معهد
واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
متابعة سياسية رقم 837
باتجاه
شرق أوسط جديد
النساء
والتطور
باولا
دوبرنيسكي.
في
12 شباط 2004، قامت باولا
دوبرينسكي بإلقاء محاضرة في
المنتدى السياسي الخاص لمعهد
واشنطن. باعتبارها وكيل الوزارة
للشؤون العالمية من أجل توسيع
نطاق القضايا المتعددة الحدود،
بما في ذلك الديمقراطية وحقوق
الإنسان، والعمل، ومكافحة
المخدرات، وقوة القانون،
واللاجئين، والإغاثة
الإنسانية، والمشاكل البيئية
والعلمية. فيما يلي مقتطفات من
ملاحظاتها.
(لقد
توجب مجيء الديمقراطية والتطور
إلى الشرق الأوسط منذ وقت طويل.
وينبغي إعطاء اهتمام خاص لمأزق
النساء. فكما لاحظ نائب الرئيس
تشيني العام الفائت، فلا يوجد
مجتمع يستطيع الازدهار وهو يحرم
نصف مجتمعه من الفرص والعدالة).
لحسن الحظ، وكما قال الرئيس بوش
في لندن في تشرين ثاني الماضي (فإن
الحكومات في الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا قد بدأت في رؤية الحاجة
إلى التغيير). إن سياساتنا
الداعمة للمرأة ضرورية في هذا
المناخ، لأنها تقدم التشجيع
والدعم لمجريات التغيير
الحالية وقد تؤدي إلى تقدم
حقيقي. إحدى الإشارات على هذه
المجريات وجود مجموعة صغيرة
ولكنها متنامية في الشرق الأوسط
تدعو إلى الديمقراطية والحرية.
إنها مترافقة مع تأمل في الذات
بدأ في مزاملة تطور المنطقة
الباهت مع نقص الحرية فيها. (إن
أفضل مثال لهذا يمكن أن يوجد في
تقرير تطوير الإنسان العربي
لعام 2002، والذي أنتجه فريق
متكون من عشرات الباحثين العرب.
يعترف هذا التقرير بأن التطور
الإنساني مرتبط بشكل معقد بحرية
الإنسان). إنه يعترف كذلك بأن
موجة الديمقراطية التي اجتاحت
أمريكا اللاتينية،، وشرق آسيا،
وأوروبا الشرقية في أوقات
متأخرة قد وصلت بالكاد إلى
الشرق الأوسط، ويؤكد على أن (هذا
العجز في الحرية يقوض التطور
الإنساني، وهو واحد من المظاهر
المؤلمة لمنع التطور السياسي).
يلاحظ وضع النساء غير المتساوي
وكيف يعوق هذا الظلم التطور. إنه
يقرر أن عدم تساوي الجنسين (الجندر)
لأنه المظهر الأكثر نفاذاً لعدم
المساواة بجميع أشكالها في أي
مجتمع لأنه يؤثر نمطياً على نصف
السكان، ويستنتج أن (المجتمع
بأكمله يعاني عندما يكون جزء
كبير من إمكانيته المنتجة
مكبوتة، مما ينتج عنه دخل أقل
للعائلة ومستويات حياة أكثر
انخفاضاً). إن دعم النساء
العربيات كان أمراً بالغ
الأهمية لكاتبي التقرير إلى
درجة أنهم يدرجونه كواحد من
ثلاث عناصر رئيسية في
استراتيجية إعادة بناء
مجتمعاتهم. العنصرين الآخرين
هما: حقوق الإنسان والحرية،
وامتلاك ودمج المعرفة بين
الشعوب العربية.
(لقد
بدأنا في رؤية اتجاهات ترحيب
أخرى). صرح ملك المغرب مؤخراً
مشيراً إلى الإصلاح المتعلق
بوضع النساء القانوني. وقد قال
الملك محمد السادس متحدثاً إلى
برلمان بلاده (كيف بإمكان مجتمع
أن يحقق تقدماً في الوقت الذي
ترى فيه النساء اللواتي يشكلن
نصف الأمة حقوقهن منتهكة
ويعانين نتيجة للظلم، والعنف،
والتهميش، على الرغم من الكرامة
والعدالة التي يمنحها لهن ديننا
الرائع؟). وينتقد برنامجه
الإصلاحي الوضع القانوني
للمرأة على أنها أقل درجة من
الرجال. ويؤسس للمساواة تحت
القانون. فهو يقيد تعدد
الزوجات، ويسمح للنساء
بالابتداء بالطلاق، ويحرر
النساء من مطلب استئذان آبائهن
أو إخوانهن ليتزوجن. ما هو مثير
للاهتمام، أن الإصلاحات تمت ضمن
سياق الشرع الإسلامي. بالتالي
فإن معارضي النظام ليس لديهم
مصداقية في التأكيد على أن عدم
المساواة بين الجنسين أمر يقرره
الإسلام.
تطور
واعد آخر حدث في الشرق الأوسط
الأكبر في حركة الإصلاح
المتنامية في إيران. إن شباب
إيران يتوقون بشكل متزايد إلى
الحرية ويتحررون من وهم دور
رجال الدين المحافظين، الذين
يسيطرون على قوات الشرطة والأمن
ويقاومون بلا رحمة دعواتهم إلى
ديمقراطية كاملة. رغم القمع
الوحشي، فإن الحركة تلح وتؤكد
على أن الشعب في البلاد وفي
المنطقة لن يسمح إلى الأبد مع
الوضع الراهن المفتقر إلى
المساواة والديمقراطية. إحدى
الأصوات البارزة في الحركة
الديمقراطية الإيرانية هناك
صوت شيرين عبادي، والتي منحت
جائزة نوبل للسلام العام الفائت.
لقد كانت عبادي تدافع منذ وقت
طويل عن النساء والأطفال، وقد
تم سجنها في طهران لمناصرتها
المنشقين المؤيدين للديمقراطية.
وقد أكدت على أنه لا يوجد أي شيء
متنافر، أو متناقض بين الإسلام،
والديمقراطية، والحرية
السياسية. وكلما تم تقبل
رسالتها بسرعة أكبر، استطاع
الشرق الأوسط أن يتوصل إلى
امتلاك قوته، والتي ستعود
بالفائدة على الجميع في المنطقة
رجالاً ونساء.
أخيراً
وليس آخراً، فإن إزالة نظام
صدام حسين الاستبدادي قد خلق
أعظم فرصة على مدى جيل كامل
لتقديم الديمقراطية، والحرية،
والمساواة إلى هذا الجزء من
العالم. وقد صرح (رئيس مجلس
الحكم الانتقالي بول بريمر) بأن
(تعليم النساء، والسماح لهن
بأخذ مكانهن في المجتمع
كمعلمات، وطبيبات، ومحاميات،
وكضابطات في الشرطة، ورئيسات
للوزراء لا ينتهك الدين، ولا
يدمر الأسرة). إن من المهم أن تصل
رسالة كهذه إلى آذان الشرق
أوسطيين بشكل متكرر بازدياد.
(لقد
حظيت بامتياز زيارة العراق في
تموز 2003، والاجتماع بالكثير من
النساء بمن فيهن (لجنة إرشاد
النساء) الجديدة والتي تمثل
مجتمع العراق المتنوع. هناك وفي
أماكن أخرى في الشرق الأوسط،
أطلق الدعم الأمريكي مجموعة من
البرامج الخلاقة وبرامج
التطوير المتنوعة، والتي
اشتملت على مناهج لتعليم
القراءة والكتابة للبنات
والنساء، ومهارات حياتية،
والكمبيوتر، وبرامج التدريب
المهني، وعيادات العناية
الصحية بالأمومة والطفولة
والتعليم، والشهادات الصغيرة،
وشبكات المشاغل للنساء
الطموحات، وتبادل البرامج في
القيادة المدني.
