ــ
أمريكا
والعنف الارتدادي ...
بعضاً
من حصاد الاحتلال المر
ياسر
سعد
yassersaed1@yahoo.ca
الحصاد
الامريكي المر لاحتلال العراق
لن يتوقف عند حدود ذلك البلد
المنكوب والجريح, ولا حتى عند
المكانة الدولية لواشنطن والتي
يتوقع ان تشهد تآكلا وتراجعا بل
من المرجح ان تمتد تأثيراته
السلبية الى داخل الحدود
الامريكية والى عمق المجتمع
الامريكي. ولن ينحصر ذلك
التأثير بالاعداد الغفيرة من
المعوقين جسميا او من الخلل
الاجتماعي الناشئ من فقدان
عوائل امريكية معيلها او ابنها
وهو في عمر الزهور. فالجندي
الامريكي المحظوظ والعائد من
العراق سليما في بدنه ومعافا في
جسمه سيكون مسكونا بإمراض نفسية
واضطرابات عقلية ترشحه لإن يكون
لغما قابلا للانفجار في أي وقت
او عقلا مخططا لتأسيس عصابات
ناقمة او جماعات متطرفة تعصف في
المجتمع الامريكي القابل
بطبيعته الثقافية وتكوينه
وانتشار السلاح فيه لإحتضان مثل
هذه المجوعات والتجمعات.
الجندي
الامريكي في العراق حين يخوض
حربا مدمرة من غير مبادئ ولا
اهداف مشروعة ويمارس اشكالا من
القتل المتوحش ويمارس اساليب
قاسية في التعامل مع المدنيين
والمشتبه بإنهم من المقاومين
ويقتل على الشبهة ويقوم بعمليات
غير إنسانية, إنما يدمر شخصيته
الانسانية القويمة او بقاياها
وتتعمق عنده الشعور بالكراهية
لمن حوله لتعود معه تلك الثقافة
والنهج الى بلاده تنتظر الفرصة
او الحافز لتنفجر وتتفجر. مكيفي
الامريكي الابيض والذي قام
بعملية تفجير المبنى الحكومي في
اكلاهوما عام 1994 كان من
المحاربين السابقين في حرب
الخليج الاولى, ومن شبه المؤكد
ان ثقافة الرجل القائمة على
القتل الجماعي والاستئصال قد
تبلورت في حرب الخليج وهو يرى
وربما يمارس المجازر الكبيرة
بحق الجنود العراقيين
المنسحبين من الكويت للعراق.
جون الين وليامز قناص واشنطن
الاسود والذي شغل امريكا من
المحيط الى المحيط عام 2002, والتي
ادت عملياته لقتل عشرة اشخاص
واصابة ثلاثة آخرين بجروح في
مناطق مختلفة في العاصمة
الاميركية وحولها هو الآخر من
المحاربين الامريكيين القدامى
في الحرب الامريكية الاولى ضد
العراق. وليامز الذي هدد في
رسالة له قبل توقيفه بارتكاب
مزيد من العمليات وخصوصاً بحق
الأطفال اذا لم تستجب السلطات
لطلبه بحصوله على عشر ملايين
دولار يتم وضعها في حساب بنكي
خاص, اكاد أُرجح ان ثقافة القتل
البارد ومن غير تحديد للرجل ومن
اجل مصالح مادية بحتة قد تشلكت
في الصحراء العربية او على
الاقل ساهمت تلك الحرب في
تشكيلها.
دراسة
امريكية حديثة نشرت مؤخرا اشارت
الى أن جنديا أمريكيا من أصل
أربعة نشروا في العراق
وأفغانستان وتولى النظام الصحي
الحكومي الأمريكي معالجتهم عند عودتهم، يعاني من اضطرابات
عقلية. وإذا
حسبت الاضطرابات النفسية التي
تؤدي على سبيل المثال إلى عنف
منزلي فإن معدل المحاربين
السابقين الذين يعانون من
اضطرابات عقلية يصل إلى اكثر من
ثلاثين بالمائة. الدراسة
التي نشرت في "اركايفز اوف
انترنال ميديسين" التابعة لـ"جورنال
اوف أمريكان ميديكال اسوسيشن" تشير إلى أن
أكثر من نصف الجنود (56%) الذين تم
تشخيص
هذه الاضطرابات
لديهم يعانون من أكثر من مرض
عقلي. وقالت كارن سيل من المركز الطبي
لقدامى المحاربين في سان
فرانسيسكو، المشرفة الرئيسية
على الدراسة، إن الأمراض
النفسية لدى الجنود الذي عادوا
في الآونة الأخيرة إلى
الولايات المتحدة أو أعضاء
الحرس الوطني، أعلى بكثير من
تلك التي سجلت خلال دراسة سابقة نشرت السنة الماضية واجريت على
عسكريين يمارسون مهامهم. والدراسة
الجديدة التي ساهم في اعدادها
باحثون في جامعة كاليفورنيا,
شملت دراسة حالات 103 آلاف و788 جنديا تمت معاينتهم لدى
الهيئات المختصة بالمحاربين
القدامى, بين 30 سبتمبر/ايلول 2001 و 30 سبتمبر/ايلول
2005، وأكثر من نصفهم تقل اعمارهم
عن 30 سنة. وخلصت
الدراسة إلى أن العسكريين الذين
يواجهون مخاطر هم أولئك الذين
تتراوح اعمارهم
بين 18 و 24 عاما لكن الأمراض
النفسية تكثر لدى كل الفئات.
العنف
الاعمى وغير المبرر اخلاقيا
الممارس من قبل جنود امريكين
يؤدي بهم الى اضطرابات عقلية
ونفسية (بالإضافة الى عمليات
المقاومة) ويعود معهم ثقافة
وسلوكا. وقد تناقلت وكالة
الانباء اكثر من مرة عن حوادث
قتل وانتحار وعنف منزلي من قبل
الجنود الامريكيين العائدين
نهائيا او في اجازات من العراق
الى بلادهم. ليس العراق واهله هم
وحدهم (وان كانوا اشد من يعاني)
الذين يدفعون ثمن السياسة
الحمقاء والطائشة للادارة
الامريكي وفريقها من المحافظين
الجدد من مجرمي الحروب, بل ان
العالم في مجمله سيدفع ثمنا
باهظا لتلك الحرب المجنونة, كما
ينطبق الامر نفسه على امريكا
ومواطنيها. وإن كان الشعب
الامريكي يحصد علقما نتائج
انتخابه للطائش بوش ويسدد غاليا
ثمن ضعف ثقافته ووعيه السياسي.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|