ـ |
ـ |
|
|
|||||||||||||||
ــ
السلطات
السورية والانتخابات التشريعية
لعام 2007
تقرير
تمهيدي ونصف نهائي عمار
عبد الحميد (الهدف من وراء نشر
هذا التقرير عن الانتخابات
التشريعية في سورية قبل أيام
معدودة من موعدها الرسمي إلى
التأكيد على شكليتها المحضة.
فالحصيلة النهائية للانتخابات
لن تؤثّر كثيراً عل الأرجح على
النتائج والاستنتاجات المذكورة
في هذا التقرير) نرجو زيارة موقع
الناخب السوري للتعليق على
التقرير. http://www.tharwacommunity.org/syrian_elector/2007/04/2007.html
الانتخابات
التشريعية السورية 2007 – مقدمة
مقتضبة تعود سياسة
اللامبالاة الشعبية المزمنة
المتعلّقة بالانتخابات
بالتشريعية في سورية بشكل رئيسي
إلى أن الدور المناط لمجلس
الشعب في ظل الدستور البعثي،
والذي فرض على البلد من خلال
استفتاء "شعبي" في عام 1973،
هو دور متواضع وشكلي. إذ يستطيع
رئيس الجمهورية أن يحلّ مجلس
الشعب متى شاء ودون مسائلة، كما
أن الحكومة السورية لا تنال
ثقتها من المجلس منذ عام 1970، ولا
يستطيع المجلس أن يحجب الثقة عن
الحكومة. كما و لم يحدث أن حجب
البرلمان الثقة عن أي وزير أو
قام باقترح مشاريع قوانين
لمناقشتها، وإنما تحال عليه
القوانين من الحكومة
لمناقشتها، فضلاً عن أن مجلس
الشعب ليس له أي دور في صناعة
السياسة الخارجية، ولا يستطيع
مناقشة قضايا حساسة ومحورية
كالعلاقات السورية اللبنانية
أو العراقية وبالتالي يبقى دوره
شكلياً ومعطلاً، وهو واقع مكرّس
من خلال الدستور والقوانين
السائدة. ولم يؤد ارتقاء
بشار الأسد إلى سدة الحكم في
سورية إلى إحداث أي تغيير على
هذا الصعيد. فلم يجر أي تعديل
حقيقي على قانون الانتخاب منذ
سبعينات القرن الماضي،
والتعديل الوحيد الذي طرأ
مؤخراً هو تعديل شكلي وجزئي
للغاية يتعلّق بحجم الأموال
المصروفة على الحملة
الانتخابية ولا يمت إلى صلب
العملية الانتخابية التي يفترض
أن تفضي إلي انتخابات ديمقراطية
شفافة ونزيهة .والالتفاف على
هذا القانون سهل للغاية خاصة في
غياب آليات تنفيذية واضحة في
هذا الخصوص. وفضلاً عن قانون
الانتخابات، هناك مآخذ جوهرية
تتعلق بالدوائر الانتخابية
وافتراض كل محافظة دائرة
انتخابية واحدة ، الأمر الذي
يفترض مسبقاً عدم قدرة أي شخص
سواء أكان مستقلاً أم ينتمي إلي
حزب آخر غير حزب البعث إلي
الوصول إلي قبة البرلمان. لأنه
من المستحيل القيام بحملة
انتخابية في محافظة مثل ريف
دمشق مساحتها توازي مساحة لبنان
. وهذا يؤكد عدم التمثيل الشعبي
الحقيقي، وبذلك يكون تمثيلاً
ساكناً لا يعبر عن الناخب بشكل
حقيقي لأن مساحة المحافظة تكون
أكبر من الحقيقة أو من القدرة
علي اختيار الناخبين لممثلهم
الحقيقي . أما موضوع الإشراف
علي العملية الانتخابية فيعد من
أهم المآخذ على عدم شفافية
الانتخابات ونزاهتها، إذ لا
وجود لآلية شفافة وواضحة فيما
يتعلق بالإشراف القضائي
والقانوني علي الانتخابات.
