ــ
النظام
السوري
والإدارة الأمريكية
والمحكمة
الدولية
دكتور عثمان قدري
مكانسي
أنا لا أفرق بين ما تريده الإدارة
الأمريكية وما تريده هيئة الأمم
المتحدة لسبب بسيط هو أن ما
تريده الأولى تنفذه
له بطريقة أو أخرى المنظمة
العالمية لأنها في الغالب الأعم
تبع لها وأداة بيدها .
والمجريات هذه الأيام تدل أن
الإدارة الأمريكية بحاجة ماسة
إلى إيران وسورية لتتخلص من
مأزق العراق ، وبناء على هذا
فالمصالح الأمريكية - وأمريكا
ليس لها مبدأ بل مصالح - تدفع
الإدارة الأمريكية إلى مغازلة
إيران وسورية . وهاتان الدولتان
عالمتان بهذا فهما تتصرفان بناء
على هذه المعادلة .
وبناء على هذا فالمحكمة
الدولية عصا بيد الإدارة
الأمريكية تحركها كيف تشاء ،
فتظهر تفعيلها حين تريد أن تضغط
على النظام السوري ، وتتناسى
الأمر أو تؤخره حين ينصاع
النظام السوري أو يسارع إلى
مرضاة الإدارة الأمريكية وحين
تشعر الإدارة الأمريكية
بالحاجة الماسة لإيران والنظام
الحاكم في دمشق .
والوضع الأمريكي الآن في العراق
لا يسير لصالح الأمريكيين الذين
يعانون معاناة شديدة أمام ضربات
المقاومة وتحركات الأطياف الشيعية
الموالية لإيران في الضغط على
الإدارة الأمريكية وابتزازها
المستمر المتزايد .
ولن يكون الوقت الآن مناسباً –
فيما يلوح واضحاً أمام
المتابعين لمجريات الأمور على
الرغم من التفاؤل الذي ما يزال
الآخرون يرونه دون مبرر- لتمرير
إنشاء المحكمة إلا إذا استعصى
النظام على الإدارة الأمريكية ،
وهو - النظام - لا يستعصي بل يطلب
السير في ركاب الإدارة
الأمريكية ليخدمها كما أعلن
وزير خارجية النظام مراراً وكما
أعلن سيده كذلك مراراً في
لقاءاته المتكررة مع الإعلام
الأمريكي .
كما أن اللقاءات التي تكررت بين
الإدارة الأمريكية والنظامين
السوري والإيراني بالتحديد في
العراق قبل شهرين أو أكثر والآن
في شرم الشيخ
وقبلهما في تركيا وغيرها
دليل على الوضع المتأزم للإدارة
الأمريكية التي تخطب ود النظام
في سورية وفي إيران
بحركة مسرحية توحي بأن
الإدارة الأمريكية هي التي تملك
الزمام .
نقولا ميشال الوكيل القانوني
للأمين العام للأمم المتحدة في
تقديمه إحاطة شفوية أمام مجلس
الأمن في جلسة الأربعاء الماضي
حول ضرورة إقرار المحكمة يخشى
من اندثار المعطيات المتوافرة
لدى لجنة التحقيق الدولية
المستقلة لوجود بطء في عملية
إنشاء المحكمة من تحضير لوجستي
ومالي وإداري ما يعني أن هناك
مراحل تحضيرية مطلوبة لم تجد
النور بصورة فعلية حتى الآن مع
الضرورة الملحة لذلك .
كما أن
مجلس الأمن على الرغم من علمه
برفض المعارضة اللبنانية
التعامل مع ملف المحكمة
بإيجابية ينتظر الحكومة
اللبنانية المشلولة
أن تقدم شيئاً لتحريك المحكمة !.
وقناعتنا منذ البداية بأن تعويل
بعض أطياف المعارضة السورية على
المحكمة لإسقاط النظام نوع من
الاتكالية ، وضعف في التصور
والعمل ، وأن من يريد أن يبني
بيته يبدأ بالعمل معتمداً على
نفسه ، فإذا انتظم عمله وسار
خطوات ملموسة إيجابية ، ورص صفه
فرض على غيره أن يواكبه وأن
يتجاوب معه . هذا من أبجديات
السياسة .
ولا يصح غير ذلك
مللنا ومنذ
البداية من المسرحية الأمريكية
المكشوفة في قضية المحكمة أو
لنقل نحن نعرف القصة من أولها
إلى آخرها ومنذ البداية ،
فالإدارة الأمريكية ليست صاحبة
مبدأ ، والنظام كذلك . بل هما
صاحبا مصالح ، وأصحاب المصالح
متذبذبون تتغير مواقفهم كل حين .
فالمطلوب إذاً رص صف المعارضة
والعمل الدؤوب بوعي وإخلاص
وتخطيط للتخلص من النظام الجاثم
على صدور الشعب السوري
. ولن يملأ الساحة غير
أصحابها .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|