ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 22/01/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

 

 

   ـ دراسات  ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


حول استراتيجية بوش الجديدة

(1)

العـراق ومن يليه

مواقف أولية

زهير سالم*

ستسير استراتيجية بوش الجديدة إلى ضلال وخيبة. لأنها استراتيجية أراد طرف واحد في هذا العالم أن يفرضها على الآخرين. والطبيب الذي وصف الدواء لم يسأل المريض عن علته. استراتيجية بوش الجديدة مثلها مثل حرب بوش على العراق، قرار فردي يتجاوز الحقائق، أو يقفز عليها، أو لعله لا يريد أن يراها.

سياسيون وخبراء ومراكز دراسات وأنثربولوجيون وعلماء نفس ولاهوتيون وعرافون كل هؤلاء، وينضاف إليهم من لا نعرف من رجال المخابرات وأدوات استخباراتهم ووسائلهم ومعلوماتهم ومناهجهم؛ ثم تأتي المقررات والاستراتيجيات مخيبة للآمال على النحو الذي رأيناه في تقرير (بيكر ـ هاملتون) أو الذي شهدناه في الاستراتيجية النظرية للرئيس بوش نفسه.

كان الاستهلال السيء لمباشرة العمل في هذه الاستراتيجية هو إعدام صدام حسين بالطريقة التي أعدم لها. لم يسعف الانثربولوجيون والخبراء النفسيون بوش ليخبروه أن بني الإنسان عموماً وشعوبنا خصوصاً هي أكثر تعاطفاً مع الضحية!! وأن تغييب صدام حسين بالطريقة التي تمت سيزيد الأمور تعقيداً ولن يسهل أبداً الوصول إلى حلول.

ثم كان الاستهلال الثاني ما جرى في شارع حيفا يوم 9ـ10/1/2007 حيث أَسندت الدبابات الأمريكية ميليشيات القتل التي يحركها المالكي لتدخل بيوت العراقيين ولتحاسبهم كما روى شهود عيان: لماذ لا يعلقون صور مقتدى الصدر في بيوتهم؟! حتى الآن لم يدرك الرئيس الأمريكي أن قوات الأمن التي تعب عليها عملاؤه من جيش وشرطة هي قوات طائفية محضة تلعب دور الميليشيا في قتل الناس وخطفهم وترويعهم. وأن العراقيين يخافون منها بدل أن يحتموا بها.

سر الضلال والخيبة في استراتيجية بوش أنها استراتيجية فردية. غاب عنها الأكثرون، داخل العراق، وفي جوارالعراق، وفي العالم أجمع. تحت عناوين من الديبلوماسية أو السياسة أو الكياسة، يخفي الكثيرون أهدافهم الحقيقية أو يزخرفونها أو يموهونها ختلاً ومكراً تارة، وخوفاً واتقاء للشر مرة أخرى. ومن هنا تكثر الطروحات المضللة والحوارات الزائفة والحلول التي تتجاهل المشكلات وأبعادها الحقيقية.

المبادرات الفاشلة هي طريق إلى المزيد من المعاناة، والمزيد من الضحايا. ما يجمع هؤلاء الضحايا ـ عراقيون وأمريكيون ـ أنهم أبناء لأمهات أو آباء لأبناء، ولكن المنافقين في عالم السياسة قلما أفزعهم لون الدم، أو أقلقتهم آلام الشعوب.

العالم.. والعراق

قد يغيب عن الرئيس بوش أن غالبية دول العالم روسيا ـ الصين ـ دول أمريكا اللاتينية، وكثير من دول الاتحاد الأوروبي ولا سيما ألمانيا وفرنسا، تنظر بشماتة إلى الغريق الأمريكي في العراق. أمريكا خرجت على الإجماع الدولي في الإقدام على احتلال العراق، بل تحدت بعض القادة والزعماء في سجال كان مشهوداً. ماذا يقول هؤلاء الآن؟ يقولون: دعوهم يدفعون ثمن غرورهم وغطرستهم!!

مسؤولون سياسيون دوليون من هنا وهناك يصرحون في مجالسهم الخاصة إن العراقيين يدفعون بدمائهم ثمن حرية العالم وكرامته وسيادة الدول في كل مكان فيه. لو نجح بوش في العراق لكان كل رئيس أمريكي مستعد لتكرار المغامرة في كل مكان أيضاً. كل دول العالم تدرك أنه ليس في مقدورها أن تتصدى للقوة العسكرية الأمريكية، وكلها باتت تخشى أن يسمع الرئيس بوش هاتفاً مقدساً من أعماق البيت الأبيض، يأمره بغزو هذا البلد أو ذاك!!

استراتيجية جديدة للخروج من المأزق

 في العراق ينبغي أن نبدأ إذاً من موقف دولي حقيقي، قد يكون مدخله طلب مساعدة حقيقي ومتواضع تتقدم به الإدارة الأمريكية لدول العالم. سيصرح الرؤساء ووزراء الخارجية كثيراً أنهم مع الاستقرار في العراق، وأنهم مع حكومة المالكي، ولكن في الحقيقة ستظل هذه الدول تلعب دور الشامت أو دور المحرض أو دور الداعم لما يجري على الأرض في العراق.

في جوار العراق سنلمح دور إيران. وإيران لا تريد هدوءاً ولا استقراراً في العراق!! يقول مثل شعبي إيراني (اقتل الحية بيد عدوك)، هذا ما يجري في العراق بالضبط. تستمتع إيران بثمرات إسقاط النظام (العربي) بقيادته، وإضعاف مرتكزاته، وتترك لهذه المرتكزات أمر مقاومة الوجود الأمريكي.

إيران لا تريد هدوءاً ولا استقراراً في العراق لأنها تعمل من خلال مسلسل القتل الطائفي النخبوي على تصفية خصومها السابقين والمتوقعين: رجال الدولة العراقيين، قيادات الجيش العليا والوسيطة، رجال البحث العلمي، العلماء وأساتذة الجامعات والأطباء ورجال القضاء.

إيران لا تريد هدوءاً في العراق، لأنها تتخوف من وجود قوي على حدودها الغربية، مايزال يطلق التهديدات نحوها، ولا تريد لهذا الوجود أن ينعم بالاستقرار. إنها تتخوف حقيقة من استقرار مئة وسبعين ألف جندي أمريكي في جوارها مع بوارجهم وقاذفاتهم على أرض العراق.

إيران لا تريد هدوءاً بالعراق، ولا تريد أن تقوم دولة قوية هناك لأنها تنظر إلى هذه الدولة على أنها سد في وجه مطامعها في المنطقة، مطامعها الاستراتيجية ومطامعها المذهبية.

إيران لن توافق على استقرار العراق، إلا بعد أن تضمن دورها فيه وفي المنطقة. تقع (المدائن) عاصمة فارس بالقرب من بغداد، ولا تزال أطلالها شاخصة هناك. إيران حريصة على استمرار الصراع حتى يتحقق واقع يرضي تطلعاتها وطموحاتها. الضعف الأمريكي يغريها أكثر، ويدفعها إلى التمادي في زعزعة استقرار العراق.

ترقب إيران بقلق شديد قيام دولة كردستان على حدودها شمال العراق، ولكردستان حلم يمتد بعيداً في أراضي إيران.

ولإيران أيضاً طموح يمتد في التاريخ والجغرافيا وفي الثقافة إلى العراق وإلى ما هو أبعد من العراق إلى السعودية والخليج الذي تصر على أنه (فارسي)، وإلى سورية ولبنان، إلى آسيا الوسطى.. بل إلى مصر والدول العربية في أفريقيا، أينما ذهبت هناك ستجد الأثر الإيراني، والمشروع الإيراني، في كتاب يهدى أو مستوصف يعالج الشعوب المسحوقة بالمجان، وسيكون الصراع في العراق الذي فجرته الولايات المتحدة المدخل الأولي لتحقيق كل هذه الأهداف.

الجمهورية التركية.. لا تريد استقراراً في العراق

الجمهورية التركية لا ترحب أيضاً بمائة وسبعين ألف جندي أمريكي على حدودها. وتركية تقلقها دولة كردستان. لدولة كردستان امتداد في التاريخ وفي الجغرافيا وفي الإنسان على الأراضي التركية. مايزال عبدالله أوجلان في السجن، أو في الأسر حسب تعبير الأكراد. في تركية مايزال الدم (التركي ـ الكردي) يسيل. صراع سيجد قاعدته بلا شك في دولة كردستان.

وتركية أيضاً لا تريد استقراراً في العراق. الأقلية التركمانية قد تم تجاوزها في العراق الجديد. التركمان العراقيون أكثر عدداً من القبارصة الأتراك. أي أنهم يستحقون تدخلاً تركياً. كركوك وهويتها تشكل قضية بالنسبة للحكومة التركية. وكركوك ليست هوية فقط، وإنما نفط أيضاً.

وتركية أيضاً لا تريد استقراراً في العراق، لأن تركية ذات الخلفية العثمانية تتخوف من امتداد شيعي أو صفوي إلى العراق أو إليها. لأجل هذا كله لا بد لاستراتيجية تسعى إلى احتواء الوضع في العراق أن تأخذ الهم التركي بعين الاعتبار.

سورية.. لا تريد هدوءاً ولا استقراراً في العراق

لأنها أولاً تتخوف من الجار الجديد. ومن أن يكون لها من العصا الغليظة نصيب. سورية تشعر أنها أصبحت محاصرة بين قوتين معاديتين: أمريكية وإسرائيلية. وهي لا تريد أن يطول وجود القوة الجديدة على الأرض.

ولأنها مثل تركية وإيران تتخوف من شبح كردستان المنتصب على حدودها الشمالية الشرقية والذي يمتد جناحه الأيسر ضمن أراضيها. ولأنها تطمح أن يكون لها شأن في حكومة العراق الجديد. شأن يدافع عن مصالحها، أو يدرأ المخاطر عنها.

سورية تريد أن تستعيد أو تقبض ثمن خروجها المخزي من لبنان. ولن تسمح بأي استقرار في المنطقة ما لم يتحول رئيس جمهورية لبنان إلى قائمقام لديها.

(حزب الله) و(حماس) و(المقاومة في العراق) أوراق تحريك في يد سورية لتحقيق وجودها. لاعب إقليمي لا يمكن عزله، ولا تجاوزه. لاعب إقليمي مؤثر قادر على فرض إرادته وتحقيق طموحاته والتي من بعضها استعادة الجولان واستعادة لبنان.

الأردن.. يتخوف من الوضع في العراق. يتخوف من الطيف الإيراني المتحالف مع سورية. ومن الطيف المذهبي على الخارطة السكانية في المنطقة. يريد الأردن استقراراً في العراق، ولكن ليس كيفما اتفق.

السعودية

 هل تريد استقراراً في العراق ؟ ألا تقلقها الموقوتة الجاثمة في منطقتها الشرقية والتي يمتد فتيلها إلى قم أو إلى طهران. السعوديون لا يعلمون متى يمكن أن يشعل البعض رأي الفتيل. هذه الموقوتة تتفاعل احتقاناً مع كل ما يجري في العراق. وما يجري في العراق في الوقت نفسه يخلق احتقاناً آخر في نفوس الدعاة السلفيين الذين ينظرون إلى الذبح بالسكين الأمريكية أو تحت الحماية الأمريكية. ليس من السهل على السعوديين أن يديروا ظهرهم أو أن يعبروا عن موقفهم.

مصر

ربما مصر الوحيدة التي لا تبالي بما يجري على أرض العراق. تريد استقراراً لأن بوش يريده. لا تفكر كثيراً في الظالم والمظلوم. لا تطمح إلى شيء، ولا تتخوف من شيء المهم لديها أن يهدأ البركان. وأن يرتاح الناس من التفكير في شأن العراق ومن تحمل مسؤولية ما يجري فيه.

وأخيراً الولايات المتحدة..

تريد هدوءاً واستقراراً في العراق، لتنعم بالنصر. ولتجد الوقت اللازم لهضم اللقمة التي ابتلعتها، والغنيمة التي حازتها. وهي تريد هدوءاً واستقراراً لحفظ ماء وجهها أمام الرأي العام الدولي والشعبي أيضاً، بعد أن أعرضت عن اعتبار هذا الرأي طويلاً. وهي ثالثاً تريد هدوءاً واستقرار في العراق لتجعل منه قاعدة انطلاق مستقبلي.

إذا أرادت الإدارة الأمريكية تحقيق ما تريد، فعليها أن تعرف ما يريد الآخرون، وما يخافون وما يأملون!! وهذا هو الطريق إلى استراتيجية جديدة ليس لإنقاذ العراق وإنما لإخراج الحكومة الأمريكية من أزمتها.

---------------

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