ــ
كيف
ستتعامل المعارضة السورية
مع
تزوير الإنتخابات ..؟!.
د.نصر
حسن
من وجهة نظر حقوقية
يمكن وصف مسرحية الإنتخابات
التشريعية التي جرت في 22نيسان
2007 بأنها غير شرعية لسبب بسيط
وهو أنها جرت ضمن حالة الطوارئ
والقانون رقم (8) الذي يحتكر فيه
الحزب الحاكم ساحة العمل
السياسي والقانون الفاشي الذي
يحكم على كل منتسب إلى الإخوان
المسلمين بالإعدام , وترجمة ذلك
عمليا ً هو مصادرة
حقوق قطاعات واسعة من الشعب
السوري وحرمانهم من ممارسة
الإنتخاب الحر النزيه ناهيك
عن حملات التهديد والترهيب
للمرشحين المستقلين واستئثار
مرشحي السلطة على وسائل الدعاية
والإعلام والمبالغ الطائلة
التي صرفت في الترويج لحملاتهم
الإنتخابية عبر شراء بعض
الأصوات وتغرير البعض منها , أي
أن العملية التي أجمعت الأطراف
المحلية والدولية المستقلة غير
شرعية وغير قانونية حتى ضمن
معايير دستور النظام نفسه هذا
أولا ً.
ومن وجهة نظر
إحصائية رياضية بحتة وحسب
الإحصائيات الدولية لمنظمات
حقوق الإنسان ومراكزالشفافية
العالمية فإن نسبة المنتخبين
تتراوح بين ( 6%
إلى 10
% ) والتي
تؤكدها كل تقارير المراقبين
ومنظمات حقوق الإنسان داخل
سورية , وبعملية حسابية مباشرة
نرى أن ماأنتجته
المسرحية من تشكيل مجلس شعب
جديد هي
غير صحيحة ولاتمثل الحد الأدنى
إحصائيا ً وعدديا ً نسبةً لعدد
السكان لنجاح العملية
الإنتخابية ككل بغض النظرعن
نتائجها ,أي أن العملية فاشلة
وفاقدة الشفافية
وبالتالي كلها تزوير بتزوير
هذا ثانيا ً.
ومن وجهة نظر
سياسية , هي أقرب إلى المهزلة
الحقيقية المتكررة التي لاصلة
لها بالسياسة ولابالإنتخابات
ولا بالنزاهة ولاباحترام رأي
الشعب لامن بعيد ولامن قريب ,
يدل عليها غياب
ومنع التنافس السياسي بين برامج
متعددة , بل كان البرنامج الوحيد
الموجود هو اللابرنامج الذي
يمثله نهج الأجهزة الأمنية
للنظام وبالتالي هي حملة شكلية
لعرض الصور الملونة والخيام
وطقوس التشويه ولم يتم عرض أي
برنامج سياسي حتى للحزب الحاكم
نفسه , وبغياب الأطراف السياسية
والبرامج المختلفة تصبح
العملية هي مجرد تعيين الأسماء
ضمن احتفالات قسرية لإخراجها
أمام الرأي العام الداخلي
والخاريج على أنها انتخابات
ثالثا ً وأخيرا ً.
وعليه ولمجمل
المعايير السابقة
مضافا ً إليها استمرار
حملات القمع بحق النشطاء
السياسيين والمثقفين , هي
مسرحية ملونة غير قانونية وغير
شرعية لفقدانها المعيار
الحقوقي أولا ً والقانوني ثانيا
ً والسياسي ثالثا ً والنصاب
العددي رابعا ً والإجرائي خامسا
ً والآلية التي تتطلب حد أدنى من
الديموقراطية سابعا ً وأن كل
مانتج عنها وسوف ينتج عنها في
المستقبل غير شرعي وغير قانوني
ولايمثل سوى إرادة النظام
الغير شرعي أصلا ً , وأن
الإستفتاء الذي سوف يتم على
منصب رئيس الجمهورية في نهاية
أيار الحالي هو امتداد غير شرعي
وغير قانوني لها وأن العملية من
أولها إلى آخرها ,من مسرحية
الإنتخابات التشريعية لمجلس
الشعب إلى الإستفتاء على منصب
رئيس الجمهورية هي غير شرعية
وبالتالي ستستمر سورية
والشعب السوري تحت حكم غير شرعي
وغير قانوني ولايعبر عن إرادة
الشعب , وهي مسرحية أقرب
إلى أي إنقلاب عسكري
ولاتختلف عنه سوى بالآلية فقط
من حيث هو فرض سلطة فردية بالقوة
وبدون رأي الشعب والإستمرار
فيها أيضا ً خلافا ً لإرادته .
