ــ
توهين
عزم الأمة وإضعافها في سورية
بدرالدين
حسن قربي
بلغ
تعداد منتسبي حزب البعث السوري
ومحازيبه حسب ماتردده المصادر
البعثية بين الحين والآخر
المليون وربع المليون أو شيئاً
قريباً من هذا العدد.
الجهة
الحاكمة أو النافذة في الحزب مع
الجهات الأمنية ذات العلاقة
وجدت نفسها في حيص بيص كما يقال
عقب وفاة الرئيس السوري السابق
حافظ الأسـد عام 2000 أي بعد
ثلاثين عاماً من حكم الأسـد
نفسه أو سبعة وثلاثين عاماً من
حكم ثوار الثامن من آذار، وهي
تجدّ بحثاً عمّن يعقب الرئيس
الراحل في الآلاف المؤلفة من
المليون والربع رفيق، لأن من
شروطه أن يكون رفيقاً بعثياً
أتمّ الأربعين من العمر، ولكنها
حقيقةً لم تجد شخصاً كفؤاً
مؤهلاً مناسباً وعمره أربعون أو
ما فوقها ويستطيع أن يملأ
فراغاً تركه رئيس بحجم الفقيد.
بمعنى
آخر، كانت الجهة الحاكمة في
سورية والممسكة بكل مرافق
الدولة ومفاصلها قرابة أربعين
عاماً، وسواء اعتبرنا هذه الجهة
فرداً أو مجموعة أو حزباً فلقد
كانت عاجزةً حقيقةً أو
مُعجَّزة، أو أنها لم تكن تملك
في كل تجمعاتها ومنظماتها
وهيئاتها وكوادرها السياسية
والأمنية والعسكرية شخصيةً ما
مؤهلةً تستطيع أن تتولى منصب
الرئاسة وحكم البلد من خلال
المؤسسات الرسمية والمقاسات
الدستورية المفصّلة والمرتبة
لنوعية معينة من الناس.
الكلام
السابق الذي نقوله ليس تخميناً
أو تحليلاً أو رجماً في الغيب،
وإنما هو لسان الحال وواقع
الأمر فيما كان، وهو دليلنا
الوحيد في الواقع الذي رأيناه
وشهده الناس كلهم عقب وفاة
الرئيس الأسد الأب، ولكن كيف
كان ذلك..!؟
النظام
الحاكم بمفرداته ومُجْمَلاته
والمؤسَّس حسب المادة الثامنة
من دستور عام 1973 " على أن حزب
البعث العربي الاشتراكي هو
الحزب القائد في المجتمع
والدولة ويقود جبهة تقدمية تعمل
على توحيد طاقات جماهير الشعب
ووضعها في خدمة أهداف الأمة
العربية " وبعد عشرات السنين
من الحكم والسيطرة على الوظيفة
الأساسية في الدولة أوصل سورية
الدولة والشعب إلى حالةٍ من
العقم، أوهنت منها العزم،
وأضعفت منها النفسية، وأفقرتها
من الكفاءات القادرة حتى الحزب
القائد في المجتمع والدولة لم
يعد موجوداً فيه شخص بعثي
وقيادي مناسب حسب المواصفات
الدستورية للإمساك بدفة الأمر
وتولي منصب الرئاسة من خلال
آلافه المؤلفة.
ثم
كان أن وجدوا الشخصية المناسبة
ولكن مواصفاتها العمرية تختلف
مع الوصف الدستوري الذي كتبه
واضعوه أساساً بأنفسهم
ولأنفسهم، ومع هذا وعند الحاجة
خذلهم، ولم يوافق مافي أنفسهم،
فاحتاجوا إلى تعديله ليتوافق مع
المواصفة العمرية للشخصية
البديلة، فكانت عملية قصر العمر
من أربعين عاماً لا ليكون 39 أو 38
أو 36 بل ليكون أربعةً وثلاثين
عاماً تعديلاً في العمر موافقاً
لشخص واحد من المليون والربع
المحازيب أو من العشرين مليوناً
من السوريين.
هنالك
لاشك مسؤولية كبيرة وكبيرة جداً
عن حال الوهن في الشعب والضعف
عند المواطنيين السوريين
والرفاق منهم خصوصاً بعد سنين
وسنينٍ وسنينٍ من حكم فئة أو
مجموعة أو حزب تصل إلى حدٍ لاتجد
فيه من يكون أهلاً لتولي
المسؤولية الأولى في البلد
فضلاً عن الخوف الشديد
والحساسية الأشد لأي تصريح
معارض أو كلمة نقد مهما كانت،
لأنها قد تفرط الأمة أو تضعفها..!!
