الانتخابات
العامة :
مادة
الشرعية وميزانها والبرلمانية
ثمرتها في مواجهة الاستبداد
2ـ3
عبد
الحميد حاج خضر* _ ألمانيا
قد يعترض غير المسلم ويقول
هذا شأن وهمّ ينتظم فقط أهل
الملة . أنا أريد حقي في هذا
الشأن . لا أريد أن أطمئنه على
حقه في دولة تحكمها غالبية
مسلمة فحسب بل أريد أن أحرضه
ليطالب بحقه ، سأقف معه كمسلم
ليس متعاطفاً فحسب بل ومدافعاً
عما أعتقد أن من صلب ما أمن به ،
وبحجج وآليات أكثر صدقاً وحصافة
مما تعتمده
المنظمات الغربية التي
تدافع عن حقوق الأقليات في
الدول الديمقراطية . إن دولة
تحكم بأغلبية مسلمة ملزمة
بتطبيق ما تعتقد أنه من الثوابت
، وفي هذه الحالة عليها أن تأخذ
بمبدأ العدل حصراً وليس
انطلاقاً من حيادية الدولة
وحماية الأقليات المعمول به في
الدول العلمانية التي لا تغني
عن الحق شيئاً . مبدأ العدل يرسم
: أن يعطى كل ذي حق حقه ( يا أيها
الذَّين أمنوا كونوا قوامين لله
شهداء بالقسط ولا يجرمنَّكم
شنئان قوم على ألا تعدلوا ،
اعدلوا هو أقرب للتقوى واتَّقوا
الله ، إنَّ الله خبير بما
تعملون ). على غير المسلم أن يرفع
صوته ويقول للسلطة التي تقودها
أغلبية مسلمة إني أطالب بحق
المواطنة في هذه الدولة وبكل
مفردات المواطنة استناداً إلى
وثيقة المدينة التي خطها رسولكم
عندما دخل المدينة مهاجراً ،
وإلا فأنتم قوم تقولون ما لا
تفعلون . يستطيع المسيحي العربي
أن يضيف إلى كل هذا ، إذا شاء ،
أنه ابن هذا البلد كابر عن كابر
، وأجداده حملوا المسيحية
السمحة إلى عقر بلاد الفرنجة
فأسهموا في إيجاد قيم مشتركة
بين أهل الملة والآخر ، أقلها
الوصايا العشرة . أما أهل الفرق
والنحل من أهل الملة فلم يعد
هناك مبرر للتعصب لمقالة أو
لرجل أوجدتها قراءة فلسفية
باطنية في ظروف قهر واستبداد
فنحن في عصر أنعم الله به بوسائل
للبحث والمعرفة تجعلنا نأخذ
المعلومة من أصولها وتغنينا عن
مقالة شيخ خرف أو زنديق لعوب .
لقد بدد الخوف
المضفي إلى التقوقع وافتضح سراة
الفرق والنحل على رؤوس الأشهاد
على أنهم قوم جعلوا ( الأنا )
تستبح الإنسان وتجعل منه
كالأنعام أو أضل سبيلاً ، ومع
هذا كله لا يمكن حسم الجدل في
هذا الموضوع نظرياً فلا بد من
الممارسة والمضارعة ليتبن أي
الفريقين ( الأغلبية أم الأقلية
) أصدق قولاً وأحسن عملاً . لقد
وصلت إلى يقين أن الحياة
الاجتماعية في ادغال افريقيا
والأمازون في القرن التاسع عشر
وحياة البداوة والقبلية قبل
الإسلام أكثر إنسانية ورحمة
بالإنسان من العيش تحت كابوس
الاستبداد والطغيان . أما معالم
الحياة التي يبشر بها أهل
العولمة في
الهمجية ، يكون المستجير
بها كالمستجير من الرمضاء
بالنار . العودة إلى البرلمانية
هي عود على بدء ، ووضع الحصان
أمام العربة ، وقد يكون الزخم
الذي ستفرزه ممارسة البرلمانية
في العالم العربي الإسلامي أعظم
شأناً من الزخم الذي عرفته
أوربا في القرن الثامن عشر ، لأن
الإشكاليات التي واجهت الإنسان
الغربي آنذاك هي إيجاد الآلة
التي تطعم الناس وتأمنهم من خوف
، وقد حلت هذه المعضلة
بالعلم والتكنولوجيا . أما
اليوم فالإشكاليات تنحصر بكسر
طوق الاحتكار والهيمنة ، حيث
يعتبر الاستبداد والطغيان
سياجها الأول . إن أهم معينين
للاستبداد والطغيان هو
الأنانية الفردية والأنانية
العصبية ، التي تصنع الوثنية
والأساطير والخرافة والهلع
والإرهاب والعداوة والبغضاء
لتجعل منها واقع . حسي بصائري لا
تخطئه أعين الدهماء ، بل تجعل
الثقافة السائدة ثقافة الدهماء
لا مكان للتدبر والتبصر فيها .
