ــ
سورية
... أين رجالها ؟!
عارف
عبد العظيم
كنت اقرأ ومازلت
يوميا عشرات المقالات مما له
علاقة ببلدي الذي حرمته منذ
اكثر من ربع قرن حيث هربت بعيداً
عنه آملاً بحرية منشودة بعيدا
عن عيون وتوجهات اجهزة الامن
السورية بكل فروعها المعلومة
وغير المعروفة.
في الغربة بعيداً
عن الشام كنت اتنفس الحرية
بملىْ صدري واقرأ بعيداً عن اي
رقيب واكتب دون وجل او خوف لاني
متيقن ان خفافيش الليل لن
يكسروا باب بيتي او يسرقوا حلم
حياتي او يأسروا احداً عني كي
اكون فريسة بين انيابهم.
ولم اترك متابعة
للوضع السوري الا وكانت تحت
ناظري من افتراءات اجهزة
المخابرات الامنية وتلفيقاتها -
مع بعض صدق فيها- الى نشاطات
توابعهم في داخل العمق السوري
وفوق كل ذرة من التراب السوري
الذي مازلت محروما منه ، وكذلك
نشاطات معارضي اجهزة المخابرات
داخل سورية من مناضليها الاشاوس
الى من هم خارج اسوار السجن
الكبير المعروف عالميا
بالجمهورية العربية السورية.
حين استولى حافظ
على الحكم في سورية في ليل قاتم
وبتدبير محكم كان الناس حينها -
جلهم - مازالوا في وهم الرجولة
التي يستند اليها الرجال وفي
احلام النساء التي تنبعث من
مخيلاتهم لكن الاسد حينها ومن
قبلها ومن ساعتئذ انشأ مملكة
الخوف او بالاحرى - جملكية الخوف
السورية - حين وصف نفسه وصيا على
شعب اعزل حاول لعدة مرات ان
يستنشق حريته بإرادته فكان
الجواب الى الابد الى الابد
وحتى بعد مماته ورحيله الى ديار
الاخرة حيث الحسابات المعهودة
هناك على نمط لم تعهده كل اجهزة
المخابرات العالمية وياليت
منها مهرب ولكن هيهات.
واستقر لحافظ ما
خطط له من قبله ومن جاء به الى
سدة رئاسة الحكم في سورية كبلد
شهد الانقلابات تلو الانقلابات
لكن على عهده حيث الحديد والنار
لتكتوي بها كل من تحدثه نفسه ولو
في منام ان يلتوي على من يحصي
عليه انفاسه ، وجند لذلك الدم
والنار في الليل والنهار حيث لم
تعد سوريا القلب النابض للعروبة
الا المكان اللاذع لكل عربي
شريف او عروبي حر.
وساعدت الظروف
الدولية حافظ وكان له من الذكاء
وقراءة الواقع حظاً ليس باليسير
وراوغ كالثعلب الماكر لان في
السياسة لا حياة للجبناء واحاط
به الموت من كل مكان وماهو
بمقتول وانتزع من صدور السوريين
كل امل عزيز بحياة حرة كريمة حتى
التوت البطون تبحث عن لقمة عيش
وكسرة خبز في ايام تكحلت بضياع
جزء من وطن يعز على الاقوياء
المخضرمين ان ينظروا اليه فما
بالك بغرة سورية الجنوبية
مرتفعات الجولان حيث تم بازارها
في سوق بخس دراهم معدودة من
السنين لحكم اسدي لم يكن يحلم به
حتى من جاء باسد وعائلته لتتحكم
بالرقاب. وضاعت الجولان التي
يتباكى عليها الورثة الان
ويتاجرون بدمائهاالزكية
الطاهرة ونسوا ان كبيرهم قد
استحلها واضاعها لقاء ثمن بخس...سنين
معدودة وكان لذك من المتاجرين.
لم يكن هناك صوت في
سورية حينها يعلو على صوت
المعركة وبالاوهام غسلت العقول
والادمغة وطبعت قلب العروبة
النابض بخاتم الاسد الى الابد
حتى قيل الكفر بواحا علنا ودون
حرمة لاحد من الناس واستحلت
الحرمات واستبيحت المدن
والبيوت والناس العزل وحتى لم
يسلم من في السجون من الغدر
والخيانة... ولا صوت يعلو فوق صوت
المعركة.
كان بو سليمان
صادقا لمبادئه ومناضلا شرسا
لاهدافه كي تتحقق وضمن ان لم
تتحقق في عمره ان تتابع بيد
ابنه باسل الذي عاجله القدر
المحتوم في عمره ليذيقه بعض مر
عمله لكن في عالم السياسة
لاتوجد رحمة ولا وازع انساني...جل
مافيها هذه الايام روغان
كالثعالب الماكرة...هكذا كانت
وهكذا ستظل في عالم البشر.
لكن بوسليمان رزق
بغير باسل وبمن لم يكن مستعدا
لهكذا مهمة لطبيعته النفسية
وتشكيل ذاته البشرية حيث لم
يعهد عليه ولوجه في دهاليز
السياسة بل غمر نفسه في علوم
بشرية طبية ، لكن تتطلب المرحلة
ان يخرج من هذه الدوائر ليتابع
المسيرة فما خطط له حافظ طار في
دوار مطار بشكل لم يكن في
الحسبان فجاء بشار ليتدرب على
تحمل اعباء الحكم بشكل دورات
مكثفة تسارع الزمن الذي كان
يصارع ابوه فيه الموت وانتقل
الطبيب من اختصاص عيون الى
اختصاص سياسة لكنه لم ينمو في
عالم السياسة كما ينمو كل
رجالات الساسة ومع ذلك فالمصلحة
العليا ! تتطلب ان يتابع بشار ما
يخلفه له حافظ ولو تطلب الامر
تغيير الدستور السوري والقانون
الذي تسير عليه الامة وكان ذلك
حيث رجالات المخابرات ومخضرمي
التعامل السياسي في سورية
احكموا الامر وعقمت نساء سورية
كلها ونفوسها عن ان تأت برجل
يصلح لحمل تبعات حافظ لحكم
سورية الشام ، وتم كل ذلك
بموافقة ومشاركة عالمية توجها
المشاركة لبعض الرؤوساء في
الجنازة حينها والاقرار من
وزيرة الخارجية الامريكية ذات
الاصل اليهودي حينها بان يستخلف
بشار مقعد ابيه في باص البازار
السياسي العالمي وتم الامر
والسوريين لم يستشاروا كما لم
يعهد عليهم اي اعتراض يقال لمن
هم في قبضة الامنيين
والمخابراتيين بينما من هم في
الخارج فقد قالوا ما يعهد منهم
ان يقولوا لكن مسرحيات السفارات
السورية وقوائم النعم ملئت بها
الصفحات وليس من جديد في
اساليبهم المتكررة.
وفي هذه المعمهات
غاب عن بعضهم ان مسرح السياسة
العالمي قد تغير لاعبوه وضعف
بعض اقويائه وقوي بعض ضعفائه
ولكن في سكرة الحلم الجديد
للاسد الجديد وعائلته فلم
يتنبهوا الى الوجوه الجديدة
وعهد من يستشيرونه ومن جاء بهم
ومن يوثقونه عهودهم انهم مع
بعضهم البعض وعلى قلب رجل واحد
لكن أحداث البيدر لم تتطابق مع
أحداث المحاسبين.
وتوالت الاحداث على
السياسيين الذين لم يحسنوا هذه
المرة قراءة الواقع بعدما
شاركهم بها طبيب العيون فكانت
الرؤية غير واضحة وضباب سكر
الماضي وانجازات حافظ طاغية في
النفوس وراسخة في الذوات لكن
فاتهم ان قطار القرن العشرين قد
مضى الى غير رجعة وعربات القرن
الحادي والعشرين يلزمها ركاب
يعرقون قراءة الحاضر واستشراف
المستقبل بعقول بارعة وايد اقل
ما يقال عنها انها غير ملطخة
وبينما تسير السنين الاولى
من القرن الحالي وتجر ي احداث
جسام فيها يبقى البعض من سياسي
سورية على زمن حده قد اندرس
وليله قد انطمس فلا قرارات
الشرعية الدولية اصبحت تروقهم
ولا اجتماعات الامم المتحدة
عادوا يحسبون لها حسابا لانهم
في نظرهم في مركز الحدث وقلب
اللعبة ولن تسير عربات لعبةالام
في الشرق الاوسط الا عندما
يتفضلون بالاذن لها...هكذا يظنون
وهكذا مازالوا يحلمون.
اخطاء استراتيجية:
حلفهم مع ايران ، تمديهم للرئيس
اللبناني الحالي لحود ، تأخيرهم
انشاء المحكمة الدولية ، عدم
صدقهم في علاقاتهم العربية
المحلية والعلاقات الدولية
العاليمة ، ثم القاصمة التي
ابتلي بها الناس في سوريا لرئيس
في حديث على غير اساسيات
التعامل الديبلوماسي لاوصاف
تأبى النفوس ولو طحنت ان تتلفظ
بها وقالها هو علنا وزاد فيها
وبعدها تهديدات ودومينو
ومقاومة ونسي الجولان ( الارض
السورية المحتلة ؟!) وركود
جبهتها لاكثر من 30 عاما !!
