معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنـى
متابعة
سياسية رقم 829
كردستان
العراق والتغيير
بعد
سلطة الائتلاف المؤقتة
إبراهيم
صالح.
أعد
تقرير المنتدى السياسي الخاص
هذا بروك دهل، متدرب في برنامج
البحث التركي لمعهد واشنطن.
في
23 كانون الثاني 2003، حاضر
إبراهيم صالح في المنتدى
السياسي الخاص التابع لمعهد
واشنطن. في كانون الثاني 2001، كان
الدكتور إبراهيم صالح رئيساً
للوزراء في الحكومة الكردية
الإقليمية في السليمانية في
العراق. لكونه كان قد انضم إلى
الاتحاد الوطني الكردستاني في
العراق عندما كان لايزال حركة
خفية، فإنه غادر إلى المملكة
المتحدة وعمل كناطق باسم الحركة
من عام 1985ـ1991، ومن عام 1991ـ2001.
عمل كممثل للاتحاد الوطني
الكردستاني في أمريكا الشمالية.
فيما يلي تلخيص موجز لملاحظاته.
إن
الوضع الحالي في العراق يشكل
لحظة فريدة في تاريخ الشرق
الأوسط الإسلامي. للمرة الأولى
فإن العرب، والأكراد،
والتركمان، والآشوريين من نفس
الأمة لديهم فرصة لتقويم متعاون
لمهمة تشكيل مستقبلهم المشترك.
إن التحدي بين الزمن الحاضر و30
حزيران 2004، الوقت المحدد لتسلم
سلطة الائتلاف في العراق الحكم
إلى السلطات المحلية.. هو تشكيل
قانون انتقالي يمكن عبره انتخاب
حكومة انتقالية ذات سيادة.
بالطبع، فإن هناك نقاشاً هاماً
حول الكيفية التي يمكن عن
طريقها تحقيق هذا الهدف. بالرغم
من وجود تحد كبير أمامنا، إلا أن
التقدم الذي جرى بعد تحرير
العراق كان ذا مصداقية، على
الأخص في ضوء العوامل المعقدة
العديدة للبلاد. إن لدى قادة
العراق فرصة للبناء في هذا
الوضع الفريد بإنشاء دولة قادرة
على الحياة.
ـ
مستقبل الأمة العراقية:
طبيعة
الحكومة العراقية: تتفهم جميع
الأطراف أن الجدال الحالي ليس
وضعاً يتحتم فيه فوز أحد
الأطراف وخسارة الطرف الآخر،
وهم يقومون بمساع مختلفة لتحكيم
اختلافاتهم في الرأي. إن حواراً
كهذا هو حوار جديد في العالم
الإسلامي، ويظهر نجاحه بشكل
ملموس في اللجوء إلى التظاهرات
بدلاً من العنف كطريقة لحل
الخلافات.
ما
هو جدير بالذكر، أن جميع
الأطراف الكبرى قد صادقت على
ديمقراطية فيدرالية كقاعدة
للنظام السياسي المستقبلي في
العراق. يتصور الأكراد
العراقيون هذا النظام على أنه
موازنة للقوة بين المقاطعات
وبين المركز. بناء على ذلك، فإن
أي قانون انتقالي يجب أن يسمح
لجميع المقاطعات بتأسيس مؤسسات
حكم يكون لديها في النهاية مكان
في الدستور الثابت في العراق.
إن
عقد انتخابات مباشرة سيكون
أمراً بالغ الصعوبة في المناخ
الحالي. إن الحل النهائي للتحدي
المتعلق بإنجاز انتقال كامل
للسلطة ينبغي الوصول إليه عن
طريق النقاش بين العراقيين
وبمساعدة الولايات المتحدة
والأمم المتحدة. إضافة إلى ذلك،
فإن على جميع الأطراف الاعتراف
بمشروعية تظلمات الشيعة فيما
يتعلق بحرمانهم من السلطة لوقت
طويل بشكل غير عادل. في نفس
الوقت، فإن عليهم أن يؤمِّنوا
فهم العراقيين من جميع الخلفيات
للعملية السياسية وإدراك
الحكومة الانتقالية الجديدة
تمثيلاً وشرعية.
ـ
التأثير الديني:
ينبغي
أن تعكس الديمقراطية قيم
المخولين عن طريقها، بدلاً من
السماح لجماعات من مثل
الوهابيين أو عناصر متطرفة أخرى
ببناء المساجد في العراق، فإنه
يتوجب على الحكومة تحمل مسؤولية
هذا العمل. في ذات الوقت، فإنه
لا ينبغي أن يعطى رجال الدين
دوراً في السياسات اليومية. إن
بإمكان الأحزاب الإسلامية أن
تكون جزءاً من العملية
السياسية، لكن ينبغي الإبقاء
على الدين والسياسة متباعدين
قدر الإمكان. إن واقعية الأحزاب
الدينية يمكن معاكستها فقط عن
طريق أحزاب علمانية مكافحة تقوم
بعمل أكثر فعالية في الوفاء
بحاجات ناخبيهم.
ـ
مشاركة الأمم المتحدة:
إن
العراقيين متوجسون من الأمم
المتحدة، لأن لديهم تجربة سيئة
الحظ مع بيروقراطية الأمم
المتحدة، وقد انتقد الكثيرون
إدارتها لبرنامج النفط مقابل
الغذاء. لقد خاب أملهم كذلك لأن
الأمم المتحدة والمنظمات
الدولية الأخرى لم يفعلوا
الكثير لحماية الناس في العراق
من وحشية النظام. ومع ذلك، فإن
إشراك المجتمع الدولي في عملية
الانتقال، بالرغم من أن
المنظمات الدولية ووزراء
الخارجية هم معتادون على الوضع
الحالي وعلى المعايير السياسية
المقبولة، إلا أن جميع الأحزاب
ينبغي أن يتجنبوا تدابيراً
تحافظ على الأنظمة السياسية
القديمة في العراق. إن نظاماً
مختلفاً بشكل أساسي هو أمر
ضروري لتحقيق النجاح الدائم.
ـ
الأمن:
إن
هؤلاء المسؤولين عن استمرار
النشاطات الإرهابية في العراق
يتألفون من الأصوليين
الإسلاميين، والوهابيين
الداخليين، وبواقي البعثيين،
وناشطين من القاعدة وأنصار
الإسلام. تظهر الاستخبارات
التركية أن الهجمات الإرهابية
تشتمل على أسلحة تكتيكية وقنابل
ذات دفع صاروخي، قام باستعمالها
بشكل خاص أولياء النظام، إن
هجمات كهذه قد انخفضت منذ القبض
على صدام حسين. إن تفجيرات
السيارات المفخخة والهجمات
المشابهة تقوم بها عناصر من
القاعدة وعناصر سلفية.
ـ
مستقبل الشمال الكردي:
رغم
أن المجتمع الكردي كان في حالة
صراع مع العراق لعقود، إلا أن
عليه تقبل كونه جزءاً من العراق.
في الحقيقة، فإن الأكراد
العراقيين يسعون إلى حل عراقي
موحد لحالة الإرتباك الحالية.
في نفس الوقت، فإن على القادة
الأكراد العراقيين إعادة طمأنة
ناخبيهم بأنهم لن يعودوا إلى
الحكم الاستبدادي السابق. يجادل
بعض الأكراد في أنهم ينبغي أن
يقلقوا على كردستان وحدها، بغض
النظر عن بغداد والأمة العراقية.
في النهاية فإن النظرة السائدة
لدى الأكراد هي أنهم ينبغي أن
يكونوا ممثلين في بغداد إذا
أرادوا تجنب آلام الإبادة
الجماعية السابقة. إن أي تدابير
جديدة ينبغي أن تعطي الأكراد
والشعوب الأخرى في العراق
ضمانات ملموسة بأن إعادة
المركزة ستكون عرضية للمطالب
الأمنية والسياسية لكل
الموجودين. على أية حال، فإن
الأكراد العراقيين ينظرون إلى
بغداد على أنها عاصمتهم، وعلى
أنهم سيعملون مع العراقيين
الآخرين لإنشاء نظام يكفل
السلامة، والأمن، والازدهار
للجميع.
ـ
الحكومات الكردية الإقليمية في
العراق:
إن
التقسيمات السابقة في المجتمع
الكردي في شمال العراق نتجت عن
الصراع بين حزب الاتحاد
الكردستاني الوطني وبين الحزب
الكردستاني العراقي. في ضوء
تحسن العلاقات بين هذه
المنظمات، يأمل الكثيرون في
انعقاد انتخابات في المنطقة
كلها في آذار 2005. ومن يفوز في هذه
الانتخابات ينبغي أن يتسلم
مسؤولية تشكيل حكومة المنطقة
القادمة. إن منطقة كردية عراقية
موحدة يمكن أن تكون عنصر
استقرار لباقي المناطق في
البلاد بحيث تحذو حذوها.
إضافة
إلى ذلك، فإن حكومة إقليمية
موحدة ستسهل عملية إعادة
الاندماج للمنطقة الكردية
العراقية في الدولة العراقية
ثانية كجزء من تدبير فيدرالي
جديد. من المهم ملاحظة أنه لا
ينبغي ارتكاز أي مؤسسة حكومية
عراقية على الإثنية أو الدين. في
الواقع، فإن هذا المبدأ ينبغي
أن يتم ضمه إلى الدستور العراقي
الجديد، ولا ينبغي استثناء
المنطقة الكردية العراقية منه.
فبالإضافة إلى الأكراد، فإن هذه
المنطقة هي وطن التركمان،
والعرب، والآشوريين. بناء على
ذلك، فإن الأعضاء في هذه
الجماعات الإثنية ينبغي منحها
فرصة عادلة للكفاح من أجل
المراكز القيادية في الحكومة
الإقليمية إلى جانب الأكراد.
ـ
كركوك:
لن
يكون هناك ادعاء كردي بكركوك
إلا إذا أهملت الدعاوى الأخرى.
أحد المطالب الكردية التي لا
يمكن التفاوض عليها اجتثاث
التطهير الإثني في المنطقة
وسياسات التعريب المفروضة. إن
آثار نشاط كهذا ينبغي أن تخضع
لعملية عكسية عبر عملية شرعية،
وسياسية يستطيع الناس بعدها
تقرير قدر كركوك. إضافة إلى ذلك،
فإن عائدات النفط في المنطقة لا
ينبغي أن تصبح أبداً تحت سيطرة
الحكومة المركزية مرة ثانية،
والتي كانت قد استخدمتها
تاريخياً كدعامة للاستبداد.
ينبغي تصميم مشروع للمشاركة في
العائدات وذلك بهدف إعادة حل
قضية النفط.
ـ
هموم تركية:
في
حوار مع المسؤولين العراقيين
الأكراد، شددت تركية على أن
مستقبل العراق هو أمر يقرره شعب
العراق. يقدر الأكراد العراقيون
هذه الرؤية ويحثون الدول
المجاورة على الامتناع عن أي
تدخل في السياسة العراقية
الداخلية. لقد كانت المنطقة
الكردية في العراق قريباً
ثميناً لتركية عبر الـ 12 عاماً
الماضية، خصوصاً في القضايا
الأمنية. إضافة إلى ذلك، فإن
الشركات التركية تقوم بقدر كبير
من العمل في شمال العراق، سيصل
قريباً إلى ما قيمته (60) مليون
دولار في منطقة السليمانية
وحدها. فيما يتعلق بحزب العمال
الكردستاني، فإن هذه قضية تتخذ
فيها حكومة العراق وتركية
القرار. ليس بإمكان العراق أن
يكون ملاذاً آمناً أو قاعدة
انطلاق لمنظمات عسكرية معادية
لدول مجاورة. ويتوقع العراق من
جيرانه احترام وحدة أراضيه
وأمنه بنفس القدر.
|