أبحاث إستراتيجية أميركية
اللوبي
الإسرائيلي
والسياسة
الخارجية الأميركية
بقلم:
جون ميرشايمر، هارفرد ستيفان
والت*.
المنظمات
والأفراد والولاء لإسرائيل
ما
هو سر
سيطرة اللوبي الاسرائيلي على
السياسة الخارجية الاميركية،
<<ربما أن إسرائيل لم تتصرف
بأسوأ من دول عديدة، غير أنه من
الواضح أنها لم تسلك منحى أفضل
أيضا. وإذا لم يكن لأي من
الأسباب الأخلاقية أو
الاستراتيجية دور في دعم أميركا
لاسرائيل، فكيف بالإمكان تفسير
<<هذه السيطرة>>، أو ما وصف
ب<<قوة لا نظير لها للوبي
الإسرائيلي>>، على السياسة
الخارجية الاميركية، حيث أن
<<العلاقة بين إسرائيل
والولايات المتحدة لم تكن في
الماضي قط بالحميمية التي هي
عليها اليوم>>.
وتضم
نواة اللوبي الاسرائيلي في
الولايات المتحدة اليهود
الاميركيين الذين <<يبذلون
جهدا مهما يوميا في حياتهم من
أجل تحويل السياسة الخارجية
الاميركية بما يحقق مصالح
إسرائيل... يتجاوز مجرد التصويت
للمرشحين (الاميركيين)
المدافعين عن اسرائيل إلى كتابة
الخطابات، التبرعات المالية
ودعم المنظات المدافعة عن
اسرائيل>>.
غير
أنه <<ليس جميع اليهود
الاميركيين جزءا من هذا اللوبي،
لأن إسرائيل ليست قضية بارزة
للعديد منهم>>، فبالاستناد
إلى استطلاع أجري عام 2004، <<يقول
36 في المئة من اليهود
الاميركيين إنهم ليسوا متعلقين
عاطفيا جدا، أو بتاتا، بإسرائيل>>.
ولا
يخلو اللوبي الاسرائيلي من
خلافات داخلية، فبعض منظماته
مثل <<أيباك>> و<<مؤتمر
رؤساء المنظمات اليهودية
الكبرى>> وهي من تلك <<التي
يديرها أشخاص متشددون>>،
تركز مثلا على دعم تمديد سياسات
حزب الليكود الاسرائيلي، بما في
ذلك رعايته لاتفاق أوسلو
للسلام، فيما <<يرفض معظم
اليهود الاميركيين، من جهة
أخرى، تقديم التنازلات
للفلسطينيين، وقلة منهم مثل
منظمة صوت السلام اليهودي تؤيد
بقوة الإقدام على خطوات من هذا
النوع>>. غير أنه <<بمعزل
عن هذه الاختلافات بين
المتشددين والمعتدلين، فإنهم
جميعا يتفقون على دعم ترسيخ
الدعم الاميركي لإسرائيل>>.
وليس
من المفاجئ القول إن قادة
اليهود الاميركيين يستشيرون في
معظم الاوقات المسؤولين
الاسرائيليين، الذين يحرصون
على أن يضاعف أولئك تأثيرهم في
الولايات المتحدة. ويؤكد ذلك ما
كتبه أحد الناشطين في منظمة
يهودية كبرى <<إنه من الروتين
لنا القول: إن هذه سياستنا في
مسألة معينة، ولكن يجب علينا
مراجعة ما يفكر به
الاسرائيليون، فنحن كجالية
نفعل ذلك طوال الوقت>>.
وثمة
ارتفاع حساسية أفراد اللوبي
الاسرائيلي من اليهود
الاميركيين الذين يوجهون
انتقاداً لاسرائيل أو يدعمون أي
نوع من الضغوط عليها. مثال على
ذلك، اتهام رئيس المؤتمر
اليهودي العالمي إدغار
برونفمان، ب<<الخيانة>>
حين بعث رسالة للرئيس الاميركي
جورج بوش، في أواسط عام 2003، يحثه
فيها على الضغط على إسرائيل
لردعها عن بناء جدار الفصل
المثير للجدل.
ويواجه
كل صوت يهودي غير منسجم مع سياسة
اللوبي المنحازة لاسرائيل
عقوبة الطرد من الجالية، مثال
على ذلك مهاجمة رئيس منتدى
السياسة الاسرائيلية سيمور
رايتش، حين نصح وزيرة الخارجية
الاميركية كوندليسا رايس،
بالضغط على اسرائيل لإعادة فتح
معبر غزة في تشرين الثاني عام 2005،
حيث وصفت خطوته ب<<التصرف غير
المسؤول>>، ونبه من <<أنه
ليس هناك أي مكان على الاطلاق في
التيار اليهودي لنشاط يروج ضد
السياسات المرتبطة بأمن
إسرائيل>>، ما دفع برايتش
للتراجع سريعا عن موقفه، مؤكدا
ان <<كلمة الضغط ليست موجودة
في قاموسي حين يتعلق الامر
باسرائيل>>.
إن
<<أيباك>> هي أقوى
المنظمات اليهودية وأشهرها،
وهي التي صنفها الكونغرس
الاميركي في المرتبة الثانية من
لائحة أقوى اللوبيات الموجودة
في واشنطن، بعد <<الاتحاد
الاميركي للمتقاعدين>>، في
استطلاع نشرته مجلة <<فورتشن>>
عام 1997.
ويضم
اللوبي الاسرائيلي أيضا شخصيات
مسيحية إنجيلية بارزة، مثل غاري
بوير، جيري فالويل، رالف ريد،
بات روبرتسون، وأيضا ديك آرمب
وطوم ديلاي، وزعماء الاكثرية
السابقين في مجلس النواب،
بالإضافة إلى المحافظين الجدد
أمثال جون بولتون، محرر صحيفة
<<وول ستريت جورنال>>
روبرت بارتلي، وزير التعليم
الاميركي السابق وليم بنيت،
وأيضا كاتب العمود جورج ويل...
ويؤمن هؤلاء جميعاً <<أن بعث
إسرائيل هو جزء من نبوءة الكتاب
المقدس>>، وبالتالي فإن أي
تصد لها يعني <<معارضة رغبة
الله>>.
التأثير
على الكونغرس والحكومة
وتنطلق
قوة اللوبي الاسرائيلي، في
الاساس، من قدرته الفائقة على
تركيز جهوده للتأثير على أولئك
الذين يهتمون بالشأن العام أو
بقضية معينة، وإن كانوا قليلي
العدد نسبياً، وذلك لثقته بأن
الاكثرية الباقية، غير
المكترثة بالشأن العام أو
بالقضية المعنية من الشعب
الاميركي، لن تحاول معاقبته قط.
بالاضافة
إلى ذلك، فإن ناشطي هذا اللوبي
يؤدون في الحقيقة الدور الذي
يفترض أن تؤديه أي جماعة ضغط
أخرى، إنما بشكل أفضل، خاصة اذا
كانت جماعات الضغط الأخرى كتلك
العربية <<ضعيفة>> وشبه
غائبة، الامر الذي يسهل مهمة
اللوبي الاسرائيلي، في ساحة
خالية من المنافسة.