نحن
نسعى كذلك إلى تفعيل المنظمات
غير الحكومية لتحقيق
ديمقراطيتنا وأهدافنا
التطويرية. إحدى الشركات العامة
ـ الخاصة البارزة
في هذا المجال شركة (ناشيونال
اندومانت للديمقراطية) والتي
احتفلت مؤخراً بعيد ميلادها
العشرين. تمول الشركة العديد من
الجماعات غير الحكومية مع وجود
أناس يقومون بإنشاء وتطوير آلية
الديمقراطية. في خطابه لاتحاد
الولايات أعلن الرئيس بوش عزمه
على أن يطلب من الكونغرس مضاعفة
ميزانية شركة اندومنت بتخصيص
40 مليون دولار إضافية
تستهدف برامج الشرق الأوسط بشكل
خاص.
برنامج
رئيسي أمريكي آخر في المنطقة هو
مبادرة شراكة في الشرق الأوسط،
وهي مبادرة رئيسية التزمت بـ 129
مليون دولار لدعم الإصلاح في
أربع مناطق، عرفت بالركائز
الاقتصادية، والسياسية،
والتعليم، والنساء. ويسعى البند
الخاص بالنساء في المبادرة إلى
تقليل العوائق الثقافية،
والقانونية، والتنظيمية،
والاقتصادية، والسياسية أمام
شراكة النساء الكاملة في
المجتمع. وتتضمن البرامج
برنامجاً دولياً للزوار لتعزيز
النساء كقيادات سياسية بتقديم
التدريب في حملات سياسية
تنظيمية، ومحاولة إقليمية
لتطوير شبكة نسائية وتقوية
المنظمات غير الحكومية التي
تعمل على قضايا سياسية
وقانونية، والعمل على التحديات
التي تواجه النساء والقانون،
وبرنامج لعمل الولايات المتحدة
الدائم للنساء العربيات
الشابات.
إنه
جهد عالمي سيساعد في تعزيز
الديمقراطية في الشرق الأوسط
على المدى الطويل هو (مجتمع
الديمقراطيات). إن المشاركة
الحميمة للديمقراطيات التي
قاومت الحكم الاستبدادي.. مثل
تشيلي وبولندة تستطيع أن تكون
مصدراً مفيداً بشكل خاص للدول
التي سيتم تمويلها. أخيراً،
فإننا نقوم الآن باتخاذ خطوات
نشيطة وواثقة تجاه إشراك شعوب
الشرق الأوسط الكبير في عمليات
التبادل مع مدارس وكليات تدعمها
أمريكا، وتجديد جهود
الديبلوماسية العامة.
يتوجب
كذلك تغيير العقول في الولايات
المتحدة والغرب حول ما يتعلق
بإمكانيات الديمقراطية في
الشرق الأوسط. إن نجاح
الديمقراطية في المنطقة ليس
مقضياً بالتأكيد ولكنه ليس
ممنوعاً كذلك. إن تاريخ القرن
العشرين يظهر بشكل قاطع أن
بإمكان الديمقراطية أن تزدهر في
الكثير من المناطق المحلية
والثقافات التي لم تلق فيها
قبولاً من قبل المتشككين سابقاً.
إن الديمقراطيات المتذبذبة في
أماكن مثل الفلبين، وشمال
كوريا، وتايوان تظهر ما يمكن
تحقيقه في الواقع. في خطابه
لاتحاد الولايات، قال الرئيس (هذه
الجمهورية العظيمة ستكون سبباً
في الحرية). وسيتضمن ذلك تعزيز
الديمقراطية والحرية في الشرق
الأوسط وإطلاق القدرات الهائلة
للنساء الشرق أوسطيات للمساهمة
في تطوير منطقتهم. وهو أمر سيفيد
منه كل من الرجال والنساء
لأجيال آتية.
|