هل
يدوم الكابوس سبع سنوات أُخَر
دكتور
عثمان قدري مكانسي
قال صاحبي : أيرشح بشار نفسه
لرئاسة الجمهورية ؟
نظرت إليه قائلاً : لعلك تريد أن
تنبهني إلى مصيبتنا في الحكم
الجبري ؟
قال : تذكرت بعض الحكام والوزراء
الأوربيين في ظل الديموقراطية
يتنحى أحدهم عن الحكم حين يشعر
أنه أخطأ او زل ، أو حين تنزل
أسهمه أو أسهم حزبه ... يتنازل عن
رئاسة الدولة أو الوزراء أو
رئاسة حزبه ، أو يتخلى عن
القيادة معاً ، أو يعتزل الحياة
السياسية مع أنه قد يكون من قاد
شعبه وأمته إلى الرخاء
الاقتصادي ، أو الازدهار
السياسي ، أو القوة والانتصارات
العسكرية .
قلت :
- وهل في
بلادنا ديموقراطية يا صاحبي منذ
أن اغتصب العسكريون البعثيون
الحكم على مدار خمسة وأربعين
سنة ؟ لقد أعلنوا الأحكام
العرفية فوراً ، وما يزالون
يحكمون بالقوانين الاستثنائية
حتى صارت هي الأمر الاعتيادي ،
وصارت المطالبة بالحرية أمراً
غريباً واستثنائياً .
- وهل
يِزلُّ حكامنا أو يخطئون ؟ !
حاشا وكلا .. إن الشعب هو الذي
يمكن أن يخطئ ويزل . أما الآلهة
البشرية فمعصومون عن الخطأ ،
وإذا شعرنا أن هناك أمراً غير
صحيح فمرده إلى سوء فهم الشعب
وخطأ في فهم ما قصده المسؤول
الحصيف اللبيب .
- ثم إن
التنحي عن الحكم يوقع الدولة في
فراغ كبير وضعف خطير ، ولا ينبغي
للمسؤول الواعي والرئيس اللبق
أن يترك الأمة تتخبط في اختيار
الخلف . وأين الخلف من السلف
حكمة وفهماً وقيادة ؟ إلا إذا
كان الخلف ولداً للمحفور له فلا
بأس إذ ذاك لأن السلف صنع الخلفَ
على عينه ، ورباه على تسنم قيادة
الأمة ودربه على ذلك . حتى وإن لم
يفعل ذلك لأمر ما فإن " فرخ
البط عوّام " وذاك الشبل من
ذيّاك الأسد . وليحمد الشعب ربهم
على أن من مات خلّف .. والمثل
يقول : من خلّف ما مات !
- ومن قال
: إن الحزب نزلت أسهمه أو أسهم
قائده ؟! هذا يحصل في الغرب
والدول المتأخرة . أما في سورية
البعث وسورية القائد فأسهم
الحزب وقائده في ارتفاع مستمر
ورُقيّ مطّرد ، والدلائل على
ذلك كثيرة منها : تنامي أرصدة
الرئيس وبطانته في البنوك
الدولية ، ونمو إمبراطوريته
المالية بسرعة يحسدها عليه
الشركات العملاقة الكبرى ،
وكثرة الأجهزة الأمنية وامتداد
أذرعها الأُخطبوطية لتصل كل
مدينة وقرية وبيت في وطننا
الحبيب ، تلجم أفواههم وتحصي
أنفاسهم .
- كما أن
الرخاء في البلاد يزداد "
تفاقماً " حتى ارتفعت البطالة
إلى خمسين بالمئة ، واضطر
الكثير منهم إلى الهجرة في أرض
المعمورة كسباً للرزق ، وسعياً
وراء اللقمة ، مع الحفاظ على
الصمت ولو صار الناس خارج السجن
الكبير ، فقد يعود أحدهم بعد
سنوات ليستقبله بعض كلاب الفروع
الأمنية في المطارات أو على
الحدود ليحاسب على كلمة ندّت
عنه في غفلة من رباط لسانه ورتاج
عقله .
- ثم إن
الذين اعتزلوا السياسة في بلاد
الغرب بعد أن حققوا انتصارات
متعددة لشعوبهم . أدوا واجبهم
بعد أن استنفدوا قواهم وخبراتهم
، فتركوا المجال لهمة الآخرين
وخبراتهم ، أما في بلادنا فما
يزال الرئيس وافر العطاء،
سيّال الخبرات ، شديد العزم
، واسع الذكاء ، متعدد المواهب .
يزداد مع الأيام نشاطاً وعبقرية
، وتصقله الأيام فيتعاظم نضجه
فيتعلق به الشعب حباً واحتياجاً
فيردد في كل لقاء أو حشد أو
اجتماع " إلى الأبد إلى الأبد
يامخرب البلد ، إلى الأبد إلى
الأبد يا سارق البلد " .
- ولا ننس
أن الرئيس في بلادنا استلم
مسؤولية الحكم والشعب في حالة
فكرية وسياسية لا تؤهله أن يكون
ديموقراطياً ، كما أنه – الشعب
– لم يزل في دور الحضانة
الفكرية والإدارية والسياسية
لمّا يرتـَق ِ بعد أن يكون في
طور الديموقراطية .. وهذا يتطلب
أن يسوسهم الرئيس فترة طويلة قد
تصل إلى عهد حافظ الأسد الرابع
عشر وبشار الأسد الثالث عشر ...
ولذلك كانت المادة الثامنة من
الدستور تؤكد على قيادة حزب
البعث للأمة ، كما يجعل الدستور
ترشيح الرئيس بيد القيادة
القطرية للحزب .. وبهذا يستطيع
الرئيس أن يخدم الشعب السوري
بقلب مرتاح ونفس مطمئنة على مدى
عقود كثيرة .. يخدمه بإخلاص وهمة
عالية جزاء الثقة الكبيرة
الغالية لشخص الرئيس المناضل .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|