عجيب أمر العالم الذي نعيشه .
إنه يرى رأي العين ، وربما مرار
في اليوم الواحد ، ما يبيت
للعالم من جحيم وطغيان . في
العراق وفلسطين ، بيوت تهدم
وأطفال تقتل ، وأشجار تقلع ،
ونساء ترمل ، وأسوار تشيد ، وكأن
المغول بعثوا من أجداثهم ينسلون
. يأمرون الناس فيطاعون ،
ولقتلهم يستسلمون ، وعليهم بالبعث والحساب
أن يكفرون . إن الاستبداد
والطغيان هما مجموعة قلاع يشد
بعضها بعض ، سواء على مستوى
القطر الواحد أم على مستوى
العالم بأسره ، ولا يمكن
إسقاطها دفعة واحدة ، وقد
شاهدنا ذلك في الاتحاد السوفيتي
وفي كل الأنظمة الشمولية . من
هنا لابد من إسقاط قلاع
الاستبداد وثقافة الاستبداد
خطوة خطوة مع عدم الدخول في
مساومة مع ثقافة الاستبداد . إن
تجربة الأمم في هذا المضمار
غنية جداً وتحتاج منا معرفة
ماهيتها وكنهها . إن عملية
التخلص من الاستبداد في انكلترا
بدأت من طرح إشكالية السلطة
المطلقة في مقابل البرلمانية
فأدى هذا الطرح إلى حرب أهلية
استغلت فضائع الحرب الأهلية
لتبرير شرعية السلطة المطلقة
وتغول الدولة التى تفرض هيبة
النظام بالقوة والقسوة
والجبروت ، وبررت هذه الإجراءت
لمنع عودة الفتنة والحرب
الأهلية . وقد نظّر لهذه المقالة
هوبز حيث رأى المجتمع عبارة عن
قطيع من الذئاب كل يريد أن يفتك
بالآخر ولفرض سلوك التعايش بين
الذئاب لابد من الدولة والسلطة
القوية . هذه الفلسفة ( الهبزية )
للدولة والمجتمع والسلطة هي عين
سياسة الملك التوراتيه لبني
إسرائيل ، وهي التي تقود معظم
صناع القرار في الولايات
المتحدة الأمريكية سواء في
سياستهم الداخلية أو في سياستهم
الخارجية . إن انتظار العون من
أمريكا لإقامة نظام ديمقراطي
تعددي هو من نوع إنتظار إبليس
دخول جنة الخلد بدون حساب .
البرلمانية في الولايات
المتحدة الامريكية صورية
وهزيلة وليس لها وظيفة
البرلمانية في الدول الغربية .
المؤسسات البرلمانية الأمريكية
معلمة غير ملزمة وليس بمقدورها
أن تقوم بحلقة الوصل بين السلطة
التنفيذية ومؤسسات المجتمع
المدني ، ولذلك فتقويم سياسة
السلطة التنفيذية رهن بنشاط
وقوة مؤسسات المجتمع المدني أو
تدخل السلطة القضائية . نيكسون
لم يقال من قبل المؤسسات
البرلمانية وإنما من قبل القضاء
بعنى أنه ارتكب جرماً . لم تستطع
المؤسسات البرلمانية إيقاف حرب
فيتنام ، وإنما التمرد الشعبي
وضغط مؤسسات المجتمع المدني .
أدلة كثيرة في التاريخ السياسي
الأمريكي تعزز ما ذهبنا إليه .
الشيء الإيجابي في النظام
الأمريكي هو تداول السلطة
القسري حيث يحرم على الرئيس
التمديد لولاية ثالثة . لولا
وجود هذه الآلية لكان رئيس
الدولة اليوم كلينتون أو أي
طويل عمر آخر . رأس الدولة في
الولايات المتحدة ينتخب من قبل
الشعب مباشرة وبنظام بمنتهى
التخلف بمجرد حصول أحد المرشحين
على بضع أصوات أزيد من المرشح
الآخر في أحد الولايات يحصل على
مجموع أصوات الناخبين للرئيس في
هذه الولاية أي عملية إقصاء
كاملة للرأي الآخر . إن انتخاب
رأس الدولة وبالتالي السلطة
التنفيذية عبارة عن صناعة
إعلامية ، حيث للمال والدهماء
النصيب الأوفر في أسهم هذه
الصناعة . الفقه السياسي
الأوربي والإسلامي يرفض مثل هذه
الصناعة وسنرى لاحقاً من خلال
دراسة قانون الانتخابات
الألماني الهوة العميقة التى
تفصل بين البرلمانية الأوربية
والألمانية بشكل خاص والمشهد
الكريكاتوري للبرلمانية
الأمريكية وعملية الاقتراع
. أما ؛ لماذا يرفض الفقه
السياسي الإسلامي صناعة
الأكثرية على الطريقة
الأمريكية ويقترب حتى يلامس
الفقه السياسي الأوربي ؟ . لأن
المنطلقات والمعاير في اختيار
من يمثل الشعب تكاد تكون
متطابقة ، الإضافة التي يقدمها
الفقه السياسي الإسلامي هي أن
الإسلام يقصد
ويتوخى العدل وليس الحياد
كما هو الحال في دولة الحداثة
الغربية . المجتمع بالنسبة
للفقيه المسلم عصبيات وقبائل
وليس كم لا لون له ولا طعم ،
ولهذا يسعى الفقيه المسلم إلى
السمو بهذه العصبيات والقبائل
وليس إلغاؤها أوتجاهلها . على كل
حال سأشير في حينها إلى هذه
الفروق بموضوعية .
سأحاول ، عند تبيان وشرح
قانون الانتخابات في جمهورية
ألمانيا الاتحادية ، أن أجعل
أرض المسرح هو الجمهورية
العربية السورية حيث الأماكن
والأسماء مألوفة لتقريب المشهد
الانتخابي إلى القارئ العربي .
نظام الانتخابات العامة :
هناك
نظامان رئيسيان للانتخابات
معمول بها في العالم لاختيار
أعضاء المجلس النيابي (
البرلمان ) في أي دولة في العالم
. الانتخابات بالأكثرية
والانتخابات النسبية . نظام
الانتخابات بالأكثرية يتطلب
تقسيم المنطقة الانتخابية إلى
دوائر انتخابية متساوية العدد ،
على سبيل المثال محافظة
ديرالزور التي يبلغ عدد سكانها
مثلاً 1,5مليون نسمة ، وفق نظام
الانتخابات بالأكثرية يجب أن
تقسم المحافظة إلى 15 دائرة
انتخابية ، اى بمعدل قدره 100 ألف
نسمة لكل دائرة انتخابية يمثلها
في المجلس النيابي نائب واحد .
هذا التقسيم يجلب صعوبات عملية
ويخلق حزازات وهرج ومرج يجعل
تحقيق التقسيم العادل صعب
المنال ، إن لم يكن مستحيلاً .
ولنفرض أن التقسيم حصل بشكل "
مرضي " عند ذلك يطرح السؤال
التالي . ماهي الشروط التي يجب
أن تتوفر بالمرشح ليعتبر فائزاً
بالمقعد النيابي عن الدائرة
التي يراد تمثيلها ؟ . هناك
اجتهادان الأول مطبق في فرنسا Assemble’e Nationale حيث يتنافس المرشحون في
الدائرة الانتخابية على المقعد
. يعتبر أحد المرشحين فائزاً عند
حصوله على أكثر من 50% من مجموع
الأصوات المعتبرة بعد الاقتراع
، وفي حالة عدم فوز أحد المرشحين
بهذه النسبة يعاد الانتخاب بين
المرشحين اللذين حصلا على أعلى
الأصوات في الدورة الأولى ،
ويعتبر فائزاً في المقعد
الانتخابي من يحصل على أكثر
الأصوات . هناك اعتراضان
معتبران على هذه العملية
الانتخابية . الأول يرى أن هذه
العملية تقصي عملياً رأياً
سياسياً لناخبين
قد تصل نسبتهم إلى 49% من
الحضور على ساحة صنع القرار .
