ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 23/10/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


المساعدة الأمريكية للشرق الأوسط

ترجيديا النوايا الحسنة (1)

يوفال ليفين

ـ المساعدة في السياسة الأمريكية:

إن المساعدة الأمريكية للشرق الأوسط لهي تراجيديا من النوايا الحسنة على نطاق واسع. إن الهدف المعلن للمساعدات ـ خدمة المصالح الأمريكية، وخدمة الحلفاء، وتأسيس السلام ـ هي أهداف سليمة، وعقلانية، وعادلة. إن فكرة استخدام القوة الاقتصادية الكبرى لقولبة المعترك الدولي كانت عنصراً هاماً في السياسة الخارجية الأمريكية منذ عقد التسعينات. ومع ذلك، فقد أثبتت أن المساعدة في الشرق الأوسط هي مساعدة غير ذات نفع بل وخطيرة حتى على الولايات المتحدة وعلى حليفها الأقرب إسرائيل. إن قصة الكيفية التي أصبحت بها المساعدات تفسد سياسات المنطقة بشكل متناقض مع أهدافها المقصودة تخبرنا بالكثير عن السياسات الدولية في زماننا، وفي الواقع في أي زمان.

عادة تركز الانتقادات الموجهة للمساعدة الأجنبية على تكاليف المساعدة الاقتصادية بالنسبة لدافع الضرائب الأمريكي. والحقيقة، أنه رغم كون جميع المساعدة الأجنبية تشكل فقط 0.5 من الميزانية الفيدرالية، وفيما لو حققت المساعدة أهدافها المعلنة، فإنها ستكون بمثابة اتفاقية معاوضة. هذه الأهداف، مع ذلك، لم يتم ولا يمكن تحقيقها عن طريق المساعدة. إ ضافة إلى ذلك فإن المناقشة المقدمة هنا ليست بأي طريقة مناقشة ضد الدعم الأمريكي لإسرائيل.

إن إسرائيل هي الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وقد كانت تاريخياً نقطة هجوم للتأثير الأمريكي في المنطقة. تستحق إسرائيل أن تحيى، وتستحق دعم الولايات المتحدة. إلا أن المساعدة الأمريكية، لا تدعم إسرائيل بل هي في الأغلب مؤذية لمصالح الدولة اليهودية كما هي للدولة الأمريكية. بعيداً عن تعزيز حلفاء أمريكا ورعاية الانقياد في أوساط موكلي أمريكا، فإن المساعدة الأمريكية قد أضرت باقتصاديات إسرائيل والحلفاء الآخرين في الوقت الذي فشلت فيه في كبح سوء التصرف المصري والفلسطيني. رغم ذلك، فإن صناع السياسة الأمريكيين مرتبطون بالمساعدة لأنهم يأملون في أن تبعد (الجزرة) الاقتصادية الشرق الأوسط بعيداً عن الصدامات بين المصالح والقوى، وباتجاه سلام شامل. ويبدو أن سياسة الولايات المتحدة مرتكزة على شعور بكون الطرق القديمة للقيام بالأمور في السياسة الدولية لم تعد مناسبة، وأن التاريخ كما نعلمه يقترب من النهاية نوعاً، وأننا نقف الآن على أعتاب عالم جديد بأكمله. إن الأمريكيين والإسرائيليين الذي يفكرون بهذه الطريقة يتجاهلون السلوك الفعلي للدول العربية إلى حد ما بسبب المبالغ الضخمة من الأموال الأمريكية المشمولة في هذه العملية لإعطاء المتلقين حافزاً للعب الطويل الأمد، ولمنح الواهبين وسائل لتسويغ التزامهم. وبالتالي فإن بإمكاننا أن نقول إن الأمريكيين يدفعون من أجل العصبة التي تغطي أعينهم.

ـ لماذا المساعدة الأجنبية:

إن عملية تقديم العون المالي للحلفاء لضمان ولائهم ولتحديث جيوشهم يعود إلى العقود السابقة. إن تمويلاً كهذا قد أصبح هاماً بشكل خاص للسياسات الخارجية لبريطانيا وبروسيا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وكانت عنصراً أساسياً في نظام توازن القوى في السياسة الأوروبية. وقد بدأت هذه الممارسة في الولايات المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الأولى، عندما قامت الولايات المتحدة بإقراض مبالغ مادية لألمانيا لتغطية عودة ألمانيا إلى حلفاء أمريكا السابقين. وقد أصبحت هذه القروض في الحقيقة هبات عندما تكشف أن الألمان (ومن بعدهم الحلفاء) غير قادرين على دفعها. وقد سبقت قروض مشابهة من التمويلات والمعدات دخول أمريكا إلى الحرب العالمية الثانية كذلك.

إلا أن برامج الدعم الاقتصادي الشاملة والتي أصبحنا معتادين عليها في نصف القرن الأخير كانت إلى حد كبير ناتجة عن حسابات الحرب الباردة. مع ترنح أوروبا من الحرب العالمية الثانية، فقد قدمت الولايات المتحدة لأمم أوروبا الغربية ما يزيد على 13 بليون دولار كمساعدة في جهد يقصد به على نحو واسع حماية أوروبا من الشيوعية. وهكذا، تم التأسيس لأداة جديدة في السياسة الخارجية. ورغم أهدافها السياسية البادية للعيان بوضوح، فقد كان صناع السياسة الأمريكيون يشمئزون من التفكير بالمساعدة بالمعنى الذرائعي الخالي من العاطفة. فلم يكن الأمريكيون مرتاحين أبداً مع فكرة كون المساعدة رشوة يتم تقدميها إلى الدول الأجنبية لتؤيد المصالح الأمريكية. من هنا، فقد قدمت الولايات المتحدة دائماً أسساً منطقية للمساعدة لتحد من حجم الحسابات السياسية الكامنة وراءها.

ومع ذلك، فإن الأهداف الرسمية لسياسة المساعدة الأجنبية الأمريكية قد عبر عنها دائماً على أنها أهداف سياسة. وهو أمر مفهوم لكون الكونغرس سيوافق على المساعدة فقط على أرضية المصلحة الأمريكية الذاتية (إن استخدام القوة الاقتصادية للولايات المتحدة لتحقيق أهداف سياسية واسعة النطاق ليس سياسة جديدة) هذا ما أطلع وكيل وزير الخارجية الحضور عليه في نيسان من عام 1947 (لقد استخدمنا قوتنا الاقتصادية دائماً من أجل تحقيق أهداف سياسية في المجموعة الدولى. وأن لمن الطبيعي فعل ذلك). وقد وضح جيمس ستون المطلع كاتباً في النيويورك تايمز في 9/أيار/1947 إن الإدارة لم تغير هدفها: (كبح التوسع السوفييتي. لقد أصبح يعتقد وحسب أن مساعدة إعادة الإعمار قد تكون أفضل حاجز في مواجهة توسع كهذا). وقد كانت خطة مارشال وسياسة المساعدة الأجنبية الجديدة للولايات المتحدة حينها واضحة تماماً في أنها تهدف إلى تطوير الأهداف الأمريكية السياسية.

وكما وصل تهديد الشيوعية  إلى ما وراء أوروبا. كذلك فعلت المساعدة الأمريكية ولكن دائماً بنفس الهدف. في 8/أيار/1950، أعلن ايشبسون، (والذي كان حينها وزيراً للخارجية)، سياسة مساعدة اقتصادية وعسكرية للهند الصينية الفرنسية (فيتنام لاحقاً) بقوله: إن حكومة الولايات المتحدة، كونها مقتنعة بأنه لا يمكن لا للاستقلال الوطني ولا للتطور الديموقراطي أن يتواجد في أي منطقة تهيمن عليها الامبريالية السوفييتية، فإنها تعتبر هذا الوضع مبرراً لمنح مساعدتها الاقتصادية المناسبة ومعداتها العسكرية للدولتين المشتركتين (الهند الصينية وفرنسا) بغية مساعدتهما في استعادة الاستقرار والسماح لهاتين الدولتين في متابعة تطورهما السلمي والديموقراطي.

خلال عقد الخمسينات، أصبح من الواضح أن الحرب الباردة سوف تتضمن منافسة على الدول التابعة، وقد أصبحت المساعدة الاقتصادية ـ وهو أمر مثيل للجدل ـ الأداة الرئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية. لقد تركزت المساعدة بشكل خاص في آسيا، مع توجه الكتلة تجاه كوريا الجنوبية، وتايوان، وفيتنام الجنوبية. في أوائل عقد الستينات، اتسعت مسوغات المساعدة الأجنبية لتشتمل التزاماً بالمبادئ والتزاماً أخلاقياً للمساعدة في تطوير البلاد عموماً. إن هذا التركيز على التطور سيتفوق على جميع الاعتبارات الأخرى تقريباً في الخطاب العام حول المساعدة الأجنبية. ومع ذلك فإن الدافع السياسي الكامن في السياسة مايزال موجوداً.

في عام 1961 أقر الكونغرس قانون المساعدة الأجنبية، والذي أنشأ (وكالة الولايات المتحدة للتطوير الدولي). وفي نفس السنة أنشأ الرئيس كنيدي (فيالق السلام، وهي منظمة من المتطوعين الذين يقومون بأداء خدمات اجتماعية وإنسانية عبر البحار). إنه لمن المهم أن نلاحظ أن هذا التغيير في التركيز كان في ذلك الوقت خطابياً بشكل كامل على الأغلب. لقد فهم كنيدي ومستشاروه أن المساعدة الأجنبية ستسيرها الأغراض السياسية. وكما أخبر الرئيس الكونغرس في عام 1963 (فإن برامج المساعدات هذه من الواضح أنها لمصلحتنا القومية الخاصة، وقد أثبتت أنها أداة ضرورية في مساعينا لإعاقة الشيوعية في أوروبا والآن أيضاً في آسيا وفي كل مكان آخر) إن المساعدة للشرق الأوسط لم تكن مختلفة.

 

  السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