توفر
طبيعة النظام الاميركي الحاكم
الذي يتوخى الفصل بين السلطات
أشكالاً عديدة للتأثير على
سياسته، سواء عبر كسب النواب
المنتخبين أو أعضاء الحكومة،
منح التبرعات للحملات
الانتخابية، التصويت كجماعات
في الانتخابات وصناعة الرأي
العام...
ويتبع
اللوبي الإسرائيلي
استراتيجيتين من أجل التحكم
بدعم الولايات المتحدة
لإسرائيل. الأولى تركز على
الضغط على كل من الكونغرس
والحكومة، والثانية على دوام
الصورة الإيجابية لإسرائيل لدى
الرأي العام، عبر ترديد <<الخرافات>>
حولها والترويج لصالحها في
قضايا الساعة، وذلك بهدف الحؤول
دون تطور أي انتقاد سلبي
لإسرائيل ووصوله إلى المنبر
السياسي.
الضغط
على الكونغرس
إن
مفتاح فاعلية اللوبي
الإسرائيلي في الولايات
المتحدة يتركز في تأثيره على
الكونغرس حيث تحظى إسرائيل
بمناعة ضد الانتقاد، وذلك على
الرغم من أن <<الكابيتول هيل>>
(مبنى الكونغرس) لا يتردد عادة
في الجدال بجرأة حول أية قضية
اخرى حساسة.
ويكمن
أحد أسباب هذا <<المحرّم>>
في وجود بعض الاعضاء <<المفاتيح>>
في الكونغرس ممن تصفهم الدراسة
الاميركية ب<<المسيحيين
الصهاينة>>، أمثال ديك آرمي
الذي قال في أيلول عام 2002 <<إن
الرقم 1 في أولوياتي للسياسة
الخارجية هو حماية إسرائيل>>،
ما تعلق عليه الدراسة بالقول
<<إن المرء ليظن أن الأولوية
الأولى لأي عضو في الكونغرس (الأميركي)
يجب أن تكون لحماية أميركا>>.
بالإضافة
إلى هؤلاء <<المسيحيين
الصهاينة>>، هناك أيضا أعضاء
يهود في مجلس الشيوخ يحرصون
دوماً على دعم إسرائيل في
السياسة الخارجية الاميركية.
وفوق هؤلاء وأولئك، ثمة دور
بارز يؤديه موظفو الكونغرس
ويشكل مصدراً آخر لقوة اللوبي
الإسرائيلي، وذلك بالاستناد
إلى <<اعتراف>> الرئيسة
السابقة ل<<أيباك>>، موريس
اميتاي، التي قالت إن <<هناك
أشخاصا كثيرين يعملون ضمن فريق
الموظفين أعلاه (في الكابيتول
هيل) صدف أنهم يهود... والذين
يرغبون في النظر في بعض القضايا
انطلاقا من يهوديتهم... وهؤلاء
هم جميع الاشخاص الموجودون في
مواقع صناعة القرار لأعضاء
الكونغرس...
بالإمكان
الحصول على نتيجة هائلة من هذا
الفريق فقط>>.
والواقع
أن <<أيباك>> هي التي تشكل
بنفسها نواة اللوبي الضاغط في
الكونغرس. ويعود نجاحها في ذلك
إلى <<قدرتها على مكافأة
مرشحي البرلمان والكونغرس
الداعمين لأجندتها، ومعاقبة
أولئك الذين يتحدون هذه الأجندة>>.
وتجزم الدراسة هنا بأن <<المال
هو الحاسم في الانتخابات
الاميركية، وأيباك تحرص على أن
ينال أصدقاؤها دعماً مالياً
قوياً من آلاف اللجان السياسية
الناشطة الداعمة لإسرائيل>>،
فيما تمنح هباتها المالية لخصوم
أولئك المعادين لإسرائيل.
ويتجاوز
تأثير <<أيباك>> على
الكونغرس كل خيال. ويتضح ذلك في
مقولة أحد موظفي <<أيباك>>
السابقين، دوغلاس بلومفيلد،
بأنه <<من الشائع لدى أعضاء
الكونغرس وموظفيه أن يراجعوا
أيباك أولا كلما احتاجوا إلى
معلومات، قبل الاتصال بمكتبة
الكونغرس، أو بقسم الابحاث
البرلمانية، أو خبراء الادارة...>>.
والأهم
من ذلك ما أضافه حول <<دعوة
أيباك في الكثير من الاوقات إلى
المشاركة في إعداد مسودات
الخطب، العمل على تشريعات،
المشورة في التكتيكات، إجراء
الابحاث وجمع الممولين وأصوات
المسؤولين>>.
وفي
عام 1984، ساهمت <<أيباك>> في
إلحاق الهزيمة بالسيناتور
تشارلز بيرسي في ولاية إيلينوي،
وذلك عقاباً له على ما وصفه <<وجه
بارز في اللوبي>> ب<<إظهار
عدم الحساسية وحتى العدوانية
للمسائل التي تهمنا>>. وفسر
رئيس <<أيباك>> السابق،
توماس دين، ما جرى آنذاك قائلا
<<جميع اليهود في أميركا، من
الساحل إلى الساحل احتشدوا لعزل
بيرسي، وفهم السياسيون
الاميركيون الذين يحتلون
المناصب العامة الآن، وأولئك
الذين يطمحون لها، الرسالة>>.
وفي
المحصلة، يمكن القول إن أحد
الأجنحة الرئيسية الثلاثة
للقرار الاميركي بات في قبضة
اللوبي الإسرائيلي وتحديداً
منظمة <<أيباك>>. ولا يسعنا
إلا أن نتذكر قول رئيس الوزراء
الاسرائيلي أرييل شارون <<حين
يسألني الناس كيف بالإمكان
مساعدة إسرائيل، أقول لهم
ساعدوا أيباك>>.
الضغط
على الحكومة
إن
قوة ضغط اللوبي الاسرائيلي على
الحكومة تكمن جزئياً في تأثير
الناخبين اليهود في الانتخابات
الرئاسية. فبمعزل عن حجم هؤلاء
المحدود نسبياً (أقل من 3 في
المئة من الناخبين) إلا أنهم
يقدمون تبرعات مالية ضخمة في
الحملات الانتخابية لكلا
الحزبين.
وأكثر
من ذلك، فإن الناخبين اليهود
يحرصون على التمركز في ولايات
تعتبر حاسمة في الانتخابات
الرئاسية مثل كاليفورنيا،
فلوريدا، إلينوي، نيويورك
وبنسلفانيا. كل ذلك يجعل
المرشحين الرئاسيين حريصين على
تجنب معاداة الناخبين اليهود.
ويحرص
اللوبي اليهودي أيضا على أن
يحظى الأشخاص ذوو العلاقة
الممتازة مع إسرائيل بمناصب
حكومية مهمة. ومثال على ذلك ان
السياسة الخاصة بالشرق الأوسط،
خلال إدارة الرئيس بيل كلينتون،
رسمها عدد من المسؤولين مثل
نائب رئيس الابحاث السابق في
<<أيباك>> ومؤسس <<معهد
واشنطن لدراسات الشرق الأدنى>>
الموالي لإسرائيل مارتن إنديك،
ودينيس روس الذي انضم للمعهد
بعدما غادر الادارة عام 2001،
وآيرون ميلر الذي عاش في
إسرائيل ولا يزال يزورها
بانتظام، الذين كانوا جميعا ضمن
فريق المستشارين المقربين من
كلينتون. ولم يكن من المفاجئ في
اجتماع كامب دايفيد في تموز عام
2000، ان الفلسطينيين شكوا من
أنهم <<يتفاوضون مع فريقين
إسرائيليين، أحدهما يحمل العلم
الاسرائيلي، والآخر العلم
الاميركي>>.
