ــ
مباحثات
النظام السوري
في
"الكنيست الإسرائيلي"...
وماذا بعد ؟!
د.نصر
حسن
تتوالى الإنهيارات
في سورية على مستوى النظام
الفردي الإستبدادي متناغمة ً مع
الإنهيارات التي تهز المنطقة
العربية من كل الجهات لتصب كلها
في نقطة محددة واضحة وهي
الإخلال المهين في موازين القوى
الفعلية على ساحة الصراع
الإقليمية وإلى الحد الذي نسف
النظام السوري كل المصالح
الوطنية وتخلى عن الثوابت وأضعف
سورية بشكل خطير وبمحصلته
العامة هو خدمة " إسرائيل "
ومعها كل القوى الدولية التي
تحركها مصالحها فقط , التي
لازالت تغطي الأنظمة
الديكتاتورية وتنتشلها من
الغرق وتتجاهل مصالح الشعوب في
عرقلة مسيرة التطور
الديموقراطي في منطقة أنهكتها
وعود لم تنفذ وحقوق لم تحترم
ومواثيق دولية لم تطبق وكرامة
بشر تنتهك ليل نهار ودعم أنظمة
حكم فئوية عائلية متطرفة وغير
شرعية يمثل النظام السوري
أوضحها وأسوأها وأكثرها مركزية
ومراوغة وأخطرها انتهاكا ً
لحقوق الإنسان وتهالكا ً في
سلوك المساومات والصفقات
على حساب كرامة الشعب السوري
ومصالحه الإستراتيجية .
وفي تطورات
الإتصالات بين النظام السوري
وإسرائيل وهي بالمناسبة قديمة
قدم النظام نفسه و تمتد إلى
سنوات طويلة كانت بدايتها توقيع
اتفاقية فك الإرتباط بين النظام
وإسرائيل عقب حرب تشرين 1973
بوساطة وزير الخارجية
الأمريكية الأسبق " هنري
كيسنجر " والتي عزلت سورية عن
الصراع العربي الإسرائيلي
عمليا ً على غرار اتفاقية
السادات لكن بفرق كبير وخطير
وهو أن السادات كان واضحا ً
وصريحا ً ومباشرا ً بالإنهيار
والذهاب إلى الكنيست
الإسرائيلي وأدى ذلك إلى عزل
مصر هي الأخرى وعزل دورها
العربي على مستوى الصراع , لكن
النظام السوري كان له دور آخر
أكثرا ً خبثا ً وأشد فتكا ً في
نسيج الشعب السوري وشعوب
المنطقة التي أوصلها إلى
الإنهيار التام على حامل "
ثوري علماني اشتراكي " أي على
رافعة شعارات الصمود
والتحرير ليتمكن من السيطرة على
المقاومة الفلسطينية وحركة
التحرر العربية لإجهاضدهما من
الداخل وإنهاء دورهما السياسي
والعمل على دفع الشعوب العربية
كلها للقبول بسياسة النظام
الإستسلامية الباطنية ,الصارخة
ظاهريا ً بالحرص على إقامة
السلام الشامل والذي يعني به
النظام هو خنق كل البؤر
السياسية الديموقراطية في
سورية والمنطقة وحصرها في مسار
واحد منهكة مفتتة ضائعة
والدوران حول محوره وهو
الإعتراف بإسرائيل والتطبيع
وتسليمها مفاتيح المنطقة
جغرافيا ً وسياسيا ً وإنسانيا ً
واستراتيجيا ً.
واليوم وضمن وضع
النظام الداخلي الذي تلفه حالة
انهيار كاملة تعكس أضعف
مراحله وفشله وعجزه عن القيام
بمهمته ومسؤوليته الوطنية
واستمراره بتغييب الشعب وقمعه
عن طريق بقايا المؤسسات الأمنية
, اليوم يعلنها صراحة ً أن نهاية
مشروعه " الوطني القومي
التحرري الإشتراكي " هو
الذهاب إلى الكنيست الإسرائيلي
والإعتراف بإسرائيل وإهدائها
صكوك الغفران الوهمية التي
لايملك منها عمليا ً شيء سوى
تجاوز المحرمات الوطنية
والقومية والإستمرار في تضييع
الحقوق العربية وإهانة الكرامة
الوطنية للشعب السوري وبيع
تاريخه بمزيد من القمع وخلط
الأوراق وتزييف الأهداف وإغراق
الشعب في طوفان
مساواماته وتصرفاته الكاذبة
والمخادعة والبعيدة عن أي مشروع
سياسي إصلاحي ولانقول وحدوي
تحرري استراتيجي ! .
ولم يعد خافيا ً على
أحد أن النظام السوري لم يبق
له عمل وهدف سوى توسل اللقاءات
مع المسؤولين الإسرائيليين
وإرسال رسائل الذل ورغبة
الحوار وتجديد توقيع معاهدة
الإستسلام والتخلي عن الجولان
وعن الثوابت الوطنية والسيادة
أو في أحسن الأحوال تحويل
الجولان إلى محمية سياحية دولية
لحل وسط بين عدم القدرة على
تحريره وإخفاء رغبة استمرار
احتلاله أي خداع الشعب ونقل
ذاكرته ووعيه من فضاء المطالبة
بالحقوق إلى دائرة تدويل و"
تسييح " الحقوق والتخلي عنها
تحت شتى المسميات والأشكال ,
لأنه يدرك جيدا ً أن حوامل
بقاء ه في الحكم ليس برنامج وطني
ومصالح الشعب السوري , بقدر
مايمثل فرامل قمعية لكبح كل
بوادر التطور السياسي في
المنطقة وتعطيل محاولات إيجاد
الحلول العملية للحفاظ على عيش
أبنائها , أي فرملة ومحاصرة
القوى الديموقراطية الناشئة
وكرشها في سربه لضمان مصالح
الأطراف الخارجية , والشيء
الوحيد الذي أصبح مبرر استمرار
النظام ليس مصالح الشعب السوري
وشرعيته بقدر ماهو الدور
الإسرائيلي في حماية النظام
السوري وضمان استمراره , وهو
يمثل بيضة القبان التي تحدد
قياس زمن بقاء النظام السوري في
الحكم .
وأخيرا ً النظام
السوري نفسه هو هو منذ
بدايته , حافظ على مضمونه
السياسي ودوره الداخلي
التخريبي , والخارجي الإسعافي
لكل قوى الشر في المنطقة ,الذي
اختلف فيه هو واجهته والظروف
الداخلية في سورية حيث الشعب
السوري وصل حالة الإعياء من
كثرة القمع والذل والفساد
والفقر والإهمال والخداع أولا ً
وواجهته التي خلعت ثياب
العنجهية الماضية لترتدي رداء
واحد فقط ...رداء توسل الحوار مع
إسرائيل ثانيا ً والظروف
الإقليمية وخاصة ً المحيطة
بسورية ثالثا ً, الظروف
والأحداث الفالتة من كل ضبط
وربط والتي تطبعها "الفوضى
الخلاقة " التي تضرب أطنابها
في سورية والمنطقة طولا ً وعرضا
ً وارتفاعا ً من لبنان إلى
العراق إلى فلسطين إلى أبعد
قليلا ً ..إلى إيران ... قلناها
أكثر من مرة ...النظام السوري جرد
الشعب السوري من محتواه
التاريخي , من قيمة المواطنة ,
من كرامته وقيمته الإنسانية ,
ومن إرادته وتحصيل الحواصل من
دوره الوطني على مستوى سورية
والمنطقة , وحول دمشق من قلب
العروبة النابض , إلى بقايا قلب
بالكاد ينبض بالحياة والوطنية
....يضغط عليه النظام بشكل مهين
لينبض بتردد النظام ويتولف بقوة
السوط وكفر الفقر والعذاب
الإنساني وانعدام الخيار ...
لينبض على نغم النظام الهجين
المتجاوب حثيا ً مصلحيا ً
سياسيا ً واستراتيجيا ً لمصلحة
الآخر الذي أصبح بعد المنطقة
الوحيد !.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|