سورية اليوم
بسياسيها وسياساتها على حافة
لاندري اين ستقذفها عاديات
الامم ومجريات الاحداث ، فلا
الفوضى التي بشرنا بها بشار
ستحصل ولا المقاومة التي اتحفنا
بها ستقوم لان لكل واحدة من
هاتين شروط ولوازم ولا تتحقق
فيما ارى على الساحة ايا منهما
لان اللاعب الامريكي الجار
يتأنى في سيره ويحسب خطاه ولا
يحاسب سريعا وان لم يكن في زمن
هذا الرئيس فلا مانع لديهم ان
يكون في زمن رئيس غيره ولو تطلب
الامر ان يكون في زمن
غير زمن الحزب الحالكم
الحالي... والاعلام السوري
يتحفنا بتخديراته المتلاحقة عن
قرب سقوط المارد الامريكي بكل
وسائله المسموعة داخليا
وداخليا.
سورية اليوم لا
مخرج لها من المأزق التي وضعت
نفسها فيه الا بالالتفاف على
نفسها بزاوية 180 درجة لتصحح
نظرتها لامور الساحة بحيث يكون
طبيب العيون عن حق جراح ماهر لكن
بغير ماهر اخيه لان سوريا
للسوريين وليست لعائلة اسد ولا
لبشرى او صهر اسد او من لف ودار
في افلاكهم.
سورية اليوم تسير
الخطا بأقدام مكبلة من الشرق
والغرب وتدعي انها سليمة وكم من
الوعود اقاموها في تحركات
بهلوانية لم تطعمهم من جوع ولم
تقيهم من حر فلا دول امريكا
اللاتينية ولا الشعوب الصفراء
ستقوم لتدفع الخطر الداهم اذا
حل بالساحة السورية ولن تنفع كل
العلاقات الشخصية التي اتكأ
عليها نائب الرئيس في تشخيصه
للعلاقات مع الاخوة العرب بقوله
شخصنة العلاقات... كلها لن تنفع ،
واذا ماذا ينفع ؟
الرئيس السوري
الحالي لا يحسد في موقعه ومكانه
ولا تحسد سوريا معه بكل
رجالاتها السياسيين المخضرمين
منهم وغيرهم لان من اتعظ بجاره
فقد فقد اقام العمل الصحيح
السليم المنتج لما فيه مأله ،
ومن بدايات ذلك:
- التوجه الصحيح الى
الداخل السوري الشعبي دون تداخل
العلاقة بالامن واجهزة
المخابرات
- تعميق مبدأ
الديمقراطية بين الناس في اصغر
مجلس بلدي وفي اقل دائرة حكومية
وفي ابعد نقطة سورية وفي مجالس
المدن ومحافظيها ثم في الممثلين
الشرعيين لمجلس الشعب المفروض
ان يكون منتخبا من الشعب دون
عيون العسعس وتدخلاتهم
- اعادة الهيبة
للدستور السوري بكل ما تعنيه
هذه الكلمة
- تحجيم صلاحيات
رئيس الدولة ( الجمهورية ) وجعل
فترة الرئاسة لمدة زمنية معينة
لا يمدد له بعدها
- اعطاء الحقوق
لاصحابها في الداخل والخارج من
السوريين كلهم
- الغاء قانون العار
( وهو ليس بقانون بداية ) المرقم
ب 49
- الحرية الشخصية
لكل السوريين بالتحرك بداخل
وخارج سورية دون تدخل اجهزة
الامن والمخابرات
- تحجيم وضبط ايقاع
عمل اجهزة الامن والمخابرات تحت
مظلة القانون وبحكم القوة
فإذا تنسم الناس
طعم الحرية وضمن ايقاعها ضمن
منظومة سورية فبعدها يأت الدور
الرئيسي لكل السوريين للمشاركة
في بناء سورية حرة كريمة
ديمقراطية يكون الانتماء للوطن
والمواطنة هي الاساس.
ان رسم الواقع يبدأ
بالحلم.
وان تبديل الواقع
المر الصعب لسورية يبدأ بأمنية.
وان العمل والطاقة
المخزونان في النفوس السورية
تحتاج لرجال اذكياء
لاستخراجهما لعملية التغيير
والبناء بشكل سلمي دون اراقة
انفس او هدر دماء
وان البداية تكون
مني ومنكَ ومنكِ ولا يكلف الله
نفسا الا وسعها
ولا نريد ثورة او
انقلابا...بل نريد بناء مستقبل
واعد حر نزيه شريف ولجميع
السوريين وجيرانهم ولعلاقاتهم
العربية والإسلامية والدولية
على الاسس المعتمدة في الاصول
المرعية لمثل هذه العلاقات
الأسد الحقيقي هو
في القوة المودعة فيه حين
يستخدمها لصالح بقاء جنسه بينما
اذا شاخ فإنه ينعزل ليرى أخريات
أيامه في معزل عن مسرح الأحداث.
بينا تبقى سورية
كما كانت قبل أسد وستبقى بعده
كما كانت والصعود والهبوط في
مسيرة الأمم عبر التاريخ لن
يغيره أسد ما ولا فرعون ولا
طاغية ولا حاكم
أيام فيها رجال
ودول لها رجال...بينما سورية
فأين رجالها وأين دولتها
وأسودها ؟!!
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|