العلاقات
السورية ـ العراقية
مرحلة
جديدة ؟
سميث
ويكاس
معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنى -
8/2/2007
ترجمة
: قسم الترجمة / مركز الشرق
العربي
سميث
ويكاس: زميل زائر في معهد
واشنطن يركز على سياسة سورية
الداخلية والسياسة الخارجية.
وقد ساعدت رنا شاب وهي باحثة
مساعدة في المعهد في تحضير هذه
المتابعة السياسية.
لقد بدأت كل من سورية والعراق
مرحلة جديدة في علاقتهما منذ
شهرين مع استئناف العلاقات
الديبلوماسية وزيارات وزير
الخارجية السورية وليد المعلم
إلى بغداد والرئيس العراقي جلال
الطالباني إلى دمشق. في نفس
الوقت، تابعت الولايات المتحدة
انتقاد سورية لعدم كفاءة
مراقبتها لحدودها مع العراق. في
حين تتظاهر بترحيبها للارتباط
في العراق، أنهت سورية سياسة
الباب المفتوح التي تتبعها تجاه
اللاجئين العراقيين، واضعة
مصالحهم جانباً في هذه المرحلة
الجديدة من العلاقات الثنائية.
التحركات على الجبهة
الديبلوماسية:
في أواخر تشرين الثاني/2006، أعلن
الوزراء السوريون ووزراء
الخارجية العراقيون أنهم
سيستعيدون العلاقات
الديبلوماسية بعد انقطاع استمر
ربع قرن تقريباً.
ورغم احتفاظ الاثنين
بعلاقات خلال التسعينات، عندما
تحدى العراق عقوبات الأمم
المتحدة عن طريق بيع النفط عبر
سورية، إلا أن دمشق لم تحتفظ
بسفارة لها في بغداد. زار المعلم
بغداد لأول مرة في 22/ تشرين
ثاني، وتحدث إلى مسؤولين
عراقيين رفيعي المستوى، بمن
فيهم رئيس الوزراء نوري المالكي
والرئيس الطالباني خلال زيارته
التي استمرت يومين إلى العاصمة.
في 11/كانون أول رفعت السفارة
العراقية في دمشق العلم العراقي
في وجود مسؤولين من وزارتي
الخارجية والداخلية العراقيين،
في حين جرت مراسم مشابهة في
السفارة السورية في بغداد.
بعد شهرين تقريباً من فتح هذه
السفارات كان على السوريين
إرسال سفير، وإن كان القائم
بالأعمال، بكر عشار يقيم حالياً
في بغداد. إضافة إلى الأردن
والجامعة العربية.. والتي أعلن
سفيرها أنه سيستقيل في وقت لاحق
هذا الشهر.. ولم تعتمد أي دولة
عربية سفيراً لها في بغداد.
بعد افتتاح السفارة العراقية في
دمشق بوقت قصير قام كل من وزير
الداخية السوري بسام عبد المجيد
ووزير الداخلية العراق جواد
البلاني بتوقيع اتفاقية دفاع
مشترك تستمر خمس سنوات. وقد
اشتملت بنودها على تبادل
المعلومات المتعلقة بالقتال ضد
الإرهاب والجريمة المنظمة، بما
في ذلك تهريب وتزوير الوثائق،
وتشديد أكبر للرقابة على الحدود
المشتركة، وتدريب وحدات القوات
العراقية الخاصة. السؤال الكبير
هو إلى أي مدى ستشدد الحكومة
السورية إجراءاتها ضد انتقال
المقاتلين الأجانب من سورية إلى
العراق، وهو الأمر الذي انتقدت
إدارة بوش النظام بسببه بشكل
مستمر. عندما زار الطالباني
دمشق في كانون الثاني، كان أول
رئيس عراقي يفعل ذلك منذ ثلاثة
عقود تقريباً. وقد رافقه في
زيارته التي استمرت ستة أيام
أعضاء من جميع الكتل البرلمانية
العراقية، وكذلك ممثلين لكل من
جيش المهدي (جيش مقتدى الصدر)
وفيالق بدر من المجلس الأعلى
للثورة الإسلامية في العراق،
واللذين يقود كليهما عبد العزيز
الحكيم. وقد تلت الزيارة إعلان
الرئيس بوش عن استراتيجية جديدة
في العراق تتضمن نشر 21500 جندي
إضافي للمساعدة في نشر الأمن في
بغداد. وفي حين رفضت دمشق توصيات
تقرير مجموعة دراسة العراق لبدء
حوار مع سورية، فإن زيارة
الطالباني تشير إلى أن العراق
مهتم برؤية ما إذا كانت سورية
تتولى دوراً نشيطاً وإيجابياً.
في نهاية زيارة الطالباني في
كانون الثاني، أصدر الطرفان
بياناً يؤكدان فيه مصالحهما
الأمنية المشتركة، مقدمين
نقداً مشتركاً لجميع أشكال
الإرهاب ضد العراقيين، وضد (البنى
التحتية، وأماكن العبادة،
والمؤسسات العسكرية والمدنية).
وألزموا أنفسهم بهدف (إنهاء
التواجد العسكري الأجنبي في
البلاد).
خلال الزيارة وقع المسؤولون
العراقيون والسوريون عدداً من
الاتفاقيات في قضايا اقتصادية
ومالية وقضايا النفط. في حين
توصل وزراء الخارجية إلى
اتفاقيات ثنائية إضافية. ورغم
أن العراق مقتنع بأن الأمن هو
أساس النمو الاقتصادي، دفع
السوريون باتجاه مظلة سياسية
واقتصادية تؤدي إلى الأمن.
إضافة إلى ذلك، وكغصن زيتون
مقدم إلى سورية، انتقد
الطالباني (قانون البعثنة)
العراقي، وقابل القيادة
البعثية الإقليمية في دمشق
وأعلن استعداده للتعاون مع
البعثيين العراقيين الذين
عملوا ضد نظام صدام حسين.
بالنظر إلى أداء النظام حتى هذا
التاريخ فإن استعداد سورية
للسير وفق هذه الاتفاقية سيكون
قضية رئيسية للمتابعة. خلال
مقابلة أخيرة مع أخبار (إيه.بي.سي)
صرح الرئيس بشار الأسد أن (بلاده
ليست اللاعب الوحيد ولكنها
اللاعب الرئيسي في هذه القضية) (العراق).
ورغم ذلك، إنه مايزال على سورية
أن تظهر للمجتمع الدولي أنها
منخرطة بنشاط في تعزيز استقرار
وأمن العراق. لقد أدلت دمشق بعدة
تصريحات حول الموضوع منذ عام 2003،
ولكنها لم تحدث تغييراً ملموساً
على الأرض.
اللاجئون:
بعد هذه التبادلات الديبلوماسية
رفيعة المستوى مباشرة، فرضت
سورية تقييدات على أذونات
الإقامة الممنوحة للاجئين
العراقيين. فمنذ اجتياح
الائتلاف في 2003، رحبت سورية
بالعراقيين الهاربين من
موطنهم، بإصدار وزير الداخلية
السوري أذونات إقامة مدتها
ثلاثة أشهر قابلة للتجديد. إلا
أنه في وقت سابق من هذا الشهر،
توقفت سورية عن متابعة هذه
السياسة واستبدلتها بأذونات
إقامة ممنوحة لخمسة عشر يوماً
يمكن تجديدها فقط مرة واحدة
وفقط عندما ترفق بوثائق معينة.
كما أنها علقت الرحلات العراقية
الجوية إلى دمشق.
وقد استنكر الناطق باسم الحكومة
علي الدباغ الإجراء الجديد،
مضيفاً أن (نصف عمليات القتل
والتفجيرات في العراق يقوم بها
متطرفون عرب قادمون من سورية).
في 5/شباط، نظم ما يقرب من 200 لاجئ
عراقي مظاهرة خارج مكتب المسؤول
الأعلى للأمم المتحدة للاجئين
في دمشق، طالبين المساعدة.
ويقوم رئيس المكتب انطونيو
جاثرس حالياً بجولة تشتمل على
زيارة إلى سورية لمناقشة أزمة
اللاجئين العراقيين.
إن إجراء الإقامة السوري الجديد
هو تغير سياسي جذري. ففي السنوات
القليلة الماضية كانت سورية
تسمح للعراقيين بالحياة في
المدن والقرى السورية،
واستخدام الخدمات الطبية
السورية، وإرسال أطفالهم إلى
المدارس السورية العامة. إلا أن
الوضع الآن مختلف عما كان عليه
عشية الاجتياح في آذار 2003.
فوفقاً لإحصائية المفوض الأعلى
للاجئين منذ كانون أول 2003، فإن
هناك عدداً يقترب من 600 ألف لاجئ
عراقي في سورية مما يجعلها
مضيفة لأكبر عدد من اللاجئين من
هذه الدولة في العالم العربي.
ويهيمن العراقيون والأعمال
التي يمتلكونها على ضواحي كاملة
داخل دمشق وخارجها. وقد ارتفعت
أسعار التملك الفعلي والطعام في
دمشق وضواحيها بشكل مفاجئ في
السنوات الثلاثة الأخيرة، كما
كانت هناك شكاوى من المدارس
المزدحمة. ويلقي عديد من
السوريين اللوم على العراقيين
بسبب الارتفاع المفاجئ في
معدلات الجريمة.
وفقاً للاسوشييتد برس، فإن ما
يبلغ عدده 300 ألف من العراقيين
اللاجئين في سورية هم من الشيعة.
وباعتبارها موطناً تقليدياً
لكل من الشيعة العراقيين
والإيرانيين فقد شهدت ضاحية
السيدة زينب انفجاراً في أعداد
سكانها من الشيعة العراقيين.
وقد صرح محافظ الضاحية، عادل
عنوز، في تشرين أول 2006، أن سكان
الضاحية العراقيين قد ازدادوا
بسرعة كبيرة ليبلغ عددهم 100 ألف
شخص، وهم يمثلون حوالي مجموع
السكان. إن التأثير العراقي على
المنطقة واضح، كما أضاف عنوز،
ملاحظاً شيوع اللهجة العراقي،
وأكشاك الطعام وأساليب ارتداء
الملابس العراقية.
خاتمة:
إن إعادة سورية تأسيس العلاقات
الديبلوماسية مع بغداد بعد
حوالي ربع قرن قد تشير إلى أنها
مستعدة للبدء بلعب دور إيجابي
في مستقبل العراق. كما تفهم
سورية كذلك أن حرية العبور التي
منحتها للاجئين العراقيين
الذين يعيشون في العاصمة لا
يمكن الاحتفاظ به أكثر من ذلك،
فمصادرها قد شدت إلى الحد
الأقصى. إن توقيت تقييد أذونات
الإقامة الجديد يشير إلى مرحلة
جديدة في العلاقات السورية ـ
العراقية، حيث تكون التحركات
الثنائية على حساب إعانة
العراقيين المهجرين. بعد تصريح
مشترك يشجب الإرهاب ويؤكد على
الدعم السوري للمصالحة
الوطنية، والتجديد الأمني،
والتعاون الاقتصادي، فإن
تحركات سورية فقط ستحدد فيما
إذا كانت جادة حيال استقرار
العراق. أو فيما إذا كانت تقدم
ببساطة خطاباً حماسياً.
|