ــ
ومضات
محرضة (7)
التطرف
والاعتدال
بين
أصحاب المواقف السياسية ،
وأصحاب العقائد الدينية !
عبدالله
القحطاني
•
حكاية التطرّف والاعتدال ،
تظهِر تهمة التطرّف ، وكأنها
كرة تتقاذفها الأطراف
المتصارعة فيما بينها ! وتظهر
صفة الاعتدال ، وكأنها فضيلة
خاصّة بكل طرف، يستأثر بها
لنفسه ، ويَحرم منها خصومه ، في
كل ساحة من ساحات الصراع
السياسي والاجتماعي والعقَدي
والفكري والثقافي..!
• الحكومات
تمارس أقسى أشكال العسف والعنف
، في حرصها الدائم على
الاستئثار بكراسي الحكم ..!
وتتّهم كل مَن ينافسها على
الكرسي ، أو حتى ينتقد تسلطها
واستبدادها .. بالتطرّف !
• والمعارضات
تطالِب بحقّها ، في المشاركة
بقرارات بلادها ، وتتّهم
الحكومات بالتطرّف في تشبّثها
بالسلطة !
• وأصحاب
المبادئ القومية واليسارية ،
يحرصون على الاحتفاظ بمبادئهم
وأفكارهم ، كما هي ، كما وضعوها
لأنفسهم ، وكما التزموا بها أول
مرّة ! ويرون أنفسهم معتدلين ،
حتى لو تشدّدوا في التمسك
بمبادئهم وأقكارهم ! إذ لا يرون
صلابتهم ـ أو تصلبهم ـ في الدفاع
عن هذه المبادئ والأفكار
تطرّفاً ! ويتّهمون مَن يخالفهم
بالتطرّف ، ولا سيّما
الإسلاميين ، الذين يؤمنون
بمبادئ الإسلام ، وضرورة أخذِه
دورَه في ساحة العمل السياسي
والاجتماعي !
• والإسلاميون
الذين يتمسّكون بمبادئ الإسلام
، وشعائره وأحكامه وأخلاقه ،
يرون أنفسهم معتدلين ! لأن هذا
التمسك مطلوب بحدّ ذاته ،
والتفريط بشيء ممّا أمَر الدين
بالتزامه ، يعَـدّ معصية ، وقد
يُخرج من الملّة ، إذا كان
تفريطاً بشيء من أساسيات الدين !
فالتمسك الواجب هنا ، هو اعتدال
! وإن رآه الآخرون تطرفاً!
• وفي
مجال العقائد الدينية ، يرى
الشيعة الاثناعشرية ، على سبيل
المثال ، أن تمسّكهم بعقائدهم ،
التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم
، وثـقِفوها من كتب علمائهم ،
ومن فتاوى مرجعياتهم .. يرون
التمسّـك بها ، عين الاعتدال !
وما هو وارد فيها ، من عقائد
خاصّة ، مخالفة لأصول أساسية من
أصول الدين ، يرونه جزءاً
أساسياً من هذا الاعتدال ،
يعَـدّ التفريط به خروجاً عن
الملّة ! ومِن ذلك ( اتّهام
القرآن الكريم بالنقص ، ولَعنُ
الصحابة الكرام ، حتى المبشّرين
بالجنة منهم ، واتّهامهم بالكفر
والردة ! واتّهام بعض أمّهات
المؤمنين ، اللائي نَصّ القرآن
على طهارتهن ، بتهم تنقض آيات
القرآن ! وإضفاءُ بعض صفات
الألوهية على الأئمّة من آل
البيت ..).
• أمّا
السنّة ، فيرون في تمسّكهم
بالقرآن ، واعتقادِهم بتمامه ،
وحفظهِ مِن قِبل الله تعالى،
وفي إجلال صحابة النبيّ ،
وطهارة نسائه ، وفي عدم العصمة
لأحد من البشر غير الأنبياء ..
يرون في هذا كله عين الاعتدال !
والتفريطُ بشيء منه يُخرج من
الملّة، أو يَنقـل صاحبه من
دائرة الإيمان ، إلى دائرة
الكفر، أو الزندقة ،أو الضلال!
• الأفكار
والمبادئ السياسية ، المنتَجَة
بشرياً ، تظلّ بشكل عامّ ، قابلة
للتعديل والتطوير، حسب الظروف
والأحوال والمصالح ، واختلاف
العقول والأفهام !
• المبادئ
الدينية ذاتها ، غير قابلة
للتعديل ، وإنّما الاستنباط
البشري منها ، بما يناسب الظروف
والأحوال ، قابل للتعديل
والتطوير.
• التقريب
بين المذاهب السياسية البشرية ،
القابلة للتعديل والتطوير، سهل
!
• التقريب
بين العقائد الدينية ( والمذاهب
التي صارت عقائد) صعب جداً ، إن
لم يكن مستحيلاً ! إلاّ أن يتخلى
أصحابها عنها !
• لذا
:
- أمر
عادي ومألوف ، أن يتعامل أصحاب
المبادئ السياسية ، تعاملاً
سياسياً ، على أساس المصالح
والقوى ، والمنافع والمضار!
- السعي
إلى تقريب المذاهب الدينية ،
لتشكيل (أطر دينية) مشتركة بين
المذاهب المتناقضة ( كالمساعي
القائمة للتقريب ، عقدياً ، بين
السنة والشيعة الجعفرية) هدر
للأوقات والطاقات ، بلا طائل .
والمساعي المجدية في هذه الحال
، هي تلك التي تقوم على مراعاة
(المصالح السياسية) ، للجماعات
الدينية والمذهبية ، سواء أكانت
على مستوى دول ، أم على مستوى
أحزاب .. كعلاقات حسن الجوار
وتبادل المصالح، مثلاً ، بين
دولة إيران الشيعية ، والدول
العربية المجاورة لها !
- ورحم
الله الشاعر، عمرو بن مَعدِ
يكَرِب الزبَيدي ، القائل:
إذا لم تستطعْ شيئاً
فدعْه
وجاوِزه إلى ما تَستطيع
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|