ــ
الكونغرس
وأكاذيب البنتاغون
ياسر سعد
فتح
الكونغرس الأمريكي ملفات
اكاذيب البنتاغون وبشكل علني
يشكل مؤشرا على اقتراب الهروب
الامريكي من المستنقع العراقي
-والذي هزمت فيه امريكا عسكريا
واخلاقيا وسياسيا- من ساعة
الصفر. فقد شهد الكونغرس
جلسة مثيرة، أدت خلالها جيسيكا
لينش المجندة السابقة التي أُسرت في
بداية الاحتلال الامريكي
للعراق، وكيفن تيلمان، شقيق
الجندي بات تيلمان الذي حارب
وقتل في أفغانستان بنيران صديقة وزميله بريام
أونيل ، بشهاداتهم حول حقيقة ما جرى في الحادثتين، مناقضين بذلك معلومات
البنتاغون في الروايتين
وفاضحين اكاذيبه.
الجندي
بريان أونيل والذي كان آخر من
شاهد تيلمان قبل أن يقتل بنيران
جندي أمريكي آخر، كشف لاعضاء الكونغرس بإن رؤسائه حذروه
من عدم إفشاء الكيفية الي قضى
بها زميله وعلى الاخص لأسرة
القتيل مما اصابه بالصدمة. يُشار إلى أن قيادة الجيش الأمريكي كانت
أصدرت "رواية مفبركة" قالت
فيها أن تيلمان
مات ميتة الأبطال وهو يشن هجوما
مضادا ضد مسلحين في جبال
أفغانستان، وفق ما قاله كيفين تيلمان، شقيق الضحية.
من
جهة اخرى شددت المجندة السابقة
جيسيكا لينش- والتي حاربت في
العراق وتصدرت قصة أسرها وتحريرها في العراق عناوين وسائل
الإعلام - بأن الجيش الأمريكي
كذب فيما يتعلق
برواية أسرها. وكشفت
جيسيكا في شهادتها إنها وبعد
تعرض حافلتها لهجوم في 23
مارس/آذار 2003 في العراق،
أصيبت بكسر في ذراعها وقدمها
وعمودها الفقري. وأضافت
أن رواية الجيش بأنها قاتلت حتى
آخر رصاصة على طريقة
"رامبو"، غير صحيحة على الإطلاق، وأن هذا الأمر نزل عليها نزول
الصاعقة حين عادت إلى امريكا
للعلاج
حيث وجدت نفسها
أسيرة وسائل الإعلام التي واصلت
تكرار رواية البنتاغون الكاذبة.
وأوضحت
أن دوريتها التي كانت في منطقة
الناصرية لمحت مسلحين في الشارع
وعلى أسطح المباني المحيطة، وسرعان ما قتل ثلاثة جنود
أمريكيين جراء قذيفة صاروخية
انفجرت
في الحافلة،
فيما قتل ثمانية آخرين في
الاشتباك الذي اندلع إثر الهجوم
الصاروخي، لتستيقظ
لاحقا في إحدى غرف مستشفى عراقي.
وقالت المجندة السابقة إنه في
الأول من أبريل/نيسان قدمت
القوات الأمريكية لأخذها،
موضحة: "دخل جندي إلى
الغرفة، ونزع العلم الأمريكي عن
ذراعه وسلمني إياه وقال لي ’نحن جنود أمريكيون ونحن هنا لأخذك
إلى الوطن‘ نظرت إليه وقلت:
’نعم، أنا أيضا جندية أمريكية.‘"
وأصبحت
لينش بطلة في نظر الأمريكيين
بعد أن صوّر الجيش الأمريكي ما
أسماه "عملية دهم جريئة" على المستشفى لتحرير
المجندة، رغم أن الممرضات
والموظفين كانوا قد صرحوا أن
المستشفى لم يكن فيها أي من
القوات العراقية ساعة عملية
الإنقاذ المزعومة. وكان
الجيش الأمريكي زعم أن لينش
تعرضت لإطلاق النار والطعن خلال
معركة مسلحة عنيفة
مع القوات العراقية ، ليتم
الكشف لاحقا أن
لينش لم تطلق رصاصة واحدة خلال
القتال لأن مسدسها امتلأ
بالرمال.
الاكاذيب
الامريكية فيما يتعلق بالشأن
العراقي لم تنقطع يوما, كانت وما
تزال تتم على كافة المستويات
داخل الادارة الامريكية. فمن
مزاعم الاسلحة المزعومة
واحاديث بول وتشيني وبوش عن
التهديد العراقي الوشيك
والمختبرات المتنقلة إلى
الحديث عن تحرير العراق وعن
تمتعه بالديمقراطية على طريقة
بوش والانتخابات المفبركة
والثورة البنفسجية والتي جعلت
من العراق بلد الخوف وميليشيات
الموت وسلمت مقدرات العراق الى
حفنة من العملاء واللصوص
والقتلة. العراق الديمقراطي
المحرر كما بينت دراسة متخصصة
لمنظمة اليونيسيف التابعة
للامم المتحدة في بغداد يقدر
فيه عدد الاطفال الايتام فيه
بنحو 4 ـ 5 ملايين طفل وانهم في
تزايد مستمر نتيجة الاعمال
المسلحة والوضع الامني غير
المستقر. ناهيك عن الارقام
المفجعة والمفزعة والتي تتحدث
عن التجارة بالاطفال وبالنساء,
وعن الفقر المدقع والاحوال
البائسة والتي تطحن غالبية
العراقيين ومن كافة الطوائف
والاعراق.
اخر
اكاذيب بوش تتحدث عن التقدم
الذي احدثته الخطة الامنية,
والتي نرى ثمراتها موتا يوميا
ودمارا يصل الى كل مناح الحياة
في العراق المنكوب. الامريكيون
يتهيأون للانسحاب او الهروب من
العراق, ووزير دفاعهم لمح لذلك
خلال زيارته الاخيرة لبغداد من
خلال قوله أن الالتزام الامريكي
في العراق ليس مفتوحا. والحقيقة
ان الامر لم يكن يوما التزاما
بقدر ما كان وما يزال احتلالا
وتدميرا ونهبا. الاصوات
الامريكية ترتفع لإن الخسائر
الامريكية العسكرية والمالية
في العراق تزداد وترتفع, من غير
التفكير بالدمار الهائل الذي
سببه الاحتلال للعراق ولا
المعاناة الكبيرة التي افرزها
للمواطن العراقي. فإذا كان
العراق – وهو تحت الاحتلال- ما
زال يدفع تعويضات لاحتلال
النظام العراقي للكويت اشهرا
معدودة, فإن على الامريكيين وكل
من أعانهم على احتلال العراق ان
يسددوا تعويضات عن احتلالهم
البغيض وتدميرهم للعمران
والانسان في العراق الجريح
لإربع سنوات عجاف. امريكا التي
انتخبت الارعن والافاك بوش في
ولاية ثانية مدينة للعراق بأكثر
من الاعتذار ودفع التعويضات.
الادارة الامريكية مسؤولة
تماما عن كل قطرة دم تسال وتسفك
في العراق, حتى عمليات التفجير
وما ينسب للقاعدة ولفرق الموت
تعتبر الادارة الامريكية
مسؤولة عنه اخلاقيا وقانونيا
وادبيا, فتلك التنظيمات
والميلشيات سواء كانت حقيقية
اوم مفبركة دخلت او وجدت في
العراق مع الاحتلال وبعده ولم
يعرفها بلاد الرافدين قبل ان
تدنسه قوات الاحتلال الامريكية
والبريطانية.
امريكا
قبل غزو العراق ليست امريكا
بعده, امريكا ألان بلد محتل
ومستعمر مسؤول عن معاناة شعب
وتدمير امة. امريكا هزمت في
العراق عسكريا وخسرت اخلاقيا
وانهارت قيمها المعلنة في
الديمقراطية وحقوق الانسان,
لتستذكر الاجيال امريكا
الاكاذيب والصدمة والترويع
وابوغريب والاغتصابات وعبير
وسور الاعظمية وكل الصور
البائسة والقاحلة. العراق
الامريكي اصبح الان وسيبقى الى
ما شاء الله ساحة لتخريج وتفريخ
اجيال ساخطة وناقمة نستطيع ان
نرصد طلائعها من خلال الاعداد
الضخمة من الشباب المقبل على
الموت سواء كان اسلوبه صائبا ام
مخطأ. تلك الاجيال بأحقادها
والتي زرعتها ورعتها الغطرسة
والاكاذيب والجبروت الامريكي
ستلاحق المصالح الامريكية حيث
ما استطاعت ان تصل إليه. لن يدفع
العراق وحده ثمن الجنون
الامريكي, وستمتد آثار حرب
العراق وتبعاتها لتغير الكثير
من المفاهيم وتشعل العديد من
الحرائق.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|