ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 05/04/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

التطرف والإرهاب المفترى عليهما

الطاهر إبراهيم*

إذا كان يمكن لنا أن نؤرخ لفترة القطب الدولي الواحد في اليوم الأول لانهيار جدار برلين، ثم تفكك الاتحاد السوفياتي بعد ذلك في أواخر عام 1991، فإن أول ما يتبادر للذهن أنها فترة "تزوير" المصطلحات وتحميلها معاني فوق ما تحتمل.

وإذا كانت الحرب التي شنها الاتحاد السوفياتي في أفغانستان وما فعلته واشنطن من تسريب السلاح للمجاهدين الأفغان كان البداية التي أدت إلى تفويض الأمور إلى القطب الواحد، فإن مؤتمر مدريد الذي انعقد بداية عام 1992 كان المبرر الذي أرادته واشنطن لنزع الشرعية عن حركات المقاومة الفلسطينية واعتبارها جماعات متطرفة ثم إرهابية. بل لم يعد ما يميز بين المعتدلين والمتطرفين إلا بمقدار ما تزعمه الإدارة الأمريكية حول الأفراد والجماعات والحكومات بحيث تنقلهم تلك الإدارة من جهة الاعتدال إلى جهة التطرف وبالعكس، كل ما أرادت، وخدم ذلك مصالحها. وهكذا بدأنا نسمع في عالمنا العربي والإسلامي عن متطرفين ومعتدلين ما كنا لنسمع بهم قبل مؤتمر مدريد.

لقد اضطرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى الانتقال عام 1974 بكامل هيئتها إلى جنيف لعقد جلسة تستمع فيها إلى الراحل ياسر عرفات بعد أن رفضت واشنطن أن تمنحه تأشيرة "فيزا" دخول إلى الولايات المتحدة بحجة أنه كان يدعو لإزالة إسرائيل. ثم عشنا بعد ذلك لنجد واشنطن تقف بقوة وراء منح عرفات جائزة "نوبل" للسلام بعد أن وقع اتفاقات "أوسلو" التي قضت بالاعتراف بإسرائيل. ولم يمض إلا سنوات قليلة حتى رأينا الرئيس الأمريكي "جورج w بوش" يقف مع "إرييل شارون" في "الحجر" على عرفات في مبنى "المقاطعة" في "رام الله" بعد تأييده الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ليبقى بعد ذلك في محبسه لا يخرج منه إلا بعد أن شارف على الهلاك في مرضه الأخير، ثم لينقل بعدها إلى باريس حيث وافاه الأجل .وهكذا فإن ياسر عرفات مثال صارخ ينضح بالعنجهية وقلة الأدب التي تتعامل بها القوى العظمى مع المجتمعات التي ترفض إملاءات تلك القوى.

واشنطن التي أرسلت جيشا احتلت به العراق لتقيم فيه ديمقراطية مزعومة، ادعت أنه حرم منها في عهد صدام حسين، هي نفسها التي رفضت خيار الشعب الفلسطيني الذي صوت لحماس في خياره الديموقراطي، وزعمت بأنها حركة إرهابية. واشنطن لا تكيل بمكيالين فحسب، بل تصر على تزوير المفاهيم لتتفق مع مفاهيمها المغلوطة، كما فعل وزير دفاعها "رمسفيلد" وهو يرحب بالتخريب الذي حل ببغداد بعد الاحتلال على أنه وجه آخر للحرية.

على أن عجائب ساسة واشنطن لا تنقضي خصوصا في عهد إدارة الرئيس "بوش". فهي إذ وصلت إلى طريق مسدود مع قادة "القاعدة"، فقد بدأت بملاحقة قادة الفكر الإسلامي بتهمة الإرهاب ،كما حصل مع الداعية اليمني الشيخ "عبد المجيد الزنداني" عندما اتهمته أنه يشجع التطرف والإرهاب ضد واشنطن في اليمن وخارجها. ولا يستغرب أحد أن تلجأ إلى خطفه ومحاكمته، فهي تمارس شريعة الغاب ضد خصومها أينما كانوا.

لم تكن واشنطن الوحيدة التي جعلت من التطرف والإرهاب سلعة يمكن أن تستثمرها أو أن تبيعها في سوق الأخذ والعطاء. فقد وجدت هذه السلعة من يهتم بها بيعا وشراء في سوق ليس فيها من يرحم ضعف الضعيف إلا بمقدار ما يدعم مركزه في شريعة الغاب.

ففي سعيها لإرضاء واشنطن -خوفا أو استرضاء- التقطت بعض الأنظمة العربية الفكرة ، وحاولت أن تركب الموجة بما يجعلها تساير الخط الذي تنتهجه إدارة بوش في محاربتها –المزعومة- للإرهاب، وسلكت في ذلك طرقا مختلفة ما يجعلها تحظى باستحسان واشنطن أو يجنبها غضبها على الأقل.

ولأن كبح جماح الإسلاميين أو تحجيمهم هو مطلبٌ رئيسٌ لإدارة بوش، فقد رأينا النظام في مصر يشن هجوما على الإخوان المسلمين زاعما أنهم يهددون الاستقرار الوطني. وقد اتخذ من حفلة الاستعراض الرياضي التي قام بها بعض الطلبة في ساحة جامعة الأزهر أنموذجا لما أسماه التخطيط الانقلابي الذي يسعى إليه الإخوان للاستيلاء على الحكم. 

أنظمة أخرى نظرت للأمر من منظور آخر يناسب وضعها الإقليمي والدولي ويبرر ماتقوم به من قمع شعبها. لذلك وجدناها تزعم أنها مستهدفة من قبل التطرف والإرهاب الذي تمثله منظمات ترفع رايات أصولية. فهي بين الحين والآخر تخرج علينا بأخبار تزعم فيها بأنها ألقت القبض أو قتلت أفرادا ينتمون لجماعة أصولية لم يكن أحد يسمع بها من قبل. أو وأن هذه المنظمات تشكل تهديدا لأمنها الوطني، ما حتم عليها أن تقمعها بشدة. وربما زعمت أن أجهزتها الأمنية تنشط في ملاحقة وتفكيك منظمات متطرفة كانت تريد أن تتخذ من أرضيها مقرا أو ممرا للالتحاق بتنظيمات إرهابية متطرفة مثل تنظيم القاعدة. وهي بذلك تحاول أن "تبيض" صفحتها عند واشنطن التي ما فتئت تتهمها بالإرهاب.

يبقى أن نقول إن التطرف والإرهاب أصبحا "قميص عثمان" ترفعه واشنطن في وجه أنظمة ترفض الانصياع لها. كما تلوّح به أنظمة أخرى تحاول أن تثبت لواشنطن أنها مثلها ضحيةٌ للإرهاب الأصولي، وأن على واشنطن أن تغمض العين عنها لتنظف الساحة من الإرهاب،

حتى لقد أصبح التطرف والإرهاب مشجبا يعلق عليه الجميع أخطاءهم.

وهكذا: فبين إرهابٍ تزعم واشنطن أنها تحاربه، وأنظمةٍ تدعي أنها ضحية لإرهاب أصولي يستهدفها لابد من أن تحظى بالدعم في حربه، فقد أهدرت مقدرات الأوطان وانتهكت حرية المواطنين، وأصبحنا كرة تتقاذفها أرجل اللاعبين الكبار والصغار. وما كان أغنانا عن كل ذلك لو أن الأنظمة – حتى التي جاءت إلى الحكم بانقلاب- اصطلحت مع شعوبها. أم أنه الثمن الذي ينبغي أن تدفعه تلك الأنظمة من حسابنا إلى حساب اللاعبين الكبار، لتبقى لها كراسيها، حتى ولو كان من بعد تلك الكراسي الطوفان!؟    

*كاتب سوري

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