ــ
عندما
يَصدق الرئيس لأول مرة ؛ في نصف
جملة !!
د.
هشـام الشـامي
- في
بلد استوى فيه العسكر على كرسي
السلطة بانقلاب عسكري ؛ و سمو
انقلابهم على الشرعية ثورة
مجيدة !! ..
- في
بلد عُطّل فيه البرلمان ؛ و
مُنعت فيه الأحزاب و أُلغي فيه
العمل السياسي ؛ و أعلنت فيه
حالة الطوارئ من لحظة استيلاء
العسكر على الحكم قبل أكثر من 44
عاماً ؛ و يتباهى فيه العسكر بأن
الأحكام العرفية و حالة الطوارئ
لا زالت مستمرة و ستبقى فوق رقاب
الشعب إلى الأبد ( دوام الحال من
المحال ) ..
- في
بلد صفى فيه الرفاق الثوريون !!
الانقلابيون رفاقهم في
الانقلاب ، و تآمروا على بعضهم
البعض ، و تفرقوا شيعاً و جماعات
شتى ؛ حسمت بينهم الدبابات و
المؤامرات ؛ و المكائد و
الانقلابات ؛ و الدماء و
المعتقلات ..
- في
بلد جُعل فيه حزب الثوريين
الانقلابيين هو النظام و مركز
الدولة المقدس ؛ و من يرفض
الدوران في فلكه فهو خائن و خارج
عن الوطنية و يجب سحقه أو نفيه و
نبذه ...
- في
بلد استغلّ فيه بعض الضباط
الطائفيين الموتورين الحاقدين
هذا الحزب المقدس ليتسلقوا على
أكتافه و يصلوا إلى السلطة
المطلقة بعد أن سحقوا كل رفاقهم
الانقلابيين من الطوائف و
العشائر الأخرى التي تشكل نسيج
الوطن المتشابك و المتناسق ...
-
في بلد سقطت فيه هضبة
الجولان المنيعة و جبل الشيخ
الباسق بأيدي أعداء الوطن دون
قتال ؛ و أعلن فيه وزير الدفاع
سقوط مدينة القنيطرة – عاصمة
الجولان المكلوم – قبل وصول أول
جندي صهيوني إليها بأكثر من 24
ساعة !! ؛ فكوفئ هذا الوزير –
عوضاً عن أن يحاكم عسكرياً أو
يعزل و ذلك أضعف الإيمان – و
أصبح رئيساً مؤلهاً و قائداً
وحيداً و بطلاً للصمود و التصدي
؛ و أعلن الرفاق الثوريون بعد
هذه الهزيمة المنكرة – و بكل
وقاحة – أنهم انتصروا ؛ لأن
العدو لم يستطع أن ينال منهم ؛
لأنهم هم فقط الوطن بكل ما فيه
فإن سلموا سلم الوطن و لو ضاع
الوطن بمن فيه . ..
- في
بلد يُسمّى انقلاب الرفيق على
بقية رفاقه العسكريين حركة
تصحيحية ؛ و يضع فيه القائد
المؤلّه الجديد رفاق دربه و
رؤساءه الذين قاموا بالثورة
المجيدة !! ؛ و أوصلوه إلى السلطة
المطلقة في السجون حتى الموت ؛
أو يتركهم مشتتين في المنافي و
يغلق في وجوههم طرق العودة
للوطن ؛ و يرسل عصاباته
لاغتيالهم في بلاد الغربة ؛ فلا
حياة في هذا البلد إلا للقائد
الأسطورة و رعاعه المطيعين ..
- في
بلد يُفصّل فيه هذا القائد
الأسطورة الدستور على مقاسه ؛
ليصبح هو الدولة و الدولة هو ؛
بيده الأمر كله ؛ و كل من عداه
يجب أن يخضع لهذه القاعدة
الوحيدة ؛ و يخدم هذا القائد
الأوحد ..
- في
بلد لا وجود لأي معارضة فيه!! ؛
لأن من يعارض أو يفكر في
المعارضة فهو مفقود مفقود ..
مفقود..
- في
بلد يصبح النشيد الوطني فيه
الذي يردده – صباح مساء - الطلاب
و العسكر و العمال و الفلاحون و
المثقفون و الجهلة و أعضاء
النقابات و الجمعيات و النساء و
الشيوخ و الطلائع و الشبيبة و
الأحياء و الأموات و صغار
الكسبة و كبار الهوامير : ""
قائدنا إلى الأبد ؛ الرئيس
الواحد الأحد "" ..
-
في بلد تُدمّر فيه الوحدات
العسكرية الخاصة المدن فوق
أهلها الآمنين ؛ و تُستباح تلك
المدن أشهراً لعناصر مجرمة ؛
تُقتّل شيوخها و نساءها و
أطفالها و شبابها ؛ و تغتصب
حرائرها ؛ و تسرق آثارها و
كنوزها و أموالها ؛ بصورة
إرهابية همجية لا شبيه لها إلا
في عهود الظلام البائدة ..
