متابعة سياسية
رقم 993
10/5/2005
مع
اقتراب نهاية علاقة بوش ـ بلير
سياسة
الشرق الأوسط بعد الانتخابات
البريطانية
لقد أعادت انتخابات/
5 أيار/ الانكليزية رئيس الوزراء
توني بلير وحزب العمال الذي
ينتمي إليه إلى فترة ثالثة غير
مسبوقة إلى مكتب الرئاسة، ولكن
مع أغلبية برلمانية أقل بشكل
جوهري وسمعة متضائلة إلى حد
كبير بالنسبة لزعيم بريطاني. إن
ارتكاس حظ بلير هو معزو على نحو
كبير لاجتياح العراق بقيادة
الولايات المتحدة. لقد أصبح
الكثير من البريطانيين يعتبرون
الحرب خطأ وينحون باللائمة على
رئيس الوزراء لأنه أخطأ
بقيادتهم لمناصرتها. لذا، فقد
دعا بعض أعضاء حزب العمال إلى
استبدال بلير قريباً بدلاً من
انتظار تقاعده الموعود قبل
الانتخابات التالية، والتي قد
لا يتم اجراؤها قبل خمس سنوات
أخرى.
قد يكون لهذه
التطورات متضمنات عميقة لموقف
لندن تجاه عدد من المخاوف
الأمريكية الهامة في الشرق
الأوسط، بما في ذلك مستقبل
العراق، والطموحات النووية
الإيرانية، وعملية السلام
الإسرائيلية الفلسطينية. كما
أنها من المرجح أن تؤثر على
مستوى التعاون الذي بإمكان لندن
أن تقدمه فيما يتعلق بمنح إذن
الدخول للولايات المتحدة إلى
قاعدة دييغو جارسيا الجوية في
المحيط الهندي، والقواعد التي
تسيطر عليها بريطانيا في قبرص.
ـ
انتصار مع خسائر فادحة:
قبل الانتخابات،
كان لدى حزب العمال 166 مقعداًً
في مجلس العموم البريطاني أكثر
مما لدى جميع الأحزاب الأخرى
مجتمعة. وتقول التقارير أن بلير
كان يأمل بأن تنخفض هذه
الأغلبية البرلمانية إلى 100
مقعد وحسب. وهو رقم قد يمكنه من
المنافسة على تحدي الزعامة مع
منافسه طويل الأمد جوردن براون (والذي
يمسك حقيبة الاقتصاد الرئيسية،
باعتباره وزيراً للمالية) وقد
تنخفض أغلبية العمال إلى 66
مقعداً الأمر الذي يمثل ضعفاً
كبيراً. فبعد كل شيء، فعلى الأقل
يتوقع أن يقوم خمسون عضواً من
حزب بلير بتحدي سلطته في كل قضية
تقريباً، وخصوصاً حرب العراق
وأي إجراء مضاد للإرهاب
باعتبارها تعد على الحريات
المدنية. وسيتلقى رئيس الوزراء
دعماً ضئيلاً أو أنه لن يتلقى أي
دعم من كل من حزب المحافظين
المعارض، والذي حصل على 33
مقعداً (رغم أنه وقع في التشويش
بسبب قرار زعيم الحزب ميشيل
هاورد بالانسحاب)، أو الحزب
الليبرالي الديموقراطي ذي
المرتبة الثالثة، والذي حصل على
أحد عشر مقعداً ويعود ذلك
جزئياً إلى تاريخه النشط في
الوقوف في المعسكر المعادي
للتدخل في العراق. وقد كان ضعف
بلير موضع تأكيد بعد يوم من
انتصاره، عندما اعترض عدد من
زملائه بعناد محاولته لإعادة
ترتيب مجلس الوزراء وفق رغبته.
بلغة السياسة، فإن
بلير يمثل (العمال الجدد) في حين
يمثل براون (العمال القدامى).
لقد كان أعضاء حزب العمال
المؤسسين من زمن طويل حانقين
بسبب تسويات بلير، رغم حقيقة
أنه قد حقق انتصارات كبيرة
للحزب في انتخابات كل من 1997 و2001،
لقد ساند براون ودعم بلير من أجل
قيادة الحزب في عام 1994، تحت
اعتقاد بوجود ترتيب ـ وإن يكن
موضع شك إلى حد كبير ـ بأن بلير
سيقوم لاحقاً بتسليم السلطة
إليه. لقد انضم بلير إلى براون
في الأسابيع السابقة لانتخابات
/5 أيار/ بعد إدراكه أنه
محتاج إلى شعبية الأخير لدى
موالي الحزب للحصول على النصر.
كما أن وجود براون قد ساعد كذلك
في التقليل من خسارة بلير للثقة
في أوساط (الناخبين المعوَّمين)
ورغم أن دعم وزير المالية
للانفاق العام كان سيثير رعب
الأمريكيين، إلا أن الكثير من
البريطانيين يشعرون بأنه يدير
شؤون الاقتصاد بشكل جيد. وفقاً
لذلك، فإن براون يرى على الأرجح
مكتب رئيس الوزراء باعتباره
مكافأته العادلة عاجلاً أكثر
منه آجلاً.
ـ
ماذا ستعني رئاسة براون لسياسة
الولايات المتحدة ؟
في حين أن بلير لم
يقم تقريباً بأي تحولات ليصبح
موضع ثقة كل الرئيس الديموقراطي
بيل كلينتون والرئيس الجمهوري
جورج دبليو بوش، فإن المرجح أن
براون كان سيعاني من وقت أصعب
بكثير من علاقته بالأخير. يميل
أصدقاء براون من الأمريكيين إلى
اليسار، ويسافر الناشطون
الديموقراطيون إلى بريطانيا
ليساعدوا حملة العمال.