وتكتمل الصورة تماماً عندما
نعرف أن ثلثي أعضاء مجلس الشعب
هم من أعضاء حزب البعث
والمتحالفين معه من أحزاب
الجبهة (167 عضو من أصل 250 هو عدد
أعضاء مجلس الشعب)، وهؤلاء
ينجحون بالتزكية بدون أي منافسة
انتخابية ولم يذكر مرة سقوط أي
منهم منذ عام 1974 رغم حصول بعضهم
على أدنى الأصوات لكنه يخرج في
مقدمة أسماء الناجحين والأمثلة
أكثر من أن تكرر . كل ذلك يفسر النسبة
المنخفضة جداً للمشاركة في
الانتخابات التي لم تتجاوز في
الدورة السابقة 7% ، رغم أن
النسبة الرسمية المعلنة كانت 63%
وهي نسبة ضئيلة جداً، وتكشف ليس
فقط فقدان الثقة بالعملية
الانتخابية وإنما فقدان الثقة
بالنظام السياسي، فالسوريون
غير مقتنعين بالمشاركة في
العملية الانتخابية، لأن هناك
انعداماً للمصداقية، ويكون
التعبير الشعبي عن ذلك تكرار
المقولة التي تسمعها يومياً إن
المشاركة أو عدم المشاركة يؤدي
إلي نفس النتيجة .ولقد تدنّت
الثقة بالانتخابات إلى درجة أن
حتى الصحف الرسمية باتت تسخر من
المرشحين، بصرف عن انتماءاتهم
وخلفياتهم. نعم، لقد صارت
الأوضاع هزلية إلى درجة أن
النظام بات يسخر من نفسه،
تماماً كما هو الوضع مع الممثل
الكوميدي السيء الذي لا يجد من
يضحك على نكته غيره. الانتخابات
التشريعية السورية 2007 – الدروة
الحالية من خلال مراقبة
التطوّرات والإجراءات
المتنوّعة المتعلّقة
بالانتخابات التشريعية في
سوريا طيلة الأسابيع القليلة
الماضية يتضح أكثر الآن أن
الهدف الرئيسي الذي تسعى ورائه
السلطات السورية فيما يخصّ هذه
الانتخابات بالذات هو التأكّد
من استبعاد أي مرشح مستقل حقيقي
من العملية السياسية ممن قد
يعارضون ترشيح الرئيس بشار
الأسد لفترة حكم جديدة. بمعنى
أخر، الهدف الأساسي هو تقليص
الظهور المحتمل لأيمن نور سوري
في تطوّر يمكن له أن يضاعف
المعضلات المتزايدة بالنسبة
لنظام الأسد في علاقته بالمجتمع
الدولي بالذات، إذ قد لا يتمكّن
من سحق أي نائب برلماني عنيد، في
هذه المرحلة بالذات التي يتطلّع
فيها النظام إلى كسر عزلته
الدولية، بذات السهولة التي تمّ
بها التعامل مع النائبين
السابقين رياض سيف ومأمون
الحمصي في عام 2001. ومع ذلك، ومن
الناحية النظرية على الأقل،
فحتى في حال نجحت مخططات النظام
في اقصاء المستقلّين، مازال من
الممكن له أن يصطدم بأحد
رجالاته الموثوقين . لهذا، ولأن
احتمالاً كهذا لا يمكنه أن يغيب
عن الرؤوس الدائمة التشكّك
والارتياب للنظام السوري، فمن
المرجّح أن الجلسة البرلمانية
التي سيتم ترشيح الرئيس فيها لن
تبثّ بثّاً حياً على شاشات
التلفزة لإعطاء النظام فرصة
أكبر لاتخاذ إجراءات صارمة عند
الضرورة. لكن، وفي حال اختار
النظام بثّ الحدث على الهواء
مباشرة ودون أي تأخير، فقد يكون
في هذا الأمر دلالة على سيطرة
النظام التامة على كل مراحل
وجوانب العملية الانتخابية في
البلد. وهكذا، وإلى حين
تكوين تيار ساخط رئيسي حسن
التنظيم بين صفوف حزب البعث
ذاته، تيار قادر على إقحام نفسه
في لعبة الانتخابات بهدوء وفي
وجه كل محاولات الفحص
والاستبعاد والتضييق، تيار
مستعد لتحمّل عواقب تحدّي رئيس
النظام ذاته في مواجهة برلمانية
تهدف إلى زيادة تآكل شرعية نظام
الأسد، فمن المستبعد أن يشكل
البرلمان السوري، أو مجلس الشعب
كما يسمّيه نظام البعث، عقبة
حقيقية أمام ترشيح بشار الأسد
لفترة ثانية في الحكم.
