ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 04/04/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


متابعة سياسية رقم 968

7/3/2005

خطاب بشار الأسد الفاجع:

سياسة من الاضطراب وجنون العظمة

روبرت ساتلوف: المدير التنفيذي لمعهد واشنطن.

مع تزايد الضغط الدولي من أجل انسحاب كامل وسريع للجيش السوري من لبنان، استجاب الرئيس السوري بشار الأسد بخطاب وجهه إلى برلمانه الوطني الإمعة يوم السبت، الخامس من آذار، والذي كان مزيجاً من العصيان والمصالحة، الذي يسوده عدم الثبات وجنون الارتياب. إذا كانت إحدى مهام الأسد تهدئة المخاوف بين النخبة السورية فيما يتعلق بقوته، ورؤيته، وقيادته، فإن خطاب الرئيس الشاب قد غذى بالتأكيد القلق حول قوامته على البلاد.

ـ المركزية والضعف:

كممثل سينمائي من الدرجة الثانية مقتنع بأنه لا يوجد شيء كالشهرة السيئة، فقد افتتح الأسد خطابه محاولاً اقناع جمهوره بأن المصالح السوري قد خدمت بشكل جيد بفعل مركزية دمشق تجاه الأحداث العالمية الحالية: (إن أكثر القضايا بروزاً والتي شغلت العالم هي التي أصبحت جزءاً من خطط القوى العظمى والتي شكلت أهدافهم السياسية، مروراً عبر سورية، بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء كانت عملية السلام في الشرق الأوسط، أو الإرهاب، أو قضية العراق، أو تشعبات الوضع في لبنان).

إن حقيقة أن سلوك سورية المشكل على جميع الأصعدة قد كونت عملاً ثلاثياً فريداً مؤلفاً من باريس وواشنطن موحدتين، محرضاً على إصدار قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومنجزاً ائتلافاً لبنانياً متعدد الأحزاب ضد الوجود العسكري السوري لا يبدو أنه يسبب له القلق. ولكن حتى في توصيف الأسد الخاص، فإنه من غير الواضح فيما إذا كانت هذه المركزية قد انبثقت من الضعف أو القوة. أثناء نقاشه للعراق، على سبيل المثال، يقدم الأسد الاعتراف المذهل بـ (أن علينا أن نفرق بين رغبتنا من أجل التعاون وقدرتنا على التعاون. إن هذه الرغبة لا تعني أن لدينا القدرة على ذلك). من الصعب تخيل والده، حافظ الراحل، يعترف بهذا الانفتاح وعدم الكفاية الوطنية.

ـ التناقض في موضوع إسرائيل:

قبل مخاطبة القضية اللبنانية، انحرف الأسد باتجاه خطاب كلاسيكي، على الطريقة السوفييتية حول (المعيار الموضوعي) للتقدم في عملية السلام العربية الإسرائيلية. ما ينقص اليوم هو إرادة الإسرائيليين وإرادة الراعي (الذي هو الولايات المتحدة، وأيضاً المعايير والمعيار الموضوعي. لذلك فإن عملية السلام معطلة في المستقبل المنظور) كما يلاحظ. ولكنه يقدم بعد ذلك توضيحاً لنقص التقدم مع إسرائيل والذي كان بحد ذاته محيراً لتناقضه. إسرائيل، كما يقول، (كانت تقترح أن علينا العودة إلى المفاوضات دون أي شروط مسبقة)، ولكن في الواقع فإن إسرائيل (قد وضعت شروطاً على  العودة إلى المربع الأول)، أي أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا ينبغي أن ترتبط بأي تقدم، أو تفاهمات، أو اتفاقيات جزئية تم التوصل إليها في محادثات أولية تحت حكومات سابقة. من وجهة نظره، لخص الأسد موقف سورية كالتالي: (لقد تحدثنا عن استئناف المفاوضات من النقطة التي توقفنا عندها. يريد الإسرائيليون العودة إلى المربع الأول). ومع ذلك يعرض الأسد بعد ذلك الصيغة التالية، والتي يبدو أنها تعكس الموقف الإسرائيلي: (إننا نؤكد أننا مستعدون لمفاوضات دون أي مفاوضات مسبقة انسجاماً مع مرجعية بنود مدريد. بكلمات أخرى، فإننا سنستأنف من النقطة التي توقفنا عندها في أوائل عقد التسعينات). لقد اقتبس عدة محاورين من حديث الأسد في الأشهر الأخيرة إلى درجة أنه كان مستعداً للتفاوض مع إسرائيل دون شروط مسبقة، ولكن ليس بإمكان أي شخص يستمع إلى هذا الخطاب، أن يكون متأكداً من حقيقة سياسته.

ـ فرصة ضائعة لدى الفلسطينيين:

إذا فقد الأسد فرصة لتوضيح رؤاه حول محادثات السلام السورية ـ الإسرائيلية، فإنه قد فقد فرصة أخرى بعدم انضمامه إلى الإجماع العربي الداخلي دعماً للزعيم الفلسطيني الجديد محمود عباس وإمكانية التقدم تجاه حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني بإنشاء دولتين. لقد خصص الأسد، جملة واحدة موجزة فقط للقضية الفلسطينية: (طالما بقيت القضية الفلسطينية، فإننا نؤكد على أهمية الوحدة الوطنية عن طريق تمكين الفلسطينيين من الحصول ثانية على حقوقهم الوطنية من خلال حل شامل). لقد كان هذا، في الواقع، إعادة تقرير لسياسة البعث التقليدية التي تجعل التقدم على الجبهة الفلسطينية رهناً بالتقدم على جميع الجهات العربية، دون أي اقتراح بتقديم الدعم لعباس أو لدعوة الأخير من أجل سعي سلمي منفرد لحل النزاع مع إسرائيل. في الحقيقة، فإن بشار لم يحاول حتى أن يقدم التفسير السوري التقليدي لتوفير ملاذ آمن للمنظمات الفلسطينية الإرهابية. أي على أنها مكاتب إعلامية وحسب.. وبدلاً من ذلك يؤيد نظريات مؤامرة هامشية بالإشارة إلى (اغتيال ياسر عرفات).

تقلب سريع حيال قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1559.

 إن موقف الأسد حول قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1559 كان مثل سياسته تجاه إسرائيل، متناقضاً ومشوشاً. حتى بعد أن أنفق نصف خطابه تقريباً على الموضوع، فإن من الصعب القول فيما إذا كان يقبل بقرار مجلس الأمن رقم 1559 ويوافق عليه ولو مبدئياً، حتى يقوم بتطبيق بنوده. من الواضح أن حله المقترح لا يفي لا بروح القرار ولا بحرفيته. إن القضية ضد قرار مجلس الأمن 1559، كما يقول الأسد، هي أنه (قد تم إقراره انتهاكاً لدستور الأمم المتحدة، وأنه كان انتقائياًَ، ولم يكن بناء على طلب الدول المعنية. ولكن وبما أننا نعيش في عالم لا قانون فيه ولا عدالة، فإن الحديث عن هذا هو إضاعة للوقت). ينبغي أن نذكر هنا أن سورية قد عملت أننكعضو في مجلس الأمن في العام 2001 ـ 2002، ولعبت كذلك، دوراً جوهرياً في (عالم بغير قانون أو عدالة). ورغم أن قرار مجلس الأمن رقم 1559، قد تم إقراره بقبول من دولة عربية واحدة هي الجزائر، ومن قبل القوة العظمى التقليدية الحليفة لسورية (روسيا)، فقد أجبر الأسد على الاعتراف بأن سورية لا تستطيع، تحت أي ظرف كان، معارضة أو مواجهة الأمم المتحدة). مما تم، وبعد شجب قرار مجلس الأمن 1559 باعتباره غير شرعي وغير قانوني، قال بعدها، (إننا ندعم قرار 1559، وقد دعمنا قرار الانسحاب منذ زمن طويل).

لقد حاول الأسد وضع مربع حول هذه الدائرة بالإشارة إلى اتفاقية الطائف التي يبلغ عمرها خمسة عشر عاماً (إن الاختلاف بين 1559 وبين اتفاقية الطائف هو أن اتفاقية الطائف هي ذات ميكانزمية، في حين أن قرار 1559 لا يقدم أي ميكانزمية. لقد قالوا انسحاباً وحسب، وكل دولة في العالم تفسره كما تريد.. لذا فإننا نؤمن بانسحاب منتظم وتدريجي بالتعاون والتنسيق مع المؤسسات اللبنانية). لسوء الحظ، فإن تعبير الأسد (منتظم وتدريجي) هو تعبير يقصر بشكل كبير عن الدعوة المحددة في قرار مجلس الأمن 1559 لجميع الأطراف بالوفاء بمسؤولياتها الخاصة، بما في ذلك، في (الانسحاب الكامل والعاجل). ورغم أن الأسد يصف خطته لانسحاب مرحلي أولاً إلى وادي البقاع وبعد ذلك إلى الحدود السورية اللبنانية، دون الإشارة إلى أي طرف من الحدود، كخطوة قد (توظف متطلبات 1559) ولكنهم لم يفعلوا شيئاً من هذا القبيل.

ـ جنون الاضطهاد، وتخويف بالتهديد، وتمرد:

معتقداً بوضوح أنه قد خاطب جانب الانسحاب في قرار 1559 لمجلس الأمن، تحول الأسد بعدها إلى التهديد الرئيسي الذي يفرضه القرار، والذي كان، كما يقول، (تدبيراً مخفياً في استخدامات 1559). وفقاً للأسد فإن قرار مجلس الأمن يخفي مؤامرة سرية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والذي كما يقول، (كان مصدراً لزخم شرير للمسار الفلسطيني). وحتى لا يكون هناك أي شك حول عمق التزامه بنظريات المؤامرة، فقد ذهب الأسد إلى مدى أبعد: (إن اغتيال عرفات، واغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري، والضغط على  العراق، والضغط على سورية، كل هذا يخلق مشهداً أنا متأكد من أنكم تستطيعون فهمه). وقد فهمه قليل من المستمعين في الحقيقة.

لقد خلط الأسد في هذا العرض المميز من جنون الاضطهاد مع رسالة تخويف بالتهديد لا يمكن لأي لبناني أن يخطئها. (إن قوة سورية ودورها في لبنان لا يعتمد على وجودها في لبنان) كما قال، (لأن هذه القوة عليها أن تعمل مع حقائق الجغرافيا، والتاريخ والسياسة والثقافة، والروحية، والإنسانية، إن قلب سورية الذي وهب لبنان الدم لا يمكن أن يؤذى ببعض التصرفات الخاطئة المعنية. إننا، نحن السوريون، سنستمر في منح لبنان لأنكم أحفاد العرب السوريين). ثم وفي انتقاد ضمني لتقارير الأخبار العربية والعالمية عن الأحداث الأخيرة في بيروت، رفض الأسد عدد اللبنانيين الذين خرجوا إلى الشوارع، وأكد على أنهم مجموعة تافهة، وغير هامة، وغير ممثلة للشعب اللبناني: (لاحظوا كيف أن كاميرات التلفزيون عادة ما تقرب صورة جماعة صغيرة، ولكن إذا ما صوروهم عن بعد ستكتشفون أنه لا يوجد هناك الكثير من الناس الذين يدعمونهم).

وقد أضاف الأسد إلى هاتين الفكرتين واللتان هما جنون العظمة والتخويف بالتهديد، أضاف ملاحظة من التمرد الرؤيوي إلى اللبنانيين، حيث حذرهم من أن (سابع عشر من أيار آخر يلوح في الأفق) إشارة إلى اتفاقية السلام التي أجريت  في عام 1983 بين لبنان وإسرائيل والتي نجحت سورية في إجهاضها بالاشتراك مع حلفائها اللبنانيين. في إشارة واضحة إلى حزب الله، فإنه يقول (أريد منكم أن تكونوا مستعدين لإفشاله /17 أيار الآخر/ كما فعلتم من قبل). لقد أعلن حزب الله عن إعداده لمظاهرة شاملة يوم الثلاثاء، وليس من الواضح ما إذا كان هذا الإعلان سيعكس دعوة الأسد، أو توجيهات إيران، أو رغبة حزب الله الخاصة.. أو ربما الثلاثة كلها، لتقديم عرض قوة قبل أن تحدد المنظمة موقفها الخاص بشكل نهائي).

وبالنسبة للشعب السوري، لمح الأسد إلى أن عليهم أن يستعدوا للمواجهة مع المجتمع الدولي، وهو اعتراف ضمني بأن انسحابه من غير المرجح أن ينهي الضغوطات المتزايدة على دمشق: (إن الحوار الهادف بإمكانه أن يحل جميع المشاكل، ولكن هذا كله لا يعني أنكم ستشعرون قريباً بالأمن). وآخذاً صفحة بشكل مباشر تقريباً من كتاب، الذي كان مستخِفاً في وقت ما وأصبح الآن مستخفأً به، صدام حسين، منهياً خطابه بهذه الملاحظة المثيرة، التي فيها بين الـ (نحن الملكية) وإشارة تعظيمية لشخص ثالث تعود إليه: (سنخبرهم /منتقدي سورية/ بأننا نضحي بأرواحنا ودمائنا من أجلك أيها الرئيس بشار (يشير الكاتب إلى هتاف أحد أعضاء مجلس الشعب: بالروح بالدم نفديك يا بشار). لهذا، فإننا باتخاذنا قراراً كهذا، وتحت أي ظرف كان، فإننا سنجعلها ذات مرتكز شعبي، وعندما نكون موحدين، شعباً ودولة فإننا لن نخاف من أي شيء).

ـ خلاصة:

لا يمكن لزعيم منتخب بشكل ديموقراطي أن يلقي الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأسد وأن يبقى في السلطة لفترة طويلة. لقد طلب من شعبه ألا يصدقوا عيونهم عندما يرون صوراً متلفزة لآلاف المتظاهرين اللبنانيين، وطلب إليهم قراءة مقالات مخفية في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. لقد طلب إليهم أن يتقبلوا وجود مؤامرة ضخمة، سرية، مسؤولة عن اغتيال كل من عرفات والحريري، وطلب إليهم أن يستعدوا لمنح أرواحهم ودمائهم له، بعد أن وصف إنجاز سورية في العزلة بغير أصدقاء على أنه انتصار وطني عظيم. بالطبع فإن سورية ليست ديموقراطية، وللدولة منافذ قليلة من أجل التعبير عن عدم التأييد العام لقيم الدولة.. أو بالنسبة لهذه المسألة، عن الامتعاض السياسي من أي نوع كان. إن وجود استياء كهذا قد اعترف به من قبل الأسد عندما وجه تعليقاته تحديداً إلى جميع المواطنين السوريين الذين لديهم شعور بالإحباط وخيبة الأمل تجاه الغدر والخيانة، ونقص الولاء، تجاه ما قدمته سورية للبنان، وطلب إليهم ألا يصدقوا أن هذا يعكس (الشعور العام في لبنان). إن هذا الاعتراف قد يشير إلى آلاف العمال السوريين الذي تقول التقارير أنهم يتدفقون عائدين إلى سورية من لبنان. وقد يشير كذلك إلى الاحراج الشديد الذي لا بد وأن ضباط الجيش يشعرون به نتيجة للأحداث الأخيرة، بما في ذلك إحاطة مكاتب الاستخبارات السورية في بيروت بالجنود اللبنانيين.

مهما كان السبب في تعزيز تعليقات الرئيس، فإن خطابه قد يكون نقطة تحول، قد تشجع دوائر هامة داخل البلاد، بين كل من الحكام والمحكومين، لإعادة النظر إلى انكشاف سورية المتزايد وخياراتها المتقلصة.

 

  السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