- في
بلد يُساق فيها الشباب إلى
المعتقلات الصحراوية ليُعزلوا
عن أهلهم الذين لا يزالون
ينتظرون عودتهم منذ عقود ؛ و
يتعرضوا هناك لأشد أنواع
التعذيب الجسدي و أبشع الإهانات
النفسية بحقد طائفي بغيض ؛ و
لسنوات و عقود طويلة ؛ قبل أن
يعدموا و يدفنوا في الصحراء
بمقابر جماعية ..
- في
بلد تقتحم فيه القوات الخاصة و
سرايا السلطة الحاقدة ليلاً
السجون و المعتقلات الصحراوية
لتصفي من فيها من المعتقلين
الأمنيين النائمين داخل
معتقلاتهم بالرصاص و القنابل في
مجازر جماعية رهيبة ..
- في
بلد يُقعّد فيه القائد الملهم
القوانين الاستئصالية ؛ فيصبح
إعدام المعارضين له بالرأي
قانوناً و قضاء و عدلاً بموجب
الدستور ؛ و يُصفّى بموجبه
المعارضون جميعاً و بأثر رجعي
بشكل لا شبيه له في التاريخ
الإنساني و لا مثيل له في قوانين
الأرض الحالية ..
- في
بلد يُسلّط فيه القائد الملهم
عصابات المخابرات العديدة على
مواطنيه بموجب القانون !! ؛
فيسرحون و يمرحون فيه دون حسيب
أو رقيب ؛ حتى أضحى الرجل يخاف
على نفسه من أبيه و أخيه و
صاحبته و بنيه و أقرب الناس إليه
..
- في
بلد يُخوّن فيه البطل ؛ و يُقتل
الشريف ؛ و يتكلم الرويبضة ؛ و
يُأمّر السفيه ؛ و يُأسّد الهر ؛
و يُوزّر الحرامي ؛ و يتسلط
الوضيع ؛ و تصبح السرقة مغنماً ؛
و الرشوة مغرماً ؛ و الكذب أمانة
؛ و الأمانة خيانة ؛ و الأخلاق
مذمّة ؛ و الفضيلة دروشة ؛ و
الفساد نظاماً ؛ و الخوف ثقافة ؛
و الإعلام مصادراً ؛ و الوحدة
شرذمة ؛ و الحرية سجوناً ؛ و
الاشتراكية تمايزاً و طبقية و
غناء سلطوياً فاحشاً و فقراً
شعبياً مدقعاً ...
- في
بلد يصبح الحكم فيه حصراً على آل
الحاكم ؛ و الجمهورية وراثة ؛ و
يُعّدل الدستور خلال خمس دقائق
ليصبح على مقاس ابن القائد
الخالد ؛ الذي كُوفئ مرة ثانية
ببقائه قائداً للأبد ؛ و مرة
ثالثة باختيار ولده الشاب
قائداً من بعده ليتابع مسيرة
التحديث و التطوير في نهب ما بقي
من الوطن حتى الثمالة و إلى
الأبد ..
- في
بلد يَعد فيه الرئيس في خطاب
القسم جملة وعود فيها أبسط حقوق
المواطن ؛ فيتناسى الشعب الطيب
مآسيه ؛ و يضغط على جراحه ؛ و
يسامح جلاديه ؛ و يبدي استعداده
أن يقف مع الرئيس الشاب من أجل
الوطن ؛ و تمضي السنون السبع
العجاف بطيئة قاسية ؛ دون أن يفي
الرئيس الجديد بأي مما وعد به ؛
بل يُصر على استغبائه و
استخفافه بشعبه المخلص ..
- في
بلد يتابع فيه القائد الابن
تدمير ما بقي من الوطن باسم
التحديث و التطوير و الممانعة ؛
و يصبح الوطن شركة يخدم فيها
أبناء الوطن عند آل القائد و
أخوال آل القائد و أعمام آل
القائد و أصهار آل القائد
الملهم ..
- في
بلد يتابع فيه القائد الملهم
ابن القائد الخالد قهر
المواطنين و قتلهم و سحقهم ؛
فيسلط مخابراته و عسكره على
شريحة رئيسية من أبناء الوطن
لتسحقها في القامشلي و عفرين و
غيرها من المدن و المناطق و يمنع
عن قسم منهم جنسية الوطن رغم
أنهم ولدوا في ربوعه الطيبة ؛ و
ترعرعوا تحت سمائه الخيرة ؛ و
استنشقوا هواءه النظيف ؛ و
لسعتهم شمسه الدافئة ؛ و لم
يشربوا إلا من مياهه الطاهرة ؛
بينما يهب هذه الجنسية للوافدين
الجدد الآخرين
بغير وجه حق ..
- في
بلد يدّعي قائده حرصه على
السيادة الوطنية ؛ فيسلم ملفات
معارضيه الذين شتتهم في بلاد
الله الواسعة للمخابرات
الأمريكية بعد أن يفتري عليهم و
يَدّعي أنهم إرهابيون يستحقون
القتل أو على الأقل يجب عزلهم في
غوانتينامو أو أبو غريب ...
- في
بلد يدعي الصمود و التصدي و
المقاومة و الممانعة و تمام
الرجولة ؛ و يغلق حدوده مع العدو
المحتل لقطعة غالية من أرض
الوطن عقوداً طويلة ؛ و يمنع حتى
الطير من الوصول لتلك الحدود ؛ و
يعتقل و يعذب و يصفي من يحاول
قتال العدو ، و يتذلل للعدو و
يرسل له الرسائل المتتالية
ليرضى عنه و يطلب منه أن يجرّبه
ليجد ما يسره ، و يفاوضه سراً ، و
يمنع أي اتصال أو مفاوضة مع
أبناء وطنه المعارضين ؛ و
يتنازل عن أجزاء غالية من الوطن
باسم الوطنية ، و يقف مع أعداء
الأمة ضد أبنائها باسم القومية
، و يسلم المعارضين العرب
الأهوازيين للفرس المحتلين
ليعدموهم باسم العروبة ..
- في
بلد يصدر الإرهاب إلى جيرانه ؛ و
يقتل و يفجر و يغتال و يمارس
هواياته الإجرامية هناك ؛ و
يدعم مظاهرات المعارضة و يدعوا
إلى حكومة وحدة وطنية في لبنان ؛
و إلى مشاركة كل الأطراف في
العملية السياسية في العراق ؛
بينما يعتقل و يهاجم و ينكّل
بالمعتصمين في دمشق ؛ و يماطل
بإصدار قانون للأحزاب ؛ و يرفض
أن ينازع الحزب القائد أحداً
بموجب الدستور ؛ و يضع خطوطاً
حمراء عامودية تُقسّم أبناء
الوطن حسب انتماءاتهم الطائفية
و الحزبية و الفكرية بشكل سافر و
مفضوح ؛ فالمشاركة و الحريات و
المظاهرات و الاعتراضات و
الوحدة الوطنية مطلوبة
لجيراننا و حرام علينا ( حرام
على بلابله الدوح ** حلالٌ للطير
من كل جنس ) ..
- في
بلد لا زالت تُحرّم فيه
الانتخابات التعددية ؛ و لا زال
الرئيس فيه يفوز بالاستفتاءات
الصورية ؛ و بنسبة الخمس تسعات
المحددة سلفاً ؛ و يفوز فيه
أعضاء مجلس الشعب بالتزكية و
التعين ؛ من قبل فروع الأمن و
المخابرات ...
- في
بلد يحتاج فيه المسافر و الموظف
و من يريد أن يفتح محلاً - صغيراً
أو كبيراً- و الراغب بالزواج أو
الطلاق و التاجر و الصناعي و
المزارع و الطالب و البائع و
الشاري و المؤجر و المستأجر و
الراهن و المسترهن ... لموافقة
أمنية مسبقة ؛ و يخضع المواطنون
جميعاً لاستفزازات و ابتزازات و
ضغوطات و مساومات يومية من
عصابات المخابرات العديدة و
المتشعبة ، و التي أعدت ملفاً
أمنياً مكتنزاً لكن مواطن ، و
يعلم الجميع أن الدولة تدار في
الغرف المظلمة ؛ و أن السلطة
العليا في هذه الدولة للمخابرات
؛ و التي تسيطر على كافة شؤون
الحياة ؛ و تخضع لسلطتها كل
السلطات التشريعية و التنفيذية
و القضائية و السياسية ؛
فالدولة هي دولة المخابرات
بامتياز ..
- في
هذا البلد العزيز الغالي ؛ رغم
كل الظلم و الكبت و الجور و
الظلام ؛ يتبجح رئيسه القائد
الملهم من جديد ؛ في لقاءاته
الصحفية المتكررة و آخرها مع
صحيفة الجزيرة السعودية فيقول :
" الأمن أولاً "
في دولة الأسد ؛ دولة فروع
المخابرات التي تزيد بأعدادها
عن أضعاف عدد الجامعات ؛ دولة
الطوارئ و الأحكام العرفية
المؤبدة ؛ دولة القهر و السجون و
المعتقلات ، نعم أيها القائد
الملهم الشاب المثقف الطبيب ،
لقد صدقت هذه المرة رغم أنك لم
تأتِ بجديد ، و لكن ليتك أكملت
الجملة ، حتى يُفهم المعنى ، و
تتضح الصورة ، و تبدو الحقيقة
المرة التي لا يزال يجهلها أو
يتجاهلها بعض المخدوعين و
المغفّلين و قصيري البصر و
عميّان البصيرة ، ليتك قلت إذاً
: ] الأمن أولاً و آخراً [ في
جملكية أسدستان الشمولية ..
و لله
در القائل :
لا
تعجبوا للغادر ابن الغادر ** ورث
الخيانة كابراً
عن كابرِ
لا
تصبروا حتى يبيع بلادكم ** و
يبيعكم فيها كألأم
تاجــرِ
فالعجز:لا
صبر ولا حلم ولا ** يأتي لصاحبه
بأجر الصابـرِ
ثوروا
بصدق ثورة هدّارة **كي تعصفوا
بالصامد ابن الثائر!!
إن
احتمال الذل ذل فاضح
** فتحركوا
.. و الله أكرم ناصرِ
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|