ــ
ومضات
محرّضة (19) :
سقوط
الحكومات المستبدّة ،
عِبرة
للحكّام الطغاة ، أم للشعوب !؟
عبدالله
القحطاني
•
حين سقط النظام العراقي ،
اتّجه الإعلام العربي ،
بأكثريته ، إلى تحذير الحكّام
الطغاة، من مصير مشابه لمصير
حكّام العراق ، إذا استمرّ
هؤلاء الحكام في تسلطهم
واستبدادهم !
• ثم
تحوّل الأمر ، بعد شهور قليلة ،
في اتجاه معاكس ، فصار التحذير
يوجَّه إلى الشعوب : أن احذري
أيّتها الشعوب المطالبة
بالتغيير والإصلاح ، من مصير
كمصير الشعب العراقي ، الذي بات
يعاني من الويلات ، بعد سقوط
نظام حكمه المستبدّ ، وصار
يترحّم على أيام حكمه
الدكتاتوري السابق ، بسبب ما
يعانيه من مصائب وكوارث ، في
واقعه الراهن !
• فما
السرّ في هذا التحوّل !؟ ومَن
يتحكّم بوسائل الإعلام ،
ويوجّهها ، ويحوّل اتجاهاتها
كما يشاء ، بين حين وآخر!؟
• ولمصلحة
مَن ، جرى تحويل الاتّجاه ، حتى
انتقَـل رعب التغيير، من قلوب
الحكّام، إلى قلوب الشعوب ،
فصار أيّ تفكير بتغيير الحكم
القائم ، في أيّ بلد عربي ، يعني
بالضرورة ، التفكير بتدمير
البلاد ؛ إذ يـُدخلها في دوامّة
الحرب الأهلية ، أو الفوضى
الشاملة ، التي لا يعرف المواطن
فيها ، كيف يقتَل .. ومَن يَقتله
.. ومتى.. وأين.. ولماذا !؟
• هل
يحتاج الأمر إلى ذكاء خارق ، كي
يدرك المراقب العادي ، مَن صاحب
المصلحة في هذا كله !؟ لا نعتقد
ذلك !
• إن
المسألة ، ببساطة ، هي أن أمريكا
، التي توجّه السياسة والإعلام
في بلادنا ، أرادت إعطاء درس
للحكّام ، بأن مصيرهم ليس
بعيداً عن مصير الحكم العراقي ،
إذا لم يعرفوا حدودهم جيداً ،
ويلبّوا الرغبات الأمريكية كما
هي ، دون مناقشة ، أو تردّد، أو
تذمر! وحين حصلت على هذا
الالتزام ، بالقول والفعل ، صار
مِن مصلحتها تثبيت كراسي
الحكّام ، المؤدّبين المطيعين !
فحوّلت الاتّجاه ، وبدأت بإرهاب
الشعوب: احذري أيّتها الشعوب
البائسة ، من مصير كمصير الشعب
العراقي المنكود !
• أمّا
الأساليب والوسائل ، المتّبعة
في إرهاب الشعوب ، فلا تحتاج إلى
مراقبة طويلة، لوسائل الإعلام
العربية ، عامّة ، والوسائل
التي تهيمن عليها السلطات
الحاكمة ، خاصة !
• الحكّام
المستبدّون ، يعرفون الدرس
جيداً ، قبل أن يلقى عليهم !
والذين يعرفونه منهم ويحبّون أن
يـُظهروا نوعاً من البطولة
المجانية الزائدة ، في شتم
أمريكا ، اكتشَفوا أن هذه
البطولة قد تفسَّر تفسيراً يضرّ
بهم في الظروف الراهنة ! إذ قد
يستغلها بعض الساسة الأمريكان ،
بطريقة ماكرة خبيثة ، فيمارسوا
ضغطاً على إدارة بلادهم ، لضرب
هؤلاء الأبطال الخلبيين ..!
فتخلّوا عنها ، وأسلموا مقادير
بلدانهم ، إلى السيد
الإمبراطور، وأولها رقابهم !
بما في ذلك المعدات العسكرية
لأسلحة الدمار الشامل، التي
صُرفت عليها ألوف الملايين من
أموال الشعوب ..! وكفَوا أنفسهم
شرّ المجابهة الخطرة ، حتى لو
جاءت بطولاتهم على سبيل الدلال
، أو على سبيل خداع الشعوب
محلياً ! ومَن رأى العبرة في
غيره فليعتبر! فرأس الذئب
المقطوع ، لا يترك مجالاً
للتأويل ، أو الاجتهاد ، أو
الدلال الزائد عن الحدّ..!
• بعد
أن حفظ الحكام درسهم جيداً ،
والتزموا بقواعد الأدب
والأخلاق .. صار واجباً على
القيصر أن يحميهم ويثـبّت
كراسيهم ، في مواجهة (الهبّات !)
الحالمة ، التي هبّت على الشعوب
، فظنّوا أن الديموقراطية على
الأبواب ، وأن سيّدة
الديموقراطية في العالم ، آتية
إليهم بعسل الديموقراطية
الأمريكي اللذيذ ! فكان لابدّ من
توجيه وسائل الإعلام ، التابعة
لأمريكا وحلفائها ، من أن تدور
حول نفسها مئة وثمانين درجة ،
فتبدأ بإنذار الشعوب ، وإخافتها
من مصير كمصير الشعب العراقي
الجريح ! فصار المتابع لإعلام كل
دولة عربية ، وتصريحات زعمائها
، يسمع في سائر العواصم العربية
، عبارات بعينها ، كأن ثمّة
شريطاً مسجلاً واحداً ، يتردّد
في سائر الإسطوانات ، من مشرق
الوطن العربي إلى مغربه ، ومن
شماله إلى جنوبه :
- الحذرَ
الحذرَ.. إن (العَرقنَة) قادمة
إلى كل شعب يفكّر بتغيير حكّامه
، فهم قدَره الإلهيّ ، والإطاحة
بهم تعني الدمار التامّ للبلاد
والعباد ! وإن في مصير شعب
العراق لَعِبرة ، لمن كان له قلب
، أو ألقى السمع وهو شهيد !
- إن
ضرورة المحافظة على الأمن
الإقليمي العربي ، تقتضي عدم
إسقاط النظام الفلاني !
• تلك
هي المسألة ، ببساطة ! ولتذهب
الشعوب التي لا تحبّ أن تضحي
بشيء في سبيل حريّاتها ومصالحها
ـ حسب فلسفة الرئيس الأمريكي
الأسبق نيكسون ـ
، وإذا أرادت أن تضحّي ، لا
تعرف كيف .. فلتذهب إلى حيث ألقت
رحلَها أمّ قَـشعَم .. على حدّ
قول زهير بن أبي سلمى !
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|