ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 01/04/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

انتخابات الأنظمة الديكتاتورية ليست مسرحيات

بلال داود*

تصر الأنظمة الشمولية ، وما كان في حكمها من دول ديكتاتورية متنكرة ببرقع الديموقراطية ، على إجراء الانتخابات  النيابية في موعدها المقرر ، وتحشد له إعلاما حكوميا ضخما ، وتروج لحملات مرشحيها الدعائية على كل الأصعدة المحلية ، فإذا مررت بحي بسيط من أحياء أي مدينة أو بلدة أو قرية ، وجدت آلاف الصور والإعلانات والدعايات للمرشحين المقرر نجاحهم مسبقا ، ورأيت أفراد الحزب الحاكم منهمكين بالمرور إلى البيوت والمحلات والمصانع والمزارع والغابات والكهوف والشطآن ورؤوس الجبال ، يذكرون الناس بيوم الانتخاب ، و كأنهم يذكرون بيوم الحساب ، ويذكرونهم بمرشح الحزب الحاكم في منطقتهم ، و يسوقون له ، ويزينون أخلاقه وسلوكه وتصرفاته ( حيث لا برنامج له)، حتى يخال المراقب ، أن الحزب الحاكم يخشى من الهزيمة في هذه الانتخابات ، مع العلم أنها محسومة سلفا بحكم الدستور في بعض البلدان  ، و بحكم البلطجة في بلدان أخرى ، وبحكم البوليس في غيرها ، وأحيانا تجتمع كل هذه ( الحكميات ) في بلد واحد ، والجميع يعلم مسبقا من هو الفائز ، وكذلك الاستفتاءات التي تجري على الولاية التالية للرئيس، الذي ينافس نفسه للمرة (؟؟؟؟) التي لا يوقف  عدّادَها إلا الموت ، على غرار ما حصل في سوريا الأسد ومصر الناصرية  ، أو ما هو متوقع في ليبيا و مصر الحديثة وتونس وغيرها ، أو  انقلاب عسكري على غرار موريتانيا ، أو بالطريقة الحديثة جدا  ، وهي الاجتياح العسكري الخارجي ، على غرار ما حدث في العراق ، وما يمكن أن يحدث في بلدان أخرى مثل السودان ...

وقد لفت انتباهي المقابلات التلفزيونية التي أجرتها معظم المحطات الفضائية ، مع شخصيات سياسية معارضة ، أو مواطنين عاديين في الشارع ، قبيل الاستفتاء الأخير على تعديل بعض فقرات الدستور في مصر ، ففي معظم هذه المقابلات ، تجد أن المواطن يحمل كمّاً لا حدود له من الانتقادات والمعارضة  لما هو مطروح على الاستفتاء ، وللحزب الحاكم و منهجه وبرامجه وديكتاتوريته ،  وعندما يسأله الصحفي في نهاية المقابلة ، عن توقعاته حول النتيجة ، يجيب ببساطة  ...، أنه يتوقع فوز هذا التعديل المقترح في الاستفتاء!!!..

نظرة متأنية في هذه المقابلات التلفزيونية التي جرت ، وفي نتيجة الاستفتاء الذي حصل ، تقود إلى الإجابة ،  عن  مغزى إجراء انتخابات نيابية مسبقة النتيجة ، وعن حكمة تكرار الاستفتاء على شخص الرئيس الأوحد ، أو القائد إلى الأبد ،  فالمطلوب هو وصول المواطن ، إلى اليأس الكامل من أي تغيير أو تعديل أو تصحيح ، على غرار ما حصل لأشقائنا المصريين .

الانتخابات النيابية ، والاستفتاءات المتكررة على ولاية الرئيس التالية ، ليست مجرد مسرحيات هزلية كما يصورها كثير من النقاد ، سواء كانوا  من قيادات الجماعات و الأحزاب المعارضة ، أو كتابهم أو ناشطي منظمات المجتمع المدني  ، أو المواطنين العاديين ، بل هي عمل ممنهج جاد ، يراد منه  غرس اليأس في نفس المواطن ، لينمو شيئا فشيئا ، حتى يصبح ثمرة كاملة النضج لاستعباده من الأعماق ، فيسهل قياده بالاتجاه الذي تريده تلك الأنظمة ، دون حاجة  إلى التدخل  بجبروتها وعساكرها .

وما هذه الانتخابات والاستفتاءات مسبقة النتائج ، إلا حلقة في سلسلة طويلة من منهج الاستعباد والإذلال ، بداية بأزمة الخبز المفتعلة ، التي جعلتنا نقف أمام المخابز ساعات طوالا  كل صباح ، لنحصل في النهاية على بضعة أرغفة ، ومرورا بالجمعيات الاستهلاكية وتحديد كمية الرز والسكر والزيت والصابون ، المسموح  للمواطن استهلاكها في الشهر الواحد ، في حين تتوفر المشروبات الكحولية بالبراميل بدون بطاقة تموينية ، حتى تجد أن حرص المواطن على بطاقته التموينية، أكثر من حرصه على هويته ، وصولا إلى إلزام العساكر وموظفي الدولة ، بالمشاركة في الانتخابات تحت إشراف رؤسائهم  ... وتكميم أفواه الناقدين ، وإلباس المعارضين طاقية الإخفاء ... و إخفاء الصناديق الأصلية  ، ثم إظهارها على طريقة الساحر الذي يدخل الأرنب في القبعة ، ليخرجه حمامة ترفرف بجناحيها ، كل هذا وأمثاله ، برامج جادة مدروسة ، لتصل بالمواطن في نهاية نفق القهر   الذي يساق فيه مطأطأ الرأس ، إلى أن يعمل بالتحريك الذاتي ، فينفذ  ما تريده هذه الأنظمة الديكتاتورية ، طوعا قبل أن يطلب منه ذلك دون نقاش أو تفكير .

أحزاب المعارضة و شخصياتها المستقلة والكتاب والمفكرون والمواطنون الأحرار ، مطالبون بالكف عن النظر إلى انتخابات الأنظمة الشمولية الديكتاتورية ، على أنها مجرد مسرحيات هزلية ، وأن يفكروا  في مشروع  وطني فكري جاد يعيد الثقة للمواطن بنفسه ، و بقدرته على التغيير ، و أن تتحول عن سلبيتها  في مقاطعة الانتخابات و الاستفتاءات ، فالمقاطعة لا تجدي فتيلا ، حيث لا تنص الدساتير المعروفة على بطلان الانتخابات أو الاستفتاءات ، مهما تدنت  نسبة المنتخبين أو المقترعين  .

العمل الإيجابي من وجهة نظري ، يكمن في المشاركة بزخم شديد ، و أن يتم دعم واختيار الأفضل بين المرشحين المستقلين أو مرشحي المعارضة ( إن سمح لهم) ، و إقناع المواطن بأهمية صوته الرافض للخطأ ، الرافض للديكتاتورية ، الرافض للعبودية ، وأن عليه أن يشارك في الانتخابات ، ليختار الأفضل بين المرشحين ، فإن لم يجد الأفضل فمن المناسب أن يختار الأقل سوءا ، وأن يُقبل بجرأة على الاستفتاء ، فيقول كلمته في إعادة تنصيب الرئيس ، ليبرأ إلى الله ، ثم الأجيال القادمة ، أنه بذل الجهد المستطاع في التغيير السلمي  نحو الأفضل.

*كاتب سوري مستقل

Arcan48@yahoo.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