النفاق
الأمريكي حول حقوق الإنسان
بقلم
: روزا بروكس
لوس
أنجلوس تايمز
– 9/3/2007
ترجمة
: قسم الترجمة / مركز الشرق
العربي
التقرير الفيدرالي
الذي صدر حول حقوق الإنسان في
العالم يتضمن عبارات قاسية عن
الحكومات الأجنبية, بينما
بالكاد يذكر أي شئ عن
الانتهاكات الأمريكية لحقوق
الإنسان.
للتخفيف من طقوس
السخرية حول العالم فقد أصدرت
وزارة الخارجية الأمريكية
تقريرها السنوي القطري حول
ممارسات حقوق الإنسان في العالم,
و قد تضمن التقرير "وضع حقوق
الإنسان عالمياً", و طبعاً
تضمن التقرير كل دولة من دول
العالم و لكن و بالطبع باستثناء
الولايات المتحدة نفسها.
من النظرة الأولى,
فان تقرير هذه السنة يتضمن
بعضاً من المفاجآت .إذ انتقدت
وزارة الخارجية عمليات الإبادة
الجماعية في دارفور, وذكر
التقرير ان روسيا شهدت تراجعاً
في المساءلة الحكومية. وان
الحكومة الكوبية تحرم مواطنيها
من حقهم الأساسي في تغيير
حكومتهم بشكل سلمي. ووثق
التقرير أيضاً بعض الممارسات
الصينية في التضييق على حقوق
المواطنين و كذلك في باكستان و
السعودية و إيران و فنزويلا
وكوريا الشمالية, و في الحقيقة
في كل مكان في العالم تقريباً.
حتى أن إمارة موناكو الصغيرة لم
تسلم من التوبيخ لحرمانها
المواطنين فيها من حق تغيير
الحكومة أو حتى نقد الأسرة
الحاكمة.
وعلى الرغم من أن
وزارة الخارجية تعلن عن إصدار
التقرير بمراسيم احتفالية
صاخبة إلا أن استجابة العالم في
كثير من الأحيان تكون غير ذلك. و
لا تشكل هذه السنة أي استثناء أو
شذوذ عن هذه القاعدة. و قد ردت
الصين –الهدف الدائم للتقرير-
بان "الولايات المتحدة قد
أدانت دول أخرى في الممارسات
المتعلقة بحقوق الإنسان بينما
تجاهلت مشاكلها الخاصة في هذا
الموضوع". و أيضاً فان هناك
الكثير من المعلقين الأجانب
الذين تذمروا من النفاق
الأمريكي حول حقوق الإنسان.
فبعد معتقل غوانتانامو و سجن
أبو غريب و الحديثة في العراق و
المشاكل الأخرى المعروفة حول
حقوق الإنسان, تساءل المعلقون
الأجانب : متى ستتوقف الولايات
المتحدة عن قذف أحجارها على
الآخرين؟
في الحقيقة فليس
هناك أي قصد شرير في الأصل حول
عدم تضمين وزارة الخارجية أي
فصل حول الانتهاكات الأمريكية
لحقوق الإنسان. إذ ان القصد
الأصلي الذي من أجله عمل
التقرير هو لمساعدة الكونغرس
الامريكي لتحديد أي الدول سعيدة
الحظ هي التي ستحصل على
المساعدات الأجنبية.(ان لدى
الكونغرس الامريكي تقليد غريب و
هو إصراره بأن أمريكا لا تقدم
مساعدات أمنية للحكومات
الأجنبية المسئولة عن "الانتهاكات
الخطيرة" لحقوق الإنسان) ولان
الولايات المتحدة لا تمنح
لنفسها مساعدات خارجية, وحسب
التعريف السابق, فلم يكن هناك ما
يدعو لتضمين هذه التقارير
تفاصيل عن ما ترتكبه أمريكا من
خرق لحقوق الإنسان.
