ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 17/04/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

ومضات محرّضة (21) :

الخيار الاستراتيجي الوحيد.. وأبشر بطول سلامة يا مربع !

عبدالله القحطاني

 ( الحديث عن العلاقة بين الحكومات والشعوب هنا ، هو عن سورية حصراً )

حين هدّد الشاعر الفرزدق ، مربعاً راويةَ جرير ، بأنه سيقتله ، سخِر منه جرير، قائلاً :

زعَم الفرزدق أنْ سيقتـُل مربَعاً        أبشرْ بطولِ سلامةٍ يا مربع !

ترى لو عاش جرير في أيامنا هذه ، وسمع التصريحات تتوالى ، حول الخيارات الاستراتيجية الوحيدة .. فماذا كان سيقول !؟

   الدول العربية : خيارها الاستراتيجي والوحيد ، في إنقاذ فلسطين من براثن الصهاينة، هو السلام .. ولاشيء غير السلام !

   المعارضات العربية ، التي تتصدّى لتحرير بلادها ، من الحكام الطغاة ، الذين سرقوا الحكم ، وسرقوا البلاد كلها ، وسرقوا من الشعوب كل شيء ، حتى كراماتها الإنسانية، فضلاً عن لقمة العيش وجرعة الدواء .. هذه المعارضات على اختلاف دولها ، جَعلت خيارها الوحيد ، في انتزاع حقوق شعوبها من حكامها اللصوص ..  جعلته السلامَ  ـ السلامَ حصراً ـ بمفرداته المتنوّعة : المعارضة السلمية .. الكفاح السلمي .. الصراع السلمي ..!

   وكما أن إسرائيل ، تضحك في سرّها ، من الخيار الاستراتيجي لأعدائها العرب.. فكذلك الحكّام الطغاة ، الذين احتلوا دولهم بالحديد والنار.. يَضحكون في سرّهم وعلانيتهم ! بل يصرّح بعضهم بهذه العبثية المقيتة ، دون وَجل أو خَجل ! كما فعلَ وزير دفاع مزمن ، ذات يوم ، قبل أن يحال على التقاعد ، حين قال في مقابلة صحفية منشورة :

   / السلطة تنبع من فوهة البندقية ، ونحن نملكها . وقد خضنا حروباً كثيرة ، للوصول إلى السلطة .. ولن نسلمها لأحد أبداً ! /.

  ( ولن نذكر اسم الوزير، هنا ، بعد أن خرج من ساحة العمل العامّ ، خجَلاً من أنفسنا أمام العالم ؛ أن يكون لنا وزير دفاع من هذا المستوى الرفيع ! وحسبـُنا أن نَذكر أنه سوريّ .. مع الأسف الشديد ! كما لن نتحدث عن حروبه ، وبطولاته المجيدة الرائعة ، التي خاضها ، ولا عن الأوسمة والنياشين التي تغطّي صدر بدلته العسكرية .. والتي نالها تقديراً له على أنواع معيّنة من البطولات ، لا صلة لها بالحروب العسكرية ، والانتصارات الجادّة المشرّفة فيها ! ومَن أراد أن يعرف أنواع بطولاته ، فليقرأ بعضاً مِن كتبه ، ومذكّراته !).

   وإذا كان تهديد الفرزدق لمربع  ، النابعُ مِن ألم شديد ، لدى الفرزدق ، ومِن إحساس بالثقة بقدرته على الفعل .. أثارَ نزعة السخرية لدى جرير، خصمِه الشعري العنيد، وأحبّ أن يهوّن من شأن الفرزدق وتهديده ـ وهو تهديد محتمل التنفيذ بنسبة معيّنة ـ  فكيف يكون تهديد المعارضات ، للحكّام الطغاة المحتلين لبلادها .. كيف يكون هذا التهديد ، في نظر الحكّام !؟ وما قيمته الفعلية لديهم ، وهم يَعرفون جيّداً ، الوسيلة التي أوصلتهم إلى السلطة ، وثبـّتتهم في كراسيها ، والوسيلةَ الوحيدة التي يمكن أن تنتزعها منهم .. كما صرّح بذلك الوزير المذكور أعلاه !؟

   قد لا يكون من المناسب ، سياسياً ، أن تتحدّث المعارضات العربية ، عن استخدام الصاع نفسه ، الذي تكيل به السلطات لشعوبها..!

   لكن.. هل من حقّ هذه المعارضات ، بسائر تلاوينها ، أن تصادر حقوق الشعوب ، في اختيار الوسائل المجدية ، في تحرير بلدانها من حكّامها المحتلين اللصوص !؟

   بل .. هل من حقّ المعارضات ، أن تصادر حتى حقوق (الحمقى!) ، من أبناء الشعوب، في ممارسة  ( حماقاتهم !) لمواجهة (حماقات) حكّامهم المجرمين !؟

   والسؤال الأهمّ هو : هل تستطيع المعارضات أصلاً ، أن تصادر حقوق الحماقة و(التحامـُق) ، من الناس الذين خسروا في بلادهم كل شيء ، ولم يبق لديهم سوى شيء واحد ، هو الحلم بالخلاص ، بأيّة طريقة ، وبأيّ ثمن !؟

   سؤال مطروح على المعارضات ، وحدَها ، لتحريض عقولها على التفكير..! لا لتحريض نزعات البطولة لديها .. فهي تعمل في حقل السياسة ، التي تحتاج إلى العقول الحصيفة المتّزنة، لا إلى البطولات الحربية ، التي تحتاجها ساحات الحروب!

   أمّا الحكام اللصوص ، فكل نزعة إجرامية لديهم محرّضة ، لمواجهة أيّة (حماقة !) تتصدّى ( لحماقاتهم !) . أمّا ما ليس محرّضاً عندهم ، ولا يُنتظَر له التحريض ، إلاّ بعد فقدان السلطة .. فهو العقل السياسي الحصيف ! أمّا النزعات الإنسانية والوطنية، فلا سياقَ لها هنا ، ألبتّة ! لأنها ليست من النوع الذي يَبحث عنه العقلاء ، عند هذا الطراز من البشر!

   وإذا كان من حقّ الحكّام ، في نظر أنفسهم ، أن يتحدّثوا باسم الشعوب ، حتى لو لمْ يكونوا يمثلون أحداً فيها .. فإن مِن حقّ المعارضات أن تتحدّث باسم الشعوب ، كذلك، مهما كانت النسبة التي تمثلها مِن هذه الشعوب ، داخلَ بلدانها !

   لكن إذا كانت الحكومات قادرة ـ في نظر أنفسها ـ ، بما تملكه من قوّة الدول وسلطاتها ، على مصادرة حقوق الشعوب في كل شيء ، حتى في أن يكون لها كرامة أو عقيدة ، أو حقّ في الكلام ـ أو التنفس لو استطاعت ـ .. فما نحسب المعارضات قادرة على مصادرة حقوق (الحمقى!) من أبناء الشعوب ، في ممارسة حماقاتهم..! بصرف النظر عن كونها مشروعة ، أو غير مشروعة ! فالحماقات لا تحتاج إلى طلب شرعية من أحد ، حتى من أصحابها أنفسهم !

   لكنّ خالقَ البشر، عزّ وجلّ ، يحذّرهم ، قائلاً : ( واتّقوا فتنةً لا تُصيبنّ الذين ظَلموا منكم خاصّة ..)

   أمّا الموازنة بين فِتن الاستبداد المزمن والفساد المدمّر ، وأضرارها وأخطارها .. وفِتن (الهبّات) العاطفية العنيفة ، وأضرارها وأخطارها .. أمّا الموازنة بين أنواع الفتن هذه ، فلها سياقات أخرى ، وأحاديث أخرى !

    ولله الأمر مِن قبلُ ومِن بَعد .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