إضافة إلى ذلك،
فالتقارير تقول أن براون قد
اصطدم مع وزيرة الخارجية
كوندوليزا رايس حول معارضاتها
لاقتراحه بإعانة شاملة بالدين
للدول النامية. القليل معروف عن
رؤاه فيما يتعلق بالشرق الأوسط،
ولكنها بدون شك قد تشكلت وإن يكن
جزئياً براسخي الإيمان من حزب
العمال والذين يتشاجرون مع بلير
على العراق (على سبيل المثال،
وزير الخارجية السابق روبن كوك،
ووزير التنمية الدولي السابق
كليرشورت) ويعتقد على نحو واسع
أن وزير خارجية بلير المعاد
تعيينه، جاك سترو، قد غير ولاءه
إلى براون، بعد أن جرت إعادة
انتخابه في دائرة انتخابه
الإسلامية جزئياً وسط تقارير عن
خداع انتخابي.
في ملاحظات صيغت
مباشرة بعد طلب الملكة بإعادة
تشكيل حكومة جديدة، قدم بلير
تصريحات غامضة حول عدد من
المواضيع: (إنني أعلم أن قضية
العراق كانت مثيرة للجدل إلى حد
كبير، ولكنني أيضاً أعلم وأعتقد
أن الناس يريدون التحرك، إنهم
يريدون التركيز على المستقبل في
العراق وهنا. وإنني أعلم أيضاً
أن هناك العديد من القضايا
الأخرى التي تهم الناس في
الأجندة الدولية، وسنقوم
بالتركيز على هذه: على الفقر في
أفريقيا، وعلى تغير المناخ،
وعلى إحداث تقدم في إسرائيل
وفلسطين). على الأرجح، يشارك
براون بلير في هذه الصيغ
العامة، رغم أنه قد يختلف معه
على نحو واسع في التفاصيل
والإجراءات. على سبيل المثال،
في مقابلة صحفية أجريت معه قبل
ستة أيام فقط من الانتخابات،
وضح براون أن على البرلمان أن
يقرر فيما إذا كان على بريطانيا
أن تذهب إلى الحرب في المستقبل،
وهي ملاحظة متلبسة تدعم وتقوض
موقف بلير في نفس الوقت). لقد حصل
بلير على تأييد برلماني لاجتياح
العراق رغم حقيقة أنه كرئيس
للوزراء فإن لديه امتيازاً
يخوله إرسال القوات المسلحة
للحرب دونها. لقد كان دائماً على
استعداد لاتخاذ قرارات مثيرة
للجدل والحصول على دعم برلماني
لها. ولكن براون، سيهتم على
الأرجح بجناح اليسار التقليدي
وأعضاء حزب العمال المعاديين
للولايات المتحدة. تحت قيادة
كهذه، فإن القوات البريطانية
ستنسحب على الأرجح من العراق
بسرعة أكبر، وسيكون دخول
الولايات المتحدة إلى قواعد من
مثل قاعدة دييغو جارسيا جزء من
معاهدة المحيط البريطانية
الهندية، وسيعتبر أي عمل عسكري
ضد إيران أكثر إثارة للمشاكل.
فيما يتعلق بعملية
السلام، فإن مبعوث بلير الحالي
الخاص هو اللورد ميشيل ليفي،
وهو مستثمر من حزب العمال، طرده
رئيس الوزراء آرييل شارون من
مكتبه. إن دانيال ليفي، ابن
ميشيل ليفي، هو مساعد رئيسي
للسياسي الإسرائيلي يوسي
بيلين، مهندس اتفاقية جنيف 2003
المثيرة للجدل، والزعيم الحالي
لحزب ياهاد. إن بإمكان براون
فعلاً أن يستبدل ليفي بالسيد
رونالد كوهين، وهو متبرع لحزب
العمال مولود في مصر. يترأس
كوهين (البورتلاند ترست)، والتي
تساعد في تمويل المنح في
المملكة المتحدة للإسرائيليين
والفلسطينيين والتي أنهت
مؤخراً دراسة عن الاقتصاد
الفلسطيني بتكليف من وزارة
مالية براون. إن كلاً من ليفي
وكوهين هما عوضين في مجلس
القيادة البريطاني اليهودي.
ـ
خلاصة:
إن مؤسسات الولايات
المتحدة للتعاون الاستراتيجي
مع بريطانيا يعود إلى الحرب
العالمية الثانية، وقد كانت
مزدهرة عموماً رغم الاختلافات
السياسية في بعض المناسبات في
الماضي (على سبيل المثال فيتنام).
إن العرفان الأمريكي لإشارات
الاستخبارات البريطانية وحقوق
استخدام القواعد قد تناظرت مع
دعم قدرة الردع النووي
البريطاني المستقل. في أعقاب
هجمات 11/9، شكل كل من بوش وبلير
علاقة استثنائية حميمة سهلت إلى
حد كبير الحرب في كل من
أفغانستان والعراق. سواء كان
بلير سيترك المكتب عاجلاً أم
آجلاً، فإن نتائج الانتخابات قد
دمرت هذه العلاقة. إن على إدارة
بوش مراجعة روابطها مع لندن
وإعادة النظر فيما تتوقعه منهم.
|