ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 10/03/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

إرهاب الفعل ورد الفعل ...

أيهما أحق أن يجرَّم أولا؟

الطاهر إبراهيم*

الإرهاب مصطلح مستحدث، لم يكد يعرفه الذين عاشوا قبل ثمانينيات القرن العشرين. كما ويؤكدون أن هذا الاصطلاح لم يكن دارجا في الاستخدام كما هو عليه الحال الآن، مع أن حروباً للتحرير كانت تندلع بين حين وآخر في الأقطار المستعمرَة التي لا تختلف في شيء عن المقاومة الفلسطينية، وما كان أحد يسميها إرهابا. هذا الموضوع أوسع من أن يستوعب في مقال واحد، لكننا سوف نسدد ونقارب.

وإذا كان "لا مشاحة في الاصطلاح"، فكثيراً ما لا يتطابق المفهوم مع مدلول الكلمة اللغوي، كما هو الحال في كلمة الاستعمار التي لا تعبر حقيقة عما فعله المستعمرون من تخريب في الدول التي استعمرت. كما أن الأمم المتحدة لم تجمع حتى الآن على معنى موحد للإرهاب.

غير أن مفهوم القرآن للإرهاب يختلف: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم...) ( الأنفال ...الآية 60 )، فهو هنا إخافةٌ للعدو، في حربٍ أهدافها مشروعة. أما الإرهاب الحالي فقد رفعته واشنطن سيفا لابتزاز الدول المستضعفة، كما الإرهاب الذي جعلته الأنظمة القمعية تبريرا لها للتنكيل بمعارضيها، فشيء آخر.

ابتداء، نحن لانجيز لأيٍ كان أن يزعم أن له الحق في قتل النفس التي حرم الله، سواء كان فردا أو نظاما أو مجموعة دول، ومن يفعل ذلك فقد ارتكب عدوانا يعاقب عليه. كما أنه لا يجوز بأي شكل كان أن يستحل إنسانٌ دماء مواطنيه تحت أي مسمىً كان. ومِثْلُ ذلك من يستحل دماء المستأمَن الأجنبي الذي دخل البلاد بشكل شرعي وقانوني. كما لا يمكن قبول استهداف الإنسان الآمن في وطنه بحجة أن حكومته اعتدت على بلاد أخرى. فإن كثيرا من هؤلاء الناس لا يقرون حكوماتهم على عدوانها. ضمن هذه الضوابط نستطيع أن نتلمس طريقنا ونحن نسير في حقل الألغام الذي يسمونه الإرهاب.

على أن هناك قضية تعارف عليها الناس، قديما وحاضرا، ولا يماري فيها إلا من لا يرى الشمس وهي في رائعة النهار، وهي أن من حق الإنسان دفعَ العدوان عن نفسه بما يكافئه. ولعل أوضح مثال حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سأله رجل: ( إذا جاء رجل يريد أخذ مالي. قال لا تعطه. قال فإن قاتلني، قال قاتله. قال فإن قتلني قال أنت شهيد .قال فإن قتلته قال هو في النار.). هذا الحديث هو فيصل بين العدوان وبين الدفاع عن النفس، بين إرهاب العدوان وبين الإرهاب المشروع الذي نصت عليه آية سورة الحج (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، وإن الله على نصرهم لقدير ...).

غير أني أريد أن أسلك سبيلا آخر في معالجة قضية الإرهاب التي جعلتها الأنظمة القمعية شماعة تعلق عليها استئثارَها بالسلطة. فأبناء الوطن الواحد متساوون بالحقوق والواجبات، لا يستطيع أحدهم أن يميز نفسه إلا بمقدار ما يقدم أكثر من غيره. وحسب هذه المقدمة فإن الذين وصلوا إلى السلطة، -حتى ولو كان بطريق صناديق الاقتراع- ليس لهم أن يتميزوا عن باقي المواطنين. واقع الأمر فإن رجال السلطة "كوشوا" على كل شيء. وأما المواطن فليس له إلا ما تناثر من موائد هؤلاء، هذا إذا سلمت قدماه وظهره من كرباج أجهزة الأمن

. عند هذه النقطة نريد أن نتوقف قليلا لنقول أنه ليس كل الناس يطيق أن تأخذ السلطة كل شيء وأن يحرم هو من كل شيء إلا النذر اليسير. كما أن احتكار السلطة دفع بالبعض أن يرفع صوته بالاحتجاج. من هنا تبدأ نذر الصدام بين نخبٍ لاتقبل بأقل من المشاركة بالحكم حسب ما تمثله من رصيد شعبي وثقل جماهيري و بين سلطةٍ ليس لديها استعداد لأن تعطي شيئا إلا لمن يقبل بالانضواء تحت هيمنتها.

في الجزائر حاول الرئيس "الشاذلي بن جديد" أن ينفتح على المعارضين. فأجرى انتخابات أواخر عام 1991 حصدت فيها جبهة الإنقاذ الإسلامية كل المقاعد –عدا منطقة القبائل التي فازت فيها جبهة القوى الاشتراكية- التي حسمت نتائجها من الدورة الأولى. ولكن العسكر لم يكن في واردهم تسليم الحكم للإسلاميين، فأرغم الرئيس "بن جديد" على الاستقالة بضغط من الجيش وألغيت نتائج الانتخابات، واعتقلت قيادات جبهة الإنقاذ، لتدخل الجزائر دوامة من العنف والعنف المضاد . ويقف المؤرخ هنا ليتساءل من بدأ العنف أولا؟.

في سورية، لم تكن الأمور في أحسن حالاتها بين نظام الحكم والإسلاميين. ومع ذلك ظهر النظام وكأنه لا يريد أن يفتح معركة مع الإسلاميين، الذين كانوا بدورهم لا يريدون تهييجه عليهم، لأنهم كانوا ينشطون في العمل السري –تحت الأرض- ما أدى إلى تعاظم خطرهم في الساحة السورية. هذه "المساكتة" -إن صح التعبير- بين الطرفين، قطعها عليهما اعتقال الشيخ "مروان حديد" وهو من "حماة"، وأخضع للتعذيب حتى فارق الحياة في عام 1976، ما أدى بأتباعه إلى وضع خطة اغتيالات لشخصيات مخابراتية وعسكرية مقربة من النظام انتقاما لموت الشيخ "حديد" تحت التعذيب. لقد كانت الخطة من الإحكام، بحيث أن أجهزة الأمن احتارت في من يقوم بهذه الاغتيالات. وفي ربيع عام 1979 تم اعتقال خلية "نائمة" في أحد الأقطار المجاورة، اعترف بعض أفرادها بتلك الاغتيالات، ما فجّر العنف بسورية لتنفتح بعدها أبواب الفتنة فيها حتى كادت تذهب بالأخضر واليابس.

ورغم أن من قام بالاغتيالات لم يكونوا من الإخوان المسلمين، إلا أن جناحا استئصاليا في السلطة يقوده "رفعت أسد" ألقى بالتبعة على الإخوان المسلمين، الذين وجدوا أنفسهم في معركة فرضت عليهم، ما أدخلهم في مواجهة لم يكونوا مهيئين له، بل ولم يكونوا يريدونها . وكان أن دفعت سورية ثمنا باهظا طاول مئات آلاف السوريين بين قتيل ومعتقل ومهجّر. بعد هذا الحصاد المر يحق للسوري أن يتساءل: من بدأ العنف أولا؟

في مصر كان الأمر مختلفا عن الجزائر وسورية. فقد كان الإخوان المسلمون حريصين أن لا ينجرّوا إلى معركة مع النظام المصري مهما كانت التضحيات. غير أن الرئيس الراحل أنور السادات عقد مع إسرائيل معاهدة "كمب ديفيد" ما أغضب أكثر المصريين، وجعل بعض الإسلاميين، -ممن يرفض النهج السلمي للإخوان- يقررون اغتيال الرئيس السادات. وتم ذلك حيث كان الرئيس يحضر عرضا عسكريا في يوم 6 تشرين أول 1981، ذكرى عبور قناة السويس. وقد دفعت جماعة الجهاد والجماعة العسكرية ثمنا ضخما باعتقال كثير من كوادرهما. ورغم أن الإخوان المسلمين لم يكن لهم دور في أعمال العنف التي تتابعت بعد اغتيال السادات،  فإنهم لم يسلموا من الاعتقالات، لكنهم صبروا رغم والمنع والاعتقال ،ودخلوا الحياة السياسية في ظروف كان هناك من يحاول أن يستفز الإخوان المسلمين في مصر ليخرجهم عن طورهم وعن اعتدالهم.

الإخوان المسلمون ما يزالون يؤثرون سياسة النفس الطويل مع النظام المصري. يُعتقلون وتصادر أموالهم الإغاثية والشخصية، ومع ذلك لا يخرجهم ذلك عما وضعوه نصب أعينهم من هدف وهو "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة". الذين يريدون الخير لمصر يتساءلون: لمصلحة من يتم استدراج الإخوان في مصر ليتم ضربهم كماضرب الإسلاميون في سورية والجزائر؟

*كاتب سوري

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