ــ
"إعلان
دمشق" جبل أحد لو يعقلون
غسّان
النجّار*
لقد كان حلما جميلا لأمة حملت في
أحشائها مولودا سويا – طال
انتظاره – كان مخاضا عسيرا لطفل جميل زكي مثل ولادة ( يسوع ) عيسى ابن
مريم –عليه السلام- ، تكلّم
المولود الحلم كما نطق عيسى من
قبل فقال ( وجعلني مباركا أينما
كنت )مريم31، وتكلّم (الإعلان )
فقال عن مشروع التغيير والإصلاح
السياسي : "يجب أن يكون سلميا
متدرّجا ومبنيا على التوافق
وقائما على الحوار والاعتراف
بالآخر " ؛ وتردد فيه البعض
وتريّث (فاختلف الأحزاب من
بينهم ، فويل للذين كفروا من
مشهد يوم عظيم ) مريم37 ، ثم قبلوا
وأذعنوا مبيّتين أمرا ، ظهر من
خلال تصرّفاتهم اللاحقة 0
جاء( الإعلان) قويا كجبل أحد ،
وكان معظم الذين تربّعوا على
عرش الجبل يملكون نوايا حسنة
وقلوبا صافية شفّافه كماء بردى
، فآ ثروا عظم المسؤولية
ومخاطرها ، ونصرة الأمة
وتبعاتها على مصاعب الطريق
ووحشة السفر 0
لكنّ الليل أدلج وتدخّل إبليس
كما تدخّل في أصحاب محمّد (ص) –مع
الفارق- وهم يرابطون على جبل أحد
يرصدون العدوّ أن لا يؤتى من
قبلهم ؛ لكنّه أتى ! بعد أنّ ظنّ
فريق الرماة أنّ الوقت قد حان
لاقتسام الغنائم ، فتركوا
المواقع ليحصلوا على المكاسب ،
مكاسب مادّيّة أو مكاسب نفسية ،
شخصية ، لافرق ،تكمن في إرضاء
غرور وأنانية وحب جاه وزعامة،
وكلّ هذا لايقرّبهم من الشعب
الّذي يعي كل شئ 0
أجل " إن المواطن السوري في
الداخل والخارج محتاج لرؤية
خطوة عملية جديدة تؤكّد له أنّ
النخبة التي حملت الراية حملتها
بيمين " " نحتاج إلى حركة
عملية توافقية تنبثق عن تواصل
حقيقي بين جميع الأطراف المكونة
للإعلان ليكون ظل الإعلان أرحب
ولنعطي الحياة السياسية جرعة
إضافية تحيي الثقة وتبعث على
الأمل " إن سورية التي يسقيها
ماء التوافق الّذي تحمله كلمات
ذلك الإعلان ، ستكون واحة للأمن
والاستقرار تعيشه وتفيض به على
جيرانها من دول العروبة
والإسلام " 0
إن الّذي يعرقل التواصل بين جميع
أطياف المعارضة – لغاية في نفس
يعقوب –ويعرقل الانتقال إلى
العلنية، ويغيّرون الهيكلية
كلما نازعهم هاجس التفرّد
والجاه والتسلط ليكون إعلان
دمشق على قدّهم ومقاسهم ، هؤلاء
هم الذين يرون القشّة في عيون
الآخرين الغيارى ولا يرون الجذع
المعترض في عيونهم 0 نعم إن
إعلان دمشق هو جبل أحد لو
يتدبّرون أو يعقلون 0
نحن شركاء في المعارضة ولسنا
موالي ، ويجب أن نكون أيضا شركاء
مع النظام في الوطن ومواطنون من
الدرجة الأولى مع كلّ الفرقاء
والاثنيات والطوائف ولن يكون
هناك مواطنة من الدرجة الثانية
، مواطنون متساوون في الحقوق
والواجبات لهم مالنا وعليهم ما
علينا ، حقوق مدنية وسياسية
لكافة أبناء الوطن، كفلتها كل
الشرائع والسماوية والأرضية
وشرعة حقوق الإنسان ، وعلينا
واجبات الدفاع عن الأمة والوطن
، طالما فينا عرق ينبض ، وطالما
اعترف بنا أولو الأمر وأهل الحل
والعقد وقبلوا أن نشترك معهم في
إبداء الرأي والنصح وصنع القرار
فهذا ليس حكرا على حزب البعث
الحاكم ، أما أن يقال أن تتنازل
عن حقوق المواطنة بذريعة أن
الوطن مهدد فهذا هراء لا يقول به
عاقل وليس في مصلحة الأمة
والوطن 0
انّ إعلان دمشق ليس منافسا
للنظام وأهله حتّى نتصارع من
أجله ، بل أخذ على نفسه أن يقول
كلمة الحقّ الجريئة ، وأفضل
الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر 0
لقد توقعنا أن يخطو النظام خطوة
إلى الأمام في هذه الظروف
العصيبة ، خطوة نحو التخلي عن
مبدأ الاستئثار بالسلطة من خلال
إلغاء المادة الثامنة من
الدستور ، وخطوة نحو
الديمقراطية – كما وعد الرئيس
– و ( وعد الحر دين ) وذلك بإصدار
قانون الأحزاب السياسية ثمّ
إصدار قانون شفّاف لانتخابات
مجلس الشعب وإجراء المصالحة
الكاملة مع كافة فئات الشعب
بعودة المنفيين والمهجرين
،لكنّه لم يفعل حتى الآن ، ولو
فعل لكان خيرا له ،عندها سنتصدر
الصفوف الأولى في الدفاع عن
الأمة والوطن وكذلك الدفاع عن
شركاء الوطن من غائلة الأعداء
وفي مقدّمتهم إسرائيل
والولايات المتحدة 0
لكنّ النظام لا يزال يضيق ذرعا
بالكلمة الحرّة الصادقة
الناصحة ونحن لن نتوقف عن الجهر
بكلمة الحق ولو كان ثمنها السجن
والاعتقال ، وإنا لنرجو أن يرضى
الإله بنا لا أن يرضى بنا عمر 0
لقد قيل يوما للرجل الصالح العزّ
بن عبد السلام : إن الحاكم يتربص
بك فأجاب
: إن العبد الفقير العزّ بن عبد
السلام أحقر من أن يموت في سبيل
الله 0
ما أريد إلا الإصلاح – ما ا ستطعت
– وما توفيقي إلا بالله ، عليه
توكلت واليه أنيب0
*إسلامي
– نقابي
Ghassan-najjar@maktoob.com
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|