وثيقة
هامة
30/11/2002
الدولية
التقدمية
استراتيجية
أمنية ديمقراطية وطنية
تمهيد:
كديمقراطيين، فإننا فخورين
بمبادئ حزبنا الحازمة عن
سياستنا (الدولية) وسجله القوي
في الدفاع عن أمريكا. لقد قاد
الرؤساء الأمريكيون أمثال
وودرو ويلسون، وفرانكلين،
وروزفلت، وهاري ترومان
الولايات المتحدة إلى الانتصار
في حربين عالميتين وأنشؤوا
منشآت دولية بعد الحرب والتي
كانت حجر الأساس في الأمن
العالمي والازدهار منذ ذلك
الحين. لقد صاغ الرئيس ترومان
التحالفات الديمقراطية مثل حلف
الأطلسي الذي انتصر في النهاية
في الحرب الباردة. لقد لخص
الرئيس كنيدي الالتزام
الأمريكي بـ(استمرار ونجاح
الحرية). لقد أرسى جيمي كارتر
الدفاع عن حقوق الإنسان في قلب
سياستنا الخارجية. وشق بيل
كلينتون سلمياً الطريق في بناء
أوروبا حرة غير مقسمة بعد الحرب
الباردة، وفي شراكة جديدة مع
روسيا. إن أسماء هؤلاء الرجال
الديمقراطيين يستثيرون التقدير
والاحترام حول العالم.
واليوم تتعرض أمريكا مرة أخرى
للتهديد، فبلادنا في حاجة إلى
جيل جديد من القادة
الديمقراطيين لتخطو للأمام
ولتقدم معيار القيادة نفسه
مثلهم في ذلك مثل أسلافهم في
القرن العشرين.
منذ عامين، أعلن الإرهابيون
الحرب على أمريكا بقتلهم آلاف
المدنيين الأبرياء.. ولكن
أمريكا لم تكن الهدف الوحيد؛
لقد تحرك مرتكبو 11/أيلول باسم
إيديولوجية كراهية عدائية لسبب
الحرية في كل مكان.
لقد تسبب القرن الواحد والعشرون
في مجموعة جديدة من التهديدات
ذات منابع مختلفة، إلا أنها ذات
عواقب خطرة تشابه التحديات
الاستبدادية في القرن السابق.
لقد كنا محظوظين لأن أعداءنا
الإرهابيين لم يحصلوا بعد على
القدرة لإلحاق ضرر فاجع بنا
بأسلحة الدمار الشامل. إن منع
حصول اندماج مهلك بين الإرهاب
والدول المارقة من جهة وبين
أسلحة الدمار الشامل من جهة
أخرى هو أحد تحديات عصرنا
الرئيسية.
في أوقات الخطر
وضع الأمريكيون الشراكة جانباً
وتوحدوا في الدفاع عن بلادنا
لهذا، فإننا كديمقراطيين، ندعم
إطاحة إدارة بوش بنظام الطالبان
في أفغانستان. إننا ندعم كذلك
هدف خلع نظام صدام حسين الشرير
في العراق، لأن سياسة الاحتواء
السابقة كانت فاشلة، ولأن صدام
شكل خطراً مميتاً على أمريكا
وكذلك حاشيته المتوحشة، ولأن
تحديه الصارخ لما يزيد على عقد
كامل من قرارات مجلس الأمن كان
يقوض كلاً من الأمن الجماعي
والقانون الدولي. لقد اعتقدنا
حينها ونعتقد الآن، أن هذا
التهديد كان أقل إلحاحاً مما
ادعت الإدارة أنه يشكل، وأنه
كان على الولايات المتحدة أن
تبذل جهداً أكبر بكثير للحصول
على الدعم الدولي، وأنها استعدت
بشكل أفضل لإعادة البناء في
فترة ما بعد الحرب. رغم ذلك،
فإننا مقتنعون بأن الشعب
العراقي، والمنطقة والعالم
أصبحوا أفضل حالاً برحيل هذا
الدكتاتور البربري.