هذه
الحالة تبدو أشد وضوحاً في
إدارة بوش الإبن، الذي يزخر
طاقمه بأشخاص مناصرين لإسرائيل
مثل إليوت أبرامز، جون بولتون،
دوغلاث فايث، لويس (سكوتر) ليبي،
ريتشارد بيرل، بول وولفويتز
ودايفيد وورمسير.
ولا
تزال هذه المعادلة سارية اليوم.
فحين دعا المرشح الرئاسي في
انتخابات عام 2004، هاوارد دين،
الولايات المتحدة إلى تأدية
<<دور أكثر إشرافاً>> في
النزاع العربي الاسرائيلي،
اتهمه السيناتور اليهودي جوزيف
ليبرمان بأنه يهدد إسرائيل.
ووقّع جميع الديموقراطيين
البارزين في الكونغرس رسالة
شديدة اللهجة وجهت إلى دين
وأدانت تصريحه.
التأثير
على الإعلام ومراكز الدراسات
واستغلال معاداة السامية
تنعكس
وجهة نظر اللوبي تجاه اسرائيل،
بشكل كبير في وسائل الاعلام
الاميركية الرئيسية، لان معظم
المعلقين ومقدمي البرامج، هم
موالون لاسرائيل. ويقول الصحافي
اريك الترمان إن مناقشة قضايا
الشرق الاوسط في هذه الوسائل
<<يتولاها اشخاص لا يمكن ان
يطيقوا انتقاد اسرائيل>>. وفي
مقابل 61 معلقا مؤيدا لاسرائيل،
وجد الترمان خمسة معلقين فقط
ينتقدون اسرائيل، بشكل منتظم،
ويظهرون مواقف موالية للعرب.
ويظهر
التحيز الكبير للاعلام
الاميركي تجاه اسرائيل، في
افتتاحيات الصحف الرئيسية، ومن
بينها <<وول ستريت جورنال>>،
و<<جورنال>>، و<<شيكاغو
صان تايمز>>، و<<واشنطن
تايمز>>، و<<نيويورك تايمز>>،
اضافة الى مجلات مثل <<كومانتري>>
و<<نيو ريبابليك>>، و<<ذي
وويكلي ستاندرد>>.
والى
جانب افتتاحيات الصحف، يسيطر
اللوبي ايضا على عملية نقل
المستجدات المتعلقة باسرائيل.
وللحوؤل دون نقل أخبار معادية،
فإنه ينظم حملات مكثفة من
الرسائل والتظاهرات، ويدعو الى
مقاطعة وسائل الإعلام التي قد
تنقل اخبارا يعتبر محتواها
معادياً لاسرائيل. ويقول أحد
المدراء التنفيذيين في شبكة
<<سي إن إن>>، إنه يتلقى
احياناً 6 آلاف رسالة عبر بريده
الالكتروني في يوم واحد، تزعم
أن مضمون قصة وردت كان معادياً
لاسرائيل.
مراكز
الدراسات والتفكير في اتجاه
واحد
تسيطر
الجماعات الموالية لاسرائيل
على مراكز الدراسات الاميركية،
التي تؤدي دورا مهما في تكوين
النقاشات العامة والسياسات
الحالية. وقد أسس اللوبي مركزه
الخاص للدراسات في العام 1985،
عندما ساعد مارتن انديك على
تأسيس <<وينيب>>. وبرغم أن
المؤسسة تدّعي أنها تقدّم نظرة
متوازنة وواقعية حول قضايا
الشرق الاوسط، فإنها تدار من
قبل اشخاص مرتبطين بشكل مباشر
في عملية دفع البرنامج
الاسرائيلي إلى الامام.وخلال ال25
سنة الماضية، اوجدت القوة
الاسرائيلية حضورا اساسيا لها
في عدد من الؤسسات المهمة مثل
<<مركز السياسة الامنية>>
و<<معهد الابحاث حول السياسة
الخارجية>> و<<معهد هادسون>>.
واصبحت هذه المراكز نادراً ما
تتضمن انتقادات للدعم الاميركي
للدولة اليهودية.
ومن
الامثلة الاخرى على ذلك، التحول
الذي طرأ على <<معهد بروكينغز>>.
وبعدما كان يعتمد المعهد في ما
يتعلق بشؤون الشرق الاوسط
والصراع العربي الاسرائيلي على
ويليام كوانت، اصبح يعتمد على
<<مركز سابان لدراسات الشرق
الاوسط>>، الذي يموله حاييم
يابان، رجل الاعمال الاسرائيلي
الاميركي، والصهيوني.
مراقبة
أكاديمية
واجه
اللوبي صعوبة كبيرة في اخماد
الجدل حول اسرائيل داخل حرم
الجامعات، كون الحرية
الاكاديمية قيمة جوهرية، ولانه
من الصعب إسكات او تهديد بعض
الاساتذة. وقد تصاعدت
الانتقادات في هذه الأوساط ضد
اسرائيل، بعد انهيار اتفاق
اوسلو وعودة ارييل شارون الى
الحكم في العام 2001. وقد ازداد
هذه الانتقادات بعد استخدام
القوة القصوى في وجه الانتفاضة
الثانية. وتحرك اللوبي حينها
بشكل عدائي من اجل <<استعادة
حرم الجامعات>>. وانتشرت
جماعات جديدة مثل <<كارافان
للديموقراطية>>، التي وزعت
المتحدثين الاسرائيليين على
الجامعات. وظهرت في الاطار
جماعات مثل <<هلال>> و<<المجلس
اليهودي للشؤون العامة>>،
حاولت التعامل مع الجماعات
الاخرى التي تضع اسرائيل في صلب
المناقشات في الجامعات.
من
ناحيتها، ضاعفت <<ايباك>>
من مصاريفها على برامج ادارة
نشاطات الجامعات، اضافة الى
تدريب جيل شاب من المحامين عن
اسرائيل. كما حاول اللوبي
مراقبة ما يكتبه ويعلمه
الاساتذة. وفي العام 2002، اسس
موقعا على الانترنت لنشر ملفات
حول اكاديميين مشتبه فيهم، وشجع
التلاميذ على نقل التعليقات او
التصرفات التي قد تعتبر معادية
لاسرائيل.
ويحارب
اللوبي ايضاً بعض الاساتذة
والجامعات التي تعينهم. وقد
كانت جامعة كولومبيا التي عمل
فيها (المفكر) الفلسطيني ادوار
سعيد، هدفا مستمرا للجماعات
الموالية لاسرائيل. ويقول رئيس
الكلية السابق جوناثان كول <<يمكن
لأحد ما أن يتأكد بأن أي موقف
عام يدعم الشعب الفلسطيني يقوله
الناقد الأدبي، المتفوق إدوارد
سعيد، سيستدعي مئات الرسائل
الإلكترونية، والورقية،
والكتابات الصحافية التي
تدعونا لنبذ سعيد، أو فرض
عقوبات عليه أو طرده>>.
ولعل
أهم ما اقدم عليه اللوبي في هذه
السياق، الطلب مؤخرا من
الكونغرس تبني مشروع قانون، ينص
على مراقبة كل ما يقوله اساتذة
الجامعات حول اسرائيل.
عامل
الإسكات الأهم
لا
شك في ان احد اقوى اسلحة اللوبي،
هو الاتهام بمعاداة السامية.
فان اي شخص ينتقد اعمال اسرائيل
او يقول ان هناك لوبيا
اسرائيليا، يخاطر بان يصنف
معادياً للسامية ايضا، وذلك
برغم اعتراف الاعلام
الاسرائيلي بان هناك <<لوبياً
يهودياً>>.
وقد
أظهر الاوروبيون في السنوات
الاخيرة، ارادة اقوى من
الاميركيين في ما يتعلق بانتقاد
اسرائيل.
ذلك
قام اللوبي بنشر اقاويل في
اميركا، تزعم ان بعض الدول
الاوروبية معادية للسامية، وهو
ما لم يكن صحيحا طبعا (بحسب ما
تظهره بعض الاحصاءات).
ولهذه
الاسباب، فإن الجماعات
الموالية لاسرائيل عندما تشعر
بضغط ما، تدّعي ان هناك <<معاداة
سامية جديدة>>. وبكلام آخر،
انتقد سياسات اسرائيل فتصبح
عندها معادياً للسامية. ومثال
على ذلك ما حدث مع كنيسة انكلترا
مؤخراً بعد تصويتها على سحب
استثماراتها من شركة <<كاتربلير>>،
التي تصنع الجرافات التي تهدم
بيوت الفلسطينيين. وقد دفع ذلك
برئيس الحاخامات، الى القول ان
لهذا العمل <<أكبر النتائج
العكسية على علاقات اليهود
والمسيحيين في بريطانيا>>.
والانتقادات
الموجّهة لاسرائيل، تصنف ايضاً
في خانة تبني معايير غير عادلة،
او التساؤل حول حق إسرائيل في
الوجود. لكن هذه الاتهامات
زائفة، لأن الانتقادات الغربية
لإسرائيل، نادراً ما تتضمن حقها
في الوجود. وبدلاً عن ذلك، فإن
الغرب يطرح الاسئلة حول تصرفات
اسرائيل تجاه الفلسطينيين، وهو
انتقاد شرعي، لأن الإسرائيليين
أنفسهم يطرحون الأسئلة حول ذلك.
المنظمات
والافراد والولاء لاسرائيل؛
التأثير على الكونغرس
والحكومة؛ التأثير على الاعلام
ومراكز الدراسات واستغلال
معاداة السامية؛ دور الولايات
المتحدة التاريخي ك<<منقذ>>
لإسرائيل؛ اسرائيل وعناصر
استدرار العطف الدولي؛ الحرب
على العراق؛ وسوريا وإيران.
دعم
إسرائيل
تسرف
واشنطن في دعمها السخي
لإسرائيل، سواء عبر تقديم
المساعدات المادية والعسكرية،
تخطيط السياسة الخارجية،
استخدام الفيتو في الامم
المتحدة والتدخل المباشر عند
اللزوم. ولعل مشروع إدارة بوش
الشرق أوسطي يهدف، في جزء منه
على الأقل، إلى تعزيز موقف
إسرائيل.
المساعدات
الاقتصادية والعسكرية
قدّمت
واشنطن، منذ حرب الايام الستة
1967، مساعدات ضخمة لإسرائيل،
قزّمت أي دعم نالته يوما أي دولة
أخرى. فكانت إسرائيل المستفيد
السنوي الأكبر من المساعدات
الأميركية الاقتصادية
والدبلوماسية والعسكرية، والتي
تجاوزت قيمتها 140 مليار دولار
منذ الحرب العالمية الثانية.
وهي تتلقى سنويا حوالى 3 مليارات
دولار كمساعدات مباشرة، أي خُمس
الميزانية الاميركية للمساعدات
الخارجية تقريباً، وبما يعادل
500 دولار أميركي لكل إسرائيلي.
وذلك على الرغم من أن إسرائيل
تعتبر دولة صناعية ثرية بدخل
فردي يوازي دخل مواطن في كوريا
الجنوبية أو أسبانيا.
وعلى
عكس دول تمدها واشنطن بمساعدات
على شكل دفعات فصلية، تحصل
إسرائيل على حصتها الكاملة عند
بداية كل سنة مالية، ما يتيح لها
الاستفادة حتى من مردود الفوائد.
وفيما تلزم واشنطن معظم متلقي
المساعدات المخصّصة لأغراض
عسكرية على صرف هذه المساعدات
في الولايات المتحدة، تسمح
لإسرائيل أن تستخدم نحو ربع
حصتها لتمويل صناعاتها
الدفاعية الخاصة. إسرائيل، هنا،
هي المتلقي الوحيد الذي ليس
عليه أن يشرح للمانح الاميركي
كيف صرفَ مساعداته، ما يحول دون
أي منع لاستخدام هذه الأموال
لأهداف تعارضها الولايات
المتحدة، وعلى سبيل المثال بناء
المستوطنات في الضفة الغربية.
أكثر من ذلك، فقد منحت الولايات
المتحدة إسرائيل حوالى 3 بلايين
دولار من أجل تطوير أنظمتها
التسليحية، وأعطتها الإذن
باستغلال تصاميم الأسلحة
المتفوّقة كمروحيات البلاك هوك
ومقاتلات أف 16، وحتى الاطلاع
على المعلومات الاميركية
الاستخبارية التي تحجبها عن
حلفائها في الناتو. وأخيرا، غضّ
الطرف الاميركي عن امتلاك
إسرائيل للأسلحة النووية.
الدعم
السياسي
منذ
عام 1982، استخدمت واشنطن الفيتو
32 مرة في مجلس الأمن ضد قرارات
تنتقد إسرائيل، بما يتجاوز
مجموع <<الفيتو>> الذي
استخدمه الأعضاء الآخرون
مجتمعين. وعطلت الولايات
المتحدة جهود الدول العربية
لوضع ترسانة إسرائيل النووية
على أجندة الوكالة الدولية
للطاقة الذرية.
وتهب
الولايات المتحدة إلى المنطقة
لنجدة إسرائيل وقت الحرب، وتأخذ
جانبها في مفاوضات السلام. وقد
حمت إدارة نيكسون إسرائيل من
تهديد التدخل السوفياتي،
وأعادت مدّها بالمساعدات
العسكرية خلال حرب 1973. وشاركت
واشنطن بقوة في المفاوضات التي
أنهت الحرب، وكذلك في عملية
الخطوة خطوة التفاوضية
المطوّلة التي تبعتها، كما أنها
ادت دوراً حاسماً في المفاوضات
التي سبقت وتبعت اتفاق أوسلو
الموقع عام 1993، ما دفع بأحد
المشاركين الأميركيين في
مفاوضات كامب دايفيد التي جرت
عام 2000 للقول مؤخراً <<غالباً
جداً ما تصرفنا كمحامين
لإسرائيل>>.