والمعروف أن النظام
في سورية لايهتم برأي الشعب
ولابأي رأي آخر وهو يتطلع دائما
ً إلى استمراره في الحكم بما هو
أمرا ً واقعا ً وخارج عن
قدرة الشعب في التأثير على مسار
الأحداث , والنظام يمشي على هذه
الآلية لعقود , المؤشر الإيجابي
الوحيد الذي رافق الفصل التاسع
من المسرحية هو قرار جبهة
الخلاص الوطني وإعلان دمشق
وأطراف المعارضة الكردية وكل
أطراف المعارضة السورية على
مقاطعة الإنتخابات وتفاعل
الشعب معه وقاطع
على طريقته الإنتخابات , أي بدء
عودة الشعب إلى الحياة السياسية
بعد طول تغييب ,رغم إدراك حميع
أطراف المعارضة أن المشاركة
لايمكن أن تتم تحت الملاحقة
والإعتقال والتهديد , ومع كل ذلك
إن تأثيرها في العملية
الإنتخابية لو توفر الحد الأدنى
من الحرية والشفافية لأثبتت
وجودها على الساحة السياسية
ولساهمت في إنتاج مجلس شعب يكون
بمستوى المرحلة التي تمر بها
سورية , لكنها تدرك أكثر أن
النظام السوري ببنيته الحالية
ومشروعه لايحتمل مثل هذا الأمر
ولايمكن أن يسمح سوى بفرض
القرار الأمني على كامل العملية
الإنتخابية .
وأخيرا ً المسرحية
قد تمت وضمن معطياتها المعروفة
وأنتجت واجهة " شرعية
وتشريعية "
حسب رواية النظام , وبعد
أيام سوف يتم الإستفتاء على
منصب رئيس الجمهورية الذي سوف
يتم بوتيرة أعلى من التزوير
والنعيق والنسب الفلكية على
التجديد للرئيس بشار أسد لسبع
سنوات رعاف جديدة , وكأن سورية
أصابها العقم ولم يبق فيها
سوى" واحد
أحد إلى الأبد
" قادر على قيادة سفينة
سورية إلى
مجهول النظام ومعلوم الشعب وهو
الهاوية , وعليه تفرض الأسئلة
نفسها ومختصرها : ماذا يمكن أن
تفعل المعارضة السورية ؟ وماهي
الإمكانيات الفعلية التي
تملكها لكشف التزوير والدخول
على خط التاثير في مسار الحياة
السياسية في سورية ؟ وما هي
المحاور العملية التي عن طريقها
يمكن أن تشترك مع الشعب في
محاولة تفعيل الأمور باتجاه
موقف واضح هو رفض التزوير
وماينتج عنه ؟ وماهي الإجراءات
التي يمكن أن تتخذها باتجاه
تطوير موقف وطني عام للطعن
بنتائج الإنتخابات ورفضها
على خلفية قانونية واضحة ؟
وماهي البدائل التي تملكها
المعارضة السورية
لتجاوز الأمر الواقع
والإنتقال إلى حرية القرار
السياسي الناتج عن حرية الترشيح
والإنتخاب على خلفية برنامج
سياسي وطني واضح؟ والأهم من ذلك
كله هو كيفية تعامل المعارضة مع
الزمن الذي يتحرك بسرعة كبيرة
وإلى حد ما لازال النظام لاحقا
ًبه ؟ .
المعارضة السورية
تملك الكثير من الأوراق في
الداخل والخارج و صراعها مع
النظام هو بالمحصلة صراع موازين
قوى , وأول مؤشر على الخلل في
موازين القوى لصالح المعارضة هو
قرار المقاطعة الذي يجب تطويره
بوتيرة إجرائية وإعلامية سريعة
لتنمية الموقف الشعبي في سورية
باتجاه الإعلان الصريح
للمقاطعة وتفعيله إلى قرار
الطعن في شرعيتها وعدم شرعية كل
ماينتج عنها , وعدم الإعتراف
كليا ً بها ونقل الموضوع إلى عدم
التعامل مع ننائجها , أي التمسك
بالحق وتطوير الإستعداد الشعبي
وصولا ً إلى حالة العصيان
المدني , هنا في هذه النقطة
بالذات تكمن قوة المعارضة ولكن
على أسس موضوعية أهمها قدرتها
على طرح مشروعها الوطني للتغيير
وحوار الشعب والخارج على أرضية
عدم شرعية الإنتخابات وبالتالي
عدم شرعية النظام , يتبعها نقل
سريع للصراع من سجون النظام
وقمعه وساحة تهديده إلى
المؤسسات الرقابية والقانونية
الداخلية والخارجية , أي نقل
النظام إلى خوض معركة خارج
أجهزته الأمنية ومجردا ً من
أدواتها الجارحة وزنازينها ,
إلى ساحة القضاء والقانون , هنا
يمكن للمعارضة
السورية أن تدخل
على خط التغيير الديموقراطي
الحقيقي ومعها الشعب كله ,
التغيير البعيد عن تناقضات
الخارج وضمن فهم واقعي
يستفيد من كل المعطيات
الإقليمية والدولية المحاصرة
للنظام وإدراك موضوعي لتقاطع
المصالح في الموقف من التغيير
في سورية .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|