فمن هو
المسؤول عن هذه الحال..!!؟
هنالك
لاشك مسؤولية كبيرة عن الدمار
والخراب وفقدان الأهلية
السياسية عند كل من هو في
الأربعين ومافوق من العمر داخل
الحزب والذي امتدّ ليشمل القاصي
والداني من عموم الناس إفقاراً
وإضعافاً وتوهيناً ..!! فمن هو
المسؤول عن هذه الحال بعد أربعة
وأربعين عاماً من حكم شمولي
استبدادي قمعي..!!؟
ثم
وهو الأهم، إذا لم يكن ماسبق
توهيناً للأمة وإضعافاً
لعزيمتها ونيلاً من هيبتها،
فكيف إذاً يكون التوهين وكيف
يكون الإضعاف وكيف يكون النيل
من الهيبة..!!؟
نقول
مانقول من الكلام والأجهزة
الأمنية السورية ترفع تهمتها
الجاهزة والمجهزة والمدعومة
بإضعاف العزيمة وتوهين نفسية
الأمة والنيل من هيبتها بنشر
أخبار كاذبة في وجه الناشطين في
ملفات قضايا حقوق الإنسان
السوري والمدافعين عنها على
الصعيد المحلي والذين يكشفون
اعتداءات أجهزة أمن الدولة
عليها وممارساتها القمعية
والوحشية.
نقول
ماسبق وقد أصدرت أحد محاكم
النظام السوري حكمها بالسجن خمس
سنوات على رئيس المركز السوري
للأبحاث والدراسات القانونية
المحامي/ أنور البني الرجل
الشجاع في مواقف الشجاعة،
والمدافع عن قضايا المواطن
السوري الذي أذلته أجهزة الأمن
والسلطة، واغتصبت منه حقوقه
الإنسانية التي أقرتها
القوانين المدنية والشرائع
الإنسانية فضلاً عن الرسالات
السماوية.
لقد
رأت الجهات الرسمية في تصريحٍ
للسيد/ البني تم تفسيره على مزاج
أمنهم وسياستهم حسبما يريدون،
فرأوا فيه مارأوا من التوهين
والإضعاف لنفسية الأمة الصامدة
والمقاومة التي لم يؤثّر فيها
وهناً وإضعافاً سوى تفسير تصريح
السيد/ البني الى الحد الذي جعل
محكمة النظام تحكم عليه بالحد
الأقصى من العقوبة، ودَفَعَ
بالوزيرة/ ديالا الحاج عارف
للمطالبة بإسقاط الجنسية عن هذه
القامة النضالية والوطنية
المعنية بالدفاع عن حقوق
الإنسان في سورية، في الوقت
الذي لم تر السيدة/ الحاج عارف
في تصريحات وأفعال السيد/ابراهيم
سليمان السوري الأمريكي في
دخوله الكنيست الإسرائيلي
بمبادرة شخصية حسب تصريحه
مايستوجب طلبها بسحب جنسيته
السورية، كما لم تر الجهات
الرسمية نفسها فيما أفضى به
هالسوري الأمريكي مايضعف الأمة
ويوهنها بل اعتبرتها تصريحات
وأعمالاً شخصية لاعلاقة لها
فيها، ولاسيما أنها تدخل في
دائرة الخصوصية مما لايعني
الجهات الرسمية في شيء.
لقد
رأت الجهات الرسمية في تصريح
السيد/ البني مارأت، ولكنها هي
نفسها تتعامى عن رؤية القمع
والتعذيب وإزهاق إرواح
المعارضين ولصوصية الشبيحة
والنهابين والقراصنة من
الهوامير والحيتان، وكأن ليس
فيه شيئاً مذكوراً من التوهين
والإضعاف..!!
أَنْوَرَ
البني ..!! لأنك لستَ الفاسدَ
ولاالمفسد، ولستَ اللصَ ولا
النهّاب، تدافع عن حقك وحق بني
وطنك في حياةٍ حرةٍ كريمةٍ
بعيدةٍ عن القمع والاستبداد
والقرصنة، فأنت في قلوب الأحرار
والشرفاء من مواطنيك ومحبيك
وأنت في عيونهم، وهم كثيرون
كثيرون كثيرون.
قلوب
أعدائك باتت هواءً، تخاف كلمة
حقٍ دفاعاً عن كرامة، وصدقةً
تشد أزر عائلة محتاجة مستورة،
ونصيحةً تُقَال تسديداً
وتصويباً وترشيداً. وإلا
ماذا يعني أن نرى في غيابات
السجن كرامَ مواطنينا وأحرارَ
ناسنا من أمثالك وأمثال شيخ
المعتقلين عبدالستار قطان،
وداعيا الحرية والديمقراطية
ميشيل كيلو وفاتح جاموس فضلاً
عن الاقتصادي الدكتور/عارف
دليلة الذي أقلقه النهب
والتشبيح في البلد فنادى
محذّراً، وغيرهم وغيرهم كثيرٌ
كثير.
أحباءنا..!!
إنهم يرون تصريحاتكم أعاصيرَ
تتهدد كراسيهم، ويرون صدقاتكم
ونصائحكم سهاماً في قلوبهم،
فيُحوِّلون وهنهم وضعفهم
بمكناتهم الإعلامية وقدراتهم
الأمنية تهماً لكم بتوهين الأمة
وإضعاف عزيمتها، لاعتقادهم
أنهم الأمة وأنهم قدرها وأنهم
عزيمتها. أولى
لهم فأولى، ثم أولى لهم فأولى،
ولكن أنّى لهم إذا جاءتهم
ذكراهم..!!
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|