الثاني إن عملية إعادة
الانتخابات في حالة عدم حصول
أحد المرشحين
في الجولة الأولى على نسبة51%
تحمل في ثناياها مخاطر عديدة ،
منها أن عملية الإعادة تعتبر
عملية انتخابية جديدة بمعطيات
جديدة وبتوجه جديد وتحالفات
جديدة متأثرة إلى حد بعيد
بنتائج الدورة الأولى . كما تسوف
عملية الحسم الضرورية وتفسح
المجال لأجواء الهرج والمرج
التي تخلقها طبيعة العملية
الانتخابية نفسها ، وهذا ما دعى
المشرع الانكليزي إلى الأخذ
بنظام الحسم النسبي في انتخاب
البرلمان House
of Commons
، حيث يعتبر فائزاً بمقعد
الدائرة الانتخابية من حصل في
الدورة الأولى على أكثر الأصوات
مهما كان نسبتها إلى نسبة
الأصوات المعتبرة . النموذج
الفرنسي أو الانكليزي يقودان
إلى شخصنة الاختيار ويحجمان من
أهمية البرامج والمناهج
السياسية كما يعطيان أهمية
مفرطة للأعيان ونجوم المجتمع
المسكونة ( بلأنا ) والنرجسية
المفرطة . أخذ المشرع الألماني
بنظام الانتخابات النسبي ، وذلك
بعد أن وقف على مواطن الخطأ
والصواب في كلا النظامين
الفرنسي والانكليزي ، اللذان
طبقا في المانيا قبل الحرب
العالمية الثانية . الانتخابات
النسبية لا تعني نسخ العملية
الانتخابية نفسها وإنما تقيمها
بطريقة حسابية مختلفة ، أي إن
نتائج انتخابات الدوائر
الانتخابية يعاد توزيعها على
المنطقة الانتخابية بقضها
وقضيضها ، فيصبح المركز
الانتخابي ذا قيمة إدارية رمزية
وتنتقل أهمية المركز الانتخابي
إلى المنطقة الانتخابية
وتستغني عن عملية التوزيع
بالتساوي للمراكز الانتخابية
التي لايمكن انجازها دون هرج
ومرج وبشكل قسري . المشرع
الألماني يجعل المنطقة
الانتخابية أو الولاية بأسرها
مركز انتخابي ويمثل المنطقة
الانتخابية عدد من النواب بنسب
عدد السكان . كما يرجح المشرع
الألماني البرنامج أو المنهج
على الشخص دون أن يلغي أهمية
الشخص الذي ينأى بنفسه من
الانخرط في أحد القوائم
الانتخابية أو الاحزاب
المتنافسة . لنبقى بمحافظة
ديرالزور ونطبق عليها نظام
الانتخابات النسبي المطبق في
ألمانيا . افترضنا أن عدد سكان
المحافظة 1,5 مليون نسمة ونصابها
من المجلس النيابي 15 نائب . يقدم
للناخب ورقة الاقتراع وضرف توضع
فيه الورقة بعد الاقتراع . تختم
الورقة الانتخابية بخاتم
اللجنة الانتخابية بعد التأكد
من ورود أسم الناخب على قائمة من
يحق لهم الانتخاب وتتستلم
اللجنة الانتخابية البطاقة
الانتخابية التي أرسلت إلى
الناخب وتحتفظ اللجنة بها . في
حالة عدم وصول البطاقة
الانتخابية أو فقدانها يمكن
للناخب أن ينتخب بدون البطاقة
الانتخابية بشرط أن يقدم ما
يثبت هويته الشخصية ، مثل
الهوية الشخصية أو جواز سفره
ومطابقة ذلك مع القائمة
الانتخابية ، ولكي لا يسمح
للناخب أن يدلي أكثر من مرة
بصوته . يحدد لكل ناخب مركز
انتخابي معين يدلي بصوته فيه ، لستبعاد أن ينتخب مرة ببطاقته
الانتخابية ومرة أو مرات
ببطاقته الشخصية . يستعمل في بعض
الدول حبر خاص يوضع على الابهام
الأيمن بعد أن يدلي الناخب
بصوته ، كما في الهند ، للوصول
إلى نفس الغرض ، أي عدم تكرار
عملية الاقتراع أكثر من مرة . في
ألمانيا يعطى الناخب الذي فقد
بطاقته الانتخابية أو لم تصل
إليه قبل موعد الانتخابات بطاقة
بديلة تضم إلى بطاقات المقترعين
بعد الاقراع . الغاية من هذه
العملية هو التأكد من أن عدد
أوراق الاقتراع أو الضروف
متطابق مع عدد البطاقات
الانتخابية . قبل عملية فرز
الاصوت التي تجري علنية ، أي يحق
لكل مواطن أن يراقب عملية
المطابق والفرز عياناً . عملية
المطابقة مضاعفة . التأكد أن عدد
المقترعين وفق قائمة الناخبين
مطابق لعدد البطاقات
الانتخابية التي جمعت من
المقترعين مضاف إليها البطاقات
البديلة لمن فقد بطاقته الأصلية
. يندر أن يكون هناك فارق يذكر
لأن العملية الانتخابية تجري
بهدوء واحترام
، ثم تفّرغ صناديق
الانتخابات الاقتراع وتعد
اللجنة أوراق الاقتراع أو
الظروف التي تحتويها قبل فضها
والتأكد من مطابقة عددها مع عدد
الطاقات الانتخابية وعدد
المقترعين حسب قائمة الناخبين ،
فإذا حصل التطابق تبدأ عملية
الفرز العلني وبدقة متناهية .
عملية الفرز وفق النظام
الألماني أسهل وأسرع من النظم
الأخرى حيث يمكن معرف التوجه
العام بعد ربع ساعة من بدء عملية
الفرز ، حسب قوانين رياضية
إحصائية معروفة عند أهل
الاختصاص ، حيث تأخذ عينات
معبرة عن الوسط الانتخابي . أن
الورقة الانتخابية نفسها تسهل
على المقترع الانتخاب ،وعلى
اللجنة الانتخابية عملية الفرز
. ورقة الانتخاب مقسومة طولياً
إلى قسمين . الجانب الأيمن يضم
أسماء المرشحين فردياً أو أسم
رئيس القائمة الانتخابية
ونائبه أو رئيس القائمة الحزبية
ونائبه مضافاً إليهما أسم الحزب
اللذان ينتميان إليه . القائمة ،
التي استوفت الشوط القانونية ،
تتمتع بنفس الميزات التى تعطى
للأحزاب المعتمده قانونياً ( تحصل القائمة على نفس
شروط الأحزاب الرسمية عندما
يتقدم القائمين عليها بعدد معين
من التواقيع ، 2000 توقيع ، إلى
الجهات المختصة أو القضائية
المختصة لخوض المعركة
الانتخابية ) . الشق الأيسر من
الورقة الانتخابية يضم أسماء
الاحزاب أو القوائم الانتخابية
مقابل وعلى نفس النسق لمرشح
الحزب أو القائمة الانتخابية .
يتمتع الناخب بصوتين انتخابيين
الأول يعطى للمرشح مباشرة أي في
الشق الأيمن من الورقة
الانتخابية والثاني يعطى للحزب
أو القائمة الانتخابية . قد يعطي
الناخب صوته الأول إلى أحد
المرشحين الأفراد ويعطي الصوت
الثاني إلى أحد الأحزاب أو
القوائم الانتخابية أو يعطي
صوته الأول للمرشحين المباشرين
لأحد الاحزاب أو القوائم
الانتخابية والصوت الثاني لحزب
آخر أو قائمة أخرى . لا قيمة
للصوت الثاني لمرشح
يتقدم للانتخابات كفرد ،
لأن نجاحه يتوقف على عدد
الأصوات التي يحصل عليها من
الصوت الأول ، فإذا حصل على
أصوات تجعله في عداد
النواب الفائزين عن المنطقة
الانتخابية فالصوت الثاني لا
قيمة له ، في المثال التوضيحي
الذي ضربناه 15 حيث افترضنا أن
عدد النواب المخصص لمحافظة دير
الزور هو 15 . ليكي يسمح لفرد أن
يتقدم للانتخابات العامة كفرد
يجب ، كما في القائمة
الانتخابية ، أن يحصل على 2000
توقيع من مواطنين يحق لهم
الانتخاب تقدم إلى اللجنة
المختصة لاعتمادها ، وكانه
قائمة انتخابية بعنصر واحد .
يسعى المشرع الألماني لتخفيف
قيود الترشح ليراعي حق المساواة
من جهة وإشباع النزعات الفردية
من جهة أخري . في حالة حصول مرشح
فرد على أصوات كافية لنجاح أكثر
من مرشح فالأصوات الفائضة عن
حاجته تعتبر لاغية أو عديمة
الفائدة لأن التوزيع النسبي
يجعلها من نصيب الآخرين .
الترشيح الفردي حالة نادرة ولكن
حالة محتملة . ربما في البلاد
العربية أكثر احتمالاً لتجذر
الأنانية .
تقوم اللجنة الانتخابية بفرز
الاصوات وتعطي كل ذي حق حقه ،
فالمرشحين المباشرين في الشق
الأيمن يأخذون نصيبهم من الصوت
الأول وتأخذ
الأحزاب والقوائم الانتخابية
نصيبها من الصوت الثاني . توزيع
المقاعد على الأحزاب والقوائم
والأفراد يتم حسب قانون رياضي
يحمل أسم عالم الرياضيات
البلجيكي الأصل دي هونش D honch . السؤال : ماهو القصد من
الصوت الثاني ؟ الصوت الثاني هو
الذي يحدد نسبة الفوز وبالتالي
عدد النوب الذين سيمثلون الحزب
أو القائمة في المجلس النيابي .
أي الأكثر حسماً في تحديد الطيف
البرلماني أو النيابي ، كما
يساعد على تكتيل القوة
الانتخابية للأحزاب الصغيرة بل
يساعدة الاحزاب الصغيرة في
اجتياز العقبة القانونية 5% بقصد
التحالف معها
لتكوين أغلبية برلمانية ،
وهذا يتطلب وعي بأهمية
التحالفات في العمل السياسي ،
ليس عند الطبقة السياسية وقادة
الاحزاب فحسب ، وإنما أيضاً عند
الناخب . لنفرض أن الحزب ( آ ) حصل
على 51% من الصوت الأول فحصل على
ثمانية مقاعد مباشرة ، بينا فاز
57% من الصوت الثاني مما يخوله
الحصول على مقعد إضافي ، أي تسع
مقاعد بدلاً من ثمانية ، ينتزع
المقعد التاسع من المرشحين
الأخرين لصالح الحزب الذي حصل
على نسبة 57% من الصوت الثاني . قد
يحدث العكس أي نسبة الصوت الأول
تسمح للحزب بالحصول على تسع
مقاعد بينما الصوت الثاني لا
يعطي الحزب أكثر من ثمانية
مقاعد والاحزاب المنافسة حصلت
بقوة الصوت الثاني على بقية
المقاعد المخصصات للمنطقة أي 7 ،
في مثالنا عن محافظة ديرالزور 15
، عند ذالك يعطى للحزب حقه كما
حددته نسبة الصوت الأول دون أن
ينتزع من الاحزاب المنافسة ذلك
المقعد . أي يضاف إلى نصاب
المنطقة الانتخابية مقعد آخر
ويصبح 15 + 1 هذه الإضافة لها
مايبررها من العقل والمنطق
والزخم الانتخابي . العقبة
القانونية أو الحاجز القانوني
الذي يلغي الأصوات التي حصلت
عليها الأحزاب دون الحاجز القانوني 5% ( في تركيا 10%
) هو من المواضيع الجدلية في
الأوساط السياسية والقانونية
ولكل الفرقاء حجته المعتبرة .
المدافعون عن الحاجز القانوني
مع التمسك بنظام الانتخابات
النسبي يرون أن الانتخابات
النسبية تسمح بالتعددية
السياسية إلى درجة قد يتعذر
فيها تشكيل أغلبية برلمانية
تضطلع بمهام السلطة . كما تلزم
الاحزاب ، صغيرة أوكبيرة ، أن
تخفيف من عنجهيتها
الأيديولوجية وعنفوان برامجها
السياسية لتلتقي مع الأحزاب
الأخرى من أجل تكوين أغلبية
برلمانية تضطلع بمهام السلطة .
ولكي لا تبتز الأحزاب الصغيرة
وأصحاب الخصوصيات وأهل النحل
والفرق الأحزاب الكبيرة وتفرض
أولوياتها دونما حق ، يصبح
الحاجز القانوني إجراء مقبول
تمليه ضرورة الحسم ومنع الهرج
والمرج الذي يفقد السلطة هيبتها
ووقارها لإنفاذ الأمر . أي تحجيم
تمليه ضرورة الحسم للتعددية
سياسية متحررة ، ومع هذا يبقي
نظام الانتخابات النسبي أرحب
صدراً بالتعددية السياسية من
نظام للتعددية سياسية متحررة ،
ومع هذا يبقي نظام الانتخابات
النسبي أرحب صدراً بالتعددية
السياسية من نظام الانتخابات
بالأكثرية المعمول به في فرنسا
أو بريطانيا ، كما أن النظام
الفرنسي الرئاسي يحجم
البرلمانية أصلاً ، حيث ينتخب
رئيس الجمهورية مباشرة من قبل
الشعب وبصلاحيات دستورية واسعة
انتزعت من المجلس النيابي
والوزارة لصالح الرئاسة هذا
بالإضافة إلى أن نظام
الانتخابات بالأكثرية يقصي رأي
أو طيفأً سياسياً ، ولو مؤقتاً
،عن التواجد على ساحة صنع
القرار ولو بالرأي والمشورة .
لهذا يعتبر الحقوقيون أن
الانتخابات النسبية أشد رحابة
بالتعددية من نظام الأكثرية حتى
في انكلترا ، غير الرئاسي ، لأنه
النظام الإنكليزي يحابي
الأكثرية والشخصيات السياسية
التقليدية بشكل مفرط . السؤال
الآخر هو : ماهو الارتفاع
المعقول والمقبول للحاجز
القانوني ، 3% كما في بعض الدول
الاسكندنافية ، 5% كما في
ألمانيا ، 10% كما في تركيا ؟ من
المسلم به أن تحجيم
التعددية يتناسب طرداً مع
ارتفاع الحاجز القانوني ، كما
قد يصيب الفكر السياسي والتجديد
والمبادهة في الصميم ، وقد يعوق
بفاعلية نشوء أحزاب وبرامج
وإطروحات سياسية جديدة . لهذا
يسعى المشرع الألماني إلى
التخفيف من وطأة هذا الحاجز
والالتفاف عليه بإجراءات
معقوله منها السماح للأحزاب
الصغيرة التي لم تستطيع بالصوت
الثاني تجاوز حاجز 5% ولكنها
حصلت على ثلاث مقاعد نيابية
مباشره من الصوت الأول عند ذلك
يسمح للحزب أن يمثل بكافة
النواب التي توجبها نسبة الصوت
الثاني . لنفرض
أن حزب ما حصل على نسبة 4,2% من
الصوت الثاني وتمكن ثلاثة من
مرشحي الحزب الحصول على ثلاث
مقاعد مباشرة من الصوت الأول ؛
عند ذلك تترجم هذه النسبة إلى
عدد من النواب ، في المثل
الألماني حوالي 24 نائب ، من
بينهم 3 مقاعد مباشرة فيكون بذلك
عدد نواب الحزب 24 نائباً بدلاً
من ثلاثة فقط . في دولة كسورية
أرى أن الحاجز القانوني يجب أن
لا يتجاوز 3% مع الأخذ بالإجراء
المكمل الذي شرحته أنفاً .
يتبـــع
* باحث في
الفقه السياسي الإسلامي
المعاصر
|