وحين
بدأ بوش يحث شارون على إظهار ضبط
النفس في الأراضي المحتلة خلال
الانتفاضة الثانية، ويضغط عليه
للسماح لوزير الخارجية شمعون
بيريز بلقاء ياسر عرفات، في
أيلول عام 2003، اتهمه شارون
بمحاولة <<استرضاء العرب على
حسابنا>>، محذراً من أن
إسرائيل <<لن تكون
تشيكوسلوفاكيا>>. وبعدما
قدّم صيغة اعتذارية لاحقة، انضم
شارون بسرعة إلى اللوبي
الاسرائيلي لإقناع الإدارة
والشعب الأميركيين بأن واشنطن
وإسرائيل تواجهان تهديداً
إرهابياً مشتركاً. وأصر
المسؤولون الإسرائيليون وممثلو
اللوبي على أن لا فرق حقيقياً
بين عرفات وأسامة بن لادن.
وفي
16 تشرين الأول، أرسل 89
سيناتوراً رسالة إلى بوش
يمتدحونه فيها على رفضه لقاء
عرفات، لكنهم طالبوا بألا تقيد
الولايات المتحدة إسرائيل عن
الرد على الفلسطينيين: وكتبوا
إن على الإدارة أن تعلن أنها تقف
خلف إسرائيل. ووفقاً لصحيفة
<<نيويورك تايمز>>، نشأت
فكرة الرسالة في لقاء جرى قبل
أسبوعين من كتابتها بين <<قيادات
من الجالية اليهودية الأميركية
وأعضاء مجلس شيوخ رئيسيين>>.
أضافت
الصحيفة بأن <<أيباك>>
كانت <<ناشطة بشكل خاص في
تقديم النصح حول الرسالة>>.
وحين
طلب بوش من شارون في نيسان عام
2004 <<إيقاف التوغّل والبدء
بالانسحاب>> من الضفة
الغربية، مارس المسؤولون
الموالون لإسرائيل في مكتب نائب
الرئيس والبنتاغون، وكذلك
أساطين المحافظين الجدد كروبرت
كاغان ووليام كريستول، ضغوطا
على بوش واتهموه بأنه <<ألغى
عملياً الفرق بين الإرهابيين
وأولئك الذين يحاربونهم>>.
وجاءت
الإشارة الأولى لاستسلام بوش
بعد أسبوع واحد في 11 أيلول
الماضي، حين قال المتحدث باسم
البيت الأبيض إن الرئيس يؤمن
بأن شارون هو <<رجل سلام>>.
وكرر بوش هذه العبارة أمام
الرأي العام بعد عودة كولن باول
من مهمته المجهضة في إسرائيل،
قائلا إن شارون <<استجاب بشكل
كافٍ لدعوته للانسحاب>>،
فيما لم يفعل شارون شيئاً كهذا.
وبعد
وفاة عرفات، تابع شارون تطوير
خطته لفرض تسوية من جانب واحد
على الفلسطينيين، ودعمت واشنطن
سياسته (وسياسات خلفه إيهود
أولمرت)، ووافق بوش حتى على ضم
بعض الأراضي في المناطق
المحتلة، مخالفاً بذلك سياسات
رؤساء الولايات المتحدة منذ
ليندن جونسون.
باختصار،
استولى شارون واللوبي على رئيس
الولايات المتحدة وانتصروا.
وكتب حاييم شاليف الصحافي في
جريدة <<معاريف>>
الإسرائيلية بأن مساعدي شارون
<<لم يتمكنوا من إخفاء
ارتياحهم لفشل باول. وقد
تفاخروا بأن شارون نظر في عيون
الرئيس الأميركي، وأن الرئيس
رمش أولا>>. ولا ننسى ما قاله
مستشار الأمن القومي الاميركي
السابق، برنت سكوكروفت، في
تشرين الأول عام 2004 بأن شارون
يضع بوش كخاتم في اصبعه الصغير.
التأثير
على الكونغرس والحكومة؛
التأثير على الاعلام ومراكز
الدراسات واستغلال معاداة
السامية؛ دور الولايات المتحدة
التاريخي ك<<منقذ>>
لإسرائيل؛ اسرائيل وعناصر
استدرار العطف الدولي؛ الحرب
على العراق؛ وسوريا وإيران.
حماية
الضعيف؟
غالبا
ما تصور اسرائيل على انها ضعيفة
ومحاصرة من قبل أعدائها العرب.
وفيما تماهت هذه الصورة في قادة
اسرائيل والكتاب المتعاطفين
معها، تبدو الصورة المعاكسة هي
الاقرب الى الحقيقة. وبعكس
الاعتقاد السائد، فإنه كان
للصهاينة القوات الاكبر
والمجهزة بشكل أفضل خلال حرب
الاعوام 1947 و1949. وقد حققت
اسرائيل نصراً سهلاً على مصر في
العام 1956، وعلى مصر والاردن
وسوريا معاً في العام 1967، أي حتى
قبل أن يبدأ الدعم الاميركي
الكبير يتدفق اليها. وتؤكد هذه
الانتصارات على ان اسرائيل كانت
بعيدة جدا عن كونها عاجزة، حتى
في سنواتها الاولى.
وتمتلك
اسرائيل اليوم، القدرة
العسكرية الاقوى في الشرق
الاوسط. وقواتها متفوقة بشكل
كبير على قوات جيرانها، وهي
الدولة الوحيدة في المنطقة التي
تملك أسلحة نووية. كما ان الاردن
ومصر وقعا اتفاقية سلام معها،
والسعودية عرضت القيام بذلك،
وسوريا فقدت حليفها السوفياتي،
والعراق مزقته ثلاث حروب،
وايران بعيدة عنها،
والفلسطينيون بالكاد يملكون
شرطة فعالة.
إضافة
ديموقراطية حليفة؟
ويبرر
الدعم الاميركي دوماً، بالقول
ان اسرائيل ديموقراطية حليفة،
تحاصرها ديكتاتوريات عدوة.
وبرغم ان هذا التبرير قد يبدو
مقنعاً، إلا انه لا يمكن أن يفسر
مستوى الدعم الاميركي الحالي؛
فالديموقراطيات كثيرة حول
العالم، لكن أياً منها لا يحصل
على الدعم السخي الذي تحصل عليه
اسرائيل. حتى ان الولايات
المتحدة وقفت في وجه حكومات
ديموقراطية في الماضي، ودعمت في
المقابل ديكتاتوريات، ولا تزال
تفعل ذلك حتى اليوم، لان كل ما
يهمها فعلا هو مصالحها.
واسرائيل
قامت على أساس أنها دولة
يهودية، والمواطنية فيها تستند
الى قرابة الدم. وبناء على ذلك،
فإنه ليس من الغريب ان 1,3 مليون
عربي يعاملون كمواطنين من
الدرجة الثانية.
ويضعف
من الديموقراطية الاسرائيلية
ايضا، رفضها منح الفلسطينيين
دولة خاصة فيهم. واسرائيل تسيطر
على حياة 3,8 ملايين فلسطيني في
قطاع غزة والضفة الغربية، في
وقت تستعمر أراض سكنها
الفلسطينيون لفترة طويلة.
التعويض
عن الجرائم السابقة
القضية
الاخلاقية الثالثة التي تبرر
الدعم الذي تحظى به اسرائيل، هي
تاريخ اليهود الذين عانوا في
الغرب المسيحي، وخاصة المحارق
النازية (هولوكوست).
ولان
اليهود اضطهدوا لعقود ولا
يستطيعون العيش بأمان سوى في
وطن يهودي، فإن البعض يؤمن بأن
اسرائيل تستحق معاملة خاصة من
قبل أميركا.
والتاريخ
يؤكد انه عندما بدأ العمل
السياسي الصهيوني الجدي في
القرن التاسع عشر، لم يكن هناك
سوى 15 الف يهودي في فلسطين. وحتى
عندما ولدت اسرائيل، لم يكن
اليهود يمثلون سوى 35 في المئة من
سكان فلسطين ويملكون 7 في المئة
من الارض.
لم
تكن السياسة الصهيونية في يوم
من الايام، راغبة في تأسيس دولة
مشتركة أو القبول بتقسيم نهائي
لفلسطين بين دولتين. ويقول
ديفيد بن غوريون في أواخر
الثلاثينيات <<بعد تشكيل جيش
قوي كبير أثناء تأسيس الدولة،
علينا أن نلغي التقسيم ونتوسع
في كل فلسطين>>.
وللوصول
الى هذا الهدف، كان لا بد
للصهاينة من طرد عدد كبير من
العرب من الاراضي التي ستصبح
اسرائيلية. ويقول بن غوريون في
الاطار <<من المستحيل القيام
بعملية تهجير جماعية من دون
إكراه، وإكراه وحشي>>.
وقد
زعم المسؤولون الاسرائيليون
طويلا، ان العرب هربوا من
فلسطين لان قادتهم طلبوا منهم
ذلك. والحقيقة ان معظم القادة
العرب طلبوا من الفلسطينيين
البقاء في أراضيهم، لكن الخوف
من العنف والقتل على أيدي
القوات الصهيونية دفع بمعظمهم
الى الهرب. وبعد الحرب، منعت
اسرائيل عودة المنفيين.
وقال
بن غوريون لرئيس المجلس اليهودي
العالمي ناحوم غولدمان <<لو
كنت زعيماً عربياً لما أقمت
علاقات مع إسرائيل، هذا أمر
طبيعي؛ لقد أخذنا أرضهم>>.
ومنذ
ذلك الحين، أنكر القادة
الاسرائيليون على الدوام
الطموحات الوطنية الفلسطينية.
وقالت رئيسة الحكومة السابقة
غولدا مائير <<لا يوجد شيء
اسمه فلسطيني>>.
<<إسرائيليون
فاضلون>> و<<عرب أشرار>>
إضافة
الى كل ذلك، تحاول اسرائيل
إظهار نفسها على أنها تتوسل
السلام عند أي منعطف، وانها
تظهر انضباطاً كبيراً حتى عندما
تستفز. وتحاول اسرائيل، في
مقابل ذلك، أن تظهر العرب في
صورة الاشرار، وهو ما يكرره
دوماً القادة الاسرائيليون
والاميركيون.
وقد
قاوم الفلسطينيون انتهاكات
الصهاينة، الذين كانوا يحاولون
بناء دولتهم فوق الأراضي
العربية. وتخلل هذا التأسيس بين
عامي 1947 و1948، أعمال التطهير
العرقي، والاعدامات، والمجازر،
والاغتصابات. وكان سلوك إسرائيل
اللاحق وحشياً دائماً، لا يقيم
وزناً لأي رادع أخلاقي.
وبين
عامي 1949 و1956، قتلت القوات
الإسرائيلية ما بين 2700 و5000
متسلل عربي، غالبيتهم غير
مسلحين. وقتل الجيش الإسرائيلي
أيضاً مئات الاسرى المصريين في
حربي 1956 و1967. وطردت إسرائيل في
العام 1967 ما بين 100 ألف و260 ألف
فلسطيني من الضفة الغربية التي
كانت قد استولت عليها حديثاً،
وأبعدت 80 ألف سوري من مرتفعات
الجولان. وقد تورطت اسرائيل
ايضا في مقتل 700 فلسطيني بريء في
مخيم صبرة وشاتيلا بعد اجتياحها
للبنان في العام 1982، وتوصلت
لجنة تحقيق اسرائيلية الى ان
وزير الدفاع في وقتها ارييل
شارون <<مسؤول شخصياً>> عن
هذه الوحشية.
وخلال
الانتفاضة الأولى، وزع الجيش
الإسرائيلي الهراوات على جنوده
وشجعهم على تكسير عظام
المتظاهرين الفلسطينيين. وقدر
القسم السويدي في منظمة حماية
الطفولة بأن ما بين 23 الف و29 الف
طفل فلسطيني، يحتاجون الى
الرعاية الطبية بسبب الجروح
التي أصيبوا بها.
والرد
على الانتفاضة الثانية كان أشد
عنفاً. فقد أطلق الجيش
الاسرائيلي مليون رصاصة في
الأيام الأولى للانتفاضة.
وبرغم
أن الفلسطينيين استخدموا
الارهاب ضد المحتل الاسرائيلي،
فإن هذا التصرف ليس مفاجئاً،
لان الفلسطينيين يعتقدون انه
ليس لديهم طريقة اخرى للحصول
على تنازلات اسرائيلية.
في مقابل ذلك، يجب أن لا ننسى أن
الصهاينة كانوا اعتمدوا على
التفجيرات الإرهابية لإخراج
البريطانيين من فلسطين، وهذا ما
أعلنه رئيس الحكومة الاسبق اسحق
شامير الذي قال <<لا الأخلاق
اليهودية ولا العادات اليهودية
يمكنها أن تمنع الإرهاب من أن
يكون أداة في المعركة>>.
فيما
يعتقد بعض الأميركيين بأن غزو
العراق كان <<حرباً من أجل
النفط>>، يرى آخرون أن حماية
أمن إسرائيل في المنطقة شكل أهم
الحوافز الكبرى للحرب. ويتضح
هذا في قول العضو السابق في <<المجلس
الاستشاري الاستخباري الرئاسي>>،
والرئيس التنفيذي ل<<لجنة 11
أيلول>>، والمستشار الحالي
لوزيرة الخارجية الاميركية
كوندليسا رايس، فيليب زيليكو،
أمام طلاب جامعة فيرجينيا في
أيلول العام 2002، أن <<التهديد
الحقيقي>> الآتي من العراق لم
يكن موجهاً ضد الولايات
المتحدة، بل كان <<تهديداً
غير معلن>> ضد إسرائيل، إلا
أن <<الحكومة الأميركية لا
تريد أن ترتكز بقوة لهذه الفكرة
لأنها غير شعبية>>.
الترويج
للحرب
بدأت
حملة ترويج اللوبي للحرب على
العراق منذ أواخر التسعينيات،
حين شرع المحافظون الجدد
يناقشون مسألة تغيير النظام في
العراق، من خلال إسقاط صدّام
وتحويل العراق إلى ديموقراطية
نشطة، وإطلاق عملية طويلة الأمد
للتغيير في كل منطقة الشرق
الأوسط. واشتهر في العام 1996
تقرير <<الانفصال التام>>
الذي روج لمشروع <<الشرق
الاوسط الكبير>>، مركزاً على
إسقاط صدام كخطوة أولى.
وفي
آب العام 2002، ألقى نائب الرئيس
الاميركي، ديك تشيني، خطاباً
محرضاً أمام قدامى المحاربين في
الخارج، قال فيه <<إن إسرائيل
تحث المسؤولين الأميركيين على
ألا يؤخروا الضربة ضد عراق صدام
حسين>>، وذلك بعيد إعلان رئيس
الوزراء الاسرائيلي، أرييل
شارون، أن التنسيق الاستراتيجي
بين إسرائيل وواشنطن بلغ <<أبعاداً
غير مسبوقة>>، وأن
الاستخبارات الإسرائيلية أعطت
واشنطن عدداً من التقارير
الإنذارية حول برامج العراق
لأسلحة الدمار الشامل.
في
هذا الوقت، كتب رئيس الوزراء
الاسرائيلي السابق إيهود
باراك، في <<نيويورك تايمز>>،
يحذر من أن <<الخطر الأعظم
يكمن الآن في عدم التحرك>>،
ونشر سلفه بنيامين نتنياهو
مقالة مشابهة في <<وول ستريت
جورنال>> حملت عنوان <<الحاجة
إلى تقويض صدّام>>، قال فيها
إنه <<يتحدث باسم الأكثرية
العظمى من الإسرائيليين في دعم
ضربة استباقية ضد نظام صدام>>.
نقلت
<<هآرتس>> في شباط العام 2003
بأن <<القيادة السياسية
والعسكرية (الاسرائيلية) تتوق
للحرب في العراق>>. وبمعزل عن
الكويت التي اجتاحها صدام في
العام 1990، كانت إسرائيل الدولة
الوحيدة في العالم التي رحب
سياسيوها ومواطنوها على حد سواء
بالحرب.
اللوبي
والحرب
عملت
عصبة صغيرة من المحافظين الجدد
كقوة رئيسية محرضة على الحرب
داخل الولايات المتحدة،
والعديد من هؤلاء كانوا على صلة
بالليكود. وسعى المحافظون الجدد
لتقويض نظام صدّام حتى قبل أن
يصبح بوش رئيساً. ووجه عدد منهم
مثل إليوت أبرامز، جون بولتون،
دوغلاس فايث، ويليام كريستول،
برنارد لويس، دونالد رامسفيلد،
ريتشارد بيرل وبول وولفويتز،
رسالتين مفتوحتين إلى كلينتون،
في العام 1998، يدعونه فيهما إلى
عزل صدّام عن السلطة. لكن هؤلاء
كانوا بحاجة لمساعدة ما تدفع
بأهدافهم قدماً.
وصلت هذه المساعدة مع أحداث
<<11 أيلول>>، التي جعلت بوش
وتشيني تحديداً يعيدان ترتيب
أولوياتهما، بحيث أصبحا
مناصرين قويين للحرب
الاستباقية. وفي اجتماع مع بوش
في كامب دايفيد في 15 أيلول العام
2001، دافع وولفويتز عن ضرورة
مهاجمة العراق قبل أفغانستان.
وفي 21 تشرين الأول من العام
ذاته، أمر بوش جهاز التخطيط
العسكري بتطوير خطط منيعة للغزو.
وقد
لعب مفكرون كبرنارد لويس من
برينستون، وفؤاد عجمي من جامعة
<<جونز هوبكنز>>، أدواراً
مهمة في إقناع تشيني بأن الحرب
هي الخيار الأفضل، بالاضافة إلى
محافظين جدد من فريق موظفي
تشيني كإريك إدلمان، جون هاناه،
سكوتر ليبي. وفي مطلع العام 2002
أقنع تشيني بوش بالحرب، وبوجود
بوش وتشيني في الفريق نفسه،
أضحت الحرب مسألة محتومة.
وفي
20 أيلول من العام ذاته، نشرت
مجموعة من رموز المحافظين الجدد
وحلفائهم رسالة مفتوحة أخرى
تقول <<حتى إذا كان الدليل لا
يربط العراق مباشرة بالهجمات،
فإن أية استراتيجية تهدف إلى
استئصال الإرهاب ورعاته يجب أن
تتضمّن جهوداً حثيثة لإزاحة
صدام حسين عن السلطة في العراق>>.
وذكّرت الرسالة بوش أيضاً بأن
<<إسرائيل كانت وستبقى حليف
أميركا الأشد وفاء ضد الإرهاب
الدولي>>.
ووصل
اللوبي لحد التغلغل في الداخل
العراقي، حيث دعم المحافظون
الجدد <<المنفي العراقي عديم
الضمير>> الذي يرأس المؤتمر
الوطني العراقي، أحمد الجلبي،
قبل حرب العراق. وذلك لأنه أنشأ
روابط قوية مع مجموعات يهودية
أميركية، وتعّهد بأن يرعى
علاقات جيدة بإسرائيل حال وصوله
للسلطة.
التلاعب
بالمعلومات
لقد
احتل التلاعب بالمعلومات
الاستخبارية بطريقة تظهر صدّام
بأنه يشكّل تهديداً وشيكاً،
جزءاً مهماً من الحملة المروجة
للغزو. وأخذ سكوتر ليبي يضغط على
محلّلي ال<<سي أي أيه>>
لإيجاد حجة تدعم قرار الحرب.
وساعد كولن باول في إعداد
تقريره الملفّق الذي قدّمه في
مجلس الأمن. وكان <<فريق
تقييم سياسة مكافحة الإرهاب>>
في الكونغرس قد اتُّهم بأنه
أوجد روابط بين القاعدة والعراق
لا يملكها جهاز الاستخبارات.
وأوكل للمحافظين الجديدين
دايفيد وورمسر، واللبناني
الاميركي مايكل معلوف، القريب
من ريتشارد بيرل، مهمة الكشف عن
الأدلة التي قد تستخدم لتبرير
الحرب على العراق في ما يعرف ب<<مكتب
الخطط الخاصة>> في الكونغرس،
والذي ترأسه المحافظ الجديد
وصاحب الروابط الوثيقة
بوولفويتز، أبرام شولسكي. وكانت
التقارير ترسل مباشرة إلى
دوغلاس فايث، المحافظ الجديد
الملتزم بقوة بإسرائيل، ككل
المحافظين الجدد، والذي يحظى
بروابط قديمة بالليكود.
ويعرف
فايث مع بيرل وورمسر، بإصدارهم
التقرير الشهير <<انفصال تام>>،
الذي أوصى نتنياهو <<بالتركيز
على إزاحة صدام حسين من السلطة
في العراق ك<<هدف إسرائيلي
استراتيجي مهم يصب في مصلحتها>>،
وأخذ الخطوات اللازمة لإعادة
تشكيل الشرق الأوسط. وولفويتز
ملتزم بالمستوى ذاته بإسرائيل،
وهو الذي وصفته <<جيروزاليم
بوست>> ب<<الموالي المخلص
لإسرائيل>>، وصنفته <<رجل
العام>> 2003.
إطلاق
<<النار>> على سوريا
فور
سقوط بغداد في نيسان 2003، بدأ
رئيس الحكومة ارييل شارون
وضباطه، يحثون واشنطن على
استهداف دمشق. ودعا شارون في
مقابلة لصحيفة <<يديعوت
أحرونوت>> في 16 نيسان،
واشنطن، الى ممارسة ضغوط <<عميقة>>
على سوريا. وقد اكدت صحيفة <<واشنطن
بوست>>، أن إسرائيل كانت <<تؤجج
الحملة>> ضد دمشق عبر تغذية
الاستخبارات الاميركية بتقارير
حول اعمال الرئيس السوري بشار
الأسد.
وفي
موازاة ذلك، قدم اعضاء بارزون
في اللوبي الحجج ذاتها. وقال بول
وولفوفيتز، الرئيس الحالي
للبنك الدولي، <<يجب أن يكون
هناك تغيير للنظام في سوريا>>.
كما اعتبر الرئيس السابق لهيئة
استشارية ملحقة بالبنتاغون
ريتشارد بيرل، انه يمكن نقل
<<رسالة الى الانظمة
المعادية الاخرى في الشرق
الاوسط: انتم التالون>>.
سياسيا،
اعاد عضو الكونغرس، إليوت
إنغيل، طرح قانون محاسبة سوريا،
الذي يدعو الى استعادة سيادة
لبنان، كما يدعو سوريا ولبنان
إلى اتخاذ الخطوات الكفيلة
بالتوصل إلى السلام مع إسرائيل.
وتم تبني القانون من قبل
اللوبي، محاطا بحسب <<وكالة
التلغراف اليهودية>>، ب<<اطار
من الاهمية من قبل بعض أفضل
أصدقاء إسرائيل في الكونغرس>>.
وبرغم ان الادراة الاميركية لم
تكن متحمسة جدا للقانون، إلا
انه مر بأغلبية في مجلسي النواب
والكونغرس.
وبرغم
ان المحافظين الجدد كانوا
راغبين في افتعال قتال مع
سوريا، عارضت وكالة
الاستخبارات المركزية ووزارة
الخارجية الفكرة. ويعود حذر
الادارة الاميركية تجاه
استهداف سوريا، الى الخوف من
تعريض الاتصالات الاستخباراتية
القيمة بين البلدين للخطر. كما
ان التصرف بقسوة مع دمشق، سيجعل
الولايات المتحدة تبدو في صورة
الراغب دوما في ضرب الدول
العربية. اضافة الى ذلك، فإن وضع
سوريا على لائحة الاستهداف
الاميركية، قد يعطيها الدافع
القوي للتسبب بالمشاكل في
العراق.
وبرغم
كل ذلك، أصر الكونغرس على تهديد
دمشق باستخدام القوة استجابة
لضغوط المسؤولين الإسرائيليين.
وإذا لم يكن من وجود للوبي،
فربما لم يكن قانون محاسبة
سوريا موجودا، ولكانت سياسة
الولايات المتحدة تجاه سوريا
تتماشى مع المصالح الوطنية
الاميركية.
تسليط
الأضواء على إيران
ينظر
الاسرائيليون الى ايران، على
أنها العدو الاخطر، لانها تبدو
متجهة نحو امتلاك أسلحة نووية.
وترى اسرائيل في امتلاك دولة
إسلامية شرق اوسطية للأسلحة
النووية، تهديدا لوجودها. وقد
اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي
السابق بنيامين بن اليعازر قبل
شهر من الحرب على العراق، ان
<<العراق مشكلة.. لكن إيران هي
اليوم أخطر من العراق>>.
وفي
تشرين الاول العام 2002، وصف
شارون لصحيفة <<التايمز>>
إيران، بأنها <<مركز الإرهاب
العالمي>>، معتبرا انه يتوجب
على الادارة الاميركية استخدام
القوة العسكرية ضد طهران في
<<اليوم التالي>> لاجتياح
العراق.
ولم
يضيع المحافظون الجدد بدورهم
الوقت. وفي السادس من ايار العام
2003، شارك <<معهد اميركان
انتربرايز>> في رعاية مؤتمر
عقد على مدار يوم كامل حول
إيران، بالتعاون مع مؤسسة
الدفاع عن الديموقراطية ومعهد
<<هادسون>>، المواليين
لإسرائيل، حيث دعا العديد من
المتحدثين إلى استبدال حكومة
طهران بحكومة ديموقراطية.
اعلاميا،
كثف المحافظون الجدد من جهودهم
لوضع القضية الايرانية في صلب
المناقشات. وقال ويليام كريستول
في صحيفة <<ويكلي ستاندر>>،
إن <<تحرير العراق كان
المعركة الكبرى الاولى من أجل
مستقبل الشرق الأوسط.. لكن
المعركة الكبرى المقبلة، ستكون
من أجل إيران>>.
واستجابت
الإدارة الاميركية لضغوط
اللوبي. وبعدما جوبهت مساعي
الادارة بتصميم ايراني على
إنشاء ترسانة نووية، فقد كثف
اللوبي من ضغوطه. ونشرت
المقالات التي تحذر من الاخطار
المتأتية من إيران نووية، ومن
أي استرضاء للنظام <<الإرهابي>>،
مشيرة بشكل خفي إلى ضرورة العمل
العسكري الوقائي في حال فشلت
الدبلوماسية، وسط تهديد من
المسؤولين الإسرائيليين بعمل
استباقي، في حال تابعت إيران
سلوك الطريق النووية.
وقد
يقول البعض ان إسرائيل واللوبي
ليس لديهما تأثير كبير في
السياسة الاميركية تجاه إيران،
لأن الولايات المتحدة لديها
أسبابها الخاصة لمنع إيران من
أن تتحول الى دولة نووية. وتبدو
هذه الحجة قريبة من الحقيقة،
لكن طموحات إيران النووية لا
تشكل خطرا وجوديا على الولايات
المتحدة. وإذا استطاعت أميركا
أن تتعايش مع اتحاد سوفياتي
نووي، وصين نووية أو حتى مع
كوريا شمالية نووية، فإن
بإمكانها التعايش مع إيران
نووية.
ان
حملة اللوبي لتغيير الانظمة في
إيران وسوريا، قد تقود الولايات
المتحدة نحو مهاجمة الدولتين،
مع ما يترتب عن ذلك من آثار
كارثية. وعدوانية اللوبي تجاه
دمشق وطهران، تجعل من المستحيل
بالنسبة لواشنطن ضمهما إلى
حربها على تنظيم القاعدة
والتمرد في العراق، حيث ان
مساعدتهما مهمة جدا. ولولا وجود
اللوبي، لكان يمكن لإيران
وأميركا أن تكونا حليفتين،
ولكانت سياسة واشنطن أكثر
اعتدالا، ولم تكن الحرب
الوقائية خيارا.
-------------
*أستاذ
العلوم السياسية في جامعة
شيكاغو جون ميرشايمر،
بالاشتراك مع أستاذ الادارة في
جامعة هارفرد ستيفان والت.
مركز
المعطيات والدراسات
الاستراتيجية بدمشق
الأبحاث
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|