ــ
زيارة
بيلوسي وآمال الخائبين في عاصمة
الأمويين
إبراهيم درويش
info@syriakurds.com
عندما نتذكر الأمويين وعاصمتهم
دمشق نتذكر العز والمجد
والحضارة والمُلك الذي لم تغب
عنه الشمس،فيصيبنا الألم من
زوال هذا المُلك،ويزداد هذا
الألم عندما نعرج على وقتنا
الحاضر وما آل إليه وضع الأمة
والشعب والوطن،وكيف صاروا في
الحضيض بفعل حكام ليسوا أهلاً
لتسلّم زمام الأمور،لا سيّما في
عاصمة الأمويين،همّهم الوحيد
النهب والسلب والسيطرة وتكديس
أموال الشعب في البنوك الأجنبية
لحسابهم الخاص،وخدمة المصالح
الاستعمارية المرتبطة ببقائهم
في سدة الحكم.
وفي
هذه الأيام،التي يجد حكام دمشق
أنفسهم شبه مخنوقين بفعل
حماقاتهم وطغيانهم تجاه أبناء
شعبهم والأشقاء في لبنان
والعراق وفلسطين...،نراهم
يصفقون ويهللون لكل زائر لدمشق،
،وكأنهم أحرزوا الفتح
المبين،أو أن الحصار المفروض
عليهم قد زال وإلى الأبد!! وإن
كان الزائر يحمل في إحدى يديه
السوط وفي الأخرى حزمة
أوراق،يظنّها هؤلاء الحكام
للوهلة الأولى، لفرط خيالهم
المريض،صكوك براءة لهم من
جرائمهم، فترى أبواقهم الرخيصة
تفلسف الأمور وتشطح بخيالاتها
المريضة مشرّقة ومغرّبة!!
وفي
هذا السياق يمكن لنا أن نقرأ
الحملات الإعلامية التي رافقت
زيارة رئيسة مجلس النواب
الأمريكي نانسي بيلوسي والوفد
المرافق لها لدمشق،إذ صوّر
الإعلام السوري الرسمي الزيارة
بأنها إخفاق للحصار الغربي على
نظام دمشق،واعتراف غربي بدور
ساسة دمشق المراهقين،وفشل
أمريكي في منطقة الشرق
الأوسط،وبداية تصدّع الجبهة
المعادية لنظام الصمود والتصدي
والممانعة الحاكم في عاصمة
الأمويين!!وما درى أولئك السذّج
المراهقون الخائبون أن الغرب
الاستعماريّ يلجأ لأساليب عدّة
للوصول لهدف معين؛فهناك فريق
يلوّح بسياسة العصا "بوش
وفريقه"،وفريق يلوّح بسياسة
الجزرة " بيلوسي ودول في
الاتحاد الأوربي"،وبين هذين
الفريقين هناك الفريق الصهيوني
الذي أبلغ الاتحاد الأوربيّ
والإدارة الأمريكية برغبته في
الإبقاء على النظام السوريّ
الحالي (ويا له من شهادة حسن
سلوك )،وهؤلاء الفرقاء الثلاثة
متفقون على هدف واحد هو الوصول
إلى استدراج " الأسد"
الصغير الغرّ الهارب من
القفص،وإعادة ترويضه وتأهيله
والحصول منه على المبتغى.
أما المبتغى فهو استحصال
التنازلات المطلوبة إسرائيلياً
وأمريكياً وأوربياً،دون أن
يترتّب أيّ شيء على المبعوثين
من هذه الجهات.
لقد كانت التصريحات التي تدلي
بها بيلوسي في كل المحطات التي
تتوقف فيها،سواء في الدول التي
زارتها أم في سورية قبل
التقائها المسؤولين السوريين
وبعده،كانت هذه التصريحات كلها
تركّز على النقاط الآتية: كفّ
أيدي النظام السوري عن
لبنان،والتوقّف عن دعم حزب الله
وحماس،وتسهيل مهمة تشكيل
المحكمة الدولية لمحاكمة
المتهمين في اغتيال رئيس وزراء
لبنان الأسبق رفيق
الحريري،ومراقبة الحدود
السورية ـ العراقية، والتوقف عن
إرسال المسلحين المعادين
للاحتلال الأمريكي إلى هذا
البلد،والتوصل مع الكيان
الصهيوني إلى اتفاق سلام
بالمفهوم الإسرائيلي.
بمعنى آخر،لقد كانت مباحثات
بيلوسي في مجملها عبارة عن
إملاءات وطلبات قدّمتها للجانب
السوريّ بقفّازات ناعمة،بعد أن
كانت تُقدَّم من جانب بوش
وجنرالاته بأسلوب فظّ غليظ.فما
الجديد إذن في زيارة
بيلوسي؟ولِمَ هذا الاستبشار
والابتسامات العريضة التي
ارتسمت على وجوه حكام دمشق؟
إنها آمال بائسة تراود مخيلة
الخائبين،ليس أكثر.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|