دروز
الجولان يتساءلون
عن
الأفضل
سيث
ويكاس: زميل
زائر في معهد واشنطن لسياسة
الشرق الأدنى. وقد كتب هذ
التعليق للديلي ستار.
الديلي
ستار - بيروت ـ 6 شباط 2007
ترجمة
: قسم الترجمة / مركز الشرق
العربي
في وقت سابق من هذا الشهر، وعندما
كشفت صحيفة هآرتز الإسرائيلية
اليومية تفاصيل محادثات سلام
سورية إسرائيلية سرية وغير
رسمية، أثارت مرة أخرى قائمة
مألوفة من الأسئلة والمخاوف
التي تثار كلما تفاوضت سورية
وإسرائيل: هل ستعيد إسرائيل
لسورية كل مرتفعات الجولان؟
وكيف ستتم المشاركة في مصادرها
المائية؟ وهل يستطيع أي من
الجانبين الثقة بالطرف الآخر
كشريك حقيقي؟ وماذا عن الناس
الذي يعيشون فعلياً في الجولان؟
ليس الـ20 ألف مستوطن يهودي
الذين قاموا ببناء 24 مستوطنة
هناك منذ 1967، أو 2000 علوي الذين
يعيشون في قرية الغجر المقسمة
على طول الحدود اللبنانية. بل ما
الذي سيحدث للـ20.000 عربي الذين
يعيشون في أربع قرى مجدل شمس،
وعين قينة، ومسعدة وبقعاتا في
القطاع الشمالي الشرقي من
المرتفعات؟ إن مستقبل عرب
الجولان، والذين هم من الدروز،
يوضح الجانب الإنساني لتعاملات
الأرض مقابل السلام. كما أنه
يلقي الضوء على خواء الخطاب
السوري حيال إخوانه في الجولان
المحتل، إلى جانب الدافع
الاقتصادي لدى القرويين الدروز
للعودة إلى سورية حيث يتوقعون
أن يصبحوا أفقر.
إلا أن الدوافع الاقتصادية ليست
كل شيء. لقد مر دروز الجولان
بأيام اضطرابات في أوئل عقد
الثمانينات، عندما كانوا
يقومون باضطرابات للتظاهر ضد
محاولات الحكومة الإسرائيلية
لفرض المواطنة عليهم. وقد تم
اعتقال المئات، ويتابع بعضهم
المعاناة في السجون
الإسرائيلية. يحمل ما يقل عن 10%
من الدروز المواطنة
الإسرائيلية، مما ينتج عنه
تعرضهم للنبذ الاجتماعي. ويتابع
الدروز الحديث عن الـ40 عاماً من
الاحتلال الإسرائيلي، وتقييدات
السفر، والسجناء السياسيين،
والتواجد المستمر للألغام
الأرضية المخفية في أراضيهم.
ولكن (رفضهم للمواطنة، لم يغير
حياة الدروز في قراهم كما أنه لم
يضعهم في مأزق في الخارج. بغض
النظر عن وضعهم القانوني، يذهب
جميع السكان إلى المدارس
الإسرائيلية (والتي تعلم
التوراة والعبرية)، ويدفعون
الضرائب ويتمتعون بالخدمات
الحكومية مثل الماء والكهرباء.
يقوم رجال الدين الدروز بزيارة
نظرائهم في سورية مرة في العام،
ويسمح لخريجي المدارس الثانوية
بدراسة أي فرع يختارونه في
جامعة دمشق، بلا مقابل، بغض
النظر عن درجاتهم التي حصلوها
في المدارس الثانوية، وعن
أدائهم في الامتحانات. في عام 1986،
عندما أوقفت الحكومة
الإسرائيلية جهودها (لأسرءلة)
السكان، أهملت المنطقة وسمحت
للقرى بدرجة عالية من الاستقلال.
كل المخاتير يتوجب أن يكونوا
مواطنين إسرائيليين وأن يتم
اختيارهم من قبل وزارة الداخلية
الإسرائيلية. رغم ذلك، فإن
ثلاثاً من القرى ليس لديها
مخاتير. رغم ذلك، فإن هناك نسبة
ضئيلة من الجريمة وأمور القرى
تسير بشكل جيد.
عندما يأتي الحديث عن عودة
مستقبلية إلى سورية فإن معظم
مخاوف سكان الجولان هي قضايا
اقتصادية. ففيما هم ليسوا
أغنياء مثل مترفي تل أبيب، فإن
لدى السكان معايير حياة تتجاوز
إلى درجة كبيرة تلك التي لدى
نظرائهم على الجانب السوري من
الحدود. وقد أخبرني أحد سكان
كبرى القرى، مجدل شمس، في زيارة
أخيرة أن (الحياة كلها إنما هي
تدور حول الشيكلات). يعمل
المحليون بجد سواء أكان ذلك في
الزراعة، أو البناء، أو الخدمات.
وهم لا يهتمون كثيراً بالسوريين
والذين، هم في فكر الكثير من
الجولانيين، (يشربون الشاي
وينامون طوال النهار). ففي سورية
نادراً ما يترجم العمل بجد إلى
الحصول على المزيد من المال،
إلا إذا كانت لديك صلات حكومية.
كل يوم تقريباً يتحدث الإعلام
السوري عن إخوانهم المقموعين في
الجولان المحتل. ومع ذلك فإن قلة
من السوريين لديهم فكرة واقعية
عن الحياة اليومية هناك. فقط
اسأل أي تلميذ من المجموعة
السنوية ذي الـ300ـ400 جولاني
والذين يسافرون إلى دمشق
للالتحاق بالجامعة. وتظهر
جامعتهم جهلاً على نطاق واسع
لشؤون الجولان. إن التلاميذ من
الجولان، وهم جيل أصغر ربما
يكونون قد ولدوا بعد أو أثناء
الاضطراب السياسي لعقد
الثمانينات، يعلمون أنهم
مرتبطون بسورية بالدم،
وبإسرائيل بالاقتصاد، ولكنهم
قد وجدوا أن هويتهم بعد مرور
الزمن، مرتبطة بشكل رئيسي بقطعة
أرض صغيرة متموقعة بين إسرائيل
وسورية. وهم يشعرون بالحيرة:
كجزء من كلا الدولتين، ومع ذلك
ليسوا جزء من كلتيهما. وفي حين
يعرف معظمهم أنفسهم على أنهم
سوريون ويقبلون سورية بفخامتها
وسيئاتها، يرى هؤلاء التلاميذ
في لحظة في دمشق كيف أصبح
الجولان أداة خطابية لا تقطر
قطرة في الوعي العام السوري. هذه
الحقيقة، إضافة إلى حقيقة أنهم
يستطيعون جني المزيد من الأموال
في إسرائيل، هي السبب في كون
العديد من الدروز الشباب، وكذلك
أقاربهم، يخافون من العودة إلى
سورية. (!!)
إن
السلام بين سورية وإسرائيل
سيسمح لسكان الجولان أن يتوحدوا
مرة أخرى مع عائلاتهم، وهو أمر
بالغ الأهمية لدى كلا الجانبين
على الحدود. إلا أنه، ومع عدم
وجود إصلاحات داخلية في سورية
تسمح للناس بالاستفادة من عملهم
الشاق، فإن عودة الجولان إلى
سورية لن يخفف قلق الدروز عن ما
قد يكون آتياً بعده.
-----------------
نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|