ــ
يُـتم
الكبار له مَعانٍ مختلـفة..!
(إخوان
الحسناوي الكهول .. وإحساساتهم
المتباينة باليتم !)
عبدالله
عيسى السلامة
1)
الدائرة القريبة من الأخ
الحسناوي ، مِن إخوانه الكهول ،
تُحسّ بيتم حقيقي لفقده ، يختلف
عمّا يُحسّ به الصغار، الذين
يفقدون آباءهم !
وهذه
بعض صور اليتم ، لدى إخوة أبي
محمود .. يرحمه الله :
• الكهل الذي لديه كلام يتلهف
لإسماعه ، لأحد يصغي إليه
بإمعان ، ويتعاطف معه .. سواء
أكان الكلام اقتراحاً ، أم شكوى
أم نجوى .. كان يبحث فيمن حوله ،
فلا يجد أمامه سوى أخيه أبي
محمود !
• الكاتب الذي يحبّ أن يَسمع حول
كتاباته ، رأيَ كاتب متمكّن ،
خبير بفنون الكتابة الأدبية
والسياسية والتربوية .. كان
يُهرع أولاً، إلى أخيه أبي
محمود !
• الرجل الانفعالي ، صاحب المزاج
الحادّ ، الذي يثير الآخرين
بحدّة مزاجه ، ويقلل من رغبتهم ،
في سماع آرائه واقتراحاته ..
ويحتاج إلى رجل هادئ حليم ، لديه
صبر وأناة ، في سماع الأفكار
المصحوبة بالانفعالات ،
والمشاعر الحارة .. أول من كان
يخطر بباله ، لزيارته ، و
تفريغ شحنة الانفعالات لديه ،
هو أخوه أبو محمود !
• صاحب الفكر العميق ، الذي يحسّ
بالغربة والضياع ، بين الأفكار
المسطحة أو الآنية المرتجلة ..
يبحث عمّن يستطيع الغوص معه ، في
أفكاره ، واستيعابها ، والتفاعل
معها.. فلا يجد أمامه ، ممّن يمكن
أن يعطيه وقتاً واهتماماً ،
وتقصّياً لدقائق الأفكار.. غير
أخيه أبي محمود!
• الرجل الذي لديه أفكار خاصّة ،
أو انتقادات خاصّة ، حول بعض ما
يجري في جماعته ، من قرارات ، أو
توجّهات ، أو مواقف .. ولا يطمئنّ
إلى أحد يمكن أن يَسمع منه
أفكاره ، أو انتقاداته ، بهدوء ،
دون انفعال ، أو اتّهام ، أو
تجريح ، أو غضّ من قيمة أفكاره ،
أو تشكيك بولائه وانتمائه
وسلامة تفكيره .. سوى الأخ
الهادئ ، الحليم ، المكيث .. أبي
محمود !
• الأخ الذي يحتاج إلى نصيحة
خاصّة ، حول مسألة دقيقة خاصّة
،يَبحث عن مؤهّل لتقديمها له ،
من حيث الإمكانية العقلية ،
ولديه الاستعداد لبذل الوقت
والاهتمام ..
فلا يجد في ذاكرته ، ممّن هم
في دائرته القريبة منه ، سوى
أخيه أبي محمود !
• الأخ الذي يحتاج إلى من يساعده
، في كتابة بحث أو رسالة ،
ويقدّم له النصيحة والتوجيه ،
والكتب النافعة لبحثه ،
والدلالة على كتب أخرى في
مظانّها ، وتصويب بعض ما يَكتب ،
لغوياً ، وأسلوبياً ، وفكرياً ،
ومنهجياً .. والذي لديه الصبر،
والاستعداد لمنحِه وقتَه
واهتمامه ..
يبحث في ذاكرته ، فلا يرى في
الدائرة التي حوله ، أجدر من
أخيه أبي محمود !
• الأخ الذي يحسّ بغبن وقع عليه ،
من بعض مؤسّسات جماعته ، ويحتاج
إلى أحد يشكو له همّه ، ويساعده
في الحصول على حقه ..يبحث فيمن
حوله ، فلا يرى من هو مستعدّ
لهذا الأمر ، مؤهّل له ، يضحّي
بوقته وجهده لأجله ، سوى أخيه
أبي محمود !
• الأخ الذي يحتاج إلى أحد
يُسارّه ، حول موقف اشتبَه به ،
أو سلوك شكّ فيه ، لدى بعض
الأشخاص ، ويخاف من تسرّب حديثه
، فيما لو أسَرّ به إلى أحد ،
يبحث في دائرة علاقاته
الاجتماعية المحيطة به ، فلا
يرى في الواجهة ، غير الأخ أبي
محمود..!
• الأخ الذي يتوق إلى سمَر عذب ،
غنيّ ، زاخر بفنون الكلام
ومتَعِه وطرائفِه .. فيه من كل
بستان زهرة فواحة ، وفاكهة
ناضجة .. من بدائع الأدب ، وروائع
الفكر، وأفانين الحوار الهادئ ،
النافع ، الممتع ، البهيج ..
تتلامح في ذهنه صورة أخيه أبي
محمود ، فيهرع إلى الهاتف ، لأخذ
موعدٍ لسهرة ، يحضرها إخوة
تَسرّ النفوسَ مجالستُهم ،
وتبهج القلوبَ مؤانستُهم ..!
2) وواضح هنا ، أننا نتحدّث عن
دائرة معيّنة ، هي دائرة
العلاقات الاجتماعية المحيطة
بالأخ الحسناوي ، يرحمه الله .
ولكل أخ دائرة علاقاته الخاصّة
بالطبع ! ولا يشترَط أن تضمّ
دائرة العلاقات الخاصّة ،
جيرانَ السكن وحدَهم ، أو زملاء
العمل فحسب ، بل قد تشمل الدائرة
، أناساً في أقطار شتّى ، بينهم
وبين الأخ ، تواصل اجتماعي ، أو
فكري ، أو ثقافي ..!
رحمة
الله عليك يا أبا محمود ! ما أوسع
الفراغ الذي خلفته برحيلك ، في
عمل جماعتك، وفي قلوب إخوانك
وعقولهم ..! وهاهنا تكمن عظمة
الرجال ! وعند هذه النقطة بالذات
، يبرز بيت الشعر، كأنه إنّما
قيل فيك خاصّة :
ولو سَدّ غيريْ ما سَددتُ
اكتَفَوا به
وما كان يَغلو التِبر لو
نَفقَ الصُفرُ
رحمك
الله .. وأعان إخوانك على
إحساسهم بفقدك ، وعلى تحمّـل
فراقك !
وإنا
لله وإنا إليه راجعون .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|