ولكن و مع مرور
السنين, فان التقرير قد ذهب أبعد
بكثير من هدفه الحقيقي, و أصبح
يشكل جزءً كبيراً من دبلوماسية
أمريكا العامة. و بالنتيجة,
فإنهم وبشكل محتوم يقومون بتفحص
التقرير بتمعن شديد وعناية
فائقة لما يقولونه في التقرير
وما لا يقولونه.
و بتمعن قريب, فقد
أغفلت التقارير هذا العام
أموراً كثيرة مهمة وورد فيها
خداع ضمني في أمور أخرى.
الخداع الضمني : يضم
التقرير هذا العام اعترافاً غير
مألوف بسلسلة من أخطاء أمريكا.
فقد جاء في المقدمة "اننا
نعترف بأننا نكتب هذا التقرير
في وقت يخضع فيه للتشكيك السجل
الخاص بنا و ما قمنا به رداً على
الهجمات التي تعرضنا لها",
لكن التقرير يصر على أن"
قوانين أمريكا و سياساتها و
ممارساتها التي تحكم اعتقال
المتهمين بالإرهاب و معاملتهم
ومحاكمتهم قد تطورت بشكل ملموس
في السنوات الخمس الأخيرة",
ربما ليس هذا بالشئ الكثير
ولكنه أمر وهم.
جملاً غير مسبوقة
كهذه وردت في التقرير, لأن وزيرة
الخارجية رايس أصرت بقوة على
إبقائها- وفازت على المعارضة,
التي صدرت بشكل رئيس عن مكتب
نائب الرئيس تشيني. لا يجب على
أي كان النظر الى الأمر
باعتباره تغييراً جذرياً, بل
باعتباره كدليل على الوعي
المتنامي لدى الإدارة الحالية
بمدى ما تعانيه مصداقية أمريكا
نتيجة لانتهاكها حقوق الانسان
بعد أحداث 11/9. و مع ذلك فان تلك
الجمل المهمة قوضت بسبب الإهمال
الواضح لأمور مهمة في صلب
التقرير.
فتقرير العراق على
سبيل المثال, يتضمن كلمات جارحة
ومنددة بشكل واضح بالحكومة
العراقية," الازدحام و نقص
الإشراف القضائي" في السجون و
المعتقلات العراقية, و حالات
"التوقيف و الاحتجاز
الاعتباطي" و " حالات
التعذيب من قبل عملاء الحكومة و
المسلحين من الجماعات الأخرى".
و لم يأت الذكر على أن أمريكا
نفسها تقوم باحتجاز ما يقرب من
14000 معتقل في العراق. بالرغم من
أن بعض المسؤلين قد اعترفوا بان
الكثير من المحتجزين هم أبرياء
في الغالب, و معظمهم لم تسنح لهم
أي فرصة ذات معنى للطعن في صحة
اعتقالهم. وفي هذه الأثناء فان
هناك ادعاءات موثوق بها على
استمرار حالات سوء معاملة
المعتقلين.
وبالمثل يسلط
التقرير الضوء على سلسلة من
الانتهاكات التي تقوم بها
طالبان و الحكومة الأفغانية,
دون الإشارة الى مئات المعتقلين
هناك على يد الجيش ووكالات
المخابرات الأمريكية. كما أن
التقرير عن بولندا و رومانيا و
ألمانيا و ايطاليا لا يتضمن أي
إشارة على وجود معتقلات سرية
تابعة للولايات المتحدة فيها.
ولا عن نقل أمريكا لمعتقلين
مشتبه بهم بالإرهاب الى دول
ثالثة تمارس عمليات التعذيب.
و لكن في نهاية
الأمر, ورغم ان هذا الإغفال يعرض
الولايات المتحدة لتهمة النفاق,
فان التقرير السنوي يبقى قيماً.
فهو على الأقل يمثل اعترافاً
أمريكياً بأن جوهر حقوق الانسان
الأساسية يجب احترامه من قبل
الجميع وعدم المساس به. رغم أن
الولايات المتحدة كانت مؤخرا من
أكبر المنتهكين له.
-----------------
نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|