ــ
عن
أية انتخابات تتحدثون
بغياب
السياسة والقانون ؟؟!
بدرخان علي*
لا يمكن الحديث عن انتخابات
حقيقية في سوريا بغياب فرص
متماثلة لجميع المواطنين في
الترشح والتصويت،وحق المواطن
في الإدلاء بصوته الانتخابي
وحماية العملية الانتخابية
برمتها من التلاعب وتحوير
نتائجها لصالح مرشحين محددين،
يتم تزكيتهم في دوائر "معنية"
بالأمر،بالضد من إرادة
الناخبين.
إن جوهر المسرحية الانتخابية في
سوريا ليس إشكالات قانون
الانتخابات العام على بشاعته
،بل هو إفراغها- أي الانتخابات-
من أي معنى ومدلول سياسي خلال
عقود مرت على البلاد بفعل حالة
الطوارئ السائدة وإنهاء
المنافسة السياسية ، وتدمير أي
مجال حيوي لممارسة السياسة يمكن
من خلاله وضع سياسة القوى
الاجتماعية على محك التصويت
الشعبي واختبار مدى صدقية برامج
القوى السياسية واقتناع جمهرة
الناخبين بشعاراتها وخططها
الاقتصادية والمعاشية وسياستها
العامة في المجالات الوطنية
الداخلية والخارجية كما هو
الحال في الدول التي تعيش حياة
ديمقراطية ويكون لصوت المواطن
قيمة مؤثرة في نتائج
الانتخابات، فبلادنا لم تعرف
انتخابات حقيقية، في جميع
المستويات و ليس على صعيد مجلس
الشعب فقط، فأكثر من نصف أعضاء
مجلس الشعب"المنتخب" يتم
تعيينهم لمجرد كونهم أعضاء في
حزب السلطة وقد تمت الموافقة
عليهم أمنياً وباقي المندوبين
ملحقون بجهاز السلطة بشكل أو
بآخر إما عن طريق جبهة النظام"التقدمية"
والباقي
عن طريق الولاءات العائلية
والمحسوبيات وبعض أصحاب
الأموال الكبيرة المتحالفة مع
مراكز أمنية نافذة في البلاد
والتي لا تقوم لها قائمة بدون
هذا التحالف المشؤوم بين
السياسة والاقتصاد في بلدنا......و
على ضوء هذه المقدمات وبعد
تكوين مجلس الشعب المفترض فماذا
نتوقع منه أكثر مما يقوم به طيلة
العقود المنصرمة؟؟
ألا تلاحظ معي ،عزيزي القارئ، أن
الجمهور العام لا يكترث لقصة
الانتخابات على الإطلاق، كما هو
دأبه تجاه قضايا الشأن العام
عموماً ، ليس لأنه لا يدرك
مصلحته أو لا يتقن السياسة بل هو
جوابه العفوي والبديهي حول
انتخاب أعلى سلطة تشريعية في
البلاد!!
نقول في هذا السياق أن الحركة
السياسية الكردية ، التي تملك عمقاً
جماهيرياً واسعاً وأصوات مؤيدة
كثيرة ، جربت خيار المشاركة
فيما يسمى بالانتخابات
التشريعية وخرجت بخيبة أمل
كبيرة أكثر من مرة،لذا علينا
أخذ الحيطة والعبرة من مخاطر
الانزلاق إلى مواقع لا تنسجم مع
طموحاتنا وأهدافنا كي لاتفقد
مصداقية دعوتها في النضال من
أجل تغيير ديمقراطي سلمي........ولا
نقنع أنفسنا بخصوصية الحالة
الكردية كثيراً لأننا أصبحنا
جزءاً فاعلاً من المعارضة
الوطنية الديمقراطية ومن مؤسسي
إعلان دمشق للتغيير الوطني
الديمقراطي، أي حسم الخيار بعدم
انتظار "إصلاح" يقوم به
النظام وتصديق دعواته المجربة
تماماً قديماً وراهناً .....
ينبغي ألا نتردد -عرباً وكرداً –
في مقاطعة هذه الانتخابات
المزعومة وإعلان لاشرعيتها
السياسية والقانونية ومايتمخض
عنها من نتائج ،ما دامت السلطة
لم تقدم على أي تغيير في سياستها
الداخلية وقوانينها الظالمة ،
بل وفضح هذه الألاعيب والأكاذيب
الإعلامية والشعارات المجانبة
للواقع وحقائقه وتوعية الناس
بمخاطر هذه السياسات الهوجاء
على مستقبل البلد وأهله وتزوير
إرادة الشعب والاستهتار به ......
كي لا نقع في تناقض مع مواثيقنا
وشعاراتنا الهادفة إلى التغيير
الوطني الديمقراطي وبناء دولة
الحق والقانون والمؤسسات.
كفانا أوهاماً وخداعاً للذات وهو
أضعف الإيمان ، برأيي.
*كاتب
كردي سوري
bedirxaneli@maktoob.com
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|