ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 24/04/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

اليوبيل الذهبي للاتحاد الأوروبي

فايز علي يوسف*

احتفل الاوروبيون قبل اسابيع  قليلة  بالذكرى الخمسين لتوقيع معاهدة روما والتي كان من نتائجها تاسيس الاتحاد الاوروبي عام 1957 م والذي اسسته ست دول ( فرنسا والمانيا وبلجيكا ولوكسمبورج وهولندا وايطاليا ) كان هدف اجتماعها ايجاد افضل طريقة لمنع وقوع حرب مرة اخرى خصوصا انها خرجت لتوها من دوامة الحرب العالمية الثانية وسعت لتأسيس تجمع في 1951 الهدف منه العمل معا على انتاج الفحم والصلب باعتبارهما المصدرين الرئيسين للطاقة وتطور الامر حتى تم تشكيل الاتحاد الاوروبي بالشكل الحالي الذي نعرفه الان  ليشمل 27 دولة منها 12 دولة شيوعية سابقه وتعداد سكاني يبلغ 500 مليون نسمة من المواطنين الاوروبيين وحدوده التي تبدأ من جزر آران الغربية الايرلندية مرورا باوروبا الوسطى ووصولا للبحر الاسود غربا ، اوروبا التي نتحدث عنها الان تختلف عن اوروبا الحرب العالمية الثانية ، الحديث عن اوروبا التي صاغت  دستورا موحدا امضت خمس سنوات حتى اعتمادة حين رفضة الهولنديون والفرنسيون وتم اقراره لاحقا لتوافق علية امة مكونه من 500 مليون نسمة انجاز بهذا الحجم يذكرنا بالدولة الاسلامية أيام ازدهارها وفي أوج عزها .

الان وبعد مرور خمسين عاما على قيام الاتحاد والاحتفال باليوبيل الذهبي على تأسيسة وملاحظة ماتحقق من انجازات على ارضه  حتى افضل المثاليين الحالمين ماكان ليتوقع امكانية عبور 27 دولة بجواز سفر واحد دون وجود حواجز حدودية من السويد الى صقلية باستعمال عملة نقدية واحدة " اليورو" والتي اعتمدت كعملة موحده عام 2002 م ودون دفع رسوم جمركية بين الدول ، فلقد تم إزالة العوائق التجارية وتشكيل السوق الاوروبية المشتركة بين الدول الاعضاء لتأمين سهولة انتقال رؤس الاموال والايدي العاملة بيسر وسهولة وبحرية دون قيود . لقد نجحت اوروبا في تأسيس نظام ذو قوة اقتصادية عالمية واهمية تاريخية لانظير له يعتبر من انجح انظمة الحكم المعاصرة حققت لشعوبها رفاهية اجتماعية عصرية لم تكن لتحلم بها اوروبا من ذي قبل ولم تشهد لة  مثيلا  واعتبرت اوروبا بحق انجح تعاون دولي اختياري في التاريخ الحديث ونموذج للعالم النامي للحلم والاقتداء به .

واقتصاديا فبحسب تصنيف المنتدى الاقتصادي العالمي فأن الاتحاد الاوروبي يشهد معدل نمو اقتصادي من  5 %  الى 10 % سنويا خلال الفترة القليلة الماضية بين مختلف اعضاءه اضافة الى معدلات نمو اليورو والذي بلغت نسبته 2.5 % سنويا ويعتبر بذلك من اكثر الاقتصادات تنافسية في العالم وبهكذا معدل نمو فان الاوروبيون يتفوقون على الولايات المتحده والتي تعتبر من اكثر الاقتصادات نموا وازدهارا وبالاجمال يتفوقون على كثير من الاقوام تعتز بتكتلاتها الاقتصادية  والسياسية  وهي في واقع الامر تراوح مكانها من عام الى أخر ، علما بان الاوروبيون يتمتعون بمعدل عمل يومي اقل من الامريكيين لان العمال الاوروبيين يفضلون العمل ساعات اقل من نظرائهم الامريكيين كما ويحظى الاوروبيون بايام عطلة سنويا تتراوح مابين سته الى ثمانية اسابيع كل عام ولاتمتاز هذه المجتمعات عن مجتمعاتنا العربية بالكثير سوى انها أمنت بقوة الارادة لتحقيق الاتحاد والسعي الحقيقي لتحقيق ذلك وبشكل منظم ومخطط  له بكل دقه .

وفي ظل نظام الاتحاد فان الاوروبيين يدفعون ثمنا غاليا لقاء تمتعهم بافضل انظمة رعاية على مستوى العالم يحسدهم عليها شعوب العالم أجمع حيث انهم يدفعون معدلات ضريبية تقارب 50 % مقابل حصولهم على منافع رعاية اجتماعية من المهد الى اللحد في اطار سياسات تغطي القضايا الاجتماعية كالصحة وحقوق العمال والتوظيف والسلامة والرعاية وهم يفاخرون بتفوقهم في ذلك حتى على شعوب اعرق منهم تاريخا في الانسانية .

وبقليل من التفصيل استطيع القول بان المتقاعدين وكبار السن والعجزة  باحدى دول الاتحاد الاوروبي يحظون بعناية طبية لامثيل لها بحيث تجرى لهم العمليات الجراحية اللازمة دون ان يتكلفون شيئا اضافة الى اعتماد برامج  لاعادة التأهيل لكل من يعاني من معضلة معينة في حياته ولم يعيشون بشكل منعزل عن الاخرين  فأن هناك مساعدون منزليون يساعدون كبار السن والمتقاعدين على شراء احتياجاتهم وغسيل ملابسهم وتنظيف منازلهم ومن الطبيعي جدا في دولة مثل السويد ان تجد عجوزا يبلغ من العمر ثمانون عاما او اكثر يشارك في سباق جري لمسافة عشرة كيلو مترات وهو يكون قد خضع لعملية القلب المفتوح منذ اربعة او خمسة سنوات ، فلا غرابة في ذلك فهم يتمتعون الان بمظلة الرعاية الاجتماعية جراء الاستفادة من مردود الضرائب التي كانوا يدفعونها ايام كانوا يعملون وهم شبابا . 

ان مصدر تشاؤم اوروبا ومبعث قلقها خلال الفترة الحالية تدني معدلات الولادة لديها ، الامر الذي يعني ان نسبة العمال مقابل المتقاعدين ستصل عام 2050 م الى اقل من اثنين مقابل واحد اذا علمنا بان النسبة الحالية هي خمسة عمال مقابل متقاعد واحد ، معتبرين ذلك امرا كارثيا سيودي الى تاكل وتقويض نظام الرعاية الاجتماعية بسبب تكاثر أعداد المتقاعدين الذين سيعيشون على حساب عدد اقل من العمال ، وهم يفكرون من الان بشكل جدي في وضع الحلول وعمل اصلاحات صغيرة لاعادة المعدلات الى وضعها الصحيح ومن احد الحلول الطروحه هو تأخير سن التقاعد الى  سن 65 بدلا من سن 60  اضافة الى تقوية النظام الاقتصادي وزيادة معدلات النمو بما سيضمن دعامة مالية متينة وقوية لدعم مشاريع الرعاية الاجتماعية ولن يخلو الامر من الاعتماد على الهجرة الانتقائية بشكل مقنن .

وعلى الصعيد السياسي تعتبر اوروبا قوة عظمى  الى جانب الولايات المتحدة الامريكية  لاتقل عنها قوة وان كانت تختلف فبفضل نجاح اتحادها اصبح العالم ثنائي القطبية على عكس مايحلو للامريكان الترويج له من ان العالم احادي القطبية ، فواقع الامر يفرض غير ذلك حيث ان الاتحاد الاوروبي اصبح يمثل قارة تضم بين دفتيها اطيافا مختلفة من الدول والاقوام كالدول الشيوعية سابقا وبلدان يوغسلافيا والتي سعت فور انضمامها للاتحاد لتغيير سياساتها لتتوافق مع سياسات الاتحاد الاوروبي الديمقراطية حتى قبل الدخول للاتحاد كما هو الحال بالنسبة لتركيا التي مازالت تطمح للانضمام للاتحاد الاوروبي فقد اصبحت هذه المجتمعات اكثر ليونة واكثر مدنية من ذي قبل واصبح الاتحاد الاوروبي بحق القوة العظمى فعلى صعيد علاقاتها الخارجية تعتبر حليف قوي  للشرق الاوسط واكبر شريك استثماري وتجاري في المنطقة وفي العالم وفي امريكا نفسها ،  واصبح يقدم الاتحاد الاوروبي 70 % من المساعدات والاعانات لشعوب العالم خلال الحروب والكوارث الطبيعية والازمات وتنتشر القوات الاوروبية المسالمة حول مختلف بقاع العالم لنشر السلام وحفظ الامن في المناطق المتنازعة والبؤر المحتدمة كما وان اوروبا تعتبر حليف قوي للسلام  فالمعروف ان التخطيط العسكري الاوروبي يعتمد على النظرية القديمة التي ترجح الحلول الدبلوماسية على استخدام القوة العسكرية فاوروبا لها محاولات مختلفة في عديد من مناطق العالم قدمت فيها اوروبا اللباقة على استخدام القوة العسكرية لحل الخلافات المختلفة وتهدئة الاوضاع ومحافظتهم على علاقات جيدة مع جميع الاطراف المتنازعه  لايجاد وسيلة للتعايش وحل النزاعات دون اطلاق النار فلقد حافظت اوروبا على علاقات متوازنة في اكثر الاحيان بين الفلسطينين ( فتح وحماس ) واسرائيل وفي لبنان فانها تتعامل مع الحكومة والمعارضة بما فيهن حزب الله على حد سواء وكذلك الحال بمختلف بقاع العالم .

وكبناء تنظيمي يعتمد الاتحاد الاوروبي على ثلاثة اجهزة رئيسية بمايعرف بالمثلث الاداري ومن اهمها مجلس الاتحاد الاوروبي والذي يعمل على تمثيل مصالح الدول الاعضاء وتنفيذ السياسات المشتركة والتعاون الامني مابين دوله الاعضاء وان تم فعليا تقليص بعض صلاحياته لحساب البرلمان الاوروبي والذي يعتبر ثاني هذه الاجهزة وله صلاحيات تشريعية ورقابية بحيث يشارك في وضع القوانين ويصادق على الاتفاقات الدولية ويصادق على انضمام اعضاء جدد للاتحاد ويشرف على تنفيذ الميزانية المشتركة للاتحاد الاوروبي ، وبالنسبة للجهاز الاداري الثالث فهو مايعرف بالمفوضية الاوروبية والذي يقوم بدور تقديم مقترحات للقوانين والاشراف المباشر على تنفيذها ووضع الميزانية العامة للاتحاد وتوقيع وحماية الاتفاقيات المبرمة وحضور المفاوضات الدولية نيابة عن الدول الاعضاء وله صلاحية قبول اعضاء جدد للاتحاد ،  اضافة الى ان  هناك اجتماعات دورية لرؤساء الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي بالاضافة لرئيس المفوضية الاوروبية  بمايسمى المجلس الاوروبي والذي بدورة يقوم باتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية ورسم سياسات الاتحاد ولايعتبر هذا المجلس احد اجهزة الاتحاد الاوروبي الادارية او التنظيمية  .

لقد حقق الاتحاد الاوروبي  خلال هذه الفترة الكثير من الانجازات وكثير من السمعه الدولية واكثر بكثير من الاحترام لنجاح التجربة التي اصبحت نموذجا وحلما لكثير من الشعوب فقد تم انشاء السوق الاوروبية المشتركة ضمن اطار الاتحاد الاوروبي و كذلك مجلس الوزراء الاوروبي والبرلمان الاوروبي والعملة الاوروبية الموحدة ودخلت تحت دفتي الاتحاد دول كانت شيوعية سابقا وذات اقتصاديات منهارة وشعوب منقهرة وامن متزعزع الا ان اوروبا حافظت على اتزانها وساعدت بعضها بعضا لتقف اليوم كالطود الشامخ والقوة العظيمة لتجسد وتضرب لنا مثلا رائعا في التعاون والتنظيم والاستقرار تحت منظومة الانحاد الاوروبي والذي اصبح يعبر عن الاجابة على السؤال التالي " من يفعل ماذا في اوروبا ؟ " ونحن كخليجيين نطمح بدورنا ان يكون مجلس التعاون الخليجي اكثر قوة وتماسكا وان يجتاز العقبات ويحقق امال شعوبه فمازلنا كخليجيين نعاني من الحواجز الحدودية بين دول المجلس وننتظر السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي والعملة الخليجية الموحده  فصديقي سالم مازال يتذمر في كل مرة يشتري فيها سيارة من دبي أو الشارقة  ليصدرها ويدفع جمركها وتسجيلها مرة اخرى  في مسقط  واعود واطمئنه .. هانت.. فعمر مجلسنا مازال وليدا مقارنة مع الاتحادات الناجحة الاخرى .. وارجو ان أكون مصيبا هذه المره .

*كاتب واعلامي

Fayizali@Gmail.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