ــ
ومضات
محرّضة:
أصحاب
الأفكار يحلمون ويتجادلون..
ولصوص
الحكم يأكلون الدجاج !
عبدالله القحطاني
1) اثنان يحلمان ، والثالث يأكل
الدجاجة :
تقول الطرفة : إن ثلاثة رجال
كانوا في سفر . وكانت معهم دجاجة
مشويّة . وقد تعبوا ، وجلسوا
للاستراحة والطعام . وحين
فكّروا بأمر الدجاجة ، وجدوا
أنها لا تكفيهم جميعاً ، فاقترح
أحدهم أن يناموا ، ومَن يَحلم
منهم حلماً أغربَ مِن حلمَي
صاحبيه ، يأكل الدجاجة وحده .
وافقوا على الاقتراح وناموا .
وحين أفاقوا ، روى أحدهم حلمَه ،
وهو أنه رأى نفسه في السماء
السابعة . ثم روى الثاني أنه رأى
نفسه في الأرض السابعة . وحين
جاء دور الثالث ، قال لهم
معتذراً ، إنه أفاق من نومه
جائعاً ، وأراد أن يوقظهما ،
ليأكلوا الدجاجة معاً ، فلم
يجدهما .. وحين نظر إليهما، وجد
الأول في السماء السابعة ،
والثاني في الأرض السابعة ..
فاضطرّ أن يأكل الدجاجة وحده !
2)
هل تعني هذه الطرفة شيئاً ، للمعارضات
السياسية ، التي تتصدّى لأنظمة
الحكم المستبدة ، في بلادها !؟
أجل .. نحسبها تعني الكثير:
أصحاب الأفكار والنظريات ،
والفلسفات والآراء .. يتناقشون
فيما بينهم ، ويتجادلون،
ويتشاتمون أحيانا ، ويتبادلون
التهم ، بالجهل ، أو التقصير، أو
قلّة الفهم ، أو سوء النية ، أو
ضعف الإخلاص .. أحيانا !
بينما لصوص الحكم ، الذين سطوا
على السلطة في بلادهم ، لا
يملكون شيئاً من النظريات
والفلسفات والآراء والأفكار..
التي يتجادل حولها هؤلاء ،
ويتصارعون ..!
وإذا وجِد بعض حملة الأفكار
والنظريات ، في صفّ هؤلاء
اللصوص المتسلطين ، فإنّما هم
مثلهم ، مجرّد لصوص صغار،
يخدمون لصوصاً جهلة كباراً ،
ويسوّغون لهم ما يفعلون ، من
عمليات سرقة ، ونهب ، وخيانة ،
وتدمير للبلاد ، وسحق للعباد..!
أيْ أنهم ( مرتزقة بالكلام ) ! وهم
يختلفون ، بالطبع ، عن مرتزقة
السلاح، الذين يكونون ، في
العادة ، جَهلة مغامرين ،
يقامرون بحياتهم ، لقاء دريهمات
يقبضونها ، ممّن يستأجرهم لخدمة
أهدافه ومآربه !
3)
مَن يتابع ، اليوم ، حركة السياسة ، في
الدول المحكومة بالاستبداد ،
وكلها من دول العالم المتخلف ،
الذي كان يسمى ثالثاً ، حين كان
في العالم (عالمان) : العالم
الرأسمالي الحرّ ، والعالم
الاشتراكي .. من يتابع حركة
السياسة ، يشاهد هذه الصورة
متجسّدة في أكثرية هذه الدول ،
إن لم يكن فيها كلها : حكّام
جَهلة ، يستأثرون بمقاليد
السلطات في بلادهم ، ويسخّرون
قوى الدولة والمجتمع للمحافظة
على سلطاتهم.. ومعارضات متنوعة
المشارب والتوجهات ، موزّعة
الأهواء ، تتصارع فيما بينها،
حول أفكار ليس لها أي تأثير على
الحكّام اللصوص ، صنّاع
القرارات في الدول التي سرقوا
الحكم فيها ..!
4)
والطريف ، أن لصوص الحكم ، يتبادلون
الخبرات فيما بينهم ، حول كيفية
سرقة الكراسي ، وكيفية المحافظة
عليها ..! ( وقد وردت طرائف كثيرة
حول هذا الأمر، قديماً وحديثاً
!) .. بينما تعجز أكثر المعارضات ،
عن الإفادة من تجارب المعارضات
الأخرى ، في دول أخرى ، سواء في
الأخذ بالتجارب الناجحة ، أو في
تجنّب التجارب المخفقة ..! ولو
أردنا أن نعدّد التجارب المخفقة
، التي كرّرتها المعارضات،
في مساعيها لتحرير بلدانها
من الاستبداد ، في الكثير من
الدول ، لوجدناها كثيرة ..! بينما
لا نرى إلاّ القليل من التجارب
المخفقة ، التي تمّ تجنّبها ، أو
تحاشي الوقوع في مَهاويها
المهلكة ! وحسب المتابع أن
يستعرض في ذاكرته ، ما جرى في
السنوات العشر الأخيرة ، من
تجارب مكرّرة ، ناجحة ومخفقة ..
ليتأكّد من حقيقة الأمر ! فهل
جاء هذا كله ، على سبيل
المصادفات العشوائية ، أم أن له
أسباباً متشابهة ، تتعلق بطبائع
الشعوب ، وطبائع اللصوص
المغامرين ، وطبائع المعارضات ..
منها ما ذكِر آنفاً ، ومنها ما
يحتاج إلى مزيد من المتابعة
والتدقيق ، وأخذ العبَر !؟
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|