ــ
مزيدا
من الوعي – ياشعبنا
غسّان النجّار*
لا أدري لماذا شعرت بالزهو
ينتابني وأنا أراقب وأستمع إلى
المناظرة التي تمت بين السيدين
ولد عبد الله و ولد دادا قائلا
في نفسي : الآن بدأ العرب
مسيرتهم الحضارية ، مسيرة
الديمقراطية ، فمسيرة الألف ميل
تبدأ من الميل الواحد ، 0
نعم لاضرر ولا ضرار أن تكون
موريتانيه البلد الصغير بنفوسه
، السبّاقة في هذا المضمار ،
وتكون قدوة لنا ، فتحية إكبار
وإجلال للعقيد : ولد فال 0
أين نحن في سورية ، البلد الّذي
بدأ بمسيرة الديمقراطية في وقت
مبكّر وحتى قبيل الاستقلال عام
ست وأربعين وتسعمائة وألف ، لقد
تابعت سورية مسيرتها
الديمقراطية إلى أن انتكست
بمغامرات العسكر ، وها نحن منذ
الثامن من آذار لعام ثلاث وستين
ولغاية تاريخه نلتفت هاهنا أو
هناك لنشم عبق الديمقراطية التي
تفوح أحيانا من جيراننا ولو
نسمات ، لعلّنا نستنشق قليلا
هذا النسيم 0
هل أحلم – أنا – عندما أتصوّر
أنّه من الممكن في الاستحقاق
الرئاسي القادم ، أن يجلس
الرئيس بشّار الأسد على كرسيّ
قبالة منافس آخر على كرسي
الرئاسة في مناظرة شاملة أمام
الشعب على الشاشة الصغيرة ،
ليقدّم كل منهما برنامجه
الرئاسي 0
هل في هذا الطرح استهانة بالرئيس
بشّار أم هو مديح له ، بل هو كذلك
، فهو الرجل المثقّف الّذي عايش
جزءا من حياة الغرب – أيّام
الدراسة – يدرك تماما أنّ هذا
الطرح هي الحضارة بعينها 0
قد يتفوّق الرئيس بشّار على
منافسه في المناظرة ولا ضير في
ذلك ، فانّ العملية في حد ذاتها
هي الرقي والمدنية ، وسأشعر
باحترام زائد لهذا الرجل –
الرئيس – حين يحصل على ثلاث
وخمسين بالمائة من أصوات
الناخبين في انتخابات حرّة
نزيهة مقابل سبع وأربعين
بالمائة لمنافسه ، فانّ هذه
النسبة هي في نظري أغلى وأعظم من
نسبة الخمس تسعات في استفتاءات
صورية لاتسمن ولا تغني من جوع
،وعندها سأكون أوّل من يبايعه ،
فخيار الشعب عندي هو المقدّس
ولن تجتمع الأمة على ضلالة
مصداقا لقول النبي محمّد (ص)0
هل أخوض في المقدّس، المحرّم لدى
النظام عندما أتمنى على الرئيس
– أي رئيس – أن يحصل على كرسي
الرئاسة ب ( زنده ) ب ( قيمه )
بمكاسب حقيقية يقدّمها لشعبه 0
هل يمكن أن يكون البشر – المخلوق
– الّذي يخطئ ويصيب هو مقدّس
يحرم الحديث عنه إلا بعبارات
التأليه ك ( الأوحد ) والمعصوم ك (
الملهم ) و الخالد ( إلى الأبد ) 0
إن العلّة ليست في شخص الرئيس ،
ولكنّ العلّة الأساسية هي في
البطانة ، في الحاشية ، في
المنافقين ، الّتي تنشر ثقافة
الخط الأحمر ( موقع الرئاسة ) ،
العلّة في الأنظمة والتشريعات
الّتي تتيح لشخص أن يقعد على
كرسي الرئاسة إلى ما شاء الله 0
العلّة في نظام مجلس الشعب الّذي
لا يتيح له الدستور أن يسائل
الرئيس ولا أن يردّ له مشروع
مرسوم ولا قانون ، العلّة في
المادة الثامنة من الدستور التي
تنص أن حزب البعث هو الحزب
القائد في المجتمع والدولة ،
هل أنّ حزب البعث هو حائز على ثقة
الشعب أصلا حتّى يكون مادّة
ثابتة في الدستور ؟؟ ألا يمكن أن
يغيّر الشعب قناعته – مع تغيّر
قادته والقائمين عليه ؟ حتى لو
افترضنا جدلا أنه حاز على ثقة
الشعب مرة واحدة ، فكيف يمكن أن
تثبّت هكذا مادّة في دستور ؟؟
نحن الآن أمام استحقاق نيابي
ورئاسي هو في اسلوبه وطريقته
الحالية يجانب كل معايير
الديمقراطية ، فثلثي مجلس الشعب
يجب أن يكونوا من الحزب والجبهة
حتى أنّ الثلث الباقي الّذي
لاحول له ولا قوّة تتدخّل
الدولة في اختيارهم أيضا ! !
لقد صرّح المسئولون أنّ هذه
الانتخابات ستكون أنزه
انتخابات مرّت على هذا البلد ،
فهل نتوقع هذا فعلا ؟؟!
بلغني أنّ أفرادا قلائل أكفّاء
ومثقفين ونظيفين في مدينة حلب
لهم رصيد شعبي اجتهدوا في ترشيح
أنفسهم لهذا الاستحقاق النيابي
ضمن قائمة واحدة ، يحدوهم الأمل
أن يخدموا البلد في شتى
المجالات ، وهم يريدون أن يضعوا
السلطة والأجهزة الإدارية على
المحك في التزام النزاهة
والحياد ، وهذا ما ستكشف عنه
الأيام القادمة!
نحن لا ننتظر منهم أداء كبيرا في
مجلس الشعب فهم أقليّة في خضم
المجلس المختار ، ولكن لئن
ارتفع صوت واحد حرّ غير تابع خير
من لاشيء ، ولأن تشعل شمعة خير
لك من أن تسب الظلام وان كان هذا
لايعطي شرعية ومصداقية للنظام
بأكمله 0
أيّها الشباب ! نحن نعيش خريف
أعمارنا ونريد أن نسلّمكم
الأمانة التي عجزت عنها السموات
والأرض والجبال فلا تكونوا
تابعين ، ولا تغيبوا عن هموم
شعبكم ، تصدّروا العمل الإصلاحي
بكل مسؤولياته ، سلاحكم هو
عزيمتكم القوية وإرادتكم
الحرّة وقل اعملوا فسيرى الله
عملكم ورسوله والمؤمنون ، وصدق
الله العظيم:
" فلولا كان من القرون من قبلكم
أولو بقية ينهون عن الفساد في
الأرض، إلا قليلا ممن أنجينا
منهم ، واتّبع الّذين ظلموا ما
أترفوا فيه وكانوا مجرمين "
هود116
ما أريد إلا الإصلاح – ما استطعت
– وما توفيقي إلا بالله عليه
توكلت واليه أنيب 0
*
إسلامي – نقابي
Ghassan-najjar@maktoob.com
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|