في نفس الوقت، فإننا نعتقد أن
الرئيس بوش من نواحي كثيرة يقود
أمريكا في الاتجاه الخاطئ فيما
يتعلق بالأمن الوطني. فبعد أن
انتصرنا في المعركة مع كل من
أفغانستان والعراق، فإننا الآن
نواجه خطر فقدان السلام في كلا
البلدين. بالإصرار على حقنا في
التصرف بشكل فردي، وبتجاهل
تقييمات الاستخبارات التي
تتصادم مع رغبته في التحرك،
وبإساءة تقدير الموارد اللازمة
لإنجاز هذه المهام، فإن الرئيس
يعرض مكاسب أمريكا في المعركة
للخطر. وبالتركيز المبالغ فيه
على القوة العسكرية الأمريكية
باعتبارها الأداة الأساسية
للسياسة الخارجية الأمريكية،
فإن الإدارة تتخلى عن مسؤوليتها
لتشكل استراتيجية سياسية
فعالة، وبعيدة الأمد لتغيير
الظروف التي تتكاثر فيها
الأصوليات الإسلامية والتي
سينبع منها تهديدات جديدة
لأمننا الوطني على الأرجح.
وبدفع تخفيض الضرائب ذي الباعث
الإيديولوجي ورفض التزام الأمة
الثمين بالتنظيم المالي، فإن
الرئيس بوش يخفض كذلك من قدرتنا
المستقبلية للتصرف حول العالم
ويضعف قيادتنا الاقتصادية
فعاليتها.
إضافة إلى ذلك، فإنه مايزال على
الإدارة أن تضع قيوداً فعالة
على الطموحات النووية الخطيرة
لكوريا الشمالية وإيران، أو
للقيام بأي تقدم تجاه النزاع
بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
على الجبهة الداخلية، فقد فشلت
في تكريس طاقة فعالة، وتركيز،
مصادر للقضية الضاغطة المتعلقة
بدفاعنا عن بيوتنا ضد هجمة
إرهابية أخرى. بدلاً من تعبئة
أصدقائنا وعزل أعدائنا، تقوم
هذه الإدارة بعزل الولايات
المتحدة عن بقية العالم، مبددة
الإرادات الطيبة والتحالفات
التي تم بناؤها عبر العقود من
قبل قادة أمريكيين متتابعين. إن
القوة العسكرية الأمريكية
عالية على مدار الوقت ولكن
سلطتنا الأخلاقية حول العالم هي
ذات مستوى منخفض على مدار الوقت.
إننا نعترف مع ذلك، بأن على
الديمقراطيين القيام بما هو
أكثر من انتقاد هذه الإدارة
التي تدير أمور أمننا الوطني
بطريقة تفتقر إلى الكفاءة
بازدياد. هذا وحده سيكون له أثر
ضئيل في تخفيف الشكوك لدى
الكثير من الأمريكيين حول
استعداد حزبنا أو قدرته على
متابعة الدفاع الصلب والسياسات
الأمنية التي يتطلبها العالم
اليوم. لإعادة تأسيس مصداقيتنا
في الأمن القومي، فإن علينا (الديمقراطيين)
تقديم رؤية إيجابية توضح كيف
سنقوم بعمل أفضل في الحفاظ على
أمن الأمريكيين وفي استعادة
قدرة أمريكا على القيادة.
لقد بدأنا
بإعادة التأكيد على التزام
الحزب الديمقراطي بالدولية
التقدمية.. إن الاعتقاد بأن أفضل
دفاع عن أمريكا سيكون عن طريق
بناء عالم آمن لحرية الأفراد
وللديمقراطية. إننا ندعم لذلك
الاستخدام الجريء للقوة
الأمريكية، ليس من أجل الهيمنة
بل من أجل تشكيل تحالفات
ومؤسسات دولية تشترك في التزام
عام بالقيم الليبرالية. إن
إبقاء أمريكا آمنة وقوية لن
يكون بفرض إرادتنا على الآخرين،
أو بالنضال عبر دولية ضيقة
وأنانية تخون قيمنا، بل بقيادة
العالم نحو الحرية السياسية
والاقتصادية.
في حين يتذمر البعض من كون إدارة
بوش كانت بالغة التطرف في
إعادتها تشكيل استراتيجية
الأمن القومي الأمريكي، إننا
نعتقد أنه لم يكن طموحاً أو
مبدعاً بشكل كاف. إننا في حاجة
للقيام بالمزيد، والقيام
بطريقة أكثر ذكاء وأفضل لحماية
شعبنا وللمساعدة على تشكيل عالم
حر أكثر أمناً.
تحتل الدولية التقدمية المركز
الأساسي بين اليمين الامبريالي
واليسار صاحب فلسفة عدم التدخل،
بين رؤية تفترض أن قوتنا تجعلنا
على حق دائماً وأخرى تفترض أن
كون أمريكا قوية فلا بد أنها على
خطأ.
يبدو الكثيرون في اليسار غير
قادرين على الوقوف موقف تأييد
لأمريكا في النزاعات الدولية،
ويعارضون بشكل أوتوماتيكي
استخدام القوة، ويضنون
بالمصادر المستخدمة للإبقاء
على جيشنا قوياً. بنظرهم إلى
تعدد الدول كهدف في ذاتها،
فإنهم يفقدون رؤية الأهداف من
مثل قتال الإرهاب أو إنهاء
الاختراقات الشائنة لحقوق
الإنسان، والتي تتطلب منا أن
نتصرف إذا دعت الحاجة أحياناً
خارج إطار الأمم المتحدة غير
الفعالة. إن تبني الكثيرين
موقفاً معادياً للعولمة لن يحد
من ازدهارنا الخاص فقط ولكنه
سيسلم الملايين من المحتاجين في
العالم إلى فقر مدقع. ومهما كان
سجل بوش مربكاً، إلا أن
السلميين المعترضين على
استخدام العمليات العسكرية
واليساريين المؤمنين بفرض
الجمارك لا يقدمون أي بديل
موثوق.
تؤكد الدولية التقدمية على
المسؤوليات التي تأتي مع قوتنا
الهائلة: استخدام القوة بضوابط
ولكن عدم التردد في استخدامها
وقت الضرورة، وإظهار ما دعاه
إعلان الاستقلال بـ(الاحترام
اللائق لآراء الإنسان)، بممارسة
القيادة بشكل رئيسي عبر الإقناع
بدلاً من الإكراه، وتقليل
معاناة الإنسان أينما نستطيع،
وإنشاء تحالفات ومنشآت دولية
ملتزمة بتسليم نظام عالمي جيد.
إن علينا أن نعود إلى مبادئنا
الأربعة الأساسية والتي عرفت
منذ زمن بعيد أسس الحزب
الديمقراطي المكون من الدوليين
ذوي العقول القوية:
ـ القوة القومية: منذ تعهد
فرانكلين روزفلت بجعل أمريكا (ترسانة
الديمقراطية) إلى الوقت الحاضر،
أيد الديمقراطيون وجود دفاع
قومي قوي. إن القوات المسلحة
التي حصدت انتصارات رائعة كهذه
في أفغانستان والعراق كانت قد
ورثت لهذه الإدارة من قبل
الرئيس كلينتون. إن
الديمقراطيين سيحتفظون بهذا
الجيش الأكثر كفاءة و الأكثر
تقدماً على الصعيد التكنولوجي،
وإننا لن ننكص عن استخدام هذه
القوة للدفاع عن مصالحنا في أي
مكان في العالم. في نفس الوقت،
فإننا نعلم بأن تأثير أمريكا
العالمي ليس انعكاساً لقوتنا
العسكرية.. بل هو ناشئ كذلك عن
قوة أمتنا الأخرى: اقتصاد ضخم
وديناميكي، ومقدرة على الإبداع
والتصحيح الذاتي، وديبلوماسية
نشطة، وجاذبية أخلاقية لمثلنا،
إن الديمقراطيين لن يتجاهلوا
هذه المصادر الأساسية للقوة
الأمريكية.
ـ الديمقراطية الليبرالية: يعتقد
الديمقراطيون أن أمريكا ينبغي
أن تستخدم قوتها منعدمة النظير
للدفاع عن بلادنا وتشكيل عالم
تتأرجح فيه قيم الديمقراطية
الليبرالية. كثيراً ما يظهر أن
السلام والأمن الحقيقي لا يعتمد
فقط على العلاقات بين الدول بل
كذلك على العلاقة بين الدولة
والمجتمع. إن الحكام الذين
يسيؤون معاملة شعوبهم هم أكثر
قابلية لتهديد الدول الأخرى،
ولدعم وإنتاج الإرهاب،
ولانتهاك المعاهدات، وعدا ذلك
فهم يسخرون من عادات التصرف
الحضاري. لقد وضح رئيس الوزراء
البريطاني توني بلير ذلك بشكل
مختصر في خطابه إلى الكونغرس في
تموز /2003/ حين قال: (إن انتشار
الحرية هو أفضل أمن للحرية. إنه
خط دفاعنا الأخير وخط هجومنا
الأول).
ـ المؤسسات الحرة: يعتقد
الديمقراطيون أن الحرية
الاقتصادية متممة للتقدم
الإنساني، وليس صدفة أن أكثر
دول العالم حرية هي أيضاً أكثره
ثراء. إننا ندعم الفرص
المتساوية والآخذة في الاتساع
في الوطن وفي الخارج، وهذا
السبب في كوننا نفضل الأسواق
النشيطة، والتجارة المفتوحة،
والحكم الإيجابي الذي يكفل
المنافسة الشريفة. إن ظروفاً
كهذه لن تحرر وحسب القدرات
الخلاقة لدى الأفراد، بل إنها
تقرب الأمم من بعضها البعض في
شبكة اقتصادية متكاملة.
وباعتبارها ذات أكبر اقتصاد على
مستوى العالم، فإن لدى أمريكا
رهان أساسي على توسيع نظام
مرتكز على قواعد في التجارة
العالمية والتي ستكفل الازدهار
المشترك في الخارج في ذات الوقت
الذي ترفع فيه من مستوى العمالة
العالمية والمعايير البيئية.
ـ القيادة العالمية: يعتقد
الديمقراطيون أن قيادة
الولايات المتحدة النشطة هي أمر
متمم لتشكيل عالم متجانس مع
مصالحنا وقيمنا. إن نظاماً
عالمياً لن يظهر بشكل تلقائي،
بل يجب أن ينظم عبر عمل جماعي
تقوم به القوى العظمى، وخصوصاً
الديمقراطيات الرائدة. إن
المسؤولية الرئيسية في قيادة
عالمية تقع على أمريكا
باعتبارها الأولى بين متكافئين.
ولكن بلدنا لا يستطيع القيادة
إذا لم يستمع لقادتنا. إن أفضل
طريقة لعزل أمريكا والدعوة إلى
تشكل ائتلافات معادية للأمركة..
إنما هو بالخضوع لإغواء
الإمبريالية ومحاولة فرض
إرادتنا على الآخرين. إننا
نعتقد بدلاً من ذلك، خلال
تجديدنا لتحالفاتنا
الديمقراطية لمواجهة تهديدات
جديدة، بتوسعة نطاق سوق
الديمقراطيات وذلك باحتواء دول
تريد الانضمام، وتعزيز وإصلاح
المؤسسات الدولية والأمم
المتحدة، والمؤسسات المالية
الدولية، ومنظمة التجارة
العالمية، وعلى الرغم من
نقائضهن الواضحة ما تزال تجسد
أرفع آمال الإنسانية للأمن
الجماعي وكل المشاكل بشكل
تعاوني.
في القرن العشرين، قدم رجال دولة
من مثل ويلسون، وروزفلت،
وترومان، وكينيدي، هذه المبادئ
الجوهرية لقيادة أمريكا خارج
انعزاليتها إلى قيادة العالم.
لقد دافعوا عن الديمقراطية، لقد
بنوا واستخدموا قواتنا المسلحة
لمقارعة واحتواء الفاشية
والشيوعية. لقد وسعوا إطار
التجارة وأنشأوا نظاماً
اقتصادياً عالمياً جلب عقوداً
من الازدهار العالمي غير
المسبوق. لقد شكلوا تحالفات من
مثل تحالف الناتو الذي لم يردع
الاتحاد السوفييتي وحسب، ولكنه
ساعد لاحقاً في تحويل الخصوم
السابقين إلى حلفاء جدد. لقد
عرفوا أنه لكي ينتصروا في الحرب
الباردة، فإن عليهم أن يثيروا
ليس الخوف فقط في أعدائنا، بل
الاحترام والولاء كذلك في
أصدقائنا. وبهذه الغاية، قاموا
ببناء شبكة من التحالفات
والمؤسسات التي شاركت في حمل
أعبائنا، ووسعت نطاق تأثيرنا،
وشجعت الشعوب الحرة الأخرى على
الوقوف مع أمريكا.
لقد أدت هذه الاستراتيجية إلى
الانتصار في الحرب الباردة،
وإلى تعمق سلام جديد في أوروبا
كلها، وإلى امتداد مثير للحرية
العالمية. ومع نهاية القرن
العشرين، كانت الولايات
المتحدة تمثل ندرة تاريخية قوة
مهيمنة يحترمها الآخرون أكثر
مما يخافونها. هذا هو التراث
الذي ورثته إدارة بوش، ثم قامت
بتبديده.
|