ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 10/01/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

مجلس "المبعوثان" السوري

الطاهر إبراهيم*

معظم دول العالم الديموقراطية أو شبه الديموقراطية تجري فيها انتخابات لمجالس برلمانية كل 4 سنوات أو 5 سنوات أو أكثر أو أقل، وتكون الغاية من هذه الانتخابات تجديد شباب هذه المجالس، أو ضخ دماء جديدة فيها لرفد أعضاء هذه المؤسسة الحساسة بخبرات جديدة وكفاءات مخبوءة، ليتسنى الاستفادة من كل الطاقات المتجددة في كل قطر. وللأمانة فليس ما ذكرنا من أهداف هو كل ما يحفز على إجراء الانتخابات البرلمانية. فقد تضطر حكومة دولة ما أن تترك الساحة قبل انتهاء ولايتها إذا كثر التذمر الشعبي من سياستها الاقتصادية، أو فشلت في تنفيذ ما وعدت به. ويبقى أن هذا ليس كل شيء، وإنما ذكرناه للاستئناس بما يدفع حكومات العالم الحر أو شبه الحر، لإجراء الانتخابات. 

إلا في سورية، فالقضية أبسط من ذلك بكثير، لأن ما هو مطلوب من مجالس الشعب هو ،إما ترشيح رئيس الجمهورية للاستفتاء عليه لفترة رئاسية جديدة، ثانية أو ثالثة أو رابعة أو ... ، وإما الوقوف وقفة رجل واحد في مبنى البرلمان والهتاف بصوت واحد "بالروح ... بالدم.. نفديك يا..رئيس"، ثم هي تغط بعدها في نوم عميق على مدى أربعة أعوام، لتستيقظ على صوت يقول: "يالله ياشباب ضبوا أوراقكم نريد أن نرى غيركم".

وللأمانة فقد استحدثت لأعضاء مجلس الشعب السوري مهمة، لم تكن واردة من قبل، يوم قرر نائب الرئيس السوري الأستاذ عبد الحليم خدام الانضمام إلى المعارضة السورية في شتاء عام 2005 – 2006 . فقد شاهدنا شيئا عجبا: جميع الأعضاء المحترمين في مجلس الشعب نصبوا مجلسا للشتم والسباب، تداعى إليه الأعضاء بكامل عددهم لكي يقولوا في خدام ما لم يقله مالك في الخمر.

وإذا كان الأستاذ خدام قد علق على مجلس البهتان -وليس النميمة- هذا قائلا: "بأن أكثرهم كان يقف على باب مكتبه ساعات حتى يأذن لهم"، فقد علقت أنا في حينها بالقول: إذا كان خدام بكل هذا السوء، فأين كان إذن هؤلاء الأشاوس؟ ولماذا تركوه يقترف ما رموه به فلم يأخذوا على يديه. أليست مراقبة عمل الحكومة هو جزء أساسي من مهمتهم؟ ولقد كان في السلطة منذ استولى حزب البعث على الحكم، فإذا كان فيه ما قالوا، فلماذا ذموه وحده من دون باقي رفاقه على مدى أربعة عقود؟

تواردت علي هذه الخواطر، وأنا أقرأ أن الشعب السوري سوف يدعى لانتخابات جديدة في 8 آذار المقبل، كما يقول حكام دمشق، ويساق -كما هو الواقع- إلى اقتراع ملئت صناديقه بأوراق الناجحين قبل جلبها إلى مراكز الانتخاب. أذكر بهذه المناسبة أني كتبت قبل ثماني سنوات مقالا ذكرت فيه أن القيادة القطرية تختار ثلثي عدد النواب قبل الاقتراع، فاختار محرر صحيفة "الحياة" عنوانا للمقال: "الانتخاب قبل الاقتراع".

ليس تجنيا على الواقع ولا افتراء على حكام دمشق، فإن مجالس الشعب السورية التي تتغير بانتظام وروتين، كل أربعة أعوام، ليس من مهمتها صناعة السياسات، ولا رقابة الحكومة، ولا مساءلة الوزراء، وإنما هي ككل مؤسسات الحكومة، يحرص عليها حكام دمشق ليخفوا وراءها الوجه القبيح لسياستهم في استبعاد المواطن السوري عن المشاركة الحقيقية الفعالة في صنع سياسة الدولة، يصدق فيهم المثل: "من برا رخام ومن جوا سخام".

ويوم أن حاول النائب "رياض سيف" الاعتراض على إحالة شركتي الخليوي على "رامي مخلوف" ابن خال الرئيس السوري، من دون منافسة، أمر رئيس مجلس الشعب "عبد القادر قدورة" برفع الحصانة عنه وأحيل إلى القضاء "الديكوري" وحكم عليه بخمس سنوات. وكان قد سبقه إلى السجن زميله النائب "مأمون الحمصي" لأنه طالب بتحويل الأبنية المتعددة التي تشغلها أجهزة المخابرات إلى معاهد وجامعات لاستيعاب الطلاب الذين نجحوا بالثانوية ولم يجدوا كليات يدرسون فيها بعد أن ضاقت عنهم جامعات القطر. ما فعله الحمصي وسيف لم يكن إلا ممارسة حقهم في تأدية بعض الواجب المناط بهم من تحت قبة البرلمان.

لاأجد مثلا يبين مدى اهتمام المواطن السوري بعضوية مجلس الشعب السوري، أوضح في الدلالة من أن ضابط صف –مساعد- في المخابرات العسكرية كان له دور في القبض على أحد المطلوبين من الطليعة المقاتلة في الثمانينيات، أراد رئيس الفرع مكافأته، فخيره بين أن يكون عضواً في مجلس الشعب، أو ملحقا أمنيا في القنصلية السورية في إحدى دول الخليج ، فاختار أن يذهب ملحقا أمنيا.

ويوم أن جاء أحد أعضاء مجلس الشعب مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، واستضافه عنده على الغداء أحدُ معارفه، من الذين تركوا سورية بسبب انتمائهم الإسلامي، فلم يجد العضو المحترم بداً إلا أن يخبر رئيس فرع المخابرات العسكرية في بلده بالغداء، خوفا من أن يعلم بالأمر من غيره، فلا يدري ما يمكن أن يجره عليه معرفة الخبر. 

ولقد مضى على سورية عهد، قبل الاستقلال وبعده، وحتى قيام الوحدة بين مصر وسورية، كان فيه البرلمان يطيح بالحكومات، ويقف لها بالمرصاد إذا أرادت إمرار معاهدات دولية مشبوهة مثل حلف بغداد، وكان النائب الواحد يستجوب الوزير ويرفع صوته في وجهه.

  ولقد كان موقف البرلمان مشرفا يوم رفض شروط المندوب السامي الفرنسي في أيار من

عام 1945، فما كان من جيش الاحتلال إلا أن أمر بقصف مبنى البرلمان في 29 أيار، فاستشهد في هذا القصف مجموعة من "الدرك" –شرطة- كانت تحرس المبنى. يومها كان يحق لمجلس النواب أن يسمى "مجلس مبعوثان" كما كان في عهد الخلافة العثمانية.

أما في هذه الأيام فقد أطلق المواطن السوري على أعضاء مجالس الشعب الحالية اسم "نواب المرسيدس"، حيث يسمح لكل عضو باستيراد سيارة من دون جمارك، أغلبهم يبيعها مباشرة ليستفيد من ثمنها.... "صحتين" .....

*كاتب سوري

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