ــ
هل
تحولت الطائفة العلوية ..
عن
الطائفية الوطنية ، إلى
الطائفية الفارسية !؟
عبدالله
القحطاني
•
بعد أربعين عاماً من حكم
الطائفة العلوية لسورية بشكل
تامّ ـ مع بعض الديكورات
الشكلية ! ـ .. كان المتوقع من
عقلائها ومفكريها وساستها ، أن
يتحولوا من الطائفية (المذهبية)
إلى الطائفية (الوطنية) ..! فيصبح
الوطن هو الهمّ الأول للطائفة ،
ويصبح الشعب السوري ، بسائر
فئاته وطوائفه ، هو المحضن
الدافئ للطائفة العلوية ، كما
هو محضن لطوائفه كلها .. ولا
سيّما بعد أن خرجت الطوائف
عامّة ، ومنها الطائفة العلوية
، من عزلتها النفسية ، التي كانت
تعاني منها طوال عقود عدّة ،
بسبب ظروف سياسية واجتماعية
واقتصادية ، كانت تحكم المنطقة
كلها، بما فيها سورية ، في عهد
الاستعمار الأجنبي ..!
• كان
المتوقع من الطائفة العلوية ،
التي انفردت بحكم سورية ، طوال
أربعين سنة ، هي ثـلثا عمر سورية
الحديثة ، بعد جلاء فرنسا عنها ..
أن تعيد برمجة انتمائها وولائها
للوطن والشعب .. ولاسيما أنها
نالت من خيرات الوطن ، في فترة
حكمها هذه ، مالم تنله طائفة
منفردة ، في أيّة دولة في العالم
، سواء أكانت أقـلية أم أكثرية،
في سورية ، أوغيرها ! وأنها حققت
من الهيمنة السياسية
والاجتماعية والأمنية ، مالم
تحققه طائفة منفردة في سورية ،
أقـلية كانت أم أكثرية ..! وأنها
، بهذه الهيمنة، حققت اندماجاً
اجتماعياً واسعاً ، مع فئات
الشعب ، ولا سيّما الأكثرية
السنية ،عبر المصاهرة،
والتجارة ، والوظائف ، والمدارس
، والجامعات ، والانتشار في طول
البلاد وعرضها .. ممّا كَسر ـ أو
يفترَض أن يكون قد كَسرـ
الإحساس بالعزلة الطائفية ،
والغربة النفسية عن أكثرية
الشعب السوري ..! فالمصاهرة
وحدَها تحقق اندماجاً أسَرياً
قوياً ، واندماجاً اجتماعياً
بناء عليه ، قوياً كذلك ! ممّا
يحقق اندماجاً نفسياً ،
وإحساساً مشتركاً بالحياة
عامّة ، وبالكثير من مفرداتها
وتفصيلاتها .. وهذا كله بحسب
طبائع الأشياء ، وسنن الحياة
الاجتماعية المشتركة بين البشر!
• فما
الذي حصل في السنوات الأخيرة !؟
بدأ التمدّد المذهبي ، الصفوي
الإيراني ، يتسارع بشكل عنيف ،
في أوساط المجتمع السوري ، وبين
أهل السنة خاصّة ..! وبدعم كامل
وغير محدود ، من قِبل أجهزة
الأمن السورية .. حتى كأن أمن
التمدّد الشيعي الفارسي ، جزء
أصيل ومهمّ مِن أمن الوطن ! بل
أكثر من ذلك : صار رجال الأمن
السوري حراساً يقظين شرسين ،
لهذا التمدّد الطائفي الشيعي
الفارسي ، بدلاً من أن يكونوا
حُماة للوطن منه ! كما تغلغل
رجال الأمن الفارسي ، في نسيج
العلاقات الاجتماعية السورية ،
وصاروا يتحركون كما لو أنهم في
طهران أو شيراز أو قمْ .. دون خوف
من حسيب أو رقيب ..! يوجّهون حركة
التشيّع ، ويرسمون أبعادها ،
ويشترون العقارات والأراضي ،
لبناء المزارات والحسينيات ، في
سائر المحافظات السورية ..!
والويل لمن يعارض ، أو يرفض بيع
عقاره ، أو أرضه التي يقرر دعاة
التشيّع شراءها ! بل إن محافظات
معيّنة ، كمحافظة درعا ، رسِمتْ
لها خطط ، لتشييع أهلها بالكامل
، خلال مدة لا تزيد على عشر
سنوات .. بدعم عجيب ، وإصرارغريب
، ولهاث محموم ، من عنصر متنفّذ
فيها ، يدعى زيدان غزالة ، وهو
قريب لضابط الأمن السوري رستم
غزالة ، الذي أسنِد إليه حكم
لبنان بعد غازي كنعان ..! وكل ذلك
بتمويل مباشر من إيران ، ومن بعض
أثرياء الشيعة في بعض دول
الخليج !
• فـلمَ
هذا كله !؟
لا نحسب هذا نابعاً من تديّن
فجائي أصاب جهاز الحكم السوري ،
بساسته وعسكره وأجهزة أمنه ..
على حين غرّة ! فصاروا دعاة
للإسلام ، على المذهب الشيعي..!
وحصَروا دعوتهم هذه في أوساط
السنّة ، ليَهدوهم إلى الصراط
المستقيم ، صراط الأئمة الاثني
عشر!
• فما
السبب إذن !؟
إنه الخوف على السلطة ، المهدّدة
من جهات عدّة ، منها :
- المحكمة الدولية المكلفة
بالتحقيق بجريمة قتل الحريري (
وهذا سبب متأخّر، زاد من لهاث
القوم ، ومسابقتهم للزمن ، في
تشييع أكبر عدد ممكن ، من أبناء
الشعب السوري) !
- المعارضة السورية التي تتزايد
قوّتها ، كلما تناقصت قوّة
الأسرة الحاكمة.
- اهتزاز صورة الأسرة الحاكمة ،
لدى صناع القرار الأمريكان ،
والجدل الدائر بينهم وبين حكّام
تل أبيب ، المتشبثين بحكم
الأسرة الأسدية ، بكل قوّة ، في
مواجهة فريق
من الإدارة الأمريكية ، يرى
ضرورة الإطاحة بحكم هذه الأسرة
، التي باتت عنصر تهديد لأمن
المنطقة برمّتها ، بعد أن زاد
فسادها الداخلي ، وعبثها
الخارجي، إلى حدّ لم يعد يطاق !
- الأحلام الطائفية ، التاريخية
الغامضة ، لدى بعض عناصر
الطائفة ، بإحياء عصر الدولة
الفاطمية ، بسعي من الدولة
الإيرانية الفارسية ، التي قامت
، أساساً ، على المذهب الشيعي ،
وعلى طريقة إسماعيل شاه الصفوي
تحديداً ، بصرف النظر عن
اجتهادات سائر الفرق الشيعية
الأخرى ، في العالم العربي
والإسلامي ! وما نحسب الذين
عاصروا حركة الخميني ، في بداية
حكمها ، ينسون الشعارات التي
رفعتها ، لتصدير ثورتها ،
للهيمنة على العالم الإسلامي ..!
كما لا نظنّ هذه الأحلام قد ماتت
في رؤوس أصحابها ، أو نُسيَت !
فهي تفعل فعلها ، منذ ذلك
التاريخ حتى اليوم ! ومَن يتابع
حملات التشييع في العالم العربي
، يعرف ، بالضبط ، ماذا يريد
القوم .. وإلى أين هم ذاهبون ..!
وأهمّ وسيلة لديهم ، هي استغفال
السذّج ، من أبناء المسلمين،
الذين لا قدرة لديهم على الفهم ،
أو لا قدرة لديهم على متابعة ما
يجري تحت سمعهم وبصرهم ..!
فيرفعون شعارات حالمة ، يظنون
فيها خيراً لأمّة الإسلام ،
التي نصبوا أنفسهم أوصياء عليها
، وصاروا كاسحات ألغام بين
شعوبهم ، يمهّدون السبل للزحف
الشيعي الفارسي المتنامي ، بشكل
يصعب تصوره ! وكل ذلك لمواجهة
المشروع الصهيوني الأمريكي في
العالم العربي ! وبالطبع مَن
يفكر بطريقة هؤلاء الأوصياء
(العباقرة !) ، يصعب عليه أن يرى
العلاقة الحميمة الرهيبة ، بين
المشروع الصهيوني الأمريكي ،
والمشروع الصفوي الفارسي ، على
أرض العراق .. وقبل ذلك على أرض
أفغانستان ، ثم على أرض الشام ،
وبعدها على كل أرض عربية
وإسلامية ..! لأنه لا يستطيع أن
يفكر بغير الشعار الذي يراه
مرفوعاً أمامه ، شعار (الممانعة
والتصدّي ، ومقاومة المشروع
الاستعماري الصهيوني ، المعادي
للأمّة
وتطلعاتها
نحو المستقبل الزاهر..) !
وسنظلّ
نفترض ، برغم كل ما يجري ، أن
عقلاء الطائفة العلوية في سورية
، الذين يفكرون بعقول واعية ،
وينطلقون من حسّ وطني ، في
تعاملهم مع مواطنيهم، هم
أكثرعدداً ، من أولئك المتنفذين
داخل دائرة السلطة ، المغلوبين
بحرارة الرؤوس ، والمخمورين
بخمر السلطة ، الذين لا يرون
أبعد من أنوفهم ، أو أبعد من
أرجل الكراسي التي يجلسون عليها
..! وسنظلّ نعوّل على هذا
الافتراض المتـفائل ، حتى يَثبت
عكسه .. أو يقضي الله ، في البلاد
والعباد ، أمراً كان مفعولا !
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|