ـ |
ـ |
|
|
|||||||||||||||
الحرية
والعدالة في
الشرق الأوسط الجديد (4) عن
الشؤون الخارجية أيار/
حزيران 2005 برنارد
لويس ترجمة
: قسم الترجمة / مركز الشرق
العربي منحدرات ومراق: هناك بالطبع عدة إعاقات واضحة
لتطور المؤسسات الديمقراطية في
الشرق الأوسط. الأول والأكثر
وضوحاً هو نموذج الحكم الفردي
والاستبدادي المنغرس حالياً
هناك ـ إن هذا الحكم هو حكم
دخيل، وليس له أي جذور في الماضي
العربي أو الإسلامي التقليدي،
ولكن عمره الآن قرنين من الزمان
وهو محصن بقوة مشكلاً عقبة
حقيقية. عقبة أخرى أكثر تقليدية، هي غياب
مفهوم المواطنة نظرياً
وتطبيقياً في الفكر السياسي
الإسلامي الكلاسيكي، بمعنى أن
تكون عضواً حراً ومشاركاً في
كيان مدني. هذا المفهوم بجذوره
التي تعود إلى الأخلاق
اليونانية، كعضو في الـ(البوليس)
(دولة المدينة في اليونان
القديمة) كان جوهرياً في
الحضارة الغربية في العصور
القديمة وحتى اليوم. إنها،
والفكرة تتعلق بمشاركة الشعب لا
في اختيار الحاكم وحسب بل في
إدارة الحكومة، إنها ليست جزء
من الإسلام التقليدي[1]. في أيام الخلافة العظيمة، كانت
هناك شواهد عظيمة وناجحة،
ولكنها لم تكن حالة رسمية قريبة
منها (المواطنة) شيء قد يعتبره
المرء على أنه حكومة مدنية.
تتألف المدن من تجمع الضواحي،
والتي تشكل هي نفسها بؤرة هامة
للهوية والولاء. كثيراً ما تكون
هذه الضواحي مرتكزة على تحالفات
إثنية، أو قبلية، أو دينية، أو
طائفية، أو حتى مهيمنة. حتى هذا
اليوم لا توجد كلمة في اللغة
العربية تقابل كلمة (مواطن).
الكلمة المستخدمة عادة على
جوازات السفر ووثائق أخرى هي
مواطن، والتي معناها الأدبي:
زميل المرء (مواطنه). مع نقص (المواطنة)
هناك نقص التمثيل المدني. رغم أن
الجماعات الاجتماعية كانت
تختار زعماءها خلال المرحلة
الكلاسيكية فإن مفهوم اختيار
أفراد لتمثيل المواطنين في كيان
واحد أو جمعية تشريعية كان
دخيلاً على خبرة المسلمين
وممارستهم. رغم ذلك، فإن هناك عناصر إيجابية
أخرى في التاريخ والفكر
الإسلامي ربما تساعد في تطوير
الديمقوقراطية. خصوصاً،
الحكومة الإجماعية، التعاقدية،
المحدودة، وهي آخذة في أن تصبح
قضية مرة أخرى في الوقت الحاضر.
إن الرفض التقليدي للحكم المطلق
(الاستبداد) اكتسب قوى وإلحاحاً
جديدين: فربما تكون أوربا قد
نشرت ايديولوجيات
الديكتاتورية، ولكنها نشرت
كذلك ايديولوجيات موازية
للثورة الشعبية ضد
الديكتاتورية. إن رفض الاستبداد المعروف في كل
من الكتابات التقليدية، وبشكل
متزايد، الحديثة كذلك، يصبح
فعلاً ذا تأثير قوي. فالمسلمون
ينهضون مرة أخرى. وفي بعض
الحالات يقومون بممارسة فكرة
الشورى كما هي مروية. بالنسبة
لأهل التقوى، فإن هذه التطورات
مرتكزة على القانون المقدس
والحديث، مع سلسلة مؤثرة من
السوابق في الماضي الإسلامي.
ويرى المرء هذا الانبعاث بشكل
خاص في أفغانستان، والتي تعرض
شعبها لتحديث أضعف في الأغلب،
وهم يجدون لذلك أن من الأيسر
إحياء أفضل تقاليد الماضي. أي
قيام الحكومة بالتشاور مع
جماعات المصالح القوية
والجماعات المناصرة. وهذا
هوالغرض من الـ(لوياجيرجا) (المجلس
الكبير) والذي يتألف من طيف واسع
من الجماعات المختلفة..
الإثنية، والقبلية، والدينية،
والإقليمية، والمهيمنة،
وجماعات أخرى. إن هناك إشارات
على تحرك مبدئي تجاه اللاشمولية
في الشرق الأوسط كذلك. هناك كذلك بعض التأثيرات
الإيجابية في العمل، أحياناً في
صيغ مدهشة. وقد يكون التطور
المنفرد بأنه الأكثر أهمية هو
تبني الاتصالات الحديثة.
الإعلام المطبوع، الصحف،
والتلغراف، والإذاعة،
والتلفاز، كلها قد غيرت الشرق
الأوسط. في البدء، كانت
تكنولوجيا الاتصالات أداة
للطغيان، حيث منحت الدولة
سلاحاً فعالاً جديداً للدعاية
والسيطرة. ولكن هذا الاتجاه لم يستطع
الاستمرار إلى ما لا نهاية. في
الزمن الأحدث، وخصوصاً مع صعود
الانترنت، والفضائيات
المتلفزة، والتليفونات
الخليوية، بدأت تكنولوجيا
الاتصالات بإحداث تأثير معاكس.
وإنه لواضح بازدياد أن أحد
الأسباب الرئيسية لانهيار
الاتحاد السوفياتي كان الثورة
المعلوماتية. لقد اعتمد النظام السوفياتي
القديم بدرجة كبيرة على السيطرة
على الإنتاج، والتوزيع، وتبادل
المعلومات والأفكار. وعندما
تطورت الاتصالات الحديثة، لم
يعد هذا ممكناً. لقد فرضت ثورة
المعلومات للاتحاد السوفياتي
نفس المأزق الذي فرضته الثورة
الصناعية على الامبراطورية
العثمانية والامبراطوريات
الإسلامية الأخرى. إما أن
تتقبلها وتتوقف عن الاستمرار
بنفس الطريقة، وإما أن ترفضها
وتتراجع بالتالي بشكل متزايد
خلف العالم. لقد حاول السوفيات
حل هذه المعضلة وفشلوا، ومايزال
الروس يصارعون العواقب. لقد بدأت عملية متوازية فعلاً في
البلدان الإسلامية في الشرق
الأوسط. حتى أن بعض برامج
التلفاز الدعائية القوية وغير
المدققة، والتي تقوم الآن
باجتياح الموجات الهوائية،
تساهم في هذه العملية، بشكل غير
مباشر، وغير مقصود، بتقديمها
مجموعة مختلفة من الأكاذيب التي
أثارت الشكوك والتساؤلات. لقد
جلب التلفاز كذلك إلى شعوب
الشرق الأوسط مشاهد غير معروفة
مسبقاً، عن معارضة ونقاش قويين
وعلنيين بشكل مباشر، حتى في بعض
الأماكن يشاهد الشباب
التلفزيون الإسرائيلي. إضافة
إلى رؤية شخصيات عامة معروفة
جيداً (يضربون الطاولات ويصرخون
على بعضهم البعض) (كما وصف الأمر
أحد المشاهدين العرب بدهشة)، بل
إنهم في بعض الأحيان يشاهدون
العرب الإسرائيليين يتناقشون
في الكنيست، ويشجبون الوزراء
الإسرائيليين والسياسات على
التلفزيون الإسرائيلي. إن مشهد
رؤية الأفكار والمصالح
المتصارعة للحوار الطليق وغير
المقيد ولكن المنظم يأخذ مفعوله. كما كان للاتصالات الحديثة تأثير
آخر، في جعل المسلمين الشرق
أوسطيين مدركين بألم أكبر لمدى
السوء الذي آلت إليه الأمور. في
الماضي، لم يكونوا مدركين حقاً
للاختلافات بين عالمهم وبقية
العالم، ولم يدركوا مقدار البعد
الذي كانوا متراجعين فيه وراء
لا الغرب المتقدم وحسب، بل كذلك
الشرق المتقدم. أولاً اليابان،
ثم الصين، والهند، وجنوب كوريا،
وجنوب شرق آسيا، عملياً كل مكان
آخر بلغة مقاييس المعيشة،
والإنجاز، ما هو أكثر عمومية،
التطور الإنساني والثقافي. ما
هو أكثر إيلاماً حتى من هذه
الاختلافات هو تفاوت الجماعات
البشرية في الشرق الأوسط نفسه. تماماً الآن فإن مسألة
الديموقراطية أصبحت ذات صلة
أكبر بدولة العراق أكثر منها
بأي دولة أخرى في الشرق الأوسط.
فإضافة إلى العوامل العامة فإن
العراق قد يستفيد من صفتين
مخصوصتين بظروفه تتعلق إحداهما
ببنيته التحتية وبالتعليم. من
بين جميع الدول المستفيدة من
عائدات النفط في العقود
الماضية، فإن عراق ما قبل صدام
قام على الأرجح بأفضل استغلال
لعائداته. فقد طور قادته طرق
البلاد، والجسور، والمؤسسات،
وبشكل خاص شبكة من المدارس
والجامعات ذات المقاييس الأعلى
من معظم الأماكن الأخرى في
المنطقة. وهذه، مثل أي شيء آخر
في العراق، تم تدميرها بحكم
صدام. ولكن حتى في أسوأ الظروف
فإن طبقة متوسطة مثقفة ستتدبر
أمورها بطريقة ما لتعليم
أطفالها، ونتائج هذا يمكن
رؤيتها في الشعب العراقي اليوم. الميزة الأخرى هي وضع النساء،
والتي هي أفضل بكثير مما هي عليه
في معظم الأماكن في العالم
الإسلامي. إنهن لا يتمتعن بحقوق
أكبر، فالحقوق آخذة في أن تصبح
كلمة لا معنى لها في هذا السياق،
بل الأفضل كلمتي: إمكانية
الوصول والفرصة. تحت حكم من سبق
صدام، كان لدى النساء إمكانية
الوصول إلى التعليم، بما في ذلك
التعليم العالي، وبالتالي إلى
الأعمال، بدرجة يندر ما يوازيها
في العالم الإسلامي. في الغرب،
كانت حرية المرأة النسبية سبباً
رئيسياً للتقدم في المجتمع
الأكبر، وبالتأكيد فإن النساء
سيكن جزء هاماً، وفي الحقيقة
أساسياً لمستقبل ديموقراطي في
الشرق الأوسط. [1]
ـ
قوله (إنها ليست جزء من
الإسلام التقليدي) لا يسلم
له، لأنه بالنظر إلى فترة حكم
النبي صلى الله عليه وسلم
وإلى ما خطه في صحيفة المدينة
بتقرير حق المواطنة على
السواء لبقايا المشركين
العرب ولليهود ينقض ما ذهب
إليه المؤلف. كذلك ينقضه
الدور الذي لعبه اليهود
والنصارى في تاريخ الدولة
الإسلامية الأموية والعباسية
والفاطمية والعثمانية.
المراجع ----------------- نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |