المساعدة
الأمريكية للشرق الأوسط
تراجيديا
النوايا الحسنة
(4)
(سورية)
يوفال
ليفن
لقد كان للأموال الأمريكية أثر
كبير في حسابات سورية في عملية
السلام. تقترح معظم المصادر أن
السوريين كانوا سيتلقون عشرات
الملاين من الدولارات فيما لو
تبعت معاهدة سورية ـ إسرائيلية
نموذج اتفاقيات السلام السابقة.
إن سجل مسار نظام الأسد تحت والد
الرئيس الحالي تشير إلى أن هذه
التمويلات كان سيتم استخدامها
لأهداف تتناقض مع المصالح
الأمريكية بحدة. إن قرار سورية
بفتح نقاشات حول معاهدة سلام مع
إسرائيل قد دفعت بالبعض في
الولايات المتحدة وفي إسرائيل
للجدال بكون الرئيس الراحل حافظ
الأسد قد قام (بخيار استراتيجي
للسلام)، وأن هذا يعني أنه قد
تخلى عن أهدافه السابقة
المعادية للسياسات الأمريكية،
ولكن دراسة آراء الأسد
الاستراتيجية تقترح خلاف ذلك.
في الحقيقة، فإن استراتيجية
السلام هي إلى حد بعيد متفقة مع
أولئك الذين يحملون أهدافاً
معادية للأمريكيين.
إن السلام مع إسرائيل سيضع خاتم
تأييد أمريكا على احتلال سورية
للبنان، وسيسمح للسوريين
بالقضاء على أي أثر للاستقلال
اللبناني دون خوف من أي ردود فعل
سلبية في الغرب. لقد أرسلت
إسرائيل فعلاً إشارات
باستعدادها للقبول بحركة سورية
كهذه فيما لو تم تحقيق عملية
سلام، وأشارت الولايات المتحدة
إلى أنها ستقوم بدعمها كذلك.
إن معاهدة كهذه ستحرر الزعيم
السوري الجديد كذلك ليقوم
بإعادة تجديد المواجهة السورية
الطويلة الأمد مع تركيا ـ وهي
حليف أمريكي أساسي. وما إن تلزم
الحكومات الأمريكية
والإسرائيلية نفسها بحماية
نظام بشار الأسد بتوقيع معاهدة
معه، فإنهم سيترددون بالمخاطرة
بمظهر السلام الغالي الثمن من
أجل تدخل لصالح الأتراك فيما لو
اتخذت سورية تحركاً ضدهم.
وسيحاول الأسد كسب بعض الحيز في
تعامله مع تركيا، وبعض الفعالية
في تعامله ضدها. يعتمد الأتراك
على الدعم الأمريكي
الديبلوماسي والعسكري. فماذا
ستفعل تركيا بدونه، وماذا ستفعل
الولايات المتحدة بنفسها عندما
تستبدل ولاء النظام التركي
الصديق بأنصاف الابتسامات
الخادعة للديكتاتوريين
السوريين؟
يقوم النظام السوري كذلك بإيواء
ومساعدة إرهابيين دوليين من
جميع المشارب، وتعمل دمشق كمركز
للتجارة الإقليمية بالمخدرات
الممنوعة. إن معاهدة إسرائيلية
ـ سورية تدعمها أمريكا ستجعل من
الأصعب بكثير، بدلاً من أن يكون
ذلك أسهل، على الولايات المتحدة
أن تتكلم أو تقوم بإجراء ما ضد
هذه النشاطات.
إضافة إلى هذا كله، وكما هو موضح
أعلاه، فإن اتفاقية مع إسرائيل
ستجلب كميات هائلة من الدولارات
الأمريكية إلى الخزينة السورية.
وهكذا، وكما مع مصر
والفلسطينيين، فإن معاهدة سلام
ستسمح للسوريين بتمويل معارضة
مباشرة للمصالح الأمريكية في
نفس الوقت. مرة أخرى، فإن
الولايات المتحدة ستكون قد وضعت
سياستها على نحو معارض لمصالحها
ودفعت الفاتورة فوق ذلك.
إن المساعدة كنتيجة لاتفاقيات
تنبع من عملية السلام ستفاقم
المشاكل التي تسببت بها سياسة
المساعدة لإسرائيل.
في أوائل عام 2000، وضح رئيس
الوزراء الإسرائيلي باراك
للولايات المتحدة أنه يتوقع أن
أي اتفاقية مع سورية ستُدخل ما
يزيد عن 17 مليون دولار أمريكي
لبلاده. وقد صاغ أحد التقارير
رسالة باراك للإدارة موضحة أنه
بدون معرفة ما المقابل الذي قد
تحصل عليه إسرائيل في التزامات
جديدة للولايات المتحدة، فإنه
لا يستطيع التوقيع على التنازل
عن مرتفعات الجولان وإقناع
الإسرائيليين بأنهم سيبقون في
مأمن. مرة أخرى فإن المساعدة لها
تأثيرها في إقناع الإسرائيليين
بأن التحركات الاستراتيجية
الخطيرة غير المقصورة هي آمنة
وذات فائدة لأن الولايات
المتحدة تدعمها. ومع ذلك فإن
السيناريو المتخيل من قبل
مهندسي المساعدة الأمريكية،
والذي تلعب الحكومات العربية
وفقه دورها بجاهزية على مسرح
دراما السلام الشامل يتم
مناقضته بحقيقة أن الحكومات
العربية تستمر بالتصرف وفق
أهدافها الطويلة الأمد خلف
المشهد. إن الأهداف التي لا جامع
بينها وبين ما يفترضه صناع
السياسة الأمريكيون على أنه
مصالح لهم. إن الاتفاقيات
الخطرة أصبحت جذابة على نحو خاص
للنخبة الإسرائيلية لأنه، وعلى
الرغم من عدم وضوح الخير أو الشر
الذي قد تجلبه على إسرائيل،
فإنها بالتأكيد ستجلب الأموال
الأمريكية لمساعدة تعزيز هؤلاء
النخب أنفسهم ونظامهم المركزي.
في نهاية الأمر فإن هذا لن يكون
سيئاً لإسرائيل بل للولايات
المتحدة كذلك.
|