ـ |
ـ |
|
|
|||||||||||||||
المساعدة
الأمريكية للشرق الأوسط تراجيديا
النوايا الحسنة (2) يوفال
ليفن * أصول المساعدة للشرق الأوسط *
المساعدة واتفاقية السلام
الإسرائيلي المصري *
المساعدة المقدمة لمصر ـ أصول المساعدة للشرق الأوسط: لم يكن الشرق الأوسط موضع تركيز
هام لسياسة المساعدة الأمريكية
حتى أوائل السبعينات من القرن
العشرين. وقبل هذا الوقت، تلقت
الدول الشرق أوسطية بما فيها
إسرائيل، ومصر، والأردن،
ولبنان، ودولاً أخرى مساعدات
بعشرات الملايين من الدولارات
عموماً كل سنة كجزء من جهود
المساعدة الأمريكية للطعام
والفقر. إن النمو الهائل
للمساعدة في عقد السبعينات كان
مرتبطاً على نحو مباشر بالأهمية
المتزايدة للمنطقة
في الحرب الباردة. في عقد السبعينات من القرن
العشرين، صاغت إدارة نيكسون
مقاربة جديدة تجاه سياسة الشرق
الأوسط والتي حاولت الولايات
المتحدة عبرها دعم الدولة
التابعة لها وحليفتها إسرائيل،
في نفس الوقت الذي حاولت فيه
بحذر سحب أقوى دولة عربية ـ مصر
ـ من المعسكر السوفييتي. ربما
تكون الدولارات الأمريكية
الأداة الأساسية في هذا المسعى،
وبداية منذ أواسط عقد السبعينات
حتى اليوم، أصبحت إسرائيل
وبعدها مصر أكبر متلقيين
للمساعدة الخارجية الأمريكية. لقد منحت الولايات المتحدة
أنواعاً عديدة من المساعدة
الخارجية الثنائية ولكن منذ
البداية كانت المساعدة
الاقتصادية لإسرائيل ومصر قد
منحت كجزء من تمويل الدعم
الاقتصادي والذي يعمل عبر وكالة
الولايات المتحدة للتنمية
الدولية. في الحقيقة فإن
إسرائيل ومصر وحدهما حصلتا على
ثلثي تمويلات الدعم الاقتصادي
الممنوح سنوياً. إن الوكالة
الأمريكية للتنمية الدولية،
رغم أنها مصنفة على أنها تمويل
للتنمية، وجدت لمساعدة الدول
التي تعتبرها الولايات المتحدة
هامة لمصالحها الاستراتيجية. إن
غرض المساعدة التي تقدمها
الوكالة الأمريكية للتنمية
الدولية قد وضحته إدارة الحكومة
بشكل بيّن: (لدعم الاقتصاد
الأمريكي، والمصالح السياسة
والأمنية ولتطوير أهداف يمكن
قياس النتائج عليها). ـ المساعدة واتفاقيات السلام
الإسرائيلي ـ المصري: بدء من عام 1973 بعد حرب يوم
الغفران، وضحت الولايات
المتحدة أنها كانت مستعدة
لإغراء المصريين بأن تعرض عليهم
مبالغ ضخمة من المال، والتي
ستكون بشكل جوهري مساوية
للمساعدة الاقتصادية ـ وإن لم
تكن العسكرية ـ التي تتلقاها
إسرائيل. بعد اتفاقيات سلام (كامب
ديفيد) في عام 1979، بدأت مصر
بتلقي مساعدة عسكرية كذلك، وقد
أصبحت هذه المساعدة مرتبطة بتلك
التي تتلقاها إسرائيل مبدئياً
وقانوناً. لقد كان عرض مساعدة (كامب
ديفيد) ضخماً حقاًَ: حوالي خمسة
بلايين دولار للجانبين. لقد كان
هذا التزاماً طويل الأمد من قبل
المصادر الأمريكية لتمويل نوع
جديد من السياسة لشراء عالم
جديد. ولكن ما الذي كانت الولايات
المتحدة تشتريه تحديداً؟
ظاهرياً كان ينبغي أن تساعد
التمويلات كلا البلدين للتعامل
مع تكاليف توظيف الاتفاقية،
ولتدعمهم باعتبارهم حلفاء
أمريكيين. إلا أنه وبعد عقدين من
الزمن بدا واضحاً أن المساعدة
كانت في أحسن أحوالها تشكل
دافعاً للمصريين ليحتفظوا
بمظهر لعب دورهم الجديد ورغم أن
هذا لم يكن يحدث دائماً. وقد
قوضت المساعدة الأمريكية
لإسرائيل كلاً من سياسة إسرائيل
الاقتصادية وقدرتها على
الاكتفاء الذاتي. ـ المساعدة المقدمة لمصر: إن المساعدة الأمريكية لمصر تظهر
قصور إحدى المسلمات الجوهرية في
سياسة المساعدة الأمريكية وهي
أن المساعدة تشكل وسيلة مثلى
للسيطرة على سلوك الأنظمة غير
الصديقة المحتملة. في الحقيقة،
وكما سنرى، فإن المساعدة
والسياسة المحيطة بها يبدو أنها
تجعل الولايات المتحدة أقل قدرة
على التعامل مع دول كهذه. ويعود
هذا لكون كميات المال المتضمنة
حتماً ستخلق جماعات مصالح تعيش
على استمراية المساعدة، ولأنه
في حال ما إذا توقفت المساعدات
فإن هيكل التوقعات الأمريكية
سينهار كلياً ـ جنباً إلى جنب مع
سمعة صناع السياسة. وبالتالي
فإن الولايات المتحدة عالقة في
تمويل أنظمة تعارض مصالحها
الاستراتيجية صراحة، وهي تعتبر
طول الوقت أن دعمهم هو شأن
استراتيجي أمريكي أساسي. لقد بدأت المساعدات الأمريكية
لمصر في عام 1951، باتفاقية بين
إدارة ترومان والحكومة الملكية
التي سبقت انقلاب الضباط الذي
جاء بجمال عبدالناصر إلى السلطة
وأنشأ مصر الحديثة. لقد ألزمت
الاتفاقية الولايات المتحدة
بمستويات متواضعة فقط من الدعم،
والتي تشكلت بشكل رئيسي من ديون
لشراء معدات أمريكية وتدريب
موظفين مصريين في الولايات
المتحدة. عندما تسلم نظام ناصر
الثوري، قررت الولايات المتحدة
التقرب منه بالمساعدات. في أيار
1953، اتفقت الحكومتان على مشروع
جديد يدعى جهاز التطوير الزراعي
المصري الأمريكي، والذي هدف إلى
مساعدة المجتمعات المصرية
الريفية. في السنة المالية في
عام 1954، قررت إدارة ايزنهاور
منع ناصر من أن يصبح تابعاً
سوفييتياً، وزادت هذا البرنامج
بشكل ضخم، وخصصت 10 ملايين دولار
كمجموع كلي لمصر. رغم ذلك وبعده
مباشرة لاحظت الولايات المتحدة
أن ناصر كان يتحول باتجاه
المعسكر السوفييتي. لقد تسبب
رفض مصر للانضمام إلى (منظمة
الشرق الأوسط للدفاع) والتي
أسسها حلف بغداد في عام 1955،
ومقاومة ناصر العامة للتأثير
الغربي بروداً في العلاقات
وانخفاضاً كبيراً في المساعدات
المالية والتي توجت بالرفض
الأمريكي لتمويل مشروع سد أسوان
العالي في عام 1956. بعد حرب
السويس في هذه السنة أوقفت
الولايات المتحدة مشاركتها
بشكل كامل في برنامج التطوير
الزراعي المصري الأمريكي،
وأنهت لفترة وجيزة كل المساعدات
المقدمة تقريباً. في عام 1959 و1960،
قامت إدارة ايزنهاور بمسعى آخر
لشراء تعاطف ناصر. وتم تجديد
برنامج التطوير الزراعي
الأمريكي المصري وخصصت اتفاقية
عقدت في مارس 1960 32.5 مليون دولار
كمساعدة للتطوير لمصر. رغم ذلك، وخلال عقد الستينات من
القرن العشرين بدا أن كلا
الأمتين كانتا تتحركان في
اتجاهات متعاكسة. لقد اعتمد
ناصر على السوفييت لمدى أكبر من
أي وقت مضى، وأصبحت الحكومة
الأمريكية وبشكل خاص تحت رئاسة
ليندون جونسون، غير راضية بشكل
متزايد عن دور مصر في النزاعات
الدائرة في الكونغو وقبرص، وعن
النقد المصري للتدخل الأمريكي
في فيتنام. فقط الخوف من انهيار
اقتصادي يحول مصر تجاه الشيوعية
هو الذي حافظ على أي مساعدة كانت
تقدم قطعاً. رغم ذلك وفي عام 1967، رفض ناصر
المساعدة الأمريكية الاقتصادية
وأثار حرب الأيام الستة. لم تتم
استعادة المساعدات حتى عام 1974،
بعد وفاة ناصر وبعد حرب (يوم
الغفران) التالية. بعد هذه الحرب، عندما أطلق
الرئيس المصري السادات إشارة
اهتمامه بتحسين العلاقات مع
الولايات المتحدة بطرد
المستشارين السوفيييت، تجاوبت
إدارتا نيكسون وفورد بالالتزام
بتقديم مساعدات لمصر تكون
معادلة للمساعدة الاقتصادية (وإن
لم تكن العسكرية) المقدمة
لإسرائيل والتي بلغت في تلك
السنة (700 مليون دولار أمريكي)[1]. لقد
أسس هذا التكافؤ في المساعدة
مبدأ ارتباط المساعدة لمصر
بالمساعدة لإسرائيل. وقد جعلت
اتفاقية السلام المصرية
الإسرائيلية الموقعة في 1979 من
هذا التكافؤ أمراً رسمياً. لقد
بدأ مرسوم (المساعدة الأمنية
الدولية الخاص) الصادر في 1979
المرحلة الحالية من المساعدة
الأمريكية لمصر، مانحاً ما
قيمته 4.8 مليون دولار لدعم
اتفاقية سلام كامب ديفيد. لقد
كان صندوق مصر يتألف من 300 مليون
دولار كمساعدة اقتصادية و1.5
بليون دولار كمساعدة عسكرية.
وقد تلقت منذ ذلك الوقت، كمعدل
فقط ما يزيد على 2.6 بليون دولار
كمجموع للمساعدة الأمريكية
السنوية ـ أي أن المساعدة
ارتفعت تقريباً ألف صعف في 25 سنة.
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |