ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 15/03/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

بلاد العرب أوطاني

دكتور عثمان قدري مكانسي

رحم الله فخري البارودي ، فقد كان متفائلاً حين قال قصيدته المشهورة التي مطلعها

  بلاد العرب أوطاني .....ومن أين إلى أين ؟ ! ...  من الشام لبغدان

وكيف تكون أوطانه له ولنا وقد جزءوها قطعاً متداخلة ونتفاً مبعثرة ، أما كونها متداخلة فلكي يحتك بعضهم ببعض ، ويتصارعوا عليها .... وجولة في أرض العرب لمن يعرفها عياناً أو جولة في خرائطها تدل على خبث المستعمر  حين قسّمها ثم خلق فيها المشاكل كي نبقى متخاصمين متناحرين .. وأما نتفاً مبعثرة ، ففيها الدولة الكبيرة الفقيرة والدويلة الغنية الصغيرة التي لا تكاد تُرى إلا بالمجهر . ثم جعل وصول غيرنا من " الخواجات " إلى هذه الدول الصغيرة الغنية سهلاً ميسوراً فهم السادة الأغنياء الأقوياء . وجعل دخول العرب المسلمين إليها صعب المنال،  لا يحوزه إلا ذو الحظ بعد أن يبتسم له الزمان ويحظى بتأشيرة تسمح له بالزيارة أو العمل ، لتتألم نفسه حين يرى إخوانه أصحاب هذه البلاد يعظمون الأجنبي ويحترمونه حتى ليقدمونه على أنفسهم بينما يرى نفسه في الدرجة الثالثة أو الرابعة بعد غير المسلمين من الآسيويين !!

ولله در الشاعر  حين يظن أن العرب يحب بعضهم بعضاً  فيسترسل في الأمانيّ :

   فـلاحـدٌّ يبـاعدُنا      ولا ديـن يـفـرقُنـا

   لسان الضاد يجمعنا      بغســان وعدنــان

وقد تناسى أن بعض الدول العربية تفضل العامل الآسيوي من الهند والسند والفلبين وغيرها ، حتى صارت نسبة الناطقين بالضاد إلى غيرهم لا يتجاوزون الخمس فقط ،

ولو تغاضينا عن هذا الأمر – فهناك مصائب كبيرة تغطّي عليه – لرأينا بلادنا ترزح تحت نير الذل مرتين . أما الأولى فللعدو الخارجي ، وأما الثانية فللمتسلطين الذين يحكموننا بالنار والحديد من الدعاةإلى أبواب جهنم كما حدثنا عنهم الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه .  

فلو نظر الشاعر بعين مجردة من العاطفة المشبوبة لقال :

بلاد العرب – خلاني-     أشبـِّهها بقطعــان

ولا أقسو إذا ماقلــــــت قد حُكِمَتْ بذؤبان

ومن الذي حكّم الذئاب ببلادنـا ؟ وسلطها عليها؟

ذئـاب من بني وطني      ترامت عند شـيطان

فملّكهــا نواصينـا        لتخـدمه بإذعـان !

وتنفثَ  حقـده فينـا        ليـذوي نورُ إيماني

وليسوا من بلاد الشا       م أو من نخل بغـدان

وليسوا  من مغاربنا      ولا مصـرٍ وسـودان

وقد يتساءل أحدهم : أليسوا عرباً ينتسبون إلينا ويتكلمون بلغتنا فإننا نقول : بلى .. هذا أول ما يتبادر إلى الذهن ولكنْ :

لئن كانـوا بجلدتـهم       ولكْنـَتـِهم لعدنـان

فإن قـلوبـهم جبلت        على غدرٍ  وأضغان

وباعوا الجد والتلـدا        وكانوا العونَ للجاني

وقد نعيد السؤال بصيغة أخرى للشاعر البارودي :ألست تقول إنها أوطان ؟ والأوطان جمع الوطن . والأقسام إن تباعدت فلن تعود إلا بعملية قاسية ، يجريها نطاسيٌ بارع .

يداوي جرحها الغوّا .......ر في بركـانهـا الآني

ويأسوها ويسـعفها         بجهد  المخلص الحاني

وليس بالغناء تعود الحقوق إلى أصحابها إنما الغناء تعبير عن الرغبة في عودتها إليهم . وعلى هذا فلست مع الشاعر حين يقول :

فغنوا يا بني أمي       بلاد العرب أوطاني

ولئن أراد شاعرنا من الغناء الإصرار على استعادة الحقوق ، والتأكيد على أحقيتنا فيها فطريقة التعبير تكون بـ :

سـلاحي في يدي غنّى    وحقّي ليـس بالفاني

وأُرخِصُ ما غلا وحلا    وأزهـد بالدم القـاني

ثم نؤكد ما قاله الشاعر رحمه الله تعالى مع شيء من التغيير فالشاعر أخطأ حين اعتبر حضارتنا اندثرت في قوله :

لنـا مدنيـة سـلفت          سنحييها وإن دُثرتْ

إن الصواب في اعتقادي أنها باقية بقاء الليل والنهار إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها

لنـا مدنيـة سـلفت         سـتبقى المُلهمَ الباني

ولو في وجهنا وقفت          دُهـاةُ الإنس والجان

ومع ذلك فهذه الأنشودة انتشرت على كل لسان في بلاد العرب لأنها كانت تعبر عما في الضمير العربي من شوق إلى الماضي العريق وتحنانٍ إلى مجده التليد . وكان الفضل في ذلك أيضاً إلى الملحن المرحوم محمد فليفل الذي أبدع اللحن على نغم " الرست " الذي يحمل في أنغامه الحزن ممزوجاً بالحنين إلى مجد مضى ورغبة في العودة إليه ...

فإذا صدق العرب المسلمون في عزمهم وثابوا إلى ربهم ، وجمعوا شتات أمورهم كان لهم ما أرادوا ... فبالعزم والإرادة والصبر والثبات ينال المرء المراد .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