أن يظن البعض أنه بعمود في صحيفة، أو بمقال عبر شبكة الانترنت، أو ربما ببيان سياسي يوقعه عشرات أو مئات أو آلاف يمكنه أن ينقص أو يزيد في الوجود الإسلامي في ضمير شعب مسلم. أقصى ما يستطيعه كاتب أن يقارب الحقيقة بالوصف أوبالشرح . حاول الكثيرون ا لنيل من الاسلام في تجلياته النظرية أوتجسداته الإ نسانية،   حاول القياصرة وحاول البلاشفة وحاول أتاتورك وحاول رضا شاه  بهلوي وحاول كل المستبدين وكل المتعاونين معهم، وظل الجميع واقفينً على رصيف التاريخ لتنطلق شعوب الإسلام بالإسلام.

 ليس من المستحسن عقلاً ولا سياسة أن يتحدث البعض عن الإسلام  كأنه ثوب يلبس ويخلع ، يزدرى أو يستجاد !! الإسلام بالنسبة لشعوبه ليس وجودا إضافيا أو دينا وافدا أو ضيفاً عابرا.

ثم الأبلغ من ذلك في الخطل، أن يضع الإنسان نفسه حكماً على تاريخ حضاري أو ثقافي أو سياسي ليعيد تقويمه برغبة وهوى ، متجانفا عن مناهج البحث ، وقواعد العلم ؛ فيخّطئ ويصّوب ويمنح شهادات التقدير، أو يصدر أوامر الحرمان .

المكون الإسلامي لماهية الوجود الكردي حقيقة تاريخية تضرب بجذورها في وجدان الشعب الكردي وفي تراثه ،عموما في خصوص، فترخي بظلالها على طرائق التفكير ، ومعالم الثقافة ، وأنماط سلوك ، والعادات والتقاليد. وهو أيضاً حقيقة واقعة راسخة تستمد وجودها من ذاتها ، ولا تنتظر أحدا ليعترف  بها . حقيقة تغطي الوجود الحيوي للشعب الكردي ، كما لجميع الشعوب الإسلامية على السواء.الإسلام ليس دينا قوميا ،ولايمكن النظر إليه أو تقويمه على هذا الأساس.

السؤال الضروري في هذا السياق :  إلى أي حد يمثل الحراك السياسي والفكري الطافي على السطح ، هذه الأيام ، واقع المجتمع الكردي ؟! والكينونة الكردية الحقيقية ؟! سؤال نطرحه منبهة ، ليستفيد منه من يشاء ، قبل أن تجيب عليه الأيام . وهو سؤال طالما تلمسنا جوابه لأنفسنا في إطار حركتنا العامة ؛  وجعلناه ضابطا للاقتراب أكثر من الناس . الواقع يقوم على مكونات أساسية ،وليس على ما يفكر به فرد أو مجموعة أو يتمناه . فهل يستفيد الأشقاء الكرد من تجربة الترك والعرب والفرس...؟!

من حق الإخوة الكرد أن يخوضوا تجربتهم ، ولابد لهذه التجربة أن تأخذ مداها ، ونقدر أن أول الحديث، في حالة الإفضاء، سيكون على هذا النحو حاداً تارة ومزاجياً أخرى منطلقاً من مخزون عاطفي أو من طول معاناة. نقدر أن الأشقاء الكرد يشعرون أنهم قد هضموا وخذلوا وبغي عليهم ، وأن الحديث عن الإخاء كان للاستهلاك والتمويه وليس للحقيقة !!

في رؤيتنا المشتقة من فهمنا الإسلامي ،وهي رؤية غير ملزمة لأحد ، نرى أن الأشقاء الكرد جزء من النسيج الوطني العام في سورية ، بمعنى أنهم يمثلون كل إيجابيات وسلبيات هذا النسيج ، و تنوعاته وتناقضاته ومرتكزات قوته وضعفه ، الذاتية أو الإضافية ، و أمراضه وعلله. يعاني الوجود المجتمعي الكردي من مثل ما يعاني منه بقية المجتمع السوري من حالة من التعويم ، تحرم المجتمع من تقديم نفسه عبر مرجعيات ـ بعيداً عن المصطلح الشيعي ـ أو مؤسسات مدنية أو سياسية. ربما تكون هذه المشكلة لدى الأشقاء الكرد أكثر وضوحاً ؛ لقلة أو ضعف البنى التاريخية المعبرة عن الواقع المعاش لهذه الشريحة من المواطنين، باعتبارها المجتمعي هذا، أو ربما  لانتهاء دور تاريخي دون تقديم بديل وطني يحل محله. لقد انتهى دور الآغا والملا دون بديل واقعي .

مما لا ينبغي الخلط فيه في هذا السياق المزج بين الرؤية الذاتية لوجود شريحة وطنية ذات حقوق وخصوصيات تهتم ، أ ونهتم جميعا ، بها ، وبين الرؤية العامة للمستقبل الوطني ولإطار الدولة والنظام والأمة. يلح بعض الكرد على التمسك بالهوية القطرية كسقف ، ويتحدثون عن كردستان الكبير كغاية !!!

 في السياق الأول يتم التعامل مع الكرد كوجود متميز يحاول أن يؤكد خصوصيته . وفي الإطار الوطني الثاني يتم التعامل معهم على أنهم مواطنون سوريون يفكرون في رؤيتهم للدولة ولنظام الحكم و قواعده  ومرتكزاته . إن الهوية القومية عربية كانت أو كردية أو تركمانية لا يمكن أن تتلبس الإنسان لتفرض حضورها وهو يناقش السياسات الصحية أو الدوائية أو نظاماً اقتصادياً أو جزائياً. في هذه الحالة تتوارى الخصوصية ، الدينية أو المذهبية أو العرقية، لتحضر المواطنة قضاياها ومشروعاتها. ربما يقال إن هذا تحصيل حاصل، ولكننا نشعر أنها كلمة لا بد منها في هذا السياق.

ومن الإلحاح على تجنب الخلط بين الخصوصية الذاتية والرؤية الوطنية العامة ننتقل إلى التأكيد على عدم الخلط بين المواقف المبدئية الأولية و بين السياسات والطروحات المشتقة منها ، وعلى ضرورة أن تفهم الثانية في نطاق الأولى وعلى أساسها.

في سورية مثلاً إسلاميون، وعلمانيون، وقوميون... في هذا السياق لا يصلح أن أقول مثلاً وكرد.. لأن هذا المعطوف يضعنا أمام عطف غير متسق، ولأن الكرد أنفسهم ينقسمون أيضاً كما سورية، إلى إسلاميين، وعلمانيين، وقوميين.

 عندما يدور صراع أو حوار ساخن بين إسلامي ـ وقومي، أو إسلامي ـ وعلماني، فيجب أن يكون واضحاً أن هذا الحوار بالنسبة للإسلاميين على الأقل لا يقوم على خلفية الثنائية العرقية.

الإسلاميون في أفق رؤيتهم لمقوم وجود الأمة يعتمدون  العقيدة أولا ، دون إلغاء الاعتبار للعرق أو للغة أو لأي مقومات واقعية أخرى . وهم في خلاف على هذا مع القوميين العرب منهم والترك والكرد . هذا ما يجب أن ينظر إليه على أنه خلاف إسلامي _قومي ؛ لا خلاف إسلامي – كردي . ما هو مرفوض حسب هذه الرؤية من العربي سيكون مرفوضا من التركي والكردي . إدراك هذه الحقيقة قد يساعد أكثر على التفاهم  الإسلامي الكردي في الإطار الوطني .

العقيدة بالنسبة للإسلاميين أساس اللقاء بين أبناء الأمة. وفي إطار دولة تقوم على المواطنة يمكن أن تكون وحدة المجتمع الأرحب هي الأمل. بالنسبة للإسلاميين العرب العروبة وجود له تجسداته وله آفاقه وطموحاته. وهم في هذا الإطار  يرون أن (التركية) و(الكردية) و(الفارسية) يشكل كل منها وجود مواز بنفس الاعتبار. وهكذا تضم العقيدة تحت رايتها كل شعوب الأمة. وحدة الأمة لاتصادر حقوق هذه الشعوب في أن تكون لها آفاق وطموحات ذاتية بما لايتناقض مع الوجود العام أو يدخل الوهن على بنيانه. 

ومن هذا المنطلق نقول من حق الإخوة الكرد أن يفكروا، في هذا الإطار، بالوجود المتحقق للشعب الكردي ، وأن يأملوا أن تكون له تجسداته الواقعية . في إطار أمة الإسلام . نعتقد أن كرامة الجنس تتحقق بالعمل الصالح ، أو بالتقوى كما عبر عنها القرآن الكريم . إن ثقافة أكثر معاصرة وانفتاحا تلح على تجاوز العصبيات السلالية مهما تكن ألوانها . وتأكيداً لهذا فإن أي خطوة ارتدادية في طريق التفتيت ومهما تكن الذرائع أو المسوغات ستظل مرفوضة.

 اعترافنا العملي بالدولة القطرية ليس مدخلاً لإجراء المزيد من التفتيت. ولايعني أيضا اسقاط مشروع الأمة في دوائره المتدرجة .  في الاندياح الأوسع والأرحب لن يكون هناك مانع من إعادة النظر لإقامة بناء أكثر تناغما وانسجاما . أما القبول بمزيد من التقسيم والتفتيت فلن يكون مقبولاً بحال ؛و بينما يتحرك العالم اليوم نحو التكتلات الكبرى، والكيانات العظمى ؛ في سياق منطقتنا فقط ،تطرح وتدعم مشروعات من هذا النوع المريب .

إن الخلاف بين الإسلامي والقومي الكردي أو العلماني الكردي لا ينبغي أن ينظر إليه في سياق الخلاف القومي ( العربي ـ الكردي ) أوفي سياق الخلاف بين الأكثرية والأقلية.

الكرد حسب منهج الرؤية هذه يمثلون خصوصية لها حقوقها ؛ ولكنهم لايمثلون أقلية . في تجسيدنا الإسلامي لكيان الأمة المطلوب أو الموعود لا يمكن للإسلاميين أن ينظروا إلى الأكراد كأقلية، ولا أن يعاملوهم على هذا الأساس.

 

الخلاصة

التحام الإسلام بشعوبه ،عربا وتركا وكردا وفرسا ..، أصيل واشج  لا يمكن النيل منه أو تجاوزه . الكرد بخامتهم الأصيلة بعض النسيج الإسلامي الحي . وهم شركاء بنيويون في المجد والحضارة والسراء والضراء ، في الماضي والحاضر والمستقبل.تحاول بعض الأصوات النيل من هذا الالتحام ، وتصادر بطريقة ما التعبير عن حقيقة العلاقة بين الكرد والإسلام .

تسوي الرؤية الإسلامية بين العربي والتركي والكردي والأفغاني . وعندما يقع أي تباين أو اختلاف في الرؤية بين هؤلاء فإن هذا الاختلاف لايمكن أن يفسر دائما بالبعد القومي أو العرقي.

تتفهم هذه الدراسة الخصوصيات القومية والعرقية و الثقافية والسياسية والاقتصادية في إطار مشروع كبير لأمة الإسلام . وترفض بالتالي أي تفكير انعزالي أو تفتيتي مهما تكن مدخلاته أو ذرائعه . وتؤكد أن دولة حديثة تعتمد فيها المواطنة أساسا للحقوق والواجبات ستبسط مظلة العدل والمساواة على الجميع بدون استثناء.

---------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