الحروب
الأميركية القادمة
بقلم
المحلل السياسي الأميركي :
ويليام بلوم
يعتبر الكاتب الأميركي وليام بلوم
،من اشهر المحللين السياسيين
الذين يتحلون بالجرأة لفضح كل
ما تقوم به الإدارات الأميركية
وما قامت به في الماضي من
سياسة خارجية وحشية ضد شعوب
العالم. وبسبب مواقفه هذه
تجاه السياسة الأميركي
والتهديدات. ورغم ذلك لا يزال
يواصل فضح سياسة الإدارات
الأميركية وجمع الوثائق
والمعلومات. عن ممارساتها التي
تخرق جميع الأعراف الدولية
وقوانين المجتمع الدولي وحقوق
الإنسان. وهو صاحب أشهر كتاب ظهر
حتى الآن حول ما نفذته الآلة
العسكرية ووكالة المخابرات
المركزية (سي آي إي)من أعمال
وحشية في العالم ،وهو بعنوان
:"قتل الأمل :التدخلات
العسكرية و المخابراتية
الأميركية منذ الحرب العالمية
"وكتاب: دولة الشر: الدليل نحو
القوة العظمى الوحيدة في العالم".
إلا أن الرئيس بوش الذي لا تعجبه
هذه الآراء فضل قراءة كتاب يطرق
هذا الموضوع في الاتجاه المعاكس.
و هو كتاب اليوت كوهين المعنون
" القيادة العليا - الجنود
والزعامة في زمن الحرب. حيث
ننصحك بالإطلاع على هذا الكتاب
بعد قراءة هذه المقالة.
في 28 تشرين أول/أكتوبر الفائت ألقى
وليام بلوم دراسة خاصة أمام حشد
من المحللين والكتاب الأميركي ؟"وجا
في تلك الدراسة ما يلي: المرة
الأولى التي تحدثت فيها في
أعقاب أحداث 11ايلول /سبتمبر
أمام الجمهور كانت في جامعة
كارولاينا الشمالية، بعد تلك
الندوة قامت منظمة أميركية
أنشأتها لين تشيني (زوجة نائب
الرئيس ديك تشيني) بوضع اسمي مع
عدد آخر من المحاضرين في قائمة
خاصة.ويمكن تحسس طبيعة هذه
المنظمة من جدول عملها الذي
أشار إليه تقرير بعنوان ،الدفاع
عن حضارتنا :كيف تقوم الجامعات
الأميركية بإضعاف أميركا وماذا
ينبغي أن نفعل تجاهها؟"، وفي
الموقع الإلكتروني الخاص بهذه
المنظمة ظهرت مقالات كثيرة
كتبها طلبة من الجامعات ووضع
تعقيب عليها من قبل المنظمة
يقول : إن هؤلاء لا يرحبون بأحدث
ما تقوم به الولايات المتحدة من
قصف كالجحيم ،.وعلى هذا النحو
أصبح هؤلاء الكتاب مدنين لأنهم
يقولون إن من حق بعض الأجانب
كراهية الولايات المتحدة أو
كراهية سياستها الخارجية بموجب
التعبير الذي استخدمه.
"إنتراكس عبر البريد
الإلكتروني "وبسبب هذه
القائمة وما كتبت أرسل لي عدد من
القراء بريداً إلكترونياً
يعبرون فيه عن كراهيتهم لي في
السنة الماضية وربما يرسل لي
البعض "إنتراكس "عبر
البريد الإلكتروني طالما وأن
هنالك ما يسمى "فيروس "الانترنت
أو الكمبيوتر .وفي تلك الرسائل
يتهمونني بأنني "أميركي عديم
الوطنية "وهم يتحدثون هنا عن
نوع أعمى من الوطنية الأميركية .وأن
أكون .لكني أقول إنهم يتحدونني
من ناحية وطنيتي هناك الكثير من
اليسار الأميركي الآن ممن يرفض
التنازل عن وطنيه لصالح اليمين
المحافظ .وهذا اليسار يصر على
انه يمثل الوطنيين
الحقيقيين لأنه يطالب الولايات
المتحدة أن تكون صادقة مع
المبادئ التي اعترفت بها ؟ورغم
أن هذه الوطنية جيدة، إلا أنني
أتوسع في مفهومها إلى حد القول
بأن هناك ما يتحدى هذا النوع
من الوطنية .لقد كانت السنة
الماضية صعبة بالنسبة لمن هو
مثلي تحاضره ملهاة الوطنية
الأميركية هذه .فنحن نصف الكثير
من الأميركيين بالأبطال : رودي
جولياني رئيس بلدية نيويورك
أصبح من هؤلاء الأبطال رغم أنه
كان قبل يوم أحداث 11 أيلول 2001 من
المتغطرسين الرجعيين القساة
لكنه فجأة أصبح بعد هذا التاريخ
بطلاً.حتى جورج بوش حولوه إلى
بطل.والذي كانوا حتى العاشر من
أيلول ينعتونه بـ"الأبله"أخذوا
يصفونه بالبطل فتحول إلى
ديكتاتور بعد 11 أيلول ؟! ورغم
أنني لست موالياً لأي دولة أو
حكومة على غرار معظمكم موالياً
لمبادئ محددة مثل العدالة
الإنسانية والديموقراطية
الاقتصادية وحقوق الإنسان،إلا
أن ما أحمله لكم هو هذه العبارة:إذا
أحسستم بقلبكم أو بعقلكم بشكل
واضح أن قصف الولايات المتحدة
للفلاحين الفقراء الجائعين
الأبرياء تصرف مرعب مرفوض ولن
يحمل للشعب الأميركي أي أمن,
فعليكم الاعتراض عليه بأي طريقة
ممكنة م دون أن تشعروا بأي قلق
من تسميتكم غير وطنيين.لكن
المؤسف أن ليس هناك إلا القليل
من الاعتراض والاحتجاج ضد القصف
الأميركي في أفغانستان ،وأنا
أعتقد أن أحد أسباب هذا التقصي
هو تخويف الناس وتوسيع السلطات
البوليسية ضدهم.كما أعتقد أن
السبب الأخير يعود إلى شعور قسم
من الأميركيين بأن هذا القصف
المرعب وما ينتج عنه يمكن أن
يعتبرونه طريقة ستخلصهم من "الإرهابيين
"المعادين للولايات المتحدة .لكن،
هل يعلم هؤلاء أن من بين الآلاف
الذين قتلهم القصف الأميركي في
أفغانستان لا يوجد أحد ممن
شارك في عملية 11أيلول ؟.
وبموجب هذه الملاحظة كم يبلغ عدد
من شارك من عمليات مسلحة ضد
الولايات المتحدة ؟لا شك انه من
الصعب تحديد العدد رغم انه من
المؤكد أن هذا العدد سيكون
بالعشرات وليس بالمئات .وإذا
كان هناك "إرهابيون"بين
القتلى والأفغان فإن الكثير
منهم كان داخل السجن (ويذكر أن
معظم من كان في معسكر التدريب
الخاص بمنظمة القاعدة في
أفغانستان كانت مهمته وسبب
وجوده مساعدة الطالبان في الحرب
الأهلية من دون أن يكون له أي
علاقة بالإرعاب أو بالولايات
المتحدة .كانت مهمة هؤلاء دينية
وهذا لا علاقة لنا به كأميركيين
.لكننا مع ذلك قتلناهم أو
أننا اعتقلناهم في داخل أصعب
شروط الاعتقال في "غونتانامو
"في كوبا والمدة طويلة لا
تظهر لها نهاية بعد رغم أن بعضهم
حاول الانتحار .ومن الملاحظ
بوضوح أن حكومتنا لا تزال ترغب
بإسقاط كميات هائلة من القذائف
المتطورة فوق رؤوس الأبرياء،
وما كان ينبغي أن تستمر هذه
السياسة.
ففي نهاية الثمانينات انتهى
الاتحاد السوفياتي وانهار جدار
برلين، واحتفلت شعوب أوروبا
الشرقية بهذا اليوم الجديد،
وأجبرت حكومة جنوب أفريقيا
العنصرية على إطلاق سراح نيلسون
مانديلا وانهار النظام
العنصري، وفي أميركا اللاتينية
جرت انتخابات ديمقراطية في "هايتي"وكانت
الأولى ،ونتج عنها انتخاب رئيس
تقدمي وظهر في ذلك الوقت أن كل
شيء يمكن الحصول عليه وتحقيقه
وإيجابياً، وتغزز التفاؤل يشكل
أصبح بمثل قدر التشاؤم الآن. حدث
كل هذا، وعلى الرغم من ذلك كنت
واشنطن تحتفل على طريقتها بقصف
وغزو "بنما"وبعد أسابيع
قليلة من إنهيار جدار برلين وفي
نيكاراغوا كانت واشنطن تواصل
التدخل في الانتخابات من أجل
إسقاط الساندينيين .
وبعد أن انتهى النظام الشيوعي من
ألبانيا وبلغاريا ونجرأ
الشعبان على اختيار حكومات لا
تقبل بها الإدارة الأميركية
قامت واشنطن بخلع تلك الحكومات.وفي
عام 1991 بدأ القصف المكثف على
العراق خلال 40 يوماً وبلا أدنى
رحمة من دون وجود سبب عادل وهكذا
تبخرت آمالنا بتوقع تحقيق عالم
أفضل مختلف عن السابق. فزعماؤنا
لم يتوقفوا عن القصف فانطلقوا
نحو الصومال من دون توقف عن
القصف العراق لسنوات كثيرة ،
وتدخلوا بكل طريقة توفرت
الإنهاء الحركات اليسارية
في البيرو و المكسيك والإكوادور
و كولومبيا وكأن الحرب الباردة
التي احتدمت في الخمسينات
والستينات والسبعينات
والثمانينات ما زالت مستمرة.ثم
توجهت واشنطن لقصف يوغوسلافيا
لمدة 78يوماً بتواصل.وما زال
القصف على أفغانستان مستمر.. فما
الذي يجري إذن؟.
أكذوبة المؤامرة الشيوعية
لقد علمونا منذ الطفولة أن الحرب
الباردة ومن ضمنها الحرب في
كوريا وفيتنام والميزانيات
الضخمة للجيش، وجميع الغزوات
الأميركية،وقلب الحكومات، ما
نعرف عنها وما لا نعرف، كانت
تمثل كفاحاً ضد خطر وتهديدات
المؤامرة الشيوعية الدولية
التي تتخذ من موسكو مقراً،فما
الذي حدث؟لقد انتهى الاتحاد
السوفياتي وحلف وارسو، وتحولت
دولة إلى رأسماليين .
ومع ذلك لم يتغير أي شيء في
السياسة الخارجية الأميركية،
وبقي حلف الأطلسي الذي تأسس
باسم حماية أوروبا الغربية من
الغزو السوفياتي، بل أخذ قوته
بالزيادة وتتسع مهمته لتشمل
العالم كله.
ورغم أن ميثاق الحلف لا يلزم دوله
بإرسال قوات إلى أفغانستان
للقتال مع القوات الأميركية فقد
أرسل عدد قوات للمشاركة في
الغزو إن هذه الوقائع تدل على أن
اللعبة الأميركية كانت مزيفة،
فالاتحاد السوفياتي أو الشيوعي
لم تكن هدف أعمالنا الهجومية في
أنحاء العالم ولم تكن هناك
مؤامرة شيوعية دولية، بل إن
العدو كان لا يزال بنظر واشنطن
هو أي حكومة أو حركة أو فرد يقف
في وجه التوسع الذي تطمح إليه
الإمبراطورية الأميركية، بغض
النظر عن الاسم الذي نخلعه على
هذا العدو سواء أطلقنا عليه
شيوعية أو "دولة الشر"
أو مهرب "المخدرات " أو "إرهابي"
ويخطئ كثيراً من يظن أن
الإمبراطورية الأميركية تعمل
ضد الإرهاب وإليكم هذا السؤال :
فرداً ويحاول اغتيال عدد من
الدبلوماسيين ويطلق قذائف
مدفعية على سفن ترسو في الموانئ
و الأميركي بماذا تصفون هذا
الرجل وهو الذي يضع القنابل
المتفجرات في عدد من المباني
التجارية والدبلوماسية داخل
الولايات المتحدة وخارجها؟.
أورلاندو بوش:
لقد قام هذا الرجل بعشرات من
العمليات ويدعى أورلاندو بوش bosch وليس(bush عائلة الرئيس) وهو
كوبي منشق ويعيش في ميامي ولا
تمسه السلطات الأميركية.بل إن
مدينة ميامي الأميركية خصصت
يوماً احتفالياً في كل سنة
باسمه وأطلقت عليه اسم يوم
أورلاندو بوش.
وقصة أورلاندو هذا بدأت يوم عملت
الـ"سي آي إي "، على إطلاق
سرحه من السجن في فنزويلا حيث
كان يقضي عقوبة بالسجن بسبب
إدانته بتفجير طائرة
مدنية،ولعب السفير الأميركي في
فنزويلا أوتو رايش الذي أصبح
مساعداً لوزير الخارجية الآن
دوراً ضاغطاً لإفراج عنه. وسلم
أورلاندو إلى السلطات
الأميركية عام 1988 بتهم
أخرى،واعتبره قاض أميركي
إرهابياً وتقرر طرده من أراضي
الولايات المتحدة، لكن الرئيس
بوش الأب عرقل قرار طرده بعد أن
طلب ابنه جيب بوش المسؤول عن
فلوريدا و ميامي ذلك فهل هذا يدل
أن بوش الابن والأب والعائلة ضد
الإرهاب؟ لا شك أنهم ضد "الإرهابيين"
الذين لا يتحالفون مع "الإمبراطورية
الأميركية" ولكي تتضح الصورة
فقد كانت الطائرة المدنية التي
فجرها أورلاندو كوبية، ولذلك
أصبح مطلوباً للسلطات الكوبية
لما كمله بهذه الجريمة وغيرها
من الجرائم الخطيرة،وسبق
للسلطات الكوبية القضائية أن
طالبت الولايات المتحدة
بتسليمها أرولاندو، لكن واشنطن
رفضت تسليمه في حين أنها طالبت
الأفغان بتسليم بن لادن. وصوروا
ماذا يمكن لبوش أن يفعل ضد كوبا
لو أنها(دون وجود بن لادن فيها)
أعلنت عن احتفال أطلقت عليه "
يوم بن لادن "؟.
أميركا ملجأ الإرهابيين وإذا كان
بوش يكرر غالباً هجومه
وانتقاداته تجاه دول يتهمها
بإعطاء ملجأ "الإرهابيين"
فكيف يجرؤ على ذلك وهل هناك دولة
في العالم تمنح ملجأ للإرهابيين
بالقدر نفسه الذي تمنحه
الولايات المتحدة؟ فأورلاندو
ليس سوى واحد من عشرات آلاف
الإرهابيين الكوبيين المنشقين
الذي يعيشون في ميامي بعد أن
نفذوا المئات بل الآلاف من
الأعمال الإرهابية ضد كوبا
وداخل الولايات المتحدة نفسها
ومن بينها الاغتيالات
والتفجيرات .وهم يعيشون في
ميامي وفلوريدا بأمان منذ عشرات
السنين إلى جانب أصدقائهم
الإرهابيين الآخرين الذين
خرقوا حقوق الإنسان في
غواتيمالا والسلفادور وهايتي و
إندونيسيا، وكل مكان تحالفت فيه
الإمبراطورية الأميركية مع
الآخرين. فالـ"سي آي إي"
التي تقوم إنها تبحث عن"الإرهابيين"
في الكهوف والجبال في أفغانستان
تشرب الأنخاب في الوقت نفسه مع
الإرهابيين الذين تحميهم في
حانات ميامي وفي ضوء كل هذه
الوقائع كيف يمكننا فهم سياسة
حكومتنا الأميركية؟ لو كان علي
تأليف كتاب يحمل عنوان "الإمبراطورية
الأميركية-كتاب للصم والبكم"
لكتبت في الصفحة الأولى منه:
كأيها القارئ لا تهتم مطلقاً
بما يقال عن العامل الأخلاقي (في
السياسة الأميركية ) فالسياسة
الخارجية ليس فيها أي عامل
أخلاقي في تكوينها الأساسي.
ونظف عقلك من تلك المتكدسات
التي تصادفها في العناوين
العريضة ولوحاتها"و إذا أدرك
أنه ليس من السهل على معظم
الأميركيين إعطاء ما أقول شكلاً
من الأهمية لأنه ليس من السهل
هضم رسالتي هذه فهم يشاهدون
قادة البلاد على شاشات
التلفزيون وصورهم في الصحافة
وهم يبتسمون ويضحكون ويتظارفون
ويرونهم مع عائلاتهم ويسمعونهم
يتحدثون عن الله والحب،وعن
السلام والقانون،وعن
الديموقراطية والحرية وحقوق
الإنسان والعدالة و البيسبول. و
سيتساءل معظم الأميركيين:كيف
يمكن لمثل هؤلاء القادة أن
يكونوا وحوشاً بلا أخلاق، كيف
يمكن ألا يكونوا أخلاقيين؟
وسيقولون إن الأسماء التي
يحملونها هي جورج وديك و دونالد
وليس محمد ، وعبد الله كما أن
لغتهم هي الإنكليزية.
يد السارق وأيدي الأطفال فمحمد
وعبد الله يبتران يد السارق
عقوبة على السرقة. ورغم أننا لا
نفعل ذلك في أميركا لأنه مروع في
نظرنا، إلا أن أناساً يحملون
اسم جورج و ديك و دونالد يقومون
بإسقاط القنابل العنقودية على
المدن والقرى ومن لا ينفجر من
هذه القنابل يتحول إلى ألغام
أرضية وبعد ذلك يصطدم بها طفل
فيفقد ذراعاً أو ساقاً أو
ساقين وفي حالات أخرى عينين
فهذه القنابل تخلق إرهابها
الخاص. وقادة الولايات المتحدة
لا يكترثون بهذه النتائج فطالما
يحقق الموت والمعاناة لآخرين
أهداف جدول العمل الأميركي،
وطالما أن الأميركيين الذين
يستحقون جني الأرباح من أفراد
وشركات يستفيدون من هذا،وما
يحمل لهم من امتيازات، وطالما
أن الموت لا يقترب من
الأميركيين المقربين لهذه
الشركات ومصالحها كلما أبدى
قادة أميركا عدم الإكتراث دوماً
حتى لو دفع ثمن ذلك "الجنود
الأميركيون" عندما كنت أكتب
كتاب "دولة الشر" قبل سنوات
قليلة استخدمت عبارة "الإمبراطورية
الأميركية" التي لم تظهر في
الماضي في كتاب سابق على ما يبدو
قد فعلت ذلك بحذر شديد لأنني
اعتقدت أن الجمهور الأميركي لم
يصل إلى مستوى تقبلها.لكنني
الآن سأتجنب هذا الحذر لأن هذا
الوصف أصبح يستخدم بافتخار من
كل من يؤيد مثل هذه
الإمبراطورية، ولعل أبرز من
يفعل ذلك هو دينيش دسوزا المفكر
الأميركي المحافظ في مؤسسة "هوفر"
ففي بداية هذه السنة نشر دسوزا
مقالاً تحت عنوان:تأييداً
لاصطلاح-الإمبراطورية
الأميركية، يدعو فيه
الأميركيين إلى ضرورة الاعتراف
أخيراً بأن الولايات المتحدة
أصبحت إمبراطورية وأكبر قوة
إمبراطورية في التاريخ ".
إمبراطورية فريدة
ويقول روبرت كاغان: والحقيقة هي أن
الهيمنة التي تمارسها الولايات
المتحدة باسم النفع العام تحمل
أشياء جيدة لقسم واسع من سكان
العالم.وهذا ما يشكل تدبيراً
دولياً أفضل من أي بدائل أخرى":ويرى
تشارلز كراوثمر أن أميركا "إمبراطورية
فريدة من نوعها".وهذه الآراء
والأفكار تساهم في دفع الجمهور
الأميركي إلى التوافق مع
السياسة الخارجية
الأميركية،لأنهم يستنتجون منها
ميلاً أو اعتقادا بأنها سياسة
خارجية للنفع العام، وأن أميركا
إمبراطورية متنوعة تفرض النظام
والازدهار والسلوك الحضاري في
جميع أجزاء العالم، وأن أي حرب
تخوضها هي حرب إنسانية.
ولا شك أن كل ما كرسته من جهد
وأعددته من وثائق تفصيلية يثبت
تماماً التأثيرات المرعبة
والنتائج القاسية التي ولدتها
سياسة التدخل الأميركي في كل
زاوية من هذا العالم إن
هؤلاء المفكرين المحافظين
اليمنيين لا يعبرون إلا عن
التناقض الصارخ حتى مع أنفسهم
ولا يفهمون الأخلاق إلا على
طريقة البيت الأبيض و البنتاغون
(وزارة الدفاع).وهم ليسو ممن بدأ
الموت يدب فيهم بسبب تسرب (اليورانيوم
المنضب)إلى رئاتهم،ولا يقوم
صندوق النقد الدولي بإفلاس
اقتصاد بلدانهم،وليسوا ممن
تتشتت عائلاتهم في الصحاري
لاجئين والنظام الذي فرضه قادة
الولايات المتحدة في أفغانستان
سيعملون على فرضه في العالم
في المستقبل.فبوش وتشيني و
رامسفيلد و رايس و باول يريدون
من الجمهور الأميركي الاعتقاد
بأن الولايات المتحدة أصبحت
هدفاً للاعتداءات والكراهية
بسبب ما لديها من حرية
وديموقراطية وثروة واعتدال و
علمائية وخير وقصص خيالية أخرى.
دلائل الكراهية :
وما زال بوش يكرر هذه العبارات
منذ 11 أيلول رغم أن دراسة أعدتها
وزارة الدفاع الأميركية أكدت
منذ عام 1997 أن "الدلائل التي
تم جمعها تاريخياً تشير إلى
وجود صلة قوية بين التدخل
الأميركي في الأوضاع الدولية
وبين ازدياد العمليات المسلحة
ضد الولايات المتحدة الأسبق
اعترف بذلك حين قال:"إننا
نرسل المارينـز إلى لبنان وما
عليكم سوى الذهاب إلى لبنان
وسورية والأردن للتأكد من
كراهية الشديدة التي يكنها لنا
الناس هناك لأننا قصفنا وقتلنا
بلا رحمة فلاحين أبرياء ؟ نساء
وأطفالاً ومزارعين وربات بيوت
في تلك القرى حول بيوت لذلك
أصبحنا نبدو بأعينهم بما يشبه
الشيطان "وهذا ما عبرت عنه
رسالة المجموعة المسلحة التي
نفذت عملية وضع متفجرات في
المركز التجاري العالمي عام 1993.ففي
تلك الرسالة قالت المجموعة
بموجب ما نشرته صحيفة "نيويورك
تايمز" : "إننا نعلن
مسؤوليتنا عن هذا الانفجار وقد
قمنا بهذه العملية على مسؤولية
الولايات المتحدة في تقديم
الدعم العسكري والسياسي و
الاقتصادي إلى إسرائيل دولة
الإرهاب"ولو كنت رئيساً
للولايات المتحدة لتمكنت من وقف
هذه الأعمال التفجيرية ضد
الولايات المتحدة خلال أيام
قليلة وذلك من خلال القيام
بخطوات بسيطة لكنها مهمة
منها أولاً الاعتذار بجدية
لجميع الأرامل والأيتام من
ضحايا التدخلات الأميركية
ولجميع من مورس التعذيب ضده
ولجميع من أفقرته الولايات
المتحدة وللملايين من الضحايا
الاعتداءات.
أما الخطة الثانية فهي الإعلان
رسمياً بأن واشنطن لم تعتبر
إسرائيل ولايتها الواحدة
والخمسين بل دولة أجنبية.وبعد
هاتين الخطوتين سأقوم بتخفيض
الميزانية العسكرية بنسبة 90%
الإنفاق هذا الوفر من المال
الضخم الإصلاح ما ألحقته سياسة
واشنطن الخارجية بالعالم من
أضرار.
المركز
العربي
للدراسات المستقبلية
|