وبالتالي، فإن تحدّي مصداقية
وشرعية نظام الأسد يجب أن تتمّ
خارج حدود المؤسّسات التي تسيطر
عليها الدولة. قد تكون هذه
النتيجة بديهية نوعاً ما، لكنها
تفسّر وتبرّر قرار مراقبة
الأحداث المتعلّقة بالانتخابات
عن بعد لتجنّب منحها أي قدر من
المصداقية أو الشرعية الدولية. كما يتوجّب علينا
هنا أن نأخذ بعين الاعتبار أن
جهودنا المبذولة في هذا الخصوص
معرّضة على الدوام للتصادم مع
التطورات السياسية المستمرّة
في المنطقة، خاصة في وقت يسارع
فيه المجتمع الدولي بالعمل على
وضع أولويات مختلفة للتعامل مع
النظام السوري لا تعير لقضايا
الديمقراطية والحقوقية الكثير
من الاهتمام. لكن، وبغض النظر عن
هذه الاعتبارات، نعرض فيما يلي
بعض الاستراتيجيات والوسائل
التي تستخدمها السلطات السورية
حالياً لملأ برلمان البلاد عن
آخره برجال لا يحسنون إلا قولاً
واحداً فقط - "نعم سيدي". الانتخابات
التشريعية السورية 2007 – وسائل
واستراتيجيات التلاعب المتبعة
حاليا لبسط الهيمنة واقصاء
المرشحين المستقلّين الحقيقيين
تمّ فرض قيود مالية
على مصاريف الحملة الانتخابية،
وذلك غالباً بهدف إضعاف قدرة
المرشّحين المستقلّين
الحقيقيين، أي هؤلاء العاملين
خارج أنظمة القوائم الغير رسمية
التي تم اختراعها في انتخابات
2003، ممّن يملكون الموارد
المالية الكافية، للتنافس.
ووفقاً للتشريعات الجديدة، فإن
الحد الأقصى المسموح لكل مرشح
بصرفه على حملته يصل إلى 3 مليون
ليرة سورية أو أقل قليلاً من 60,000
دولار. (يسمح نظام القائمة
لعدد من المرشّ حين بالعمل معاً
وتقاسم التكاليف، وعلى الرغم من
غياب الالتزام هنا بانتخاب كل
الأسماء المدرجة على قائمة
بعينها، فإن الحملات
الانتخابية تجري بحيث تشجّع
الناخبين على التصويت للقوائم
كوحدة واحدة، وتتشكّل القوائم
تحت سيطرة شخصيات مناصرة
للنظام، من أمثال محمد حمشو
ومحمد حبش وآخرين، ممن يتمتعوا
بدعم أجهزة الأمن. لكن، حتى بعيداً عن
نظام القوائم، من الممكن أن
يستمر المرشّحين المناصرين
للنظام في التلاعب على المرسوم
الذي يحدد مصاريف الحملة، مع
اعتبار أنه حتى الآن لم تصدر
آليات معينة لتطبيق هذا
المرسوم، مما يترك الباب
مفتوحاً أمام وزارة الداخلية
لفرض التشريعات وفقاً لأهواء
الوزير، فالقانون في الحقيقة
وضع فقط بقصد استخدامه كسلاح
محتمل ضد المرشحين المستقلين
الحقيقيين في حال انتصارهم
الغير محتمل في الانتخابات. كما
أنه من الممكن أيضا دعم مرشحي
القائمة عن طريق أنشطة ينظمّها
ويرعاها أصدقاء لهم بالنيابة
عنهم. في الوقت الذي يمكن لأجهزة
الأمن التضييق بسهولة على
أصدقاء المرشحين المستقلين
الحقيقيين عند قيامهم بإطلاق
أية نشاطات لدعم أصدقائهم) في مرحلة مبكرة من
الانتخابات، أصدر محافظ حمص - في
وسط سوريا - قيداً مالياً آخر
على المرشحين المستقلّين، حيث
طالب مرسوم المحافظ بأن يقوم كل
مرشح مستقل بدفع "رسوم
مستردة" أو "قرض" يعادل
100,000 ليرة سورية (2,000 دولار)
كمقدم تأمين ضد المخالفات
المحتملة، لكن هذا القرار ألغي
بعد يومين من إصداره بفضل
الاحتجاجات الساخطة التي تعرّض
لها، ويبدو أن السلطات السورية
أسرعت إلى الاستجابة هنا رغبة
منها في إزالة آلية مفضوحة
للتلاعب. ومع ذلك، يساعد الحدث
على توضيح أن الهمّ الرئيسي
للمسئولين بالنظام فيما يتعلق
بالانتخابات هو حقاً إيجاد سبل
لإضعاف فرص المرشحين
المستقلّين الحقيقيين في الفوز
بالانتخابات. بدأت كل أجهزة
الأمن الرئيسية في سورية بإجراء
تحقيقات أمنية مفصّلة عن
المرشحين المستقلين وأسرهم
وأصدقائهم. كما يقوم ضباط الأمن
بزيارات مستمرّة ومنتظمة في هذه
المرحلة لقادة المجتمع المحلي
لنصحهم بعدم التصويت لمرشحين
بعينهم. إطلاق مرشّحين
زائفين أو وهميين من أعضاء حزب
البعث وأحزاب الجبهة الوطنية
التقدمية كمستقلّين سعياً إلى:
أ) تضخيم الأرقام والتعويض عن
انعدام مصداقية العملية
الانتخابية وعن سلبية الناخبين
في هذا الصدد حيث شهدت
الانتخابات الأخيرة إقبال أقل
من 7% من الناخبين المسجّلين، ب)
إضعاف المرشّحين المستقلّين من
خلال تقديم منافسين متعدّدين
ضدهم في دوائرهم، الذين غالباً
ما يكونوا من نفس خلفيتهم
الإثنية، من نفس القبيلة، و/أو
من نفس العائلة، كما يعد
المرشحين الزائفين أيضاً
بمثابة وسيلة تستخدمها السلطات
السورية لصبّ الأموال في
العملية الانتخابية وبالتالي
إضعاف قدرة المرشحين
المستقلّين الحقيقيين على
التنافس. (لعل
من الصحيح أيضاً هنا أن بعض
المرشحين المستقلين من
المنتمين إلى الجبهة الوطنية
التقدمية يشاركون كمستقلّين
كنوع من المناورة لرفع أسهمهم
ضمن حزبهم ذاته ليس إلا، فيسعون
للفوز و لو بموطئ قدم في
البرلمان على الرغم من
استبعادهم من القائمة الرسمية
التي تبناها حزبهم و التي ضمنت،
قانوناً، مقاعدها في البرلمان). إن هذه الممارسات
تكفي وتزيد لتوضيح استخفاف
السلطات السورية المتواصل
بكافة القواعد القانونية في
البلاد، وكأنّ العملية
الانتخابية ليست مقيدة بما فيه
الكفاية وفقاً للنصوص
الدستورية الحالية. وفي
الحقيقة، ونظراً لتلاعب
الدستور السوري الفاضح
بالانتخابات، لا يوجد معنى
إطلاقاً لقبول توقيع سوريا على
ميثاق الاتحاد البرلماني
الدولي الذي ما انفك يؤكّد على
ضرورة تبنّي أعضائه لأنظمة
انتخابية حرة وعادلة. لهذا السبب، تفتقر
المعارضة فعلياً لأي فرصة
تمكّنها من تحدي النظام في
اللعبة الانتخابية، ومن
المؤكّد في هذا الصدد أن يحصل
رؤوس النظام السوري على برلمان
الـ"نعم" مخلص جديد. وأفضل
ما يمكن عمله في هذا الخصوص،
يتمثّل في مواصلة فضح هذا الوضع
الشاذ، والذي قد يعمل على تكذيب
أي أدعاء بأن بشار الأسد يعير
أدنى اهتمام لإصلاح النظام. خاتمة إن طبيعة الدستور
وقوانين الانتخابات السورية
الحالية، التي فرضها حزب البعث
على البلاد منذ 1973، بعيدة كل
البعد عن الديمقراطية، وتعمل
فعلياً على كسوة النظام
الانتخابي بشرعية وقانونية
لصالح حزب البعث وأتباعه في
الجبهة الوطنية التقدمية
لتأكيد سيطرتهم المستمرة على
العملية السياسية في البلاد. وهكذا، فإن رفض
نظام الأسد السماح للأصوات
المستقلة الحقيقية بالظهور، في
منظومة صممت تحديداً لإعاقة أي
احتمال لتحدي داخلي مستقل ضد
النظام، يجب أن يؤخذ كإشارة
واضحة لرغبة الأسد المستمرة في
حشد كل مبادرة سياسية وخنق كل
محاولة لتقديم إصلاحات سياسية
واقتصادية حقيقية في البلاد. بعد سبعة أعوام في
منصبه، ومع استمراره في
الموافقة على هذا الوضع بل
والسماح بتفاقمه، أثبت بشار
الأسد لنفسه وللجميع أنه ليس
المصلح السري الذي كان يحلم به
البعض، وما هو إلا أوتوقراطي
حقيقي متسلّط يسعى إلى زيادة
وتخليد سلطاته وإحكام قبضته على
الحياة السياسية والاقتصادية
في سوريا إلى ما لا نهاية، وهذا
هو السبب الأقوى لابقاء نظام
الأسد وحيداً يتخبّط في عزلته،
خشية أن يصبح المجتمع الدولي
شريكاً طوعياً في الجرائم التي
يرتكبها نظام الأسد يومياً ضد
مصالح الشعب السوري، ناهيك عن
جرائمه ضد شعوب المنطقة. المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |